خبراء ومصرفيون: الإصلاح النقدى نجح.. وأزمة النقد الأجنبى انتهت

كتب: إسماعيل حماد

خبراء ومصرفيون: الإصلاح النقدى نجح.. وأزمة النقد الأجنبى انتهت

خبراء ومصرفيون: الإصلاح النقدى نجح.. وأزمة النقد الأجنبى انتهت

أكد عدد من قيادات القطاع المصرفى والخبراء نجاح عملية الإصلاح النقدى التى قام بها البنك المركزى المصرى مؤخراً، وأشاروا إلى أن أزمة النقد الأجنبى انتهت، وأن البنوك العاملة فى السوق المحلية لعبت دوراً بارزاً فى تنفيذ تلك الإصلاحات التى تستهدف القضاء على الخلل الهيكلى فى الأوضاع النقدية للبلاد. ودلل المصرفيون على نجاح تلك الإصلاحات بالأرقام التى كشف عنها طارق عامر، محافظ البنك المركزى، فى مؤتمر صحفى بعد اجتماعه مع المجموعة الاقتصادية فى مجلس الوزراء أمس الأول، لتوضيح الأوضاع النقدية بعد مرور نحو 6 أشهر على عملية تحرير سعر الصرف.

{long_qoute_1}

وأكد «عامر» بالأرقام، أن أزمة النقد الأجنبى فى مصر انتهت بلا رجعة، قائلاً: «يمكن القول إن الأوضاع الاقتصادية قد تغيرت بشكل كبير جداً خلال الفترة الماضية». وقال «عامر»: «إن مشكلة النقد الأجنبى التى عانت منها مصر خلال العام الماضى، أصبحت تاريخاً بلا عودة، على الرغم من كل الظروف والتحديات التى واجهتنا فى الفترة الأخيرة، نتيجة تدفقات الاستثمار التى دخلت البلاد بعد إعلان إجراءات تحرير سعر الصرف، حيث دخل إلى البنك المركزى والبنوك العاملة فى السوق المحلية نحو 46 مليار دولار خلال 6 شهور بعد تحرير سعر الصرف، موزعة بواقع 23 مليار دولار إلى البنوك من السوق المحلية، و8 مليارات دولار من الخارج، نتيجة دخول صناديق الاستثمار العالمية، و15 مليار دولار حصيلة الاتفاقيات الدولية، وهو ما ساعد على تغيير الوضع النقدى لمصر إلى الأفضل بشكل كبير جداً».

وقال هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، إن قرارات الإصلاح النقدى والمالى التى تم اتخاذها فى مطلع نوفمبر 2016، وفى مقدمتها تحرير سعر الصرف، كانت فى غاية الأهمية لدعم الإنتاج المحلى للبيع بالسوقين المحلية والعالمية، ودعم الاستثمار الأجنبى الذى فضّل عدم التعامل مع السوق المصرية فى ظل انتشار سعرين لصرف العملة قبل التعويم، فضلاً عن دعم القطاع السياحى الذى تأثر كثيراً على مدار الفترة الماضية، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج التى تراجعت قبل اتخاذ هذه القرارات الإصلاحية. وأضاف رئيس أكبر البنوك العاملة فى السوق المحلية من حيث الحصة السوقية أن القرارات الإصلاحية التى تمت كانت فى غاية الأهمية، وتحقق بعدها عدة مؤشرات فى غاية الأهمية تدل على نجاحها، واتجاه الأوضاع نحو الأفضل، حيث شهدنا القفزة التى تحققت فى الصادرات المصرية للخارج بنسبة 25%، وزيادة تحويلات العاملين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية الوافدة للسوق المصرية، ونمو الإيرادات السياحية، فضلاً عن زيادة متحصلات البنوك من النقد الأجنبى إلى ما يتجاوز 19.3 مليار دولار بعد قرار تحرير سعر الصرف، ومحاربة ظاهرة «الدولرة»، خاصة مع ارتفاع العائد على الجنيه المصرى.

{long_qoute_2}

وأشار «عكاشة» إلى أن تلك التطورات وغيرها تدعم الاقتصاد الوطنى، وتهيئ توفير المزيد من فرص العمل، وتشجّع الصناعة المحلية على توفير منتجات تحل محل المنتجات المستوردة، التى ارتفعت أسعارها بعد التعويم من ناحية، وتوفير منتجات توجه للتصدير، مستغلة الميزة التنافسية الناجمة عن ارتفاع سعر الصرف من ناحية أخرى.

وحول دور البنك الأهلى فى عملية الإصلاح النقدى الأخيرة قال «عكاشة»: «كان للبنك الأهلى دور رئيسى فى العمل على تعظيم مكاسب تحرير سعر الصرف، فقد حرص منذ اليوم الأول للقرار على تشجيع الأفراد على التعامل مع النقد الأجنبى من خلال المنافذ الرسمية، وقد نفذ البنك عمليات تجارة خارجية بنحو 7.5 مليار دولار أسهمت فى توفير السلع الأساسية، واستيراد مستلزمات الإنتاج، سواء كانت آلات أو منتجات وسيطة تُستخدم فى التصنيع». من جانبه، قال الدكتور هشام إبراهيم، الخبير المصرفى، إن الإجراءات التى قام بها البنك المركزى لم يكن هدفها الوصول إلى سعر محدد للدولار أو للعملات الأجنبية بشكل عام أمام الجنيه المصرى، لكنها كانت تستهدف خلق مناخ أفضل للاستثمار وتحريك الأعمال وتنشيط الإنتاج المحلى، واستعادة النقد الأجنبى إلى داخل القطاع المصرفى بدلاً من تداوله فى السوق السوداء داخل وخارج مصر.

ولفت إلى أن البنوك أصبحت أكثر قدرة على توفير احتياجات السوق من النقد الأجنبى اللازم لعملية النمو والتنمية، وتوفير متطلبات المجتمع، مشيراً إلى أنه كان من الضرورى استعادة النقد الأجنبى الذى خرج من المنظومة الرسمية لدعم الثقة فى الاقتصاد المصرى. وقال ياسر عمارة، الخبير المصرفى، إن تصحيح مسار النقد فى إطار عملية الإصلاح الاقتصادى أدت إلى زيادة الاحتياطى إلى معدلات عالية لم نشهدها منذ 2011. وأضاف «عمارة» أن ارتفاع سعر الدولار أدى إلى تراجع الإقبال عل المنتجات المستوردة والتى ارتفعت أسعارها بالتبعية بعد تحرير سعر الدولار، وهو ما دفع إلى زيادة الطلب على المنتج المصرى كبديل أقل سعراً من المنتج المستورد، ما أدى إلى الاتجاه إلى الاعتماد على الصناعة والإنتاج المحلى مؤخراً وهو ما نتوقع تزايده خلال الفترة المقبلة.

{long_qoute_3}

ولفت إلى أن ارتفاع سعر الدولار يمثل تعزيز قدرات المنتج المحلى والصادرات المصرية فى منافسة المنتجات الأخرى فى الأسواق العالمية، وهو ما يعد مؤشراً إيجابياً على تزايد فى الإنتاج المحلى وموارد العملة الصعبة للبلاد.

واعتبر أحمد الشاذلى، الباحث المصرفى، أن البنك المركزى يسير فى عملية الإصلاح النقدى بخطوات ثابتة، ولن يتراجع عنها، وذلك فى ضوء تصريحات محافظ البنك المركزى نفسه ومجريات الأمور على أرض الواقع، ولفت إلى أن التمهيد الجيد لقرار تحرير سعر الصرف هو ما دفع كبريات الصناديق العالمية لدخول السوق المصرية وضخ أموالها بمليارات الدولارات فيها.

وأشار «الشاذلى» إلى أن تحويلات المصريين فى الخارج عاودت وجهتها إلى القطاع المصرفى بعد أن كانت لا تعرف طريقاً آخر غير السوق السوداء، متوقعاً أن تتزايد موارد الاقتصاد من النقد الأجنبى خلال الفترة المقبلة بدعم من النشاط المرتقب لقطاع السياحة والاستثمارات الأجنبية والصادرات المصرية.

وقال خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، إن القطاع المصرفى استعاد الثقة بصورة ملحوظة منذ قرار تحرير سعر الصرف 3 نوفمبر الماضى، وأضاف أن تحقيق الاقتصاد المصرى معدلات نمو مرتفعة خلال العامين المقبلين أمر متوقع جداً، خاصة مع حالة الانتعاشة التى بدأت فى القطاع الاقتصادى فى صورته الحالية مع التفاؤل الملحوظ من المراقبين الدوليين للاقتصاد المصرى من مراقبى البنوك والمؤسسات والمصارف الدولية ومؤسسات التمويل. وأشار إلى أن أكبر مشكلة تواجه الاقتصاد حالياً هى ارتفاع أسعار السلع والخدمات لهذا المستوى القياسى بعد وصول معدل التضخم لأرقام غير مسبوقة خلال الشهرين الماضيين، وهو أمر كان متوقعاً ونتيجة طبيعية لقرار تحرير سعر الصرف، لكن التضخم سيشهد تراجعات بحدوث تحسن للعملة المحلية «الجنيه» واستقرارها أمام العملات الأخرى.

وأوضح لـ«الوطن» أن التضخم جاء نتيجة طبيعية لتراجع قيمة الجنيه، وانحصار الموجة التضخمية يقتضى أداء قوياً للجنيه أمام الدولار، وحدوث حالة استقرار للعملة المحلية، وهنا قد يحدث هذا عقب تراجع موجة الطلب على الدولار، ويمكن نهاية العام الجارى أن نشهد تراجعاً ملحوظاً فى الموجة التضخمية. وحول تصريحات «عامر» الخاصة بانخفاض الأسعار العام المقبل 2018، قال الدكتور محمد فاروق، مدير المركزى المصرى للدراسات الاقتصادية، إن الحكومة الحالية اعتادت على التسويف وترحيل الأزمات. وأضاف أن ترحيل الأزمة هو شعار الحكومة الحالى والتصريحات فى مجملها تربط بين التحسن الاقتصادى والعام المقبل 2018، مؤكداً أن الاقتصاد لا يعالج بالمسكنات الإعلامية، فالقطاعات الاقتصادية تتعامل بلغة الأرقام، والأرقام خير دليل للتوصل للنجاح أو الفشل.


مواضيع متعلقة