قائد «سرية الاقتحام»: «الموقع» كان مزوداً بأسلاك شائكة تنذر العدو بـ«رائحة الجسم البشرى».. ودمرنا قوات تأمينه فى «ربع ساعة»

كتب: محمد مجدى

قائد «سرية الاقتحام»: «الموقع» كان مزوداً بأسلاك شائكة تنذر العدو بـ«رائحة الجسم البشرى».. ودمرنا قوات تأمينه فى «ربع ساعة»

قائد «سرية الاقتحام»: «الموقع» كان مزوداً بأسلاك شائكة تنذر العدو بـ«رائحة الجسم البشرى».. ودمرنا قوات تأمينه فى «ربع ساعة»

كشف اللواء أركان حرب متقاعد طلبة رضوان، قائد سرية اقتحام مركز إدارة عمليات القطاع الأوسط للجيش الإسرائيلى بحرب أكتوبر، الذى كان يقوده «شارون»، تفاصيل عملية الهجوم، وتحرير تلك النقطة من أرض سيناء، مضيفاً فى شرحه لعملية الهجوم لـ«الوطن» وعدد من الشباب الذين كان يزورون الموقع، أن الإعداد لتلك المعركة استغرق 6 سنوات كاملة، أضاف رضوان أنه كانت هناك 3 نقاط قوية أمام موقع مركز العمليات، أولاها كانت بموقع المعدية نمرة 6 الحالية، وأخرى مكان النصب التذكارى لشهداء الجيش الثانى الميدانى، وكانت تسمى نقطة لسان التمساح، بالإضافة لمواقع أخرى كان يقودها «المركز»، ولفت «قائد سرية الاقتحام» إلى أنه جرى ملاحظة تدريبات وسيناريوهات تعامل الجيش الإسرائيلى مع الأوضاع وقتها، ورصد خطط دفاعه عن المواقع المواجهة للجبهة، موضحاً أن الملاحظة الدؤوب أسفرت عن ملاحظة تغيير القوات الإسرائيلية العاملة المواجهة للإسماعيلية فى شهر يناير إلى قوات «نحال»، وهى «قوات درجة تانية» على حد قوله، وأوضح أن هذا التغيير جاء نظراً لعدم قدرتهم على الاحتفاظ بقوات عاملة لفترة كبيرة، فى حين احتفظوا بالقوات العاملة والمدربة على أعلى كفاءة ممكنة فى «الاحتياطات» التابعة لهم، والموجودة على بعد من النقاط القوية، ولفت إلى أن نظام العدو الدفاعى كان يعتمد على ساتر ترابى مرتفع، ثم خط قتال رقم 2 للعدو، وهو على مسافة من 1600 متر إلى 2 كيلومتر من قناة السويس، ثم مراكز إدارة عمليات، ثم احتياطات على بعد 10 كيلومترات من قناة السويس، مكونة من سرايا دبابات منتشرة بمواقع عدة، ثم من 35 إلى 40 كيلومتراً من القناة تجد كتائب دبابات، وبعد نحو 60 كيلومتراً تجد ألوية دبابات كاملة.

{long_qoute_1}

وأشار إلى أن خطة العدو كانت تقوم على التقدم للنقاط القوية فور ملاحظة تحرك قواتنا، ليتعامل مع عابرى القناة، ولو فشل فى ذلك؛ فإنه جهز وقتها «مرابض دبابات» على خط القتال رقم 2 لاندفاع سرايا الدبابات لها لإيقاف عمليات التقدم لقواتنا، وذلك لو «حس بنية الهجوم»، مضيفاً: «مجرد نية مش تحرك»، موضحاً أن ذلك يسمى فى العلوم العسكرية بـ«ضربة إحباط للهجوم»، وهو ما فشل فيه الجانب الإسرائيلى نتيجة التخطيط الجيد للقيادة المصرية، وتابع: «ورغم كل ذلك نجحنا رغم أن السلاح كان بيبقى طازة من المصنع ليهم، وإحنا بنحارب ببقايا أسلحة الحرب العالمية التانية»، وأشار إلى أن النقاط الحصينة أو القوية لم تكن تشغل بال القيادة المصرية، حيث إن كل نقطة كان يوجد فيها من 70 إلى 100 فرد، وأن القيادة العسكرية خصصت لكل نقطة قوية كتيبة مشاة يصل تعدادها لـ1500 مقاتل، بمعنى أن كل عسكرى إسرائيلى كان مخصصاً لمهاجمته 15 فرداً، ولفت إلى أن تلك القوات كانت مزودة بتجهيزات خاصة لمواجهة التحصينات الموجودة بنطاق تلك «النقاط القوية»، وأوضح «رضوان» أن الجانب الإسرائيلى كان يعتمد فى احتياطاته على «المدرعات»، مضيفاً: «إسرائيل سلاح الحسم بتاعها المدرعات، ومعروف عالمياً أنهم محترفون قتال دبابات»، وأشار إلى أن الوقت الذى كان يستغرقه الجانب الإسرائيلى للوصول للتعامل مع القوات أثناء العبور كان من 35 إلى 40 دقيقة من «ساعة س»، وهى الوقت من بدء إنذاره حتى يصل لخط القتال رقم 2، وواصل: «القيادات المحترمة لما اتحطت قدامها خطة العدو، وحسبت الأمور، قالوا مش هنستنى احتياطى العدو يتحرك لمقاتلة قواتنا، ولكن هنبعتله ناس تهاجمه فى مكانه قبل عملية العبور الرئيسية لقواتنا المسلحة»، مشيراً إلى أن سريته كانت إحدى تلك القوات.

وأشار إلى أن تلك الوحدات كانت تُنتقى بشكل خاص للغاية، وأنها كانت تسلح بسلاح خفيف ولكنه مؤثر، لأنهم أفراد مشاة سيتعاملون مع مدرعات، مستطرداً: «وكانت تلك هى المرة الأولى فى تاريخ الحروب التى يستخدم فيها نظام (المفارز المتقدمة) لأفراد مشاة مترجلين عشان يهاجموا مدرعات.. دى محصلتش قبل كده، والعسكرى المصرى عملها وقتها»، وأشار «رضوان» إلى أنهم تحركوا ونفذوا مهمة الاستيلاء على «تبة السبعات» قبل الوصول إلى موقع «تبة الشجرة»، وهو الاسم المعروف به مركز إدارة عمليات الجيش الإسرائيلى فى قطاعه الأوسط، مشيراً إلى أن هذا الموقع كان يوجد به احتياطى مكون من سرية دبابات، بنسبة استكمال 70%، بالإضافة لفصيلة مشاة ميكانيكية، قائلاً: «سرية الدبابات الكاملة لدى العدو 14 دبابة، بمعنى أن عدد الدبابات الذى كان موجوداً 8 دبابات»، وقال قائد سرية الهجوم على مركز إدارة العمليات الإسرائيلى للقطاع الأوسط من خط بارليف، إن العدو الإسرائيلى معروف أنه لو فقد 10% فقط من قوته فإنه ينسحب، ولا يستطيع استكمال القتال، مردفاً: «المعدة والسلاح بالنسبة لهم مش مشكلة.. هتيجى زى ماهما عايزين، لكن مشكلتهم كانت الفرد»، ولفت «رضوان» إلى أنه كان يلزمهم قتل 4 فقط من أطقم الدبابات الثمانى، والمقدرين بـ32 فرداً، إلا أنهم استطاعوا قتلهم جميعهم، وأشار قائد سرية الهجوم إلى أن سريته كانت مكونة من 160 فرداً، بواقع 6 ضباط، و154 جندياً، وأنهم نجحوا فى مهمتهم بمقابلة احتياطى العدو قبل تحركه، مضيفاً: «الـ8 دبابات كانوا مولعين فى ربع ساعة بس»، وأوضح «رضوان» أن الأمر احتاج لمجهود وتدريب شاق للغاية للوصول لتلك النتيجة، مضيفاً: «الدبابة وقت الهجوم بتعتمد على فكرة الصدمة، عشان الفرد اللى فى مواجهتها لا يستطيع التصرف أو التفكير»، مستطرداً: «تخيل جبل حديد قدامك جاى يهجم عليك.. هتعمل إيه؟!»، وتابع: «ولكننا بالإيمان، والإصرار، والعمل نجحنا فى جعل الفرد المقاتل المشاة يقتنص دبابة».

{long_qoute_2}

وعن طريقة استقبالهم للقوات، قال: «من المعروف أن الدبابة تتحدث بشخصية قائدها؛ فمن رؤية حركة الدبابة تستطيع أن تقول عن قائدها متهور أم خائف أم ماذا، ولكن فى وقت الهجوم كانوا جايين تايهين، وكل واحد بيعزم على التانى عشان يهجم، وماكانش فيهم إرادة أو تصميم، فى وقت كان عساكرنا فيه أسود مابيخافوش غير من اللى خلقهم، وعايزين يحرروا أرضهم»، ولفت إلى أنهم نجحوا فى قتل 14 جندياً إسرائيلىاً فى ثانى يوم لوجودهم بالموقع بعد الاستيلاء عليه، مضيفاً: «وبكده عرينا النقطة من القوة اللى بتحميها».

وعن كيفية دخولهم دون ملاحظتهم، قال إنهم عبروا قناة السويس قبل توقيت الهجوم الرئيسى بـ40 دقيقة، بعد أن اختارت القيادة العسكرية نقطة عبور بين النقاط القوية لتلك المنطقة حتى لا يتم اكتشافهم، وفى ذات التوقيت صدرت الأوامر لسرية برمائية لتعبر من بحيرة التمساح، مما سبب القلق للعدو، فوجه النيران واهتمامه لها، مستطرداً: «وأكلوا الطعم»، وأشار إلى أن «السرية البرمائية» لم تخرج من المياه حتى خرجت فصيلته، ثم واصلت العبور للقيام بالمهام الموكلة إليها هى أيضاً، وتابع: «بعد ما عبرنا.. كان عندى عسكرى اسمه رجب محمد مصطفى، انفصل عنا وجرى لمسافة 100 متر، ثم وجدته يخرج حزمة أسلاك من تحت الأرض لأجده بيقطع فيها، ثم اكتشفنا بعد ذلك أن تلك الأسلاك الخاصة بالاتصالات السلكية بين القيادة والنقاط القوية»، مضيفاً: «وتلك الخطوة أعمت النقاط القوية، ومركز قيادة إدارة العمليات التابعة له»، ولفت إلى أنه بعد القضاء على احتياطات العدو من الدبابات، اتجهت قواته للهجوم على النقطة القوية، موضحاً أنه شاهد الرعب فى قلوب الإسرائيليين وقتها، ليهربوا، مضيفاً: «مجرد ما يحسوا إن فيه ناس جت فى ضهرهم فجأة بيتدمروا من قبل ما نقاتل أصلاً»، وأشار «رضوان» إلى أن القوات التى أوكلت إليها القيادة العسكرية اختراق النقطة القوية الواحدة، كانت مزودة بتسليح خاص لمواجهة تحصينات تلك النقاط، وأوضح أن النقطة الواحدة كانت بارتفاع 3 أدوار تحت الأرض، وأنه تم إجراء حصر لإمكانياتها، فوجدت نحو 24 مزغل نيران، و26 مكاناً للأفراد، و3 مرابض هاون، وشبكة طرق داخلية تربط النقاط القوية ببعضها البعض، بالإضافة لتكديس إدارى من حيث تعيينات وسلاح تكفى القتال لمدة شهر، وأوضح أن كل نقطة كانت محاطة بحقل ألغام بعرض 200 متر، وهو ما جرى استخدام تجهيزات معينة لفتح ثغرات فيه لعبور القوات، وبعده تجد حقل ألغام مكوناً من 48 مانعاً لأسلاك شائكة، موضحاً أن الأسلاك الشائكة كانت مجهزة بوسائل إنذار بدءاً من الإنذار البدائى، وحتى أجهزة الإنذار التى تعمل برائحة الجسم البشرى، ولفت إلى أن خط بارليف، كان محصناً بطريقة لم يعرفها بشر من قبل، إلا أن القوات المسلحة المصرية نجحت فى كسره، وأشار إلى أنه كانت هناك كتيبة دبابات على مسافة 40 كيلومتراً منهم، وأنها كانت 40 دبابة، موضحاً أنه جرى استنزافها حتى أصبحت 16 دبابة فقط، ليسحبوها، ويبدأوا القصف بالمدفعية، ووسائل أخرى.

{long_qoute_3}

وفى مقابل تلك البطولات التى أجرتها السرية، قال إن الخسائر فيها كانت فردين فقط حتى يوم 9 أكتوبر، أحدهما كان ضابطاً، بالإضافة لخسارة مدفع مضاد للدبابات واحد، وجرى استعواضه، ولفت إلى أنه بدخول النقطة القوية وجدوا بداخلها «حاجات ماكانتش فى مصر وقتها»، مثل النسكافيه، مضيفاً: «كان عندهم كل حاجة ممكن تتخيلها فى النقاط القوية الخاصة بهم»، واختتم «رضوان» حديثه موجهاً الشكر لأهالى سيناء، قائلاً: «دورهم وطنى، وتعاونوا معنا، وجعلوا العدو كتاباً مفتوحاً أمامنا».


مواضيع متعلقة