آمال فهمى.. ملكة الفوازير

آمال فهمى.. ملكة الفوازير
«هنا القاهرة»، يلفظها الإذاعى الراحل جلال معوض فى ثبات وثقة قبل أن ينطلق اللحن الموسيقى المميز، تتابع النغمات وكأنها تطارد بعضها بعضاً. تتصاعد فى سرعة وتعلو ثم تتوقف تماماً ليدخل صوت آخر، أنثوى هذه المرة، تترنم صاحبة الصوت معلنة عن برنامجها الشهير فى نغمة ممطوطة «فوازير رمضان»، ذلك الصوت الذى يحفظ نبراته مستمعو إذاعة البرنامج العام عن ظهر قلب، من طول ما صك أسماعهم لأكثر من 50 عاماً، عملت فيها صاحبة الصوت فى تقديم البرامج الإذاعية، وتقلّبت فيها بين المناصب داخل الإذاعة المصرية، ورغم سنها المتقدمة فإنها لا تزال تعمل بنفس الدأب، على الأقل، تتمسك بتقديم الفوازير يومياً كعادتها كل عام فى شهر رمضان.
عبر الأثير يتهادى صوت الإذاعية الكبيرة آمال فهمى، رائقاً واضحاً تبرز فيه لثغة خفيفة فى حرف الراء، تعترف بها المذيعة اللامعة، وتقول إنها كادت تحرمها من الالتحاق بالعمل فى الإذاعة المصرية، بل أكثر من ذلك، دفعتها لأن تفكر فى السفر خارج مصر لتعالج اللثغة، لكنها توقفت عندما اكتشفت أن مستمعيها يحبون لثغتها، ويفضّلونها على مذيعات كثيرات تنطلق ألسنتهن فى رشاقة وخفة. ربما لأنها أجادت مهنتها كإذاعية بدرجة كبيرة، منذ أن التحقت بالعمل فى الإذاعة منتصف الأربعينات من القرن الماضى حتى وقتنا الحالى.
لم يكن العمل فى الإذاعة وارداً فى ذهن ابنة وكيل وزارة الحقانية المولودة فى القاهرة عام 1926، إذ درست فى قسم اللغة العربية بكلية الآداب، ثم عملت لفترة صحفية تحت التمرين فى مجلة مسامرات الجيب، لكن المرتب الضئيل الذى حصلت عليه وقتها -3 جنيهات- صرفها عن المهنة، وجعلها تولى وجهها شطر الإذاعة المصرية التى كانت تطلب مذيعات صغيرات فى ذلك الوقت.
فى الإذاعة المصرية بدا أن الشابة الصغيرة وجدت طريقها أخيراً، بارعة هى فى التحاور والحديث للدرجة التى لُقبت معها بـ«ملكة الحوار»، تجلى ذلك أوضح ما يكون فى برنامجه الإذاعى «على الناصية»، الذى اعتادت من خلاله طرح مشكلات المواطنين عبر لقاءات تجمعهم بها، تنتهى بسؤالها الشهير «تحب تسمع إيه»، وهو البرنامج الذى جرّ عليها مشكلات عديدة لم يكن أعظمها وقفها عن العمل فى الإذاعة لأكثر من 10 أعوام بعد أن انتقدت أحد رجال «عبدالناصر» فى الستينات، رغم أن نفس البرنامج كاد يُدخلها موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية باعتباره البرنامج الذى تواصل بمذيعته لأكثر من 47 عاماً دون توقُّف.
على أن شهرة أخرى حصلت عليها المذيعة الكبيرة عبر فوازير رمضان التى داومت على تقديمها فى إذاعة البرنامج العام عقب أذان المغرب طوال شهر رمضان من كل عام منذ خمسينات القرن الماضى، حيث كتبها لها فى البداية الشاعر الراحل بيرم التونسى قبل أن يرحل، فيتولى المهمة الراحل صلاح جاهين، وتنتقل بعد وفاته إلى الشاعر بخيت بيومى، ثم تسقط فى النهاية فى حجر الشاعر بهاء جاهين الذى يُداوم على كتابتها منذ بضعة أعوام.