6 جثث ولقيط مجهول.. «حصيلة» مشرحة زينهم فى 24 ساعة

كتب: خالد فهمى

6 جثث ولقيط مجهول.. «حصيلة» مشرحة زينهم فى 24 ساعة

6 جثث ولقيط مجهول.. «حصيلة» مشرحة زينهم فى 24 ساعة

مصلحة «الطب الشرعى» أو «محامى القتلى» كما أطلق عليها البعض، بعد أن قالت المصلحة كلمتها الأخيرة فى عدد من قضايا التعذيب التى ارتكبت داخل أقسام الشرطة، وأثبتت تقارير المصلحة أن الوفاة كانت نتيجة التعذيب.

«الوطن» زارت مشرحة زينهم، لتقضى آخر 24 ساعة مع 6 من جثامين القتلى وجثة لقيط «مجهول» هى «حصيلة المشرحة فى 24 ساعة» قبل تشييعهم إلى مثواهم الأخير.

وهناك، الساعة 7 صباحاً تبدو الأمور طبيعية للغاية والهدوء يسيطر على المكان وأبواب المشرحة مغلقة، وغرفة الحراسة بها فرد شرطة نائم، وبعض الكلاب الضالة تتجول فى محيط المشرحة، قبل أن يبدأ العمل فى المصلحة.

ومع اقتراب الساعة 7٫30 صباحاً فتح المقهى الواقع أمام المشرحة أبوابه، وقام صاحباه برش المياه أمامه «طلباً للرزق» حسب تعبيرهما، ثم أخرجا الكراسى، وبعد دقائق حضرت سيارة «نقل الموتى» أمام المقهى وقام الشقيقان بإطلاق البخور حولها وداخلها «خوفاً من الحسد» هذه المرة، إذ إنهما يمتلكان المقهى وسيارة نقل الموتى معاً.

ومع اقتراب الساعة 8 صباحاً فتحت «منى» موظفة الطب الشرعى شباك التعامل مع أسر المتوفين، وتوقف تاكسى أمام المشرحة وخرج منه الشيخ سعيد «حانوتى المشرحة» ودخل على الفور إلى صالة «التغسيل»، ثم بدأت أسر المتوفين تتوافد على المشرحة، ودخل البعض منهم للسؤال عن إجراءات تسلم جثامين ذويهم، فيما جلس البعض الآخر على المقهى فى انتظار إنهاء الإجراءات، وبعد فترة قصيرة، وصلت سيارة ميكروباص تقل العديد من النساء، وبمجرد نزولهن من السيارة أطلقن الصراخ والعويل بصوت مرتفع، واتضح أنهن أسرة المجنى عليه زينهم كامل رزق محمد، الذى لقى مصرعه فى مشاجرة بأحد أحياء الجيزة، والذى أحيل إلى المشرحة بمحضر رقم 2844/ 2017 قسم الجيزة.

ومع بدء العمل، تم وضع قائمة بأسماء الجثث التى استقبلتها المشرحة فى الساعات الأولى من صباح اليوم، والمودعة فى ثلاجات المشرحة.

ومن الناحية الأخرى، خرج «الشيخ سعيد» ومساعدوه بالزى الأخضر، الذين يحمل كل منهم اسم «مشرحة زينهم» على صدره، ووقفوا أمام صالة التشريح فى انتظار انتهاء الطبيب الشرعى من تشريح الجثة الأولى لهذا اليوم.

وفى التاسعة والنصف تقريباً، دخل مفتش صحة مكتب زينهم المشرحة، وبعد نصف ساعة قامت «منى» موظفة الشباك بالنداء على أسرة المتوفى محمد صلاح أبوالعلا، وأبلغتهم أن قرار النيابة العامة بانتداب مفتش الصحة للكشف الظاهرى فقط دون التشريح، وأن مفتش الصحة انتهى من «الكشف الظاهرى» على الجثمان، ولا بد من الذهاب معه إلى مكتب الصحة لإحضار تصريح الدفن وإنهاء الإجراءات، وبدأت النساء تنتقل إلى المكان المخصص لتسليم الجثث، وجلست سيدة مسنة على قطعة من الرخام وسط عدد من النسوة، تحكى لهن حكاية وفاة نجلها، قائلة إنه مصاب بمرض «الجدرى» وأثناء وجوده داخل المستشفى عرف أن حالته متأخرة فأقدم على الانتحار بالقفز من الدور الثالث فى المستشفى، ليلقى حتفه على الفور.

وخرج «الشيخ سعيد» وهو يحمل على يده جثة اللقيط وذهب به إلى مدافن الصدقة الخاصة بمستشفيات جامعة القاهرة التى تقع خلف مشرحة زينهم، لدفن الجثة التى تم العثور عليها فى منطقة كرداسة، وتبين من خلال التشريح بناء على قرار النيابة العامة أن الوفاة جنائية، وفى أقل من ربع ساعة، عاد الشيخ سعيد مرة أخرى إلى صالة «الغُسل»، وجلس فى انتظار إحضار تصريح الدفن الخاص بالشاب المنتحر، وعلى أثر ذلك، توافد العديد من الأهالى على المشرحة لتسلم جثة زينهم كامل رزق، الذى لقى مصرعه طعناً بسلاح أبيض فى مشاجرة بالجيزة، وجثة على محمد زين عبدالصبور، 29 سنة، سائق، الذى لقى مصرعه إثر تعاطيه جرعة هيروين زائدة توفى على أثرها، وتم إخطار أهل الضحيتين بانتهاء عملية تشريحهما وضرورة الذهاب إلى مكتب الصحة لاستخراج تصاريح الدفن. وبعد يوم عمل حافل، لم يتبق داخل ثلاجات المشرحة من «حصيلة اليوم» سوى جثمان السورى، وجثمان محمود السيد معبد، لعدم وصول أحد للقيام بإجراءات الدفن، وانصرف الموظفون والأطباء الشرعيون، لكى تخلو المشرحة تماماً من كل العاملين بها ما عدا «منى» موظفة الشباك التى تظل تعمل حتى الساعة 11 مساء لتسلم الجثث والاتصال بالطبيب الشرعى المكلف بالعمل فى الفترة المسائية، والشيخ سعيد ومساعديه، بالإضافة إلى اثنين من فنيى التشريح.

وينشط عمال المشرحة بعد انتهاء يوم العمل فى تنظيف أرضية المشرحة من الدماء ونقل ملابس المتوفين، ثم يغلق المقهى أبوابه ويسود الصمت، ويرخى الظلام أستاره على المنطقة لتصير أكثر رعباً، حيث تنتشر الكلاب الضالة فى محيط المشرحة وكأنها تخفف من وحدة الحراس، ويغلق باب المشرحة ويقبع الموظفون داخلها فى انتظار جثث جديدة، وينزل الدكتور هشام عبدالحميد، رئيس مصلحة الطب الشرعى، كبير الأطباء الشرعيين، من مكتبه إلى الطابق الأرضى، لتفقد الجثث المودعة فى الثلاجات، والتأكد من تنظيف المشرحة تماماً، تجنباً للكلاب الضالة وللقضاء على الحشرات، خشية انتقال الأمراض إلى الموظفين والعاملين فى المصلحة.


مواضيع متعلقة