الأهالى: برشام وبودرة وأسلحة نارية حتى مطلع الفجر

كتب: محمد سعيد

الأهالى: برشام وبودرة وأسلحة نارية حتى مطلع الفجر

الأهالى: برشام وبودرة وأسلحة نارية حتى مطلع الفجر

تحولت الأفراح الشعبية إلى بيزنس لتحصيل أكبر مبلغ ممكن من خلال «النقطة»، تتغير طريقة الاحتفال قليلاً من منطقة لأخرى، وعلى حسب مكانة المدعوين، حيث يقيم أصحاب الفرح «أوبن بوفيه» للمخدرات بأنواعها كالحشيش والبودرة والبرشام، بالإضافة إلى الخمور المختلفة، وفى بعض الأحيان يستعين أصحابها براقصات يلطفن الجو قليلاً، أما على جانب المدعوين فيقومون بدورهم بإطلاق الأعيرة النارية سواء «خرطوش» أو طلقات حية فى أحيان كثيرة، أو الاكتفاء بالألعاب النارية وسط المنازل المأهولة بالسكان، فى انتظار ضحية جديدة تنضم إلى قائمة طويلة من حوادث الأفراح الشعبية. تحدثت «الوطن» مع مجموعة من الشباب حضروا تلك الأفراح، موضحين ماذا يحدث داخل تلك الأفراح.

عمر محمد عبدالوهاب، 26 عاماً، يسكن فى منطقة حدائق حلوان، شاهد العديد من تلك الأفراح الشعبية والاحتفالات التى تصاحبها حتى الساعات الأولى من فجر اليوم التالى، ويؤكد «عمر» أنه يقام فى منطقته العديد من تلك الأفراح، وأن تلك الاحتفالات والألعاب النارية تبدأ من يوم نقل الأثاث لشقة الزواج، وأن مظاهر الفرح فى الشارع تتضمن المخدرات بمختلف أنواعها من «برشام وبودرة وحشيش»، بالإضافة إلى الراقصات والخمور والرقص بالأسلحة البيضاء، وأن الاحتفالات ليس للفرح فقط وإنما أيضاً لأعياد الميلاد و«الطهور»، وأن كل هدفهم هو تجميع «النقطة».

{long_qoute_1}

ويحكى «عمر» عن إحدى الحوادث التى وقعت فى منطقته داخل تلك الاحتفالات قائلاً: «حصل موقف فى شارع جنبنا، واحد استخدم فرد الخرطوش غلط والخرطوش فلت من إيده، خرجت منه اتنين ودخلوا فى طفل كان واقف، واحدة فى عينه صفيتها له والتانية فى جسمه فى منطقة الحوض، وطبعاً الدنيا اتقلبت فى اليوم ده وصحاب المشكلة اتكلفوا بكل مصاريف العلاج، لكن مهما حصل عين الواد مش هترجع زى الأول»، ولم تكن تلك الحادثة هى الموقف الأخير الذى يشاهده «عمر» حيث كان مشاركاً فى الواقعة الأخرى وهو جالس داخل منزله بسبب إقامة أحد الأفراح تحت منزله، مضيفاً: «من فترة كده واحد من الصواريخ اللى بتطير دخل الشقة عندنا لأن باب البلكونة كان مفتوح، والهواء عكس اتجاهها أو الواد إيده اتهزت بقى مش عارف، وربنا ستر وفرقعت فى الجو ومحصلش حاجة وممسكش فى حاجة فى الشقة، بس لو كان حد واقف فى البلكونة كان زمانه جه فيه، واحنا ساعتها خرجنا البلكونة بعدها على طول وهما اعتذروا لأنهم عارفين إنهم غلطانين».

وعن رد فعل الأهالى على تلك الطرق فى الاحتفال يوضح «عمر» أن تلك الاحتفالات تستمر حتى الفجر وتصل رائحة المخدرات لمنزله، قائلاً: «احنا كجيران هنقول إيه يعنى، أهى ليلة وهتعدى، هو موقف سلبى بس مفيش فى إيدينا حاجة تانية نعملها، ده غير خناقات الشباب فى الأفراح لأنهم من أقل حاجة بيمسكوا فى بعض».

ويرى الشاب العشرينى أن الألعاب النارية هى خطأ فى الأساس، وأن الأخطر عندما يتم استخدامها فى الشوارع الضيقة المليئة بالمنازل والسكان، لأنها من الممكن أن تحدث كوارث تحول الفرح إلى عزاء، وتلك الأفراح ليس لها أى إيجابيات وأنها فقط من أجل لفت الانتباه إلى الفرح، متابعاً: «الألعاب دى ممكن تمسك فى ستارة أو تيجى فى حد واقف فى بلكونة بيتفرج على الفرح، لكن لو كانت فى منطقة واسعة ومفتوحة تبقى إلى حد ما مقبولة، ودى عادة الناس بينبسطوا بيها ومش عارف على إيه يعنى وإيه المميز فيها».

{long_qoute_2}

وعن رد فعل الشرطة تجاه تلك الأفراح يوضح «عمر» أنه رأى رجال الشرطة مرة واحدة فى ذلك الموقف، وجاءوا بسبب سرقة أصحاب الفرح للكهرباء، مضيفاً: «حتى لو الشرطة جاية عشان المخدرات بيتعرف قبلها فى الفرح والدنيا بتتظبط».

لم يختلف الوضع كثيراً لدى «أحمد كيلانى»، 26 عاماً، أحد سكان منطقة العباسية، حيث حضر الكثير من تلك النوعية من الأفراح، وكان شاهداً على العديد من الوقائع، يحكى «كيلانى» عن إحدى تلك الحوادث التى وقعت لأحد أقاربه متأثراً: «خالتى كانت بتتجوز سنة 2013 والفرح كان معمول فى المنطقة عندنا، وكنا قاعدين فى الفرح وفيه شباب معاها خراطيش، وكان جنبهم عيال صغيرة بتلعب، وواحد من الشباب مكملش عشرين سنة راح معمر وكان بيهزر مع عيل صغير من أقاربنا راح ضرب الخرطوش فى إيد العيل ده من غير ما يقصد، والخرطوش بهدل كف إيده كله بصوابعه، ولقيت العيل بيجرى عليا وإيده متبهدلة خالص وصوابع الخنصر والبنصر والوسطى كان على وشك إنهم يتقطعوا، ورُحنا المستشفى الفرنساوى وقدروا يعالجوا موضوع صوابعه ده لكن البنصر للأسف مكانش فيه أعصاب ومبيقدرش يتحكم فيه لحد دلوقتى». ويوضح «كيلانى» أن تلك الحوادث تتكرر بشكل مستمر، وأن هناك فرحاً آخر أقيم فى منطقته وراح ضحيته شاب أصيب بطلق نارى استقر فى رأسه.

بعد تلك الحادثة التى وقعت لأحد أقاربه قرر «كيلانى» عدم استخدام تلك الطقوس فى الاحتفالات أثناء خطبته وزواجه، قائلاً: «عن نفسى مش هجيب فى فرحى خراطيش ولا الكلام ده خالص ولا حشيش حتى، وفعلاً عملت خطوبتى من غير الحاجات دى خالص ولا حتى ألعاب نارية، واللى عايز يجيب يجيب لكن أنا مش هعمل كده، وانا شايفها تكلفة على الفاضى ومجرد فلوس بتترمى على الأرض»، ويؤكد الشاب العشرينى أنه كان يحتفل بتلك الطرق عندما كان طالباً، ولكنه ابتعد عنها تماماً منذ فترة طويلة.

أما عن السلبيات التى يراها فى تلك الأفراح فيوضح «كيلانى» أنهم يستخدمون حالياً المبيدات الحشرية مع «الولاعة» حتى يرقصوا ويفرحوا بالنار التى تنتج عنها، متابعاً: «النار دى ممكن تمسك أى حاجة أو هدوم حد واقف جنبك أو تيجى فى وش حد من الناس، ولو مسكت فى هدوم حد الفرح هيتحول إلى ميتم، زى اللى حصل معانا فى فرح خالتى»، ويشير «كيلانى» إلى أنه يتم استخدام الأسلحة البيضاء فى تلك الأفراح بمختلف أنواعها من «مطواة» و«كزالك» وسيوف، بالإضافة إلى «طبنجات» والرشاش والآلى.

ويرى «كيلانى» أن تلك الأفراح هدفها الأول هو المصلحة، كفيلم «الفرح» حتى يستطيع جمع أكبر مبلغ من الأموال عن طريق «النقطة»، ويصرف صاحب الفرح على سبيل المثال 100 ألف جنيه على المخدرات والأسلحة والخمور، ويخرج من الفرح بنصف مليون جنيه من النقطة، وتحولت معظم الأفراح إلى بيزنس، وأن تلك الأفراح هى من أجل «الشو» فقط ولفت الأنظار، وإزعاج الجيران، موضحاً: «الأفراح فى الشوارع تختلف عن باقى الأفراح سواء فى القاعات أو النوادى أو الفنادق، لأن الناس جاية الفرح عايزة تيجى تشرب حشيش وتلاقى بانجو وتلاقى كل حاجة جاهزة، وكلها بتبقى عبارة عن مجاملات متبادلة».

وعن دور الشرطة من تلك الأفراح يقول «كيلانى»: «لو جت الفرح مش بتعمل حاجة لأن بيبقى فى الفرح ناس كبيرة ومعلمين، وأمين الشرطة بييجى ويتكلم كلمتين مع أصحاب الفرح وفى الآخر بيمشى، وبصراحة معرفش إيه اللى بيحصل بينهم»، ويؤكد الشاب العشرينى أنه حضر من قبل أحد الأفراح فى «بلطيم»، وكانت «الطبنجة» هى أقل الأسلحة الموجودة، وكان أكثر الأسلحة المستخدمة هى الآلى، و«الشوت جن».

مصطفى السيد، 23 عاماً، يسكن بمنطقة المقطم، يوضح أن تلك الأفراح تقوم على المخدرات كضيافة من أصحاب الفرح للمدعوين، وأسلحة نارية كواجب من المدعوين للعريس كالخرطوش والطبنجة والآلى، بالإضافة إلى الرقص بالأسلحة البيضاء وعددها كبير جداً، ويحكى «مصطفى» عن الفرح الشعبى الذى حضره فى «حلوان» قائلاً: «الفرح اللى حضرته كان فيه رشاشات وآلى ومخدرات كتيرة جداً، وكنا قاعدين فى مدخنة سواء كنت بتشرب أو لأ من كتر الناس اللى حواليك قاعدة بتشرب، وكنت أنا وأصحابى مش بنشرب أى حاجة من دى خالص، لكن كان حوالينا (أوبن بوفيه) للمخدرات والبيرة، ومن كتر المدخنة اللى كنا قاعدين فيها واحد صاحبى واحنا ماشيين كان قاعد يغنى ويسقف»، ويؤكد الشاب العشرينى أنه سمع من خلال صديقه عن إحدى الوقائع التى حدثت فى فرح بمنطقة «شبرا» وأصيب عدة أشخاص، من بينهم «العروسة»، بسبب الخرطوش.


مواضيع متعلقة