وزير التنمية المحلية الأسبق: سياسة «التكويش» التى تسعى إليها كل وزارة سبب تأخر قانون «الإدارة المحلية»

كتب: الوطن

وزير التنمية المحلية الأسبق: سياسة «التكويش» التى تسعى إليها كل وزارة سبب تأخر قانون «الإدارة المحلية»

وزير التنمية المحلية الأسبق: سياسة «التكويش» التى تسعى إليها كل وزارة سبب تأخر قانون «الإدارة المحلية»

كشف اللواء أحمد زكى عابدين، وزير التنمية المحلية الأسبق، عن أن الأسباب الحقيقية وراء تأخر صدور قانون الإدارة المحلية، وعدم خروجه إلى النور هو الصراع بين الوزارات والجهات الحكومية، والنزاعات حول الاختصاصات، وفرض السيطرة على الأراضى، وكأن كل جهة تريد أن «تُكوِّش» على اختصاصات الأخرى.

وحذر «عابدين» فى حواره مع «الوطن» من استمرار غل يد المحافظين، وتقليص صلاحياتهم فى محافظاتهم، لافتاً إلى أن انهيار الإدارة المحلية يبدأ بانتزاع سلطات المحافظين، وجعلهم مجرد أداة للتنفيذ فقط دون إصدار قرارات ووضع الخطط لمحافظاتهم.

{long_qoute_1}

وأشار إلى أن تأخر انتخابات المحليات يرجع إلى تأخر إصدار قانون الإدارة المحلية، الذى من شأنه وضع الضوابط والقواعد التى تسير عليها الانتخابات. مؤكداً أن الحكومة حالياً يسيطر عليها صغار موظفى الدولة، فى ظل خوف الوزراء والمحافظين والقيادات الكبرى من التعرض للمحاكمات والحبس، كما حدث مع أسلافهم عقب ثورة 25 يناير.. وإلى نص الحوار:

■ فى تقديرك ما سبب تأخر إصدار قانون الإدارة المحلية حتى الآن؟

- ليس قانون الإدارة المحلية الذى لم يظهر إلى النور، فهناك قوانين أخرى لها نفس أهمية الإدارة المحلية، منها قانون الاستثمار الجديد، ومشروع قانون الرياضة، وهناك الجمعيات الأهلية، والأحوال الشخصية، وتأخر إصدار تلك المشاريع له اعتبارات كثيرة ومتعددة، منها اختلاف الرؤى ووجهات النظر، إلا أن العامل الرئيسى فى اعتقادى هو تنازع السلطات، والتضارب فى الاختصاصات بين الكثير منها.

■ وما الداعى لتنازع السلطات والاختصاصات بين هذه الجهات؟

- للأسف الشديد كل جهة تتعامل وكأنها فى جزيرة منعزلة عن الأخرى، وبالمعنى الصريح الواضح كل جهة «عايزة تكوِّش» على سلطاتها وسلطات الآخرين، فعلى سبيل المثال، فإن الخلافات بين وزارات الأوقاف والسياحة والاستثمار وراء تأخر قانون الاستثمار.

{long_qoute_2}

■ وهل لتأخر صدور تلك القوانين بما فيها الإدارة المحلية تأثير سلبى على المجتمع ومصالح المواطنين؟

- بالتأكيد، لأن هذه القوانين هى التى تنظم العلاقات بين الجهات، وتحسم الجدل حول نقاط الخلافات بينها.

■ تحديداً فيما يخص الإدارة المحلية، ما أسباب تأخر صدوره؟

- الإدارة المحلية موضوع فى غاية التعقيد، لأن أزمته تتمثل فى تطبيق اللامركزية، وتوسيع سلطات المحافظين وهذا الأمر لا يروق لكثيرين ممن يتولون فى كل مرة الإشراف على وضع هذا القانون وإعداده.

■ من هؤلاء وما مصلحتهم فى تأخير إصدار القانون؟

- لا أستطيع أن أذكرهم لك كأشخاص، ولكن دعنى أؤكد أن كل مسئول يريد أن «يكوّش» على السلطة، والسلطات المركزية المتمثلة فى الوزارات يتمسكون فى كل حكومة بأن تكون الكلمة كلمتهم فى أمور المحافظات والقرارات الداخلية، دون أى اعتبار للمحافظين، مع أنهم الأصل والأساس فى منظومة الإدارة المحلية.

■ هل تأخر صدور قانون الإدارة المحلية هو السبب الرئيسى فى تأجيل انتخابات المحليات؟

- بالطبع، لأن هذا القانون يضع الخطوط العريضة للانتخابات وضوابطها، وهو المعنى بتقسيم الدوائر الانتخابية، ودونه لن تستطيع الدولة أن تجرى انتخابات المحليات. {left_qoute_1}

■ قضيت فترة فى منصب وزير التنمية المحلية خلال حكم الإخوان كيف كان حال المحافظين؟ هل كانوا أصحاب قرار أم منزوعى السلطة؟

- الفترة التى قضيتها وزيراً للإدارة المحلية، حاولت فيها بكل جهد أن أكرس لمبدأ اللامركزية، وإعطاء صلاحيات للمحافظين تسمح لكل منهم أن يكون رئيس جمهورية فى محافظته، وكان لدىّ أمل أن أجعل منصب المحافظ بالانتخاب وليس بالتعيين، على أن يُنتخب كل محافظ من بين أبناء محافظته ومسقط رأسه، لأن أهل مكة أدرى بشعابها، وما دام المحافظ جاء عن طريق اختيار أبناء وأهل المحافظة فإن ذلك الاختيار سيصب فى مصلحة كل الأطراف، فعلى سبيل المثال لن نجد المشاكل الموجودة حالياً بين المحافظين والأهالى، ولن نجد محافظاً لا يعرف شيئاً عن المشاكل الحقيقية للمحافظة، فبحكم أنه واحد من أبنائها سيعرف كل صغيرة وكبيرة عنها، وسيضع يده على كل السلبيات، وفى ظل توسيع صلاحياته، سيكون صاحب القرار اللازم لإحداث طفرة وتغيير حقيقى، وتحقيق الإصلاح والتنمية والتطوير المنشود.

■ من وجهة نظرك هل الفساد ما زال متغلغلاً فى المحليات؟

- وسيكون أسوأ، إذا لم يتم تأسيس منظومة إدارة محلية قوية، تؤمن باللامركزية، وتمنح سلطات أعلى وأجدر باسم مكانة المحافظين.

■ ولكن ربما يستغل المحافظون إطلاق أيديهم بالشكل الذى يزيد حجم الفساد؟

- لا يستطيع المحافظ، لأنه فى هذه الحالة ستكون هناك مجالس شعبية محلية منتخبة قوية تحاسبه وتراقبه، إضافة إلى أن الوزارات المركزية لن يكون دورها سلبياً، وسيحاول المحافظ إثبات وجوده، وإثبات أنه كان الأحق بالولاية فى محافظته من هذه الوزارات المركزية، وسيكون حريصاً على ألا يقع فى أى تجاوزات أو مخالفات، وهذا بخلاف دور الأجهزة الرقابية الذى بدأ يعلو ويلوح فى الأفق، خصوصاً الرقابة الإدارية التى بدأت تضرب بيد من حديد، كل من يتجاوز أو يخالف.

■ هل الحكومة تؤدى دورها كما ينبغى تجاه المواطن؟

- للأسف الشديد اهتمام الحكومة بالمواطن ليس له شكل أو لون أو رائحة، وهناك سبب رئيسى وراء كل هذا التقصير من الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 25 يناير، وهو عدم الثقة فى النفس، والأيدى المرتعشة التى تخشى أن تتخذ قراراً، خشية الإحالة للتحقيق والمحاكمات التى انتشرت بشكل يدعو للقلق بعد ثورة يناير، لذلك لم نجد لأى من هذه الحكومات المتعاقبة خطة واضحة تنفذها، أو أداء نستطيع أن نقول عنه إنه محترم، وكان الأجدر بكل حكومة أن تلتزم بخطط زمنية تنفذ فيها برامجها واستراتيجياتها.

■ وما السبب فى ذلك؟

- إرهاب المسئولين، ورعبهم المستمر من الاتهامات عند اتخاذ قرار لا يعجب بعض أصحاب النفوذ، حتى أصبحت لديهم فوبيا «الحبس» والتشهير بهم فى وسائل الإعلام، ولجأ كثير من المسئولين سواء وزراء أو محافظين أو رؤساء هيئات للتخلى عن مسئولياتهم وإسناد الأمور كلها لصغار الموظفين، الذين أصبحوا يحكمون الدولة ويتحكمون فى مصير المجتمع.

■ وما أثر ذلك؟

- أثره الفوضى والارتباك العام والتردد فى اتخاذ القرارات، لأن من يملك التوقيع على اتخاذ القرار فى كل الجهات يخشى الحبس، فيوكل من ينوب عنه من صغار الموظفين، للتوقيع بدلاً منه حتى يكون كبش فداء، وقت وقوع المصيبة والكارثة.


مواضيع متعلقة