الأبنودى.. «كإنه ما غاب»

الأبنودى.. «كإنه ما غاب»
- بالتمام والكمال
- حب الناس
- حراجى القط
- طمى النيل
- فى كل مكان
- متونسة بحس مين
- مصر المحروسة
- هذا اليوم
- أبناء
- أبنود
- بالتمام والكمال
- حب الناس
- حراجى القط
- طمى النيل
- فى كل مكان
- متونسة بحس مين
- مصر المحروسة
- هذا اليوم
- أبناء
- أبنود
«إذا جاك الموت يا وليدى، موت على طول. اللى اتخطفوا فضلوا صاحيين فى القلب كإن محدش غاب».. استجاب «عبدالرحمن» لنصيحة عمته «يامنة» قبل هذا اليوم بسنتين، «مات على طول»، ومضى على خبر الخال 24 شهراً بالتمام والكمال «ولسه صاحى فى القلب». صدقت «يامنة»، العمة العجوز، وعاش «الأبنودى» من بعد موته «كإنه ما غاب»، فى كل بيت شعر عامى صوته، وفى كل حكاية مُعادة من «سيرة الهلالى» نَفسه، وفى كل عزاء لشهيد مات ماسكاً سلاحه معنى من معانٍ كتبها، وفى كل غيط من غيطان «مصر الخضرا» صورته مرسومة. يقولون إن الفن سر الخلود، هو الشعر يبقى شاعره حتى لو مات، لكن لـ«الأبنودى» خصوصيته بين الشعراء والفنانين، خصوصية فتحت له باباً واسعاً لم يمر منه غيره إلى قلوب كل المصريين بمختلف أطيافهم؛ الذين يفكون الخط بالكاد والمثقفون والنخب، أبناء قرى ونجوع الجنوب البعيد الجوانى وأهل بحرى والعاصمة المزدحمة بناسها ومغتربيها، حتى اليمين واليسار والوسط الذين اختلفوا فى كل تفصيلة من تفاصيل السياسة والاقتصاد، لم يجتمعوا إلا فى «الأبنودى». إذا أحب الله عبداً رزقه حب الناس، كم أحب الله «الخال» كى يرزقه كل هذا الحب فى كل شبر من مصر المحروسة التى ظلت «متونسة» بصوته على مدار 76 عاماً، يلقى قصيدة ويكتب «غنوة» ويحكى حكاية من حكايات «حراجى القط» أو «يامنة» أو «فاطنة» أو «أبوزيد».
«ياللى سهرتى الليالى متونسة بصوتى.. متونسة بحس مين يا مصر فى غيابى؟»، بحسك يا عبدالرحمن، وبالقصائد التى تنطق بلكنة ارتاحت لها كل أذن مصرية، وبالحكايات التى ما زالت تتنقل من لسان إلى لسان وتجوب «كَفر كَفر ونَجع نَجع وقرية قرية». هو مثل كل شىء مصرى أصيل لا يموت، فإذا فارق فى رحلة تطول تحت التراب، يظل حسه الباقى دليلاً على أنه حى، وتظل رائحته فى كل مكان أيضاً دليلاً، وتظل الضحكة الصافية مرسومة على وجه مألوف بحَسنة كبيرة تحت الأنف، وجه لم يمت بعد، أسمر داكن مثل طمى النيل، وطيب مثل طين أرض مروية تنتظر الزرع والحصاد. يعيش «عبدالرحمن»، رغم خبر موته قبل سنتين، لأنه جزء من مصر، يعيش لأن مصر عايشة.. لو ماتت «مصر» يموت «الخال»!