«الوطن» داخل وكر «قاصرات الهرم»: التسول بالنهار والمبيت فى عشش صفيح بالليل

«الوطن» داخل وكر «قاصرات الهرم»: التسول بالنهار والمبيت فى عشش صفيح بالليل
- أطفال الشوارع
- الأسلحة النارية
- الباعة الجائلين
- البلاى ستيشن
- التوك توك
- الشباب والبنات
- القبض على
- المقر الرئيسى
- أبراج
- أحداث
- أطفال الشوارع
- الأسلحة النارية
- الباعة الجائلين
- البلاى ستيشن
- التوك توك
- الشباب والبنات
- القبض على
- المقر الرئيسى
- أبراج
- أحداث
«قاصرات الهرم».. مصطلح أثير حوله جدل واسع خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن قامت مباحث الأحداث بضبط 3 فتيات قاصرات بتهمة التسول بشارع العريش فى منطقة الهرم، ليفجر ثلاثتهن مفاجأة أثناء استجوابهن عن المكان الذى كن يقمن فيه بعيداً عن أسرهن، حيث اعترفن بتعرضهن للاغتصاب على مدار عامين كاملين من عدد كبير من سائقى «التوك توك» والباعة الجائلين المحيطين بهن فى المكان الذى يتسولن به، تحت تهديد الأسلحة النارية والبيضاء.
{long_qoute_1}
توجهت «الوطن» إلى شارع العريش، حيث المكان الذى يقيم فيه هؤلاء الفتيات وغيرهن من أطفال الشوارع، اتخذن من أحد المراكز التجارية المعروفة فى بداية الشارع مقراً لهن، يبتن فيه ليلهن ويمارسن أمامه التسول نهاراً، واستمعت «الوطن» إلى روايات أصدقاء هؤلاء الفتيات الذين يبيتون ويعملون معهن، كما استمعت إلى سكان المنطقة الذين شكوا من الأوضاع الغريبة التى اعتادوا رؤيتها.
مجدى محمد، من سكان البنايات التى ارتفعت أدوارها فوق المركز التجارى، كان أحد شهود العيان الذين حضروا لحظة القبض على الفتيات الثلاث، ولم يخف عنه ما اعترفن به أمام النيابة، إلا أنه لم ير فى هذا الاعتراف شيئاً من المنطق، ليعبر عن ذلك قائلاً: «ماظنش أبداً إن يكون الاعتداء عليهم حصل غصب عنهم، لأن العيال دى كلها بتضرب مخدرات وبعد كده بقى يتعاملوا منهم فى بعضهم، والمشكلة الأكبر إنهم بعد ما قبضوا على البنات دى جم خدوا كام واحد من بقيتهم وسابوهم تانى مش عارف إزاى».
مدخل وحيد لمسكن «مجدى» وهو سلالم المركز التجارى، الذى لا يفارقه هؤلاء الأطفال طيلة الليل أو النهار، وهو ما يزيد غضبه، إلا أنه لا يملك من الأمر شيئاً: «مقسمين الأماكن هنا شلل وأحزاب، وكل شلة ليها المكان بتاعها وتيجى بقى بالليل تلاقى كل شلة ماسكة فى خناق التانية، غير إن السنتر أغلبه هنا محلات بلاى ستيشن، وبتلاقى الشباب طول الليل واقفين قدام المحلات دى بيضربوا مخدرات علنى كده قدام الناس، لدرجة إن المكان هنا طالع عليه اسم مربع المخدرات، ولو كاميرات المراقبة بتاعة المحلات دى بصوا عليها هيلاقوا مصر كلها جت شربت مخدرات هنا».
{long_qoute_2}
داخل «سوبر ماركت» بالمركز التجارى، جلس الشاب محمود الشلودى، يحكى ما يراه من هؤلاء الأطفال الذين يترددون عليه طيلة اليوم بحكم عمله، ليوضح أن الأطفال المتسولين المحيطين به نوعان، بعض منهم ليس له بيت ولا أهل ويعتبر المركز هو الملجأ الوحيد له، بينما هناك آخرون لهم بيوت يبيتون فيها بعد انتهاء يوم عملهم.
وعن واقعة اغتصاب الفتيات يقول «محمود»: «البنات المتسولة هنا كتير، وماعتقدش موضوع الاغتصاب ده حقيقى لأن الوضع هنا بينهم أسهل مما تتخيل، إن كنت ماشوفتش اللى بيتم بينهم بعينى، بس أنا باسمع أكتر من كده بكتير».
حالة عامة داخل المركز التجارى تظهر لـ«محمود» أطلق عليها «بوادر الدعارة» التى لم تكن بين أطفال الشوارع فقط، وإنما تخطى الأمر ذلك بكثير، حسب قوله: «الموضوع هنا أكبر من كده بكتير، وطول النهار والليل الشباب والبنات بيكونوا مع بعضهم عادى، لدرجة إن فيه هنا كام كافيه معروفين بالكلام ده، وفيه منهم كمان اللى بيسوق للدعارة، لمجرد بس إنك تدخل تلاقى واحدة جاية عليك تشوف طلبك إيه، والكلام ده أنا شفته بعينى».
ويحكى «محمود» ما يراه من أمور تثير دهشته بين هؤلاء الأطفال قائلاً: «ساعات بكون جاى الصبح بدرى ألاقيهم نايمين كل واحد فى مكان، وفيه مرة كنت داخل السنتر على الساعة 7 الصبح تقريباً، وشفت حاجة كده أشبه باجتماع بين 3 أو 4 ستات ومعاهم راجل أو اتنين، ونحو 15 طفل من الأطفال دى أعمارهم صغيرة فى متوسط 10 سنين كده مثلاً، وسمعتهم وهما بيقسموا على بعض الأماكن اللى هيقفوا فيها، يعنى فيلم المتسول جنب اللى بيحصل هنا ولا حاجة»، مضيفاً: «المكان هنا غير كل الأماكن التانية لأنه مقفول على نفسه وبعيد عن عين الناس، عشان كده تلاقيه مناسب جداً لأى حاجة من النوع ده، سواء للأطفال المتسولة دى أو لغيرهم، وكل ما تتخيله عن المخدرات وغير المخدرات موجود، والأطفال دى نفسها بتيجى تتعلم شرب المخدرات هنا».
وأسفل المركز التجارى، جلس الخمسينى ربيع فتحى، سايس الجراج، يحكى معاناته مع الأطفال المتسولين فى المركز، رغم أنه لم يسمع شيئاً عن حادث الاغتصاب، يقول: «إحنا قرفانين من العيال دى طول النهار والليل، وعلى طول عاملين لنا مشاكل وبيرموا علينا حاجات من فوق ممكن تنزل على العربيات تكسر الإزاز بتاعها، ومش عارفين نعمل معاهم إيه».
ويقول صاحب أحد محلات «البلاى ستيشن» بالمركز التجارى، رفض نشر اسمه، إن عدداً كبيراً من هؤلاء الأطفال ينامون أمام محله نظراً لوجود مساحة تسمح لهم بذلك يفترشونها بالبطاطين وقت النوم، ثم يأخذونها معهم بعد أن يستيقظوا، مضيفاً: «كل اللى بييجوا هنا وباشوفهم ولاد بس ومابشوفش بنات، بيلفوا طول النهار وييجوا آخر اليوم يناموا هنا، عشان كده أنا أعرف منهم كتير، وعلى طول فيه بينهم وبين بعض خناقات وألفاظ وحشة وقلة أدب».
وداخل المركز التجارى، كانت هناك بعض الممرات المهجورة، علم بها البعض ولم يعلم عنها البعض الآخر شيئاً، اصطحبنا إليها ثلاثة أطفال من أصدقاء الفتيات القاصرات، ليدلونا على المكان الذى كن يبتن فيه، بعد أن التقينا بهم على سلالم المركز يمارسون طريقتهم الخاصة فى التسول، مؤكدين أنهم ليسوا كغيرهم وإنما لكل منهم بيته الذى يعود إليه آخر اليوم، ليشير أكبرهم (ح. ب) 19 سنة، إلى أول مكان داخل أحد الممرات وهو عبارة عن هيكل معدنى خرب له أرفف ثلاثة، قائلاً: «ده بينام فيه اتنين وممكن ينام معاهم كمان اتنين صغيرين فوق خالص»، وعلى بعد خطوات منه كانت «الخيمة» الثانية حسب تعبيره: «بينام هنا واحد بس يكون جسمه صغير شوية»، إلى أن وصل بنا إلى المقر الرئيسى الذى يضم أكبر عدد منهم أسفل سلالم المركز: «ده بقى المكان التالت بنسميه المينا هاوس عشان كبير وبينام فيه أعداد كتير»، ليقول بعدها «أ. ز» صديقه الآخر الذى يصغره بعام: «تعالى بقى أما أوريك اللوكاندة بتاعتنا»، وهى عبارة عن غرفتين لا باب لهما خارج المركز التجارى فى واحد من الأبراج الرئيسية على شارع الهرم، يتسللون إليهما ليلاً دون أن يراهم حارس العمارة.
وعما يعرفه عن هؤلاء الفتيات يقول (ح. ب): «البنات دى غلابة بقالهم فترة كبيرة قاعدين هنا هما وغيرهم كتير، بس إحنا عرفناهم من شهرين بس، والمكان اللى بيناموا فيه يا إما هنا تحت السلم أو فى الأوضتين اللى بره على شارع الهرم، وبالنهار كل واحد بيشوف شغله، يعنى أنا مثلاً طبيعة شغلى إنى أركن العربيات وهما كانوا بيشحتوا أو يدخلوا على العربيات ياخدوا اللى فيه النصيب».
علامات تعجب ظهرت على وجه (ح. ب) بعد أن علم بأمر الاغتصاب الذى اعترفت به الفتيات، ليضيف: «فيه كتير كانوا بيعملوا معاهم كده بس برضاهم مش غصب، وإن كنت أنا ماشفتش بعينى بس الكلام ده موجود، وبيحصل بين البنات والولاد اللى فى الشارع نفسهم، وبرضه بيكون برضاها، لدرجة إن فيه واحدة من البنات المحبوسة دى عندها 14 سنة وخلفت قبل كده، ومفيش مرة واحدة فيهم جات اشتكت ليا أو لحد غيرى مننا إن فيه حد ضايقهم أو اعتدى عليهم أو عمل لهم حاجة».
وأضاف: «أكيد البنت اللى زى دى لما هتتربى فى الشارع مش هتطلع دكتورة»، مشيراً إلى أن هناك من يأتى إليهم ويطمئنهم على الفتيات الثلاث باستمرار وأنهن بخير.
لم تعد هناك سيطرة يفرضها أحد على آخر فى الشارع، حسب قول (ح. أ)، ليعبر عن ذلك قائلاً: «خلاص الكلام ده بطل يا بيه من زمان، وممكن العيل الصغير دلوقتى يرفع إزازة على واحد أكبر منه ويعوره كمان، وكل واحد دلوقتى فى الشارع بقى كبير نفسه».
أحد سكان المنطقة خلال حديثه لـ«الوطن»
أحد الأماكن التى يبيت فيها أطفال شارع العريش