«قويسنا العام».. طبيب واحد يعمل يوم «30 يونيو» والباقى إجازة حتى «المدير»

«قويسنا العام».. طبيب واحد يعمل يوم «30 يونيو» والباقى إجازة حتى «المدير»
- أفراد الأمن
- إجازة رسمية
- الباب الرئيسى
- الخدمة العلاجية
- السيد موسى
- الصباح الباكر
- الغسيل الكلوى
- بير السلم
- ثمن التذاكر
- حقوق المرضى
- أفراد الأمن
- إجازة رسمية
- الباب الرئيسى
- الخدمة العلاجية
- السيد موسى
- الصباح الباكر
- الغسيل الكلوى
- بير السلم
- ثمن التذاكر
- حقوق المرضى
من ناحية موقف الميكروباص لقرى مركز قويسنا الغربى، فى الناحية الأخرى لطريق القاهرة الإسكندرية الزراعى، يقع الباب الرئيسى لمستشفى قويسنا العام القديم، الذى لم يشمله التطوير الأخير، الذى تم فى مبنى الطوارئ فقط، دون سائر المستشفى، عقارب الساعة تشير إلى الواحدة ظهراً، عندما دخلنا من باب المستشفى القديم، حيث استوقفنا فرد الأمن الوحيد الجالس على الباب بذراعه المكسورة والموضوعة فى «الجبس»، بقوله: «المستشفى النهارده إجازة يابهوات، عاوزين مين؟»، سألناه: «المستشفى إجازة إزاى، هو فيه مستشفى بتاخد إجازة»، ليرد علينا بلغة حادة: «النهارده 30 يونيو، الدنيا كلها إجازة، ومفيش حاجة شغالة فى المستشفى غير الطوارئ بس».
أنهينا الحوار سريعاً مع فرد الأمن، واستأذناه فى الصعود لزيارة أحد الأشخاص فى قسم العظام، وهو ما وافق عليه، مشترطاً علينا أن نعود من سلم الطوارئ، نظراً لأن كافة أقسام المبنى القديم إجازة رسمية وليس من المسموح لأحد العبور من خلالها.
{long_qoute_1}
على بوابة سلم المستشفى الحديدية، وقف عشرات الزائرين من الرجال والسيدات يشتبكون مع بعض أفراد الأمن، لرغبتهم فى زيارة أقاربهم دون دفع ثمن التذاكر، وأثناء الشد والجذب بينهم، صعدنا إلى الطابق الثانى، حيث أقسام الغسيل الكلوى والعظام والباطنة، عدد من أهالى المرضى يفترشون الطرقات فى انتظار وصول الطبيب الوحيد الموجود بالمستشفى، فى الناحية الأخرى من غرفة الممرضات الموجودة «تحت بير السلم»، والتى اصطف فيها عدد من الممرضات على مقاعد خشبية.
أحمد العزب، أحد أبناء قرية الرمالى، التى تبعد عن المستشفى 10 كيلومترات، جاء فى الصباح الباكر حاملاً ابنه «محمد» لـ«تجبيس» قدمه اليمنى، حيث تعرضت للالتواء الشديد، ما يستلزم علاجها بشكل سريع، إلا أن ذلك لم يحدث، حيث اكتفى طبيب الاستقبال برد القدم وربطها برباط ضاغط، ثم أمر بحجزه داخل غرفة العظام فى الطابق الثانى بالمستشفى لحين وصول طبيب العظام المتخصص فى اليوم التالى.
جلس «العزب»، الرجل الخمسينى، على «ترولى» موضوع وسط غرفتى العظام، ينتظر أحداً يسأل عنه، عندما شاهدنا باغتنا بالسؤال: «انتوا الدكاترة؟»، سألناه عن حال ابنه، فقال: «مرمى جوه بيموت من الوجع محدش سائل عنه من ساعة ما جينا الصبح، والممرضة قالت لى إنه مش هييجى النهارده لأن كل الدكاترة النهارده إجازة باستثناء الطوارئ».
لا يحتاج السيد موسى، أحد أبناء قرية الرمالى، والمحجوز داخل المستشفى منذ 4 أيام فى قسم الباطنة، للأطباء، على حد قوله، حيث إنه منذ لحظة حجزه لا يرى الطبيب إلا مرة واحدة فقط أثناء مروره، وكافة تعاملاته تتم مع الممرضات المسئولات عن القسم، فهن من يتابع حالته، ويقررن له الأدوية، ويحددن له ما يأكله وما يشربه، وعندما يسألهن عن موعد حضور طبيب الباطنة المعالج، تكون الإجابة: «إحنا معاك أهو يا عم سيد، شوف انت عاوز إيه وإحنا هنعملهولك».
ويقول الرجل الخمسينى إنه لا يمر يوم إلا ويقوم أحد أبنائه بشراء كافة ما يحتاجه من صيدلية خارجية، رغم أنه يحظى بتأمين طبى شامل، إلا أن الممرضات دائماً ما يخبرنه بشراء الأدوية التى يحتاج إليها من الخارج «علشان مش موجودة فى المستشفى»، وعلى هذا المنوال طوال الأربعة أيام، باستثناء زجاجات الجلوكوز فقط، الوحيدة المتوافرة داخل المستشفى.
ووصف «السيد» الخدمة العلاجية داخل المستشفى بأنها «زى الزفت»، ووصفها بأنها عبارة عن مكان مخصص لتجمع المرضى، لا توجد به أدوية، ولا اهتمام من الأطباء، ولا توافر للتخصصات المختلفة لوقت طويل، فطبيب الباطنة يأتى مرة واحدة فقط، وباقى اليوم من الممكن أن يوجد طبيب امتياز، يستمع إلى جميع المرضى، ودائماً ما يكون رده: «استنى لما الطبيب المتخصص ييجى وقوله المشكلة وهو إن شاء الله يحلها».
لا تتوقف المشاكل فى المستشفى عند إهدار حقوق المرضى، عاملة نظافة فى المستشفى، رفضت ذكر اسمها، تعمل منذ 4 سنوات، مقابل 500 جنيه، لا تكفيها كثمن للمواصلات، على حد قولها، تقول إن مدير المستشفى يرفض إرسال قائمة بأسمائهن إلى وزارة الصحة لتعيينها هى و7 عاملات أخريات، رغم أن هذا الأمر دارج فى باقى المستشفيات فى محافظة المنوفية، ورغم ذلك، تتحمل هى ومن معها من العاملات عبئاً كبيراً، وتقول: «الكل بيلطش فينا؛ الدكاترة والممرضات والعيانين وقرايبهم، إحنا الحيطة المايلة اللى رايح والجاى بيبهدلها».
وترى عاملة النظافة أنه لولا «نفحات» أقارب المرضى لها، الذين يعطونها «اللى فيه النصيب»، لكان من الصعب عليها استكمال العمل، خاصة فى ظل حالة الغلاء المستمرة التى يعانى منها الجميع، وإعالتها لأسرة مكونة من 5 أبناء، ليس لهم دخل ثابت ولا معاش، نظراً لعمل زوجها فى الزراعة.
أنهينا جولتنا داخل المستشفى، وذهبنا إلى مكتب المدير، فأخبرنا أحد الممرضين بأنه فى إجازة، ولا يوجد فى المستشفى سوى الأطباء الموجودين فى الاستقبال، وعندما طلبنا منهم الحديث معنا عن أحوال المستشفى رفضوا، بحجة أن مدير المستشفى منع التصريحات الإعلامية إلا من خلاله شخصياً.