أمين عام الجماعة (٢)

محمد حبيب

محمد حبيب

كاتب صحفي

فى المقال الفائت، ذكرنا القصة الأولى وفيها أن الدكتور محمود عزت، القائم بعمل المرشد حالياً، الذى كان يتولى منصب أمين عام الجماعة فى الفترة من (يناير ٢٠٠٤ - يناير ٢٠١٠)، لم يكن يصلح لهذا المنصب، وأنه كان بداية النهاية بالنسبة للجماعة، خاصة مع مجىء محمد مهدى عاكف مرشداً.. واليوم نتناول تفاصيل القصتين الثانية والثالثة، وسيتبين للقارئ الكريم مدى صدق ما انتهينا إليه..

القصة الثانية:

وافق مكتب الإرشاد على أن يكون الدكتور محمود عزت، بصفته الأمين العام للجماعة، مسئولاً عن الموظفين والعاملين بمقر المركز العام للإخوان بالروضة؛ من حيث تنظيم العمل، والنوبتجيات، وتحديد الأجور.. إلخ، بدلاً من الأستاذ مسعود السبحى الذى كان يعتبر نفسه سكرتيراً خاصاً للمرشد.. وعلى الفور، قام الدكتور «عزت» باستدعاء الأستاذ بدر -مدير تحرير صحيفة «آفاق عربية» الأسبق- لمناقشته فى مواعيد الحضور والانصراف اليومية، وأسلوب العمل، وغير ذلك من أمور.. المهم أن «بدر» رأى أن هذا الأسلوب منافٍ تماماً لطبيعة العمل الصحفى الذى ظل يمارسه طيلة ٢٩ عاماً، منذ أيام الأستاذ عمر التلمسانى، المرشد العام الأسبق.. احتدم الخلاف بين «عزت» و«بدر» إلى أن وصل الأخير إلى درجة الاختناق، فقال: ماذا تريد يا دكتور؟ هل تريدنى أن أترك العمل؟ إذاً، أنا مستقيل.. فما كان من الدكتور «عزت» إلا أن قال: جزاك الله خيراً يا أخ «بدر».. إنى أحبك فى الله (!).. فى اليوم التالى، جرى حديث بين المرشد «عاكف» و«بدر» حول ما حدث فى اليوم السابق، فكان رد المرشد: يا «بدر».. أنت لست موظفاً.. أنت تعمل معى.. وحين أخبرنى «بدر» بذلك، قلت: عليك -إذاً- أن تكون عند حسن ظن المرشد، وبالتالى مطلوب منك أن تضع تصوراً لما يجب أن تقوم به حياله فيما يخص المسألة الإعلامية، ولا بأس أن تعرض على هذا التصور لنتناقش فيه سوياً، ولديك ٣ أيام لإتمام ذلك.. كنت أتصور أن الأمر سيقف عند هذا الحد، لكن الدكتور «عزت» تحدث مع المرشد وأفهمه على غير الحقيقة أن «بدر» هو الذى يريد أن يترك المكان.. وعليه فقد خرج من عنده ليقول لـ«بدر» إن موضوعه صار منتهياً (!)

بعدها جاءنى الأستاذ «السبحى» ليقول لى إن موقفنا أصبح غير مريح أمام «بدر»، فكيف يقول له المرشد «عاكف» كلاماً، ثم يأتى الدكتور «عزت» لينقضه؟! تحدثت مع الأخير وقلت: من العيب علينا أن نضع المرشد فى هذا الموقف، فقال: سوف أتحدث معه.. وفى اليوم التالى جاء المرشد «عاكف» ومعه عبدالمنعم أبوالفتوح إلى غرفة مكتبى، فسألت المرشد: هل قلت للأستاذ «بدر» إنه ليس موظفاً، وإنه يعمل معك؟ أجاب المرشد قائلاً: نعم.. ثم انصرف إلى غرفة مكتبه.. بعد نحو الساعة، جاءنى الدكتور «عزت» ليبلغنى أنه أنهى عمل «بدر»، وذهب للمرشد لإبلاغه بذلك.. فأرسلت إلى المرشد ورقة صغيرة بضرورة إنهاء هذا العبث.. وعندما أراد المرشد أن يعتب على «عزت» تصرفه المؤسف، قال له الأخير بحسم: أنا المسئول عن هذا المكان.. فرد المرشد محتداً: لا.. أنا المسئول.. ويبدو أن الرجل شعر بأنه أكبر من ذلك، فقال: مسعود هو المسئول (!) وخلاصة هذه المهزلة أن الدكتور محمود عزت أنفذ إرادته على المرشد «عاكف»، وأصبح «بدر» خارج منظومة المكان(!).

القصة الثالثة:

فى صبيحة أحد الأيام، دعانى المرشد «عاكف» للقائه فى غرفة مكتبه، وقال: إن هناك شكاوى كثيرة من الدكتور محمود غزلان، عضو المكتب، حول إدارته كمسئول عن إخوان القاهرة التى كان يقوم بها خيرت الشاطر.. وأنا أقترح أن يتولى هذه المسئولية الدكتور محمد مرسى أو الدكتور محمد بديع. وقد اختار هذين الاسمين لقربهما الشديد من الدكتور محمود عزت. قلت: هذه المسئولية ليست مناسبة لأى منهما، فالأول فشل فى الإشراف على القسم السياسى، والثانى فشل فى الإشراف على قسم الأسر والتربية. قال: فماذا نفعل؟ قلت: أنا على استعداد لتحمل هذه المسئولية. قال: وهل لديك وقت؟ قلت: أريد من ٥ إلى ٦ أشهر فقط، وبعدها نقيم الأمر.. فإذا كانت النتيجة إيجابية، فذلك هو المطلوب، وإن كانت غير ذلك، لننظر فيما يمكن عمله. قال المرشد (مرحباً): يا ليت.. سوف أكون سعيداً بذلك. بعدها حضر الدكتور محمود عزت، فطرح المرشد عليه الفكرة، فتملص منها بكلام متهافت، لدرجة أن المرشد صاح فيه قائلاً: جرى إيه يا محمود.. الدكتور حبيب يعرض عرضاً، وأنا أراه عرضاً جيداً. فما زاد محمود عزت عما قاله شيئاً! قمت واقفاً معتبراً ذلك نوعاً من الإهانة، إذ كنت أعتقد أن عرضاً كهذا سيجد ترحيباً أو قبولاً، أو على الأقل مناقشة موضوعية. وبعد أن غادرت غرفة مكتب المرشد بخطوات، سمعت الدكتور محمود عزت يصيح من خلفى: هذا ليس قراراً، أى نحن لم نتفق على العرض الذى قدمته! نظرت إليه شذراً، ثم مضيت فى طريقى، والمرشد صامت لا يتكلم (!) ولماذا يتكلم؟ لقد حسم الدكتور محمود عزت الأمر، وفرض ما يريد، ضارباً بترحيبه عرض الحائط. ولم أشأ أن أدخل فى معركة، حتى لا أبدو وكأنى أدافع عن رغبة شخصية فى القيام بعمل ما.. وحمدت الله تعالى أن عافانى من حمل مسئولية تعتبر قاصمة للظهر..

أعلم أن هذه الوقائع (وغيرها) سوف تكون صادمة لمشاعر الكثيرين، سواء كانوا من الإخوان أو من غيرهم.. وقد حاولت من جانبى على مدى أكثر من ٤ سنوات التنبيه والتحذير من استمرار الدكتور محمود عزت فى الأمانة، وإلا فلا أقل من متابعته وتحجيمه، خاصة أن مشكلاته فاقت الحدود.. العجيب أنه بمرور الوقت، تجمعت شكاوى كثيرة أمام المرشد «عاكف» فى حق الدكتور محمود عزت، غير أنه -للأسف- لم يتخذ حيالها أى موقف، وظل مسانداً وداعماً له بشكل غير معقول، وحينما كنت أذكر له بعض الوقائع المؤيدة بالدليل القاطع، كان رده المؤسف: وماذا أفعل؟! ودارت الأيام، وفى عام ٢٠٠٩، جاءنى يشكو من الدكتور محمود عزت ويسألنى وهو خائر القوى أن أجد له حلاً، فكان ردى: انتهى الأمر.. تجرع ما صنعته يداك (!!) المهم، بعد الانتخابات التى أجريت فى أواخر ذلك العام، وساهم فى تزويرها الدكتور محمود عزت (وغيره)، وبعد تصعيد الدكتور محمد بديع كمرشد، كان الأخير يصر على أن يلتقينى.. وقد حدث فعلاً فى شهر رمضان من عام ٢٠١٠، حيث أخبرنى أن مكتب الإرشاد حرص على ألا يكون الدكتور محمود عزت أميناً عاماً للجماعة.. وظل الدكتور عزت يلح على ذلك لمدة أسبوع كامل، إلا أنهم رفضوا، لكن بعد خراب «مالطة» (!) (وللحديث بقية إن شاء الله).