الاقتصاد الأزرق!

الاقتصاد الأزرق «Blue Economy» هو الإدارة الجيّدة للموارد المائية والاعتماد على البحار والمحيطات فى التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء.

وكان يجب أن تكون مصر فى مقدمة الدول التى تعتمد على الاقتصاد الأزرق، لأنها الأولى عالمياً من حيث الموقع الجغرافى، حيث تمتلك أربعة آلاف كيلومتر شواطئ على البحرين الأحمر والمتوسط، وأهم ممر ملاحى (قناة السويس)، ونهر النيل، وتسع بحيرات، بالإضافة إلى 60 ميناءً كبيراً وصغيراً ومتخصصاً كل هذه الثروة المائية لم تُحسن مصر استغلالها وارتضت منها بأقل القليل (رسوم، وجمارك، والغرق فى النهر، والعوم فى البحر)، بدلاً من أن تكون دولة بحرية 80% من دخلها القومى مصدره المياه، مثل الدنمارك والنرويج وفنلندا واليونان وسنغافورة ودبى والمغرب، وهى دول لا تمتلك شواطئ مثلنا، ومع ذلك حققت طفرات بسبب حسن استغلال مواردها المائية.

الاقتصاد الأزرق طوق النجاة من المأزق الاقتصادى، ويتمثل فى ضرورة تحويل الموانئ المصرية إلى لوجيستية، شحن وتفريغ وخدمات وتعبئة وإعادة تصدير وتصنيع وصيانة وتمويل السفن والصناعات البحرية الثقيلة والخفيفة، فهل يُعقل امتلاك مصر كل هذه الشواطئ ولا تمتلك أسطولاً بحرياً، ولدينا أقدم ترسانة بحرية فى المنطقة؟ كما يجب تسهيل إجراءات تسجيل المصريين للسفن، بدلاً من اضطرارهم إلى تسجيلها فى الخارج ورفع علم الدول الأجنبية فى المياه الإقليمية المصرية.

الاقتصاد الأزرق يشمل أيضاً الصيد، عار علينا استيراد الأسماك وتعرض الصيادين المصريين للإهانة بسبب الصيد خارج مياهنا الإقليمية، نحن شعب يعشق الأسماك، ويجب أن يكون هو الوجبة الشعبية، وأرخص من الفول والطعمية، وأن يكون مصدراً للدخل القومى.

الاقتصاد الأزرق هو النقل النهرى للركاب والبضائع، قبل ثورة يوليو 52 كان حجم النقل النهرى 35%، اليوم أقل من 1%، رغم نعمة ربنا علينا بالربط بين نهر النيل والموانئ، ومع ذلك 98% من نقل البضائع يتم على سيارات النقل، مما تسبب فى تدمير الطرق وكثرة الحوادث وخسائر مادية وبشرية فادحة، واستهلاك الوقود وتلويث البيئة.

الاقتصاد الأزرق يتمثل أيضاً فى السياحة الشاطئية وسياحة الكروز من القاهرة إلى أسوان ورشيد ودمياط فى نهر النيل أو الموانئ، وربطها بالرحلات العالمية، وأيضاً استغلال الساحل الشمالى ومطروح فى فصل الشتاء للأوروبيين، وكذلك سياحة اليخوت والغوص والصيد.

الاقتصاد الأزرق هو تحلية مياه البحر، ويؤسفنى القول إن إسرائيل أصبحت أهم دولة فى ذلك، بفضل اهتمامها بالبحث العلمى، وقريباً سوف تصبح تحلية مياه البحر أرخص من حفر الآبار.

كما يتمثل الاقتصاد الأزرق فى استخراج البترول والغاز من أعماق البحار والمحيطات، وأيضاً إعادة استخدام مياه الصرف الصحى والاستفادة من الأمطار والسيول.

كثير من الخبراء المصريين لديهم رؤى ودراسات حول الاقتصاد الأزرق وحسن استغلال مقوماتنا المائية، وهو اقتصاد يسهم فى حل كل مشكلاتنا، ويُحقق لنا نهضة كبيرة، ويرحم أبناءنا من البطالة ومذلة العمل فى الخارج.

مشكلتنا الأبدية والمزمنة هى الإدارة، وإسناد الأمور إلى غير أهلها، فالممكنون لا يعرفون، والذين يعرفون غير ممكنين، ومصر لا تنقصها الكفاءات، وحتى إذا كانت لدينا ندرة فيها نستوردها من الخارج، ولا عيب فى ذلك، فالشركات الكورية هى التى تدير موانئ بريطانيا العظمى.

حُسن الاختيار يضمن النجاح، والاقتصاد الأزرق هو الأمل.