شخصيات نسائية لا تُنسى
فاتن حمامة
قدمت الفنانات المصريات مجموعة من الأدوار أثرين بها تاريخ السينما المصرية على امتداده، واستطاعت أن تبرز وتظل علامات فارقة لدى الجمهور حتى أصبحت «أيقونات» متفردة بذاتها ورموزاً خالدة، سواء فى تقديم أدوار واقعية تعيد تقديم المجتمع أو أخرى ترفضه وتتمرد عليه، ونجحت فى تقديم صورة إيجابية للمرأة بعيداً عن القوالب الجامدة المعتادة.
فؤادة:
هى مرادف الثورة الكامنة رغم نظرات عينيها المترددة ويديها المرتعشتين، أحيت المياه المتدفقة الثورة بداخلها عندما شاهدت الحياة تعود إلى القرية وسكانها بمجرد أن روت المياه أراضيهم وأرواحهم الميتة، تتابع فتح «الهاويس» غير عابئة بعواقب قرارها. تُعد شخصية «فؤادة» التى قدمتها الفنانة «شادية» فى فيلم «شىء من الخوف» للمخرج حسين كمال، من أهم الأدوار النسائية فى تاريخ السينما المصرية، ففى إطار قصة حب تجمع بين «عتريس» و«فؤادة» منذ الصغر، ترفض الشابة أن تتزوج بحبيبها الذى تحول إلى وحش يحكم البلدة بالنار والحديد، وبينما يخشاه الجميع تواجهه وتعلمه أن زواجهما باطل شرعاً لتشعل فتيل الثورة فى «الدهاشنة».
ليلى:
تستحق لقب الريادة عن جدارة، فقد شكلت بوعيها جزءاً كبيراً من وجدان وتاريخ صناعة السينما المصرية رغم أصولها اللبنانية، قدمت للسينما وجوهاً جديدة أصبحت فيما بعد نجوماً لامعة، وباعت أثاث منزلها لإنتاج أفلام باتت من أهم الأفلام المصرية وأبرزها فى التاريخ، كانت بدايتها من خلال التمثيل، إلى أنها قررت اقتحام السينما من بابها الأوسع من خلال الإنتاج، فقدمت عدداً كبيراً من الأفلام ذات الطابع التاريخى، منها «شجرة الدر»، و«الناصر صلاح الدين»، الذى لم يحقق النجاح الجماهيرى المطلوب وقتها، ومع ذلك ظل من اللقطات المضيئة فى تاريخ السينما حتى الآن، إضافة إلى 13 فيلماً منها «رد قلبى» و«أمير الانتقام»، و«يوميات نائب فى الأرياف».
تحتضن كتبها الدراسية وهى تسير فى ميكانيكية شديدة، ووسط الجمود المحيط بها يفتح لها الحب باباً على الأحلام والحرية، لكن ما زالت القيود تشدها خلف الباب المفتوح، تدخل «ليلى» فى صراع بين التعاسة التى يفرضها عليها الجميع، والحب الذى يفتح لها الحياة على مصراعيها، قدمت الفنانة فاتن حمامة دور «ليلى» فى قصة للكاتبة لطيفة الزيات «الباب المفتوح» وأخرجها هنرى بركات، فـ«ليلى» وجدت نفسها محاطة بنسخ رجالية متكررة تحاول كبح جماحها بداية من والدها الصارم مروراً بابن خالتها، وصولاً إلى أستاذها الجامعى الذى تقدم لخطبتها، فتفقد ثقتها فى الجميع، وعندما يظهر صديق شقيقها الثورى فى الصورة، تعيد الفتاة حساباتها مرة أخرى.
أمينة:
وداعُه أهم طقوسها اليومية، تطوف حوله بـ«مبخرة» على سلم المنزل المكون من عدة طوابق لتردد أدعية بصوت خفيض تختلط بالدخان المنبعث من وعاء البخور، مواصلة: «من شر النفاثات فى العقد ومن شر حاسد إذا حسد».. و«يجعل فى وشك جوهرة وفى حنكك سكرة»، فى نص سينمائى مأخوذ عن ثلاثية نجيب محفوظ استطاع من خلاله أن يقدم «أمينة» النموذج النسائى الأشهر فى تلك الفترة والتى تعتبر حلماً ما زال يراود الكثير من الرجال، فهى زوجة مطيعة لرب أسرة صارم صباحاً ولاهث خلف ملذاته ليلاً، بينما تتابع هى أعمالها المنزلية وتربية أولادها فى استكانة شديدة وعند عودته تستقبله بابتسامة عريضة.