"العربية" تسرد قصة شيخي قطر "القرضاوي" و"سرور"  

كتب: دينا عبدالخالق

"العربية" تسرد قصة شيخي قطر "القرضاوي" و"سرور"  

"العربية" تسرد قصة شيخي قطر "القرضاوي" و"سرور"  

في الأونة الأخيرة، تسعى قطر بشتى السبل لفرض حضورها بمختلف الملفات السياسية أمام المجتمع الدولي، لذلك عمدت إلى توظيف ورقة الجماعات الراديكالية، بفرعيها "الإخواني والسلفي الجهادي"، بما في ذلك تشكيلاتهما المسلحة في مناطق الصراع، ما كان له تأثير ظاهر على معظم الفصائل ذات التوجه السلفي الحركي كأحرار الشام وجيش الإسلام وغيرها.

ويرى مراقبون ومحللون، إنه وحتى حين تطبيق المجتمع الدولي لتحذيراته صوب الدوحة بإيقافها دعم الجماعات الراديكالية، ستبقى قصة شيخين جمعتهما قطر وفرقتهما أطماع السياسة والخلافة، بذرة لولادة جماعة أشد فتكا وتطرفا، أشبه ما يكون بتوأم سيامي مشوه، بحسب ما أورده موقع "العربية نت".

وقال تقرير "العربية نت" إن اجتماع شخصية محمد سرور الذي عُرف من خلال تياره السروري أو ما يسمى بالسلفية السياسية، مع منافسه يوسف القرضاوي بجماعته الإخوانية في دولة قطر، رغم ما تمتاز به الشخصيتان من اعتداد وزهو بالنفس، حيث يرى كل منهما في نفسه "مرشدا للأمة" أي بما هو أبعد من الجماعة والتنظيم، هو أمرا جليا سيظل محل تساؤل.

وتابع أن استقرار محمد سرور في الدوحة القطرية في 2013 إلى جانب القرضاوي، يأتي في ظل أهمية الرمزين في أوساط التيارين السروري والإخواني، اللذين تمتد أذرعهما في مختلف الدول العربية والإسلامية، كما لعب كل منها أدوارا بارزة منذ اللحظات الأولى لبدء الثورات في المنطقة العربية ابتداء بتونس وليبيا واليمن ومصر، قائلا: "المواقف كانت واضحة وصريحة من خلال ظهورهما على مختلف الساحات بالدعم المالي والمشورة وتوجيه الفصائل والكوادر المسلحة في مناطق الصراع".

فبينما شدد القرضاوي في كلمة ألقاها بندوة نظمها الاتحاد في الدوحة في مارس 2013 عن علاقة الحاكم بالمحكوم، على أن ما يقوم به الشباب العربي ليس من الفتنة في شيء لأن الإسلام يأمر بإزالة "الظلم الذي يمارسه الحكام في أبشع صفاته"، مضيفا: "أن الظلم وإضاعة حقوق الناس يجيزان للشعوب الخروج على حكامها، وأن السلفية المتعصبة والصوفية اتفقتا على تسفيه الثورات العربية عبر الترويج لثقافة سامة تربط الفتنة بالخروج على الحكام".

في المقابل، كان لمحمد سرور أيضا دور بارز في التحريض والتأييد لما وصفه بثورات الشعوب، وكما جاء في لقاء أجري معه في 2011 عبر إحدى الفضائيات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، اختص جزءا كبيرا منه في تحذير السعودية من امتداد الثورات إليها، ومطالبا بالإفراج عن الموقوفين أمنيا على ذمة قضايا التكفير والتطرف، وبالمقابل وصف سرور الثورة السورية بكونها إرادة إلهية قائلا: "هذه الثورة أرادها الله تعالى".

وذكر التقرير، أن التنافس بين التيارين في سوريا كان جليًا وواضحًا كما لا يزال حتى اليوم، فبينما شكلت "القرضاوية – القطرية" ثقلا في الائتلاف والمجلس الوطني السوري إضافة إلى علاقات وثيقة مع تيار فيلق الشام في إدلب وريف حلب، كان تأثيرها ظاهرا على معظم الفصائل ذات التوجه السلفي الحركي كأحرار الشام وجيش الإسلام وغيرها.

ويعدّ يوسف القرضاوي الأقدم حضورا والأكثر تأثيرا في أوساط النخب السياسية القطرية الحاكمة، من زميله السوري محمد السرور الذي شاع فكره في الأوساط الشعبية القطرية، بحسب "العربية.نت"، حيث وفد القرضاوي إلى قطر ضمن موجة النزوح الإخوانية إلى دول الخليج في فترة حكم جمال عبد الناصر عام 1961، ليحصل لاحقا على الجنسية القطرية.

ولم يكن ليمضي أول رمضان للقرضاوي في قطر حتى تمكن من تثبيت أركانه في أوساط النخب السياسية القطرية، وهي الفئة التي لطالما استهدفتها جماعة الإخوان المسلمين متبعة إرشادات البنا نفسه في ذلك، ولفت الموقع إلى أن الدولة العميقة للإخوان في قطر لم تكن فقط من خلال اختراق الأسرة الحاكمة والتغلغل بين أذرعها وإنما كان أيضا عبر استدعاء القرضاوي نفسه لكافة أصدقائه وزملاء السجن من جماعة الإخوان المسلمين، وتوفير عقود العمل لهم في قطر.

وبالنسبة لمحمد سرور، الذي توفي بالدوحة 11 نوفمبر 2016، كان يتبع التيار الذي حاول أن يزج بين تيار السلفية والإخوانية القطبية تحت مسمى التيار "السروري" الذي اشتهر به في منطقة الخليج، التي صعدت في قطر من خلال زيارات سرور المتكررة إلى الدوحة، ودشنت في السبعينات حتى شاعت وزاحمت جماعة الإخوان المسلمين، وإنما في الأوساط الشعبية بحكم العباءة السلفية الأكثر انسجاما مع المجتمع القطري.

وأوضح الموقع أنه عقب انشقاق سرور عن جماعة الإخوان المسلمين بفرعها السوري، في أواخر ستينيات القرن الماضي، بعد أن انتسب إليها تنظيميا في سنة 1953، دأب وعبر تياره ومدرسته طوال عقود على مزاحمة الجماعة واستقطاب الإخوان خليجيا وعربيا، وأطلق اسم "السرورية" على تنظيم محمد سرور جاء من قبل جماعة الإخوان أنفسهم، فبحسب ما قاله سرور في أحد لقاءاته بدأ إطلاق هذا الوصف على تلامذته من قبل الجماعة على سبيل الازدراء في العام 1968.

ونتيجة لخلافات سرور مع جماعة الإخوان المسلمين وخشيتهم من تمدد تياره في منطقة الخليج، لم يستقر في مكان واحد، وفي 2013، استقر بقطر بعد أن قدم من الأردن وبترحيب كبير تم استقباله من قبل المسؤولين القطريين، واستطاع بناء قاعدة شعبية عريضة لتياره ومدرسته السرورية بين أوساط المتجمع القطري، وأعلن حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق في ديسمبر 2011 عن افتتاح أكبر جامع في الدوحة وإطلاق عليه اسم جامع" محمد بن عبد الوهاب".

وذكر "العربية نت" أن القاعدة الشعبية التي نجح سرور في تحقيقها كانت وبلا شك مثار قلق بالنسبة للقرضاوي الإخواني، فطالما شكل سرور مصدر قلق لدى جماعته السابقة، إلا أن عزاء القرضاوي نفسه كان لنجاحه ومن معه في الولوج إلى صناع القرار في قطر واختراق مؤسساته كافة، ولم يحرص الرجلين على الالتقاء والاجتماع طوال كل هذه السنين، باستثناء لقاء وحيد يتيم جمع بينهما وبشكل عارض في إحدى المناسبات الرسمية قبل بدء الثورة السورية.

لم يقتصر الجفاء والبرود ما بين الإخوان والسرورية، إلى جذور الانشقاق وتحديد الهوية فقط، وإنما إلى الاختلاف المنهجي الذي استحدثه سرور في مدرسته الجديدة والتي جمعت ما بين السلفية الحركية والقطبية، حيث تنتقد السرورية بعض التطبيقات الإخوانية والقصور في الجوانب الفقهية والعقدية، منها ما هو متعلق بالمرأة والاختلاط والديمقراطية والعلاقة بإيران، ومن جانب آخر شعور الإخوان أن التيار السروري خرج عنهم، إضافة إلى ما تراه الجماعة في السلفية من جمود وابتعاد عن متطلبات العصر وضرورة تطعيمها بالتصوف.

ونتيجة للمتغيرات والمعطيات السياسية في المنطقة وبالأخص فيما يسمى "الربيع العربي"، اقترب التيار السروري إلى الفكر الإخواني أكثر فأكثر وكان المثال الأبرز في ذلك سلمان العودة، وأحد أبرز تلامذة محمد سرور، حيث قال يوسف القرضاوي في لقاء له لدى سؤاله عن العودة: "من أقرب أحبائي ويعتبرونه على منهج القرضاوي".


مواضيع متعلقة