بيع «الوهم» فى ملتقيات التوظيف: البداية طوابير وزحام والنهاية أجور تحت «الحد الأدنى» وحقوق غير مكفولة للعاملين

كتب: إمام أحمد ومحمد سعيد وأحمد عصر

بيع «الوهم» فى ملتقيات التوظيف: البداية طوابير وزحام والنهاية أجور تحت «الحد الأدنى» وحقوق غير مكفولة للعاملين

بيع «الوهم» فى ملتقيات التوظيف: البداية طوابير وزحام والنهاية أجور تحت «الحد الأدنى» وحقوق غير مكفولة للعاملين

ساحة واسعة فى استاد رياضى أو أرض فضاء، تجتمع فيها عشرات الشركات معلنة عن فرص جديدة للعمل، وسط صفوف وطوابير بلا أول ولا آخر ممن يرغبون فى الفوز بـ«الوظيفة»، مشهد تكرر فى الأسابيع الأخيرة بأكثر من محافظة، لكنه عادة لا يمر بسلام، حيث لا تخلو هذه التجمعات من إصابات وإغماءات، كما لا تخلو من اتهامات بأنها «تبيع الوهم» لملايين العاطلين، بدلاً من أن توفر فرصاً حقيقية للعمل.

{long_qoute_1}

إبراهيم ياسر، الذى تخرج قبل 7 سنوات بعد حصوله على بكالوريوس هندسة، دأب على البحث عن وظيفة يبدأ من خلالها بناء مستقبله، لكنه فشل طيلة هذه المدة، ولم يجد أمامه إلا بعض الأعمال المؤقتة التى تنقل بينها من فترة لأخرى، «اشتغلت خدمة عملاء فى شركة اتصالات، واشتغلت مشرف عمال فى مصنع ملابس جاهزة، لكن مالقتش حاجة مناسبة لمؤهلى»، مع الإعلان عن ملتقى توظيف كفر الشيخ، أعد «ياسر» أوراقه من شهادة تخرجه وكورس اللغة الإنجليزية الذى حصل عليه وبعض الأوراق الأخرى، وتوجه إلى الملتقى ممنياً نفسه بالعثور على وظيفة العمر، لكنه يقول بغضب: «ماكانش ملتقى توظيف، ده كان يوم قيامة، والشركات جاية عايزة عمال وبتوع نضافة وأمن، مع كامل احترامى للوظايف دى، لكن أنا اتعلمت ودرست هندسة ليه؟»، بعد ساعتين ونصف قضاها «إبراهيم» الذى أشرف على عامه الثلاثين، بساحة استاد كفر الشيخ الرياضى قرر المغادرة: «شُفت ناس بتتخانق، وبنت فقدت وعيها وأغمى عليها، حسيت إن الموضوع بهدلة ومفيش نظام، والأهم من كده إنه مفيش وظيفة مناسبة ليا، خدت بعضى ومشيت».

الوضع فى ملتقى توظيف الأقصر، الذى تم عقده بعد أيام من ملتقى كفر الشيخ، كان مختلفاً على مستوى التنظيم، لكن على مستوى الوظائف والمرتبات لم يكن هناك فارق كبير، فالغضب هنا لم يختلف عن الغضب هناك، بوسى منصور، التى تخرجت العام الماضى بعد حصولها على ليسانس لغة عربية ودراسات إسلامية، كانت واحدة من الأعداد الغفيرة التى توجهت إلى ملتقى الأقصر للحصول على وظيفة بين الشركات الكثيرة التى حضرت، لكنها عادت هى وصديقتها خريجة كلية الإعلام، دون فائدة «اليوم كان كويس ومر بسلام وكان فى نظام، بس المشكلة كانت فى الوظايف المطروحة، أغلبيتها تحتاج لسفر خارج الأقصر، أو فرص لموظفى استقبال ونظافة، مفيش وظائف متنوعة ومناسبة للجميع»، بعض الاشتراطات التى فرضتها الشركات حدت أيضاً من فرص الحصول عليها، مثل «بدون حجاب» أو إجادة أكثر من لغة، وعدد سنوات معين من الخبرة، تقول: «معظم الشروط مجحفة وظالمة بالحقوق، وبتقلص الفرص بتاعتنا كشباب، خاصة بالنسبة لحديثى التخرج، كأن مالناش حق نشتغل غير بعد كام سنة بطالة»، تطالب بأن يكون هناك عدالة فى توزيع الفرص، ومصداقية أكبر من الشركات بدلاً من حصرها فى فئات معينة.

{long_qoute_2}

لم يكن ملتقيا كفر الشيخ والأقصر الأخيران، هما الأول من نوعهما، حيث سبقتهما ملتقيات توظيف فى عدد من المحافظات، حسب ما أوضحت وزارة القوى العاملة، فى بيان قبل أيام وصفت فيه تلك الفعاليات بأنها «مهمة فى سبيل إيجاد فرص عمل حقيقية للشباب»، وأوضحت أن التوجه الذى بدأت تتخذه منذ 2016، كانت له ثمار إيجابية بالعديد من المحافظات مثل «القاهرة، والجيزة، والإسماعيلية، والمنيا، والشرقية، والمنوفية»، وأن ما يزيد على 65% من فرص العمل التى طرحت بتلك الملتقيات كانت إيجابية وذهبت إلى مستحقيها وفق الشروط والمعايير.

«ده أى كلام، ضحك على الدقون»، هكذا عقب كمال أبوعيطة، وزير القوى العاملة الأسبق، حول ملتقيات التوظيف فى مختلف المحافظات، معتبراً أنه يتم استغلالها من جانب الشركات للترويج لنفسها، إضافة لاستبدال موظفيها القدامى الأعلى أجراً ليحل محلهم موظفون جدد أقل أجراً، «كل شركة عايزة تخفض ميزانيتها، أو توفر فلوس، تقرر تدبح 100 أو 200 عامل أو موظف، وتجيب عمال وموظفين جدد وبأجور أقل، وبيستغلوا الإقبال الشديد اللى بيحصل فى هذه الملتقيات». «أبوعيطة» الذى شارك العديد من العمال فى احتجاجاتهم سنوات طويلة قبل الثورة، قال إن العديد من الفرص التى يتم الإعلان عنها لا توفر حقوقاً مثل التأمين الصحى أو الاجتماعى، وأحياناً تكون فرصاً «وهمية» من الأساس، يتم إعلانها لـ«الشو» فقط، وأضاف: «اللى بيسمح بكده هو حالة سوق العمل فى مصر السيئة وطوابير البطالة، وبالتالى الشركات بتتحكم فى العمالة، والحكومة رافعة إيدها».


مواضيع متعلقة