الأراضى الزراعية: «وعود» حفر الآبار التعويضية.. «شو إعلامى»

كتب: شيماء عادل

الأراضى الزراعية: «وعود» حفر الآبار التعويضية.. «شو إعلامى»

الأراضى الزراعية: «وعود» حفر الآبار التعويضية.. «شو إعلامى»

يقف وسط أرضه المزروعة بأشجار النخيل، يفكر فى تجديد الأشجار واستبدال أخرى جديدة بها، خصوصاً أن الشجر القديم قضى من العمر أرذله، إلا أن خوفه من إصابة النخيل الجديد بمرض «سوسة النخيل» وقف حائلاً أمامه حتى إن استطاع التغلب على المرض، فكيف سيواجه مشكلة نقص المياه فى الواحة؟

محمد مبارك، أحد أهالى واحة الفرافرة، يعانى هو وعدد كبير من مزارعى الواحة من نقص مياه الزراعة، خصوصاً بعد جفاف أغلب العيون الرومانية التى كان تعتمد عليها قرى الواحة فى رى أراضيهم، ورغم تقديم الأهالى عدداً من الشكاوى إلى مسئولى وزارة الرى وحصولهم على وعود بحفر العشرات من آبار المياه الجوفية لحل مشكلة المياه والرى قُبيل زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى المنطقة، إلا أن هذه الوعود راحت أدراج الرياح بعد زيارة الرئيس.

{long_qoute_1}

«الوطن» زارت عدداً من الأراضى التى جفّت، ولم يتمكن الأهالى من زراعتها، نتيجة نقص المياه، فضلاً عن النخيل الذى أصابه السوس وعجز المزارعين عن إيجاد حلول له، رغم حصولهم على المبيد الخاص بمواجهة السوسة من وزارة الزراعة.

يقول «مبارك» إن المزارع أصبح يواجه الكثير من المشكلات فى الفترة الأخيرة، ولا يجد من يدعمه ويساعده فى حل مشكلاته، خصوصاً فى ما يتعلق بمشكلة الرى وجفاف عدد كبير من العيون الرومانية التى يعتمد عليها أهالى الواحة منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر، حيث إن هذه العيون كانت تعمل بالتدفّق الذاتى، دون الحاجة إلى استخدام ماكينات لرفع المياه.

يضيف «مبارك» أن أزمة المياه انتشرت بعد كمية الآبار الجوفية التى تم حفرها فى مشروع المليون ونصف المليون فدان فى منطقة سهل بركة، حيث إن آبار المشروع سحبت المياه من العيون الرومانية، مما اضطر الأهالى إلى اللجوء لاستخدام ماكينات الرفع وتقليل حصتهم الزمنية فى الرى، ووصولها إلى أربع ساعات من إجمالى 12 ساعة، حتى يتمكن الجميع من رى أراضيهم، مشيراً إلى أن هذا الأمر انعكس على المساحة المزروعة، التى تقلصت بنسبة 30% عن العام الماضى.

وتابع «مبارك» أنه تقدّم والأهالى بعدد من الشكاوى إلى مديرية الرى قبل زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، لإيجاد حل لأزمة نقص المياه، وحصلوا على وعود بحفر عدد من الآبار، لتغطية نقص المياه، لكن بعد الزيارة لم يتحقّق أىٌّ من تلك الوعود، واكتفوا بوضع «ماكينة رفع» على العيون القديمة، حتى إنهم وعدونا بحفر بئر على عمق كبير، حتى يتمكنوا من سحب المياه، وحتى هذه اللحظة لم يتم حفر البئر، وكل ما فعلوه هو حفر الحوض الخاص بها، والاكتفاء بوضع الماكينة على العين الرومانية القديمة، التى تُغذّى 5 مناطق كاملة.

وعن مدى فاعلية استخدام ماكينات الرفع وحل أزمة المياه، أوضح «مبارك» أن الماكينات لم تحل المشكلة، خصوصاً أنها حمّلت المزارع، عبأً مادياً بعدما رفعت مديرية الرى يديها عن دعم الوقود وصيانة ماكينات الرفع، فالمزارع يتكلف قرابة الـ400 جنيه لشراء الوقود كل عشرة أيام، بالإضافة إلى صيانة الماكينة نفسها، مشيراً إلى أن المشكلة التى تواجههم كل فترة هى حدوث عطل فى الماكينة، مما يضطرهم إلى توقف الرى لأيام، مما أثر على حصيلة المنتجات.

انخفاض حصيلة المنتجات الزراعية، شعر به «مبارك» فى إنتاجية البلح، خصوصاً أنه يمتلك محلاً تجارياً صغيراً يقوم من خلاله ببيع التمور وزيت الزيتون وغيرهما من المنتجات التى تشتهر بها الواحة، قائلاً: «زيارة الرئيس الأولى إلى منطقة سهل بركة بالفرافرة حملت معها الخير، حيث زاد الطلب على شراء منتجات الواحة وارتفع سعر كيلو البلح إلى الضعف، لكن هذا الأمر لم يستمر طويلاً، حيث انتهى بانتهاء زيارة الرئيس الثانية ورجوع العمالة إلى بلادها».

من بين المشكلات التى يواجها «مبارك» هو وغيره من منتجى التمور فى الواحة هى عدم قدرتهم على إنشاء مصانع لتعبئة وتجهيز التمور على عكس المصانع المنتشرة فى مدينتى الداخلة والخارجة، بحجة أنهم لا يمتلكون المقومات اللازمة لإنشاء مصنع، لافتاً إلى أن التمور التى تعتمد عليها مصانع مدينتى الداخلة والخارجة، تأتى من مركز الفرافرة، وهو ما يراه «مبارك» تعنّتاً ضد أهالى الفرافرة.

عدم الاهتمام بالواحة أمر أصبح ملحوظاً عند سكانها، وهو الأمر الذى أكده الحاج محمد على، الذى قضى عقود عمره الخمسة فى الزراعة، شهد خلالها على تعامل الدولة مع واحته التى تبعد عن القاهرة قرابة الـ550 كيلومتراً، بداية من عهد الرئيس عبدالناصر الذى أعطى أوامره بتشييد محافظة جديدة تُسمى الوادى الجديد وتقع واحة الفرافرة ضمن حدودها حتى عهد الرئيس السيسى، الذى يراه الحاج على، أكثر رئيس اهتم بالواحة وأهلها من خلال اختياره منطقة الفرافرة، لبدء مشروعه القومى «المليون ونصف المليون فدان».

اهتمام الرئيس السيسى بالواحة جعل الحاج على وغيره من المزارعين يسارعون لعرض مشكلة نقص الخدمات بالواحة على المسئولين قبل زيارته، لعلهم يجدون آذاناً مصغية، ووفقاً لرؤية «على»، فإنهم حصلوا على وعود بحل المشكلة تتمثل فى حفر المزيد من الآبار، لكن تلك الوعود تبخّرت، حسب تعبيره، لتظل المشكلة قائمة، وهو ما جعله يتعجّب من عدم اهتمام محافظ الوادى الجديد بالواحة ومشكلاتها رغم أن إنتاج الواحة من محصول القمح يُشكل 70% من إنتاج المحافظة، ورغم ذلك تكون الأولوية فى حفر الآبار وماكينات الرفع لمدينتى الداخلة والخارجة.

يقول الرجل الستينى إنه عندما تحدّث هو والأهالى مع المحافظ السابق بشأن مشكلاتهم، أخبرهم بأنهم حصلوا على نصيب الأسد، ويكفيهم مشروعات تجديد الطرق ومشروع المليون ونصف المليون فدان، لافتاً إلى أن الاستفادة الوحيدة التى عادت عليهم من المشروع هى زيادة الطلب على منتجات الواحة من قِبَل العمالة الوافدة، التى خفّت، وربما تكون تلاشت بعد الانتهاء من تجهيزات المشروع.

يضيف الرجل أنه لا يريد شيئاً من الدولة سوى حل مشكلة المياه، خصوصاً بعد نضوب أغلب العيون الرومانية التى كانت تعتمد عليها الواحة فى الرى، موضحاً أن العين الرومانية التى يعتمدون عليها فى الرى أصبحت لا تعمل سوى بماكينة الرفع، فضلاً عن أن هذه العين تُغذى 5 مناطق، حيث تم تقسيمها إلى «مجارى مائية»، كل مجرى يغذى منطقة على حدة، وهى مناطق الدومرية والموضامية وبترس وسنبلة وجالو، وهو الأمر الذى أثّر على حصة الأرض المزروعة، لافتاً إلى أنهم تلقوا وعوداً كثيرة بحفر المزيد من الآبار قبل زيارة الرئيس السيسى، مردداً: «بعد الزيارة كل حاجة نامت ورجعت زى الأول».

لم تكن مشكلة نقص المياه وحدها هى التى أثارت حفيظة الحاج محمد، وإنما أيضاً مشكلة رفع الدعم عن المزارعين، التى تمثّلت فى ارتفاع أسعار مبيدات مكافحة سوس النخيل، حيث ارتفع سعر اللتر من 95 إلى 165 جنيهاً، وهو ما يراه محمد عبأً كبيراً على المزارع، مردداً: «الفلاح بقى هو اللى يشيل كل حاجة، الأول كانت الرى هى اللى بتجيب لنا الجاز اللى بيشغل المكن، وتعمل للمكن صيانة بشكل دورى، لكن للأسف الفلاح هو اللى بقى يعمل كل حاجة وبيضطر يدفع فلوس علشان زرعته تبقى تمام، حتى مبيد مكافحة سوس النخل اللى سعره وصل للضعف بنشتريه ونستخدمه، وللأسف مالوش فاعلية خالص، وماعالجش مشكلة السوس لحد دلوقتى».


مواضيع متعلقة