مصانع «أكتوبر» و«العبور».. «صنع فى مصر» بأيدٍ «سورية»

مصانع «أكتوبر» و«العبور».. «صنع فى مصر» بأيدٍ «سورية»
- أسرة واحدة
- أصحاب أعمال
- أعمال يدوية
- ارتفاع أسعار
- ارتفاع سعر الدولار
- الأوراق الرسمية
- التواصل الاجتماعى
- الجوازات والهجرة
- الحرف اليدوية
- الحمد لله
- أسرة واحدة
- أصحاب أعمال
- أعمال يدوية
- ارتفاع أسعار
- ارتفاع سعر الدولار
- الأوراق الرسمية
- التواصل الاجتماعى
- الجوازات والهجرة
- الحرف اليدوية
- الحمد لله
«الرحلة لم تكن سهلة»، هكذا عبّر السوريون الذين عاشوا فى مصر واستقروا وفتحوا مصانع على أرضها، فمأساتهم يعرفها العالم: «صحوا من نومهم ذات يوم، ولم يجدوا أى شىء كما كان، بلادهم لم تعد كما كانت، الحرب غيرت كل شىء، تركوا عملهم وبيوتهم ومصدر رزقهم الوحيد، وجاءوا محتضنين أطفالهم وما تبقى معهم إلى مصر»، تلك الحلقة (المصانع) ربطتهم بأشقائهم ومواطنيهم، حيث وفروا لهم فرص عمل كما وفروها لمصريين أيضاً.
{long_qoute_1}
وقالوا لـ«الوطن» إنهم فى عامهم الأول فى المشروع الذى قاموا بإنشائه، عادة ما تعرضوا لخسائر كبيرة، بسبب جهلهم بطبيعة السوق المصرية، ولكن بعد فترة قصيرة جداً اندمجوا فى المجتمع وحققوا نجاحاً لم يتوقعوه، ويشعرون بالفخر والسعادة، أنهم أنقذوا رأسمالهم وأسرهم من الضياع أو الاحتياج المادى، ليس هذا وحسب بل أنقذوا عديداً من الأسر الأخرى.
فى المنطقة الصناعية فى أكتوبر، يقع مصنع «دامسى»، مصنع كبير تحيط به حديقة صغيرة ممتلئة بالزهور، كل شىء بالداخل منظم ومرتب، يجلس محمد زهير سيف، صاحب المصنع بابتسامة ودود، فى مكتبه الخاص، الذى يضم عينات ونماذج من كافة الموديلات والملابس التى يقوم المصنع بإنتاجها، يقول: «لما لقينا الخطر فى كل مكان بسوريا، مصر استضافتنا من سنة 2012، ثقافتنا واحدة والناس هنا ودودين، وبدأنا مكتب صغير ثم تحول لمصنع»، وأضاف «زهير» أن صناعة الملابس هى مهنة العائلة التى توارثوها عن أبيهم وجدهم، وبعد اشتداد الأزمات فى سوريا، اضطرت العائلة للإقامة فى مصر، ومن هنا قرروا فتح مشغل صغير، ثم بعد فترة تحول لمصنع كبير، يوضح زهير أن الأمور لم تكن أبداً سهلة كما ظن، قائلاً: «فى الأول خسرنا خسائر مفجعة، واتصدمنا الحقيقة، وبانصح أى واحد يصبر فى مشروعه فى أول سنة أو اتنين، ويراقب الخط البيانى لنجاحه، إذا بدأ يتصاعد تدريجياً يكمل فى مشروعه، وأن السبب فى خسارته، كانت عدم إدراكه الكامل لمتطلبات السوق المصرية، حيث كان هناك اختلاف كبير فى ذوق اللبس بين المصريين والسوريين، كما لم يكون قاعدة بيانات أولية بالموردين الذين سيحصلون على الملابس لبيعها، وكذلك على المناطق الأفضل لشراء المواد الخام والأقمشة بأسعار مناسبة»، مضيفاً: «الحمد لله مع الوقت ومع مساعدة بعض أخوتنا المصريين تفهمنا وضع السوق المصرية وبدأنا نقف على أرجلنا، أما النهارده فعندنا فى المصنع 150 عاملاً ومعظمهم مصريون». {left_qoute_1}
وقال «زهير» إن معظم المصانع فى منطقة أكتوبر تعانى من نقص العمالة، وأصبح أصحاب المصانع يطالبون العمال بالقدوم للعمل، حتى لو بدون خبرة وسنقوم بتدريبهم، موضحاً: «تعالوا واحنا ندربكم، وبتعجب إن الشباب بيقول مش لاقى شغل، والمصانع كلها هنا طالبين عمال».
«الاكتشاف الأكبر من قدومنا للعمل فى مصر هو طبيعة السيدة المصرية، فعلاً تحية كبيرة منا لها، ولم نتوقع أبداً أن تكون بتلك الدرجة، شخصية حمولة تلعب دوراً مضاعفاً فى أسرتها، لرعاية أطفالها والعمل بشكل مستمر»، هذا ما يقوله «زهير»، موضحاً أن معظم العمالة فى المصنع من الفتيات، وهن الأكثر قابلية للعمل والاستمرار فيه، وبعضهن تقوم بتجهيز نفسها، أو بالإنفاق على أسرتها، وهذا ما دفعه لتوفير حضانة خاصة لأبناء العاملات فى المصنع، قائلاً: «لما لقينا الوضع هيك والستات هم من يعملوا ويستمروا فى العمل اضطرينا نفتح حضانة صغيرة، وقلت للعاملات أجرة الحضانة لمدة شهر 200 جنيه للطفل، أنا بتحمل النصف وانتى النصف، والحقيقة العاملات فرحوا بتلك المبادرة».
وأضاف بينما يستند على مقعده، وينظر إلى الشاشات التى توضح كافة صالات العمل داخل المصنع، «المرتب كان لازم يكون عادل، وبعامل المصرى والسورى معاملة واحدة، كل يحصل على مرتبه وفقاً لإنتاجه ولطبيعة عمله، وليس هناك أى تفريق بين شخص والتانى، وأفضل دايماً إننا نكون أسرة واحدة مش علاقة صاحب مصنع وموظفين».
وفى الطابق الثانى فى مصنع دامسى توجد قاعة كبيرة، يرتفع فيها صوت الماكينات، تجلس الفتيات فى صفوف وراء ماكينات الخياطة، تستمر كل منهن فى العمل دون الالتفات حولها، بينما يجلس فى نهاية القاعة على اليمين السيد أبوشادى، مشرف العمال، يتابع سير العمل، ويقف 3 شباب فى أحد أركان الغرفة، يقومون بكى الملابس بعد خياطتها.
وتقول سهيلة محمود، 25 سنة، مصرية، «أول مرة أشتغل فى المجال ده، وفى مصنع زهير، إدانى فرصة أتعلم واشتغل وآخد مرتب»، مضيفة أنها تقوم بعملها فى خياطة وتقفيل الملابس الجاهزة، موضحة أنها عملت فى مصانع أغذية من قبل، ولكنها تركت عملها هناك لقلة العائد: «هنا المعاملة محترمة، وبيدونا مرتبات كويسة، والبنات بتجيب أصحابها تشتغل»، وتضيف سهيلة: «بصراحة اللى بيميز المصانع اللى أصحابها سوريين المعاملة الطيبة، وصاحب المصنع هنا دايماً بينصف العامل، لو قدم أى شكوى، فيه مصانع تانية تقول آهو عامل أفصله، ولا يمشى وخلاص، لا زهير بيحقق بنفسه فى أى شكوى أو مشكلة، وبيقف جنب العامل».
يقول السيد أبوشادى، 50 سنة، سورى، والمشرف على العمال فى الصالة 1 «هنا عندنا عمال كتير الغالبية بنات، هما نفسهم طويل فى الشغل، المصنع معتمد على شيفت واحد فى النهار، بيبدأ من الساعة 9 صباحاً حتى الساعة 5 مساء، وفيه ساعتين إضافيتين لحد الساعة 7، لمن يفضل يحسن دخله»، موضحاً أن معظم العمالة الموجودة فى المصنع مصرية، ويحصل جميع العمال على مرتبات متقاربة بناء على الشريحة، التى تعتمد فقط على جودة العمل والإنتاج.
يقف شاب نحيف أمام الطاولة، ممسكاً بمكواة من البخار، يقول محمود حسن، مصرى، شاب، 30 سنة، «بشتغل فى مجال صناعة الملابس بقالى 5 سنين، وهنا فى المصنع بقالى 6 شهور»، وعن كثرة تنقله بين الوظائف أوضح أن ما يدفعه إلى ذلك بحثه عن مرتب أفضل، مؤكداً أن مرتبات العمال فى المصانع تقل عن ألفين جنيه، بينما يقضى العامل وردية عمل كاملة، وهو نظام سائد ومتعارف عليه فى المنطقة الصناعية بأكتوبر، ويكمل محمود حديثه، «عندى ابنى يوسف عمره 3 سنين، لسه لما يدخل المدرسة مصاريفه هتزيد، وبصراحة السوريين بيعاملوا الناس أحسن معاملة دايماً فيه تشجيع».
فى منطقة السادس من أكتوبر، التى تضم عدداً كبيراً من المناطق الصناعية، يقع مصنع ميس الشام، لصاحبه السورى محمد رمضان فى الحى الأول، وهو مصنع للملابس الجاهزة يضم أكثر من 20 عاملاً، يقف صاحب المصنع، شاب فى الثلاثين من عمره، يراقب حركة العمل، ويتحدث مع العمال، يقول: «جيت مصر من سنة 2013، أى من 4 سنين، كنت فى دمشق فى سوريا جيت أنا وأسرتى الحمد لله، والمصريين ساعدونى إنى أعرف أنتهى من الأوراق الخاصة بيّا وأفتح مشروعى»، وعن الصعوبات التى واجهته أثناء البدء فى عمله، قال «رمضان»: «الصعوبة من إنك تبدأى منين، ولكن اتعاملنا هنا زى ما بيتعامل أهل البلد، وبدون مجاملة والله، أنا ابتديت بشغل القماش فى شارع الأزهر، ثم اتنقلنا لجسر السويس، ثم نقلنا عملنا فى منطقة أكتوبر»، يمر بين الماكينات، بينما يستمر فى حديثه قائلاً: «أنا بدأت بـ5 ماكينات و3 عمال والمشرف عليهم، ولكن تبقى الأزمة الأكبر أن اليد العاملة فى مصر شحيحة، ولا نطلب حتى صنايعى شاطر، احنا بنطلب ناس تتدرب وتشتغل، ولما لقينا المعاملة كويسة بدأنا نتوسع»، ويتوقف «رمضان» عن الحديث قليلاً، بينما يحتضنه طفله الصغير عدى، وهو طفل لم يتجاوز الـ9 سنوات، ويقول «رمضان»، إنه كان محظوظاً حيث تمكن من لم شمل عائلته فى مصر، وحالياً أطفاله يدرسون فى مدارس مصرية وأصبحوا متفوقين، مضيفاً، «الطفل سهل أن يتأقلم مع ما يحيطه من ظروف، وأولادى بيتكلموا مصرى أحسن منى حالياً، وبيتعلموا كويس فى المدارس».
{long_qoute_2}
سيدة أربعينية تجلس منكبة على ماكينة الخياطة، ترفع رأسها قليلاً للحديث، بينما تقوم بضبط حجابها، الذى تلفه حول رأسها بالطريقة السورية، حيث تخبئ معظم جبينها ووجنتيها، تقول هيفاء الكبيشى: «هادى السنة السادسة ليّا فى مصر بعد الثورة مباشرة، جيت أنا وأختى، وشفنا العذاب، قدمنا للحصول على تأمين أو مساعدات، ولكن لم نحصل على أى شىء ولا حتى سلع غذائية، أجرنا (رووف)، فيه غرفتين سعره أرخص من الشقة، ونزلنا نشتغل»، مضيفة أن الحزن لم يفارقها منذ قدومها من وطنها سوريا، لكنها لم تواجه تلك الأزمات بانكسار، وكلما زادت صعوبات الحياة حمدت الله أن أسرتها علمتها مهارات مكنتها من العمل والإنفاق على نفسها، قائلة، «كل البنات فى سوريا أهلهن بيعلموهن الخياطة والطبخ، حيث اضطرت فى يوم من الأيام، وتكون أمان لهن ما يحتجن لحد»، أما عن عملها فى مصنع ميس الشام، تقول «هيفاء» إن صاحب المصنع متفاهم، ويعامل جميع العمال بطريقة طيبة، وهذا ما دفعها للاستمرار فى عملها مده طويلة.
بينما يقف موفق محمد، 18 سنة، شاب نحيف، يجمع بين الجنسيتين المصرية والسورية، حيث ينتمى لأم سورية وأب مصرى، وعاشوا فى سوريا عدة سنوات ثم عادوا إلى مصر، يجلس موفق أمام ماكينته، ويعيد ضبط القماش، يقول موفق: «مش عايز أكمل تعليم، عايز أحترف الشغل ده ويكون ليّا مصنع فى يوم من الأيام»، موضحاً أن الأسرة مرت بظروف صعبة خلال الفترة الماضية، وحالياً جميع أفرادها يعملون فى مصانع ومطاعم فى أكتوبر.
وتقول روحية، سيدة فى الخمسين من عمرها، ترتدى عباءة سوداء وحجاباً، تحكى السيدة المصرية عن حسن المعاملة التى تلقاها من أصحاب المصنع السورى، قائلة: «بصراحة معاملة السوريين هنا محترمة ومش بيتعصبوا علينا، المشرف بيعدى بيقول الله ينور وخلاص، والمرتبات اللى بيقدموها أعلى من المرتبات اللى كنت باخدها فى المصانع المصرية»، وتوضح «روحية» أن العلاقة بينها وبين صاحب المصنع أصبحت علاقة أسرية، حيث أصبحت تطمئن على أحوال أسرته، مضيفة: «لما لقيت الوضع كده جبت بنتى تشتغل معايا هى لسه متجوزة من قريب ومعاها دبلوم، وبيعلموها الشغل على ماكينة الخياطة، الناس غاية فى الاحترام، وبيراعوا ربنا فى تفاصيل الشغل بنتعلم على إيديهم».
أما عن الأوراق الرسمية التى احتاجها للانتهاء من عمله، «أنا جيت من سوريا كل شىء نظامى بكافة أوراقى، أما الأوراق الخاصة بالمشروع فوقفت فى طابور زى أى مصرى وقمت بكافة الأوراق والتراخيص»، وأضاف أنه كان محظوظاً بمساعدة مصريين له، حيث قام بعضهم بالترويج لإنتاجه، وبعد تعاملات طيبة جمعت بينه وبين موردين، جاء الموردون بزبائن آخرين، ولكن تبقى الصعوبة الأكبر فى توفير عمالة كافية فى المصنع، حتى يتمكن من توسيع العمل به، وقال: «الصنايعى المصرى لا ينقصه خبرة ولكنه يرغب فى التقدير والتوجيه السليم»، ويضيف «رمضان» أنه «عند النظر فى مسألة الأجور يجب مراعاة شقين، الجانب المهنى، وهو مدى احترافية ومهارة العامل وخبرته، والجانب الآخر ظروفه الاجتماعية، والحقيقة أن ظروف السوريين الاجتماعية أسوأ بكتير لأنهم بيدفعوا إيجار يتراوح من 1500 جنيه لألفين جنيه مصرى، ولسه فلوس للأكل والمعيشة والتكفل بالأسرة وتوفير فرش للبيت، فالحقيقة وضع السوريين فى مصر يتطلب مساعدة».
وفى المنطقة الصناعية بمدينة العبور، يقف «أسامة الحلبى» فى مصنعه الصغير الخاص بالطباعة، يقول إنه قضى فى تلك المهنة أكثر من 26 سنة، حيث توارثها عن أبيه، الذى حصل علامة سجلية رقم 1 فى حلب فى كل ما يختص بالطباعة، وبينما يشير إلى صورة والده المعلقة على الجدار وهو يتسلم جوائز من الهيئات الصناعية فى سوريا، قال: «دى مهنة العائلة ومنعرفش غيرها».
يقف «الحلبى» أمام ماكينة ضخمة للطباعة، فى مصنع صغير ترتفع فيه درجة الحرارة بسبب عمل الماكينات، يخرج بعض المواد التى قام بطباعتها، ويكمل حديثه بنبرة حزن واضحة: «أولادى فى حلب فى سوريا، الثورة كانت سبب الانفصال بينى وبين زوجتى، أنا فضلت هنا مش قادر أرجع لها وهى فضلت بالولاد هناك مش قادرة تسافر»، يلعن «الحلبى» الحرب التى فرقت بينه وبين أسرته، بينما تلمع عيناه بدموع يكبتها أثناء حديثه، وعن الصعوبات التى واجهته أثناء عمله قال: «الماكينة الخاصة بالطباعة شحنتها من سوريا، وتعتبر الوحيدة من نوعها هنا، هناك ماكينات أكبر وأصغر منها فى الحجم، لأن المقاس ده مميز»، موضحاً أنه جاء إلى مصر فجأة، وفى بداية مشواره ظل يتخبط حيث لم يعرف أماكن شراء الخامات، والوصول لزبائن يقوم بعمل أعمال الطباعة الخاصة بهم، أما الصعوبة الأكبر التى واجهته فهى العمالة المدربة، وأضاف: «اشتغل معايا مصريين مابيكملوش فى الشغل شهر أو اتنين، وبيمشوا من غير سبب، وفيه اللى خرب لى شغل مكلف جداً»، موضحاً أن بعض المصريين الذين عملوا معه فى مصنعه ادعوا معرفتهم بالعمل كى يحصلوا على الوظيفة، يتوقف «الحلبى» قليلاً، ليخرج بعض أوراق الطباعة من الماكينة، ثم يكمل حديثه: «الشهادة تتقال هناك شاب مصرى عمل معى كان رمزاً للشهامة، الشاب كان بيشتغل فى وظيفتين فى مصنع تانى بالنهار ومعايا بالليل، ولكن مقدرش يصمد صحياً واضطر يسيب الشغل»، وقال «الحلبى» إن السوريين الذين يملكون قدراً من المال دائماً ما يعتمدون على أنفسهم ويفتحون مشروعاً خاصاً بهم ويجتهدون، والصعوبات التى تقابلهم هنا لا تختلف كثيراً عن الصعوبات التى تقابل أى مواطن مصرى، قائلاً: «كلنا تأثرنا بارتفاع أسعار الخامات بسبب ارتفاع سعر الدولار»، مضيفاً أما ما يعانيه السوريون على وجه التحديد، فإن معظمهم لديه أزمة فى الانتهاء من أوراق الإقامة، ويعانون أشد المعاناة فى مصلحة الجوازات والهجرة، حيث تجبرهم الدولة على دفع غرامة مالية عن كل 3 شهور إضافية يقضيها السورى فى مصر بعد انتهاء مدة إقامته، ويكمل حديثه: «هناك أصحاب أعمال سوريون يتحملون وحدهم مسئولية العمالة السورية، لأن لديهم عمالاً فترة إقامتهم فى مصر منتهية أو لم يتمكنوا من الانتهاء من أوراقهم الرسمية، بعض أصحاب المصانع يشفقون على حالهم، فيتحملون معهم المسئولية ويقدمون لهم فرصة عمل، والبعض الآخر يرفض أن يضع نفسه فى مأزق قانونى».
وفى مدينة دمياط يقع مصنع الألمونيوم، المملوك لشريكين أحدهما مصرى والآخر سورى، وهو علاء السيد، الذى يقول: «جيت مصر من سنة 2013، وعملنا ورشة فى البداية مشروع صغير، أما من سنة ونص فتحنا المصنع»، مضيفاً أنه كان يعيش فى مدينة الكسوة بريف دمشق، حيث كان يمتلك هناك ورشة للألوميتال، وبعد الحرب اضطر للرحيل عن بلده، فنزل مصر وبعدها بأسبوعين تمكن من نقل زوجته وأولاده إلى مصر، قائلاً: «فى الأول نزلت مدينة الشيخ زايد عند واحد معرفة، العيشة كانت صعبة جداً لأن مستوى المعيشة هناك مرتفع، وكنت بروح مواصلات لحد إمبابة أشتغل هناك فى ورشة وأرجع تانى للشيخ زايد»، وأنه استمر فى ذلك الحال عدة أشهر، وكان يلتزم التزاماً تاماً بعمله، حيث لم يغب أو يتأخر يوماً واحداً عن ورشته لأنه فى أمس الحاجة للعمل، يقول علاء: «تواصلت مع خالى وهو مقيم فى مدينة دمياط، هناك وجدت الوضع مناسباً لى أكثر، الأسعار رخيصة، واعتمدت على صديق مصرى هناك قام بكافة الأوراق، وساعدنى أقف على رجلى، وفتحنا المصنع مشاركة بيننا، والحقيقة كان دوره مهماً لأنى كنت خايف أخسر كل الفلوس اللى أملكها لكن هو ساندنى ووقف جنبى»، مضيفاً أن العمالة الموجودة فى مصنعه حالياً فى دمياط معظمها من السوريين، حيث أراد أن يساهم فى مساعدتهم فى ظروفهم الصعبة، والبقية مصريون، وبعد الاستمرار فى العمل نجح مصنعه وتمكنا من فتح معرض خاص بهما».
بينما يقول عبدالله الأكتع، محام، وأدمن ملتقى المصانع السورية فى مصر، إنه جاء إلى مصر منذ 4 سنوات، بصحبة زوجته وأولاده، ولاحظ ما يعانيه الشباب السوريون من بحثهم المستمر عن عمل وظروفهم الاقتصادية الصعبة، ومن هنا جاءت له فكرة تأسيس صفحة على «فيس بوك» تكون حلقة وصل بين الشباب وأصحاب الحرف والمصانع، وأطلق عليها، «ملتقى المصانع السورية فى مصر»، يضيف عبدالله، «أسستها من 4 شهور فقط، وتفاجأت من رد الفعل الإيجابى عنها، اليوم هى تضم أكثر من 500 مصنع فى مناطق مختلفة فى مصر، و26 ألف عضو، كما ساهمت فى توفير 1000 فرصة عمل لشباب سوريين ومصريين على حد سواء، ويضيف عبدالله قائلاً «من طموحى أن يتحول الملتقى من مجرد كيان على صفحات التواصل الاجتماعى إلى جمعية مشهرة من قبل وزارة التضامن المصرية، حتى نتمكن من مساعدة مزيد من الشباب على إيجاد فرص عمل، وأيضاً للترويج لمنتجات المصانع، والحقيقة أن أكثر ما يميز الملتقى هو التنوع، حيث يضم كافة أصحاب الحرف اليدوية والمصانع، والمطاعم ومن ويقومون بأعمال يدوية وطبخ فى البيوت، ومن هنا يساهم فى الترويج لمنتجاتهم أيضاً».