المجلس الأعلى للإعلام.. الرؤية قبل المقر
- أسباب الفشل
- أعضاء المجلس
- الأعلى للجامعات
- الإعلام المصرى
- التواصل الاجتماعى
- الصحافة المطبوعة
- المؤسسات الصحفية
- المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- آداب
- آليات
- أسباب الفشل
- أعضاء المجلس
- الأعلى للجامعات
- الإعلام المصرى
- التواصل الاجتماعى
- الصحافة المطبوعة
- المؤسسات الصحفية
- المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- آداب
- آليات
من يمعن التفكير فى تفاصيل المجلس الوليد حديثاً تفعيلاً لمواد الدستور، يقف أمام كلمتين أساسيتين تعبران عن جوهره، وهما: «الأعلى» و«تنظيم»، وإن كانت الأولى تعكس أهمية المجلس واستقلاليته وحياديته، فإن الثانية تمثل منصة الحوكمة للإعلام المسموع والمرئى والرقمى والصحافة المطبوعة والرقمية، والحقيقة فقد جاء المجلس بعد أن طال الانتظار من اعتلال الصحة الإعلامية وغياب منظومة الممارسات والقيم والمحتوى والموثوقية والرسالة الهادفة وبات المجتمع فى مربع الشيخوخة الإعلامية.
والنجاحات لا تولد من رحم التمنيات والاجتماعات والتصريحات، فالمجتمعات حولنا شاهدة على كيانات تولد وتوأد دون أثر يذكر لعدم وضوح هويتها الاستراتيجية وبوصلتها المؤسسية، بل غرقت فى الشكليات والقشور والمقر والعنوان واللجان وأغفلت المقاصد والغايات. نحن اليوم نشهد بدايات تفعيل جدارية «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» من خلال اختصاصات ومهام وأهداف تؤكد استقلالية المجلس فنياً ومالياً وإدارياً، ومعنا محفظة استثمارية إعلامية تنظيمية لمدة (4) سنوات، مما يجعلنا نستحضر أربع ركائز نقترح على المجلس أخذها بعين الاعتبار والاستبصار، لضمان نجاحه وفاعليته فى إصلاح المشهد الإعلامى والتعامل مع تركة ثقيلة تحتاج إلى جهود كبيرة ومخلصة ومشتركة ومتواصلة.
تمثل الهوية الاستراتيجية للمجلس وإطاره المؤسسى الركيزة الأوّلى، فالبيت التنظيمى الذى لا يحدد رؤيته ورسالته وقيمه وغاياته وأهدافه ومؤشراته وهيكله التنظيمى والوظيفى لن يؤتى أكله ولن نشهد ثماره، ولا يكون ذلك إلا بالتكامل والتعاون مع منظومة شركاء الوطن من هيئات ونقابات وشُعَب ومنتديات الإعلام والصحافة وغيرهم، مع التعرف على الاحتياجات والتطلعات والطموحات بدقة وشمولية ليخرج المجلس بهوية مؤسسية واقعية واضحة المعالم والمحاور والمنطلقات؛ ليكون بحق بوصلة مؤسسية تنظيمية مؤثرة بجدارة نحو تفعيل القانون وإعادة الثقة بالإعلام المصرى بعد أن فقد مصداقيته داخلياً وخارجياً فى عالم الإعلام الذكى والمنصات الرقمية. لهذا، يجب على الحكومة سرعة تمكين المجلس من خلال فريق إدارى مساند ومقر مُجهز يليق بمجلس أعلى حل محل وزارة الإعلام ليوفر له منصة انطلاق لتحقيق رؤيته.
أمّا الركيزة الثانية فمرهونة ببناء الذاكرة المعرفية المؤسسية للمجلس ولغة الأرقام والتقارير والدراسات واللوائح والنتائج، وضمان أن يكون نبضه مفعماً بالممارسات المحلية والعالمية الناجحة، مع التوظيف الأمثل لخبرات إعلامية متمثلة فى رئيس المجلس وأعضائه ممن يملكون مجتمعين أكثر من 250 عاماً من الخبرة الإعلامية والصحفية نهجاً وعملاً وغرساً وأثراً، ونخص بالذكر الرحلة الصحفية والنقابية الثرية لرئيس المجلس الأستاذ «مكرم محمد أحمد»؛ والرصيد المهنى الرصين للخبير الاقتصادى فى إدارة المؤسسات الصحفية الأستاذ عبدالفتاح الجبالى؛ والخبرة الأكاديمية والعملية والمجتمعية المتميزة لعميدة كلية الآداب وأستاذة الإعلام الدكتورة «سوزان القلينى»، ممثلاً عن المجلس الأعلى للجامعات، وغيرهم من أعضاء لديهم الخبرة والكفاءة. ويتعين عليهم فى الوقت نفسه الاستعانة والاستفادة من الكوادر الشبابية الإعلامية والصحفية المصرية الواعدة؛ ليكونوا سواعد التحديث والمواكبة والحيلولة بين المجلس وبين النمطية والتقادم فى إدراك غاياته وإحداث نجاحات سريعة مؤثرة يرتقبها الجميع فى المشهد الإعلامى المرتبك والشائك.
أمّا الركيزة الثالثة فتتمثل فى الاستثمار الأمثل لاستقلالية المجلس الفنية والإدارية والمالية والحيادية بحسب المادة (2) من القانون، من خلال تبنى منظومة «جوائز» تحفيزية وتشجيعية، تخرج عن نطاق الجوائز التقليدية، وترتدى حلّة معايير تقييمية وفئات تخصصية وآليات حديثة تواكب لغة العصر الرقمى ومنصاته الإعلامية الذكية بهدف إشعال وتيرة التنافسية الإيجابية بين فئات مجتمع الإعلام المصرى، وإحداث حراك واقعى مؤثر كمرحلة أولى، ثم على الصعيد الإقليمى والعالمى فى مراحل لاحقة لمنظومة الجوائز، للسير قدماً نحو الريادة الإعلامية المصرية واستعادة مصر لدورها على يد المجلس.
أما الركيزة الرابعة، فهى انطلاقة إبداعية للمجلس ليس من حيث انتهى الآخرون، بل من حيث يفكر أن ينتهى الآخرون، عبر تطبيق أفضل الممارسات فى مجالات الإعلام، وتكنولوجيا الإعلام الذكى، والتعرف على النجاحات الإقليمية والعالمية، مستحضراً رؤية مصر التنموية 2030، عبر المنصات الرقمية وحسابات التواصل الاجتماعى بطريقة تواكب العصر بلغته وأدواته وقنواته الذكية، فى عالمٍ «التغيير» فيه هو الثابت الوحيد.
ختاماً، أمام المجلس الوليد فرصة ذهبية واستباقية ليكون «الأعلى» نهجاً وتميّزاً واستدامة، فلا أجمل ولا أرقى من أن يجتمع أعضاء المجلس بكل شفافية ومكاشفة لإعلاء مصلحة الوطن، وذلك بعد اجتماعهم التشاورى التعارفى الأول لينتقلوا إلى اجتماع مؤسسى منهجى استشرافى فى منتجع أو مقر خارج القاهرة وخارج الصندوق وعلى مدار عدة أيام لتليق المخرجات بتوقعات المعنيين، وقبل تشكيل اللجان والمقر وغيره من موضوعات عديدة، ويتوصلون مجتمعين خلال أيام الاجتماع إلى إجابات شافية وموضوعية لعشرة استفسارات استراتيجية تمثل مفاتيح نجاح مستدام للمجلس وهى: من نحن الآن فى مراتب المجالس العليا المتميزة؟ من هم شركاؤنا؟ ما هى احتياجات الشركاء وتوقعاتهم وطموحاتهم داخلياً وخارجياً، خاصة فئة الشباب؟ من هم منافسونا إقليمياً وعالمياً، وكيف بلغوا مكانتهم الحالية؟ كيف نستفيد من تجارب مجالس وهيئات تنظيمية مماثلة بعين المقارنة المعيارية؟ أين سيكون المجلس وسمعته المؤسسية بعد (4) سنوات؟ ما خطتنا الاستراتيجية الرئيسية وخططنا التشغيلية المرحلية لكل عام بدءاً من 2017 حتى 2020؟ ما حصتنا الاستراتيجية من مجموعة الأهداف التنموية لرؤية مصر 2030؟ لماذا تفشل المجالس والهيئات العليا فى مهمتها ورسالتها لنتجنب نحن أسباب الفشل؟ لماذا تنجح المجالس والهيئات العليا فى المجتمعات المتقدمة فى مهمتها ورسالتها لنعزز نحن مقومات نجاحنا؟
آنذاك، وبعد مشاركة الإجابات والمخرجات مع جميع المعنيين من الشركاء ثم مواءمتها وتحديثها، سيكون المجلس أمام خطة عمل منهجية تكاملية دقيقة غير مسبوقة تعكس نبض المجتمع، وتمثل نقلة نوعية فى التنظيم الإعلامى الاستشرافى، ونموذجاً يُحتذى لكل من يريد أن يتعرف على مؤسسة وطنية لم تبدأ بدايات عادية نمطية؛ لأنها أحسنت البدايات وعينها على صناعة مستقبل إعلامى واعد ومزهر يليق بمصرنا الجديدة.