بالصور| "كواليس" شعائر الفجر بالأزهر.. خناقة للظهور على التلفزيون

كتب: عبدالله عويس

بالصور| "كواليس" شعائر الفجر بالأزهر.. خناقة للظهور على التلفزيون

بالصور| "كواليس" شعائر الفجر بالأزهر.. خناقة للظهور على التلفزيون

{left_qoute_1}

زحام وتدافع، واشتباك بالأيدى أحيانا، وصراخ وزعيق فى أحايين أخرى، والسبب، مكان صغير يحوى جسدا فى الصف الأول لجامع الأزهر، لا لفضل الصف من الناحية الدينية، وإنما لثوان قليلة قد يظهر فيها أحدهم على شاشة الفضائية المصرية التى تنقل شعائر صلاة الفجر، ومن أجل تلك الثوانى المعدودة قد يحجز أحدهم المكان لساعات، وسط محاولات الأمن للسيطرة، ومحاولات المصورين لاستجداء عاطفة المصليين، وتوتر مخرج القناة وتمنياته أن تمر الليلة بسلام.

ليلة الـ27 من رمضان، الليلة التى يعتقد فيها كثير من المسلمين أنها ليلة القدر، كان عبدالعزيز عمران، مخرج بالتلفزيون المصرى، يستعد للذهاب إلى الجامع الأزهر لنقل شعائر صلاة الفجر، برفقة طاقم العمل، وفى التوقيت نفسه وفى تمام الـ11 مساء، كان مصطفى عبدالفتاح، أحد مواطنى الجمالية، يستعد لمعركة طويلة، يكون النصر السهل فيها لمن حضر مبكرا، فالرجل اتخذ مكانه بالصف الأول، وصلى فيه صلاة التهجد التى امتدت للساعة الثانية قبل صلاة الفجر: «حجزت وفضلت قاعد متلحلحتش من مكانى» إلا أن التصرف ذلك لم يكن فرديا، فكثيرون مثله قاموا بنفس التصرف: «ببقى جاى من البيت متسحر، وعشان أطلع فى التلفزيون لازم أكون هنا بدرى، يا إما مش هبقى باين أوى».

اللحظات القليلة التى تبدأ قبل أذان الفجر بنحو 25 دقيقة، تدفع الكثيرين للشجار حول الأماكن، فإذا لم يجد مكانا بالصف الأول عاد إلى الثانى، ومنه إلى الثالث، وكلما ابتعد عن «دكة» القارىء، قلت فرصه فى الظهور: «أنا هنا من ساعة صلاة التهجد عشان أطلع فى التلفزيون، قلت لمراتى تستنانى وتسهر عشان تشوفنى، وأشاورلها من الشاشة» قالها شوقى أحمد، شاب عشرينى جاء من القللى إلى الأزهر للظهور على الشاشة للحظات، لكنه لم يتخيل أن المئات غيره تصرفوا على هذا النحو.

أحدهم ارتدى بذلة وصار يصرخ فى الناس: «كله يرجع ورا، خلو المكان فاضى عشان الكاميرات تتحرك بسهولة» يشير إليه هيثم العشماوى، مساعد المخرج، وعلى وجهه ابتسامة عريضة: «أهو ده واحد من الناس منعرفش عنه أى حاجة، بس هو بينظم كده عشان فى الآخر نسمحله يقعد قدام ويطلع فى التلفزيون» ابتسامة الشاب تتلاشى سريعا حين يعدد المواقف التى يتعرض لها مع طاقم نقل الشعائر، فالتدافع والصراخ أحيانا، يكونان أهون من الاشتباك بالأيدى: «فى ناس كتير جاية مخصوص للكاميرا، وفجأة تقوم خناقة وهاتك ياضرب عشان واحد عايز ياخد مكانه» ثم يشير بيده إلى رجل يرتدى عمامة وجلبابا أزهريا ويخترق الصفوف بسهولة، لاعتقاد الناس أنه أحد مشايخ المسجد: «أهو مشايخ المسجد فعلا قاعدين فى الصف الأول لإن ده دورهم، لكن ده مدعى وبيعمل كده عشان الناس تسيبه يقعد قدام» بينما وقف آخر للصلاة، موليا وجهه عن القبلة إلى حيث تستقر عدسة الكاميرا.

ما إن جلس المقرىء أحمد نعنيع على دكة القراءة، حتى خفتت الأصوات وسكت الجميع فى انتظار البسملة، ليستغل فرصة سكوتهم فنى التصوير، ياسر محمد، مطالبا المصليين بضرورة إغلاق هواتفهم المحمولة أو أن تكون فى وضع صامت، وألا يفعل أحدهم إضائة الهاتف لحظات التصوير: «أرجوكم إسمعوا كلامى عشان تبقى ليلة جميلة وحلوة وفيها ثواب» قالها دون أن ينتبه له أحد، بينما كان المذيع عماد عطية، ينظر إلى الكاميرا مقدما شعائر الصلاة، ثم اتخذ من خلف دكة القارىء مكانا يجلس فيه لتقديم المبتهل بعد ذلك: «الناس اتغيرت، زمان كان فى احترام لقدسية المسجد، والتصوير مكنش بيهم الناس أوى زى دلوقتى» يحكى المذيع، الذى صار يشير بيده إلى أفراد الأمن لمنع البعض من التقدم واجتياز الصفوف للوصول إلى القارىء: «اللى بنعمله ده فى بيت ربنا لا يليق الحقيقة، وكل واحد دلوقتى هيطلع الموبايل ويصور واللى هيطلع سبحة ويسبح، واللى فجأة هيقوم يصلى عشان يطلع فى التلفزيون بيصلى» وبانطلاق نعينع فى القراءة، تتوالى الآهات والتكبيرات والصفير أحيانا، وجملة «عشان خاطر الرئيسة المشيرة العظيمة الكريمة ستنا السيدة زينب» والتى تقال فى حضرة السيدة، تنتقل إلى الأزهر بدافع من ظهور الصوت عوضا عن الشكل وفقا لمبدأ «نصف العمى ولا العمى كله»

4 كاميرات لنقل شعائر الصلاة، واحدة منها خارج المسجد و3 داخله، عن يسار القارىء والمبتهل واحدة، وخلف المصلين واحدة وإلى جوارهم واحدة أخرى، وما إن بدئت القراءة وانتهى نعينع، وجلس مكانه الشيخ حسن قاسم للابتهال، حتى أدرك الجميع أن موعد الفجر قد اقترب، وباتت فرصة الظهور أقل زمنيا، ليقف كل من جلس خلف الـ5 صفوف الأولى، بغية الظهر وهو ما استدعى تدخل الأمن دون جدوى، وأبطل عمل اثنين من الكاميرات: «الكاميرا اللى ورا الناس اللى وقف واللى جنبهم، كده عملها مبقاش بنفس التأثير لو الناس قاعدة» قالها عبدالعزيز عمران، مخرج الفضائية الذى جلس داخل عربة البث، مشيرا إلى أن وقت البث على الهواء أصعب الأوقات التى يمر بها خلال يومه: «فجأة واحد يطلع يشاور للكاميرا، وواحد يكلم أهله فى الموبايل عشان يشوفوه، وتالت يضحك ويحط إيده على خده، فبضطر أقطع وأحول لكاميرا تانية، ألاقى واحد بيعمل نفس التصرف» منوها إلى أن الوضع الأمثل للتصوير، ألا يشغل المصلون بالهم بالكاميرات، وهو ما لا يحدث داخل المسجد لحظات التصوير.

كان الدكتور مبروك عطية على موعد مع المصلين فى درس عقب انتهاء الصلاة، ومع حمل الكاميرات والأضواء، خرج عدد كبير من المسجد، ليقول لهم عطية عبر الميكروفون: «إحنا جايين لربنا مش عشان الكاميرا والتصوير يا جماعة» وهو ما اعتبره عبدالرحمن سلامة، أحد المصليين أمرا مخزيا: «الناس كانت ببتخانق على المكان من قبل صلاة التهجد عشان يحجزوا قدام للتصوير، فأنا خدت نفسى وطلعت صليت فى صحن الجامع بعيدا عن الزحام والوش بتاعهم».

 


مواضيع متعلقة