لماذا لم يكترث المصريون بـ«الطوارئ»؟!
- أجهزة الدولة
- الأجهزة الأمنية
- الحد الأدنى
- الدستورية العليا
- السلطات الأمنية
- المشتبه فيهم
- حالة الطوارئ
- رئيس الجمهورية
- «مبارك»
- أجهزة الدولة
- الأجهزة الأمنية
- الحد الأدنى
- الدستورية العليا
- السلطات الأمنية
- المشتبه فيهم
- حالة الطوارئ
- رئيس الجمهورية
- «مبارك»
يصعب أن تجد مواطناً عادياً غير مسيّس -أغلبية مواطنينا هكذا- يتحدث مع نظير له عن مسألة فرض الطوارئ.. هل صادفت نموذجاً على ذلك؟ أغلب من توقفوا أمام قرار الرئيس بفرض حالة الطوارئ عشية تفجير كنيستى طنطا والإسكندرية نخب حقوقية أو فكرية أو سياسية، الإخوان أيضاً يتحدثون عن هذه المسألة فى إطار نهجهم فى مكايدة الشعب، استناداً إلى قرارات رسمية. المواطن العادى لا يكترث بموضوع الطوارئ، ولا بالتعديلات التى أقرها مجلس النواب على بعض بنوده، ليعطى السلطات الأمنية مساحات أكبر للاشتباه وتفتيش أماكن المشتبه فيهم وحجزهم، وهو كذلك لا يهتم بالجدل المثار حول تناقض هذه التعديلات مع حكم سابق للمحكمة الدستورية العليا.. كل ذلك لا يهم المواطن.. السؤال: لماذا؟.
التفسير الأول لعدم الاهتمام يرتبط بثقة المواطن فى أن أجهزة الدولة ليست بحاجة إلى «طوارئ»، فهو يقدّر أن مصر تواجه إرهاباً شرساً، مكّن الأجهزة الأمنية من التحرك بدرجة ظاهرة من المرونة وتوسيع دائرة الاشتباه، حتى تقف فى مواجهته. وليس أدل على ذلك من قرارات العفو التى أصدرها رئيس الجمهورية على مجموعات من الشباب، رأت اللجنة التى اقترحت العفو عنهم أن بعضهم مظاليم، وأنهم «اتاخدوا فى الرجلين»، بسبب التوسع فى دائرة الاشتباه، وذلك قبل إقرار الطوارئ بصورة رسمية. يخيل إلىَّ أن لسان حال المواطن فى هذا السياق تلخصه عبارة «مش فارقة»، لكننى لا أستطيع أن أحدد لك بدقة «إيه هو اللى مش فارق؟».. وهل يقصد بذلك أن الطوارئ لن تغير فى واقع الأداء شيئاً.. أم أنه غير مكترث بها، أو بعبارة أخرى «مش همّاه؟!».
التفسير الثانى أن المواطن لديه هموم اقتصادية أخرى أكبر بكثير من الطوارئ، أصبحت تشغل عليه ليله ونهاره، وتتطلب منه أن يجرى من اتجاه إلى اتجاه حتى يستطيع توفير الحد الأدنى لاحتياجاته واحتياجات من يعول، فمنذ عدة شهور والمسكين يطارد هدفاً متحركاً اسمه الأسعار، فى كل يوم يصبّر نفسه بأن من المحتمل أن يرق قلب الحكومة أو التاجر أو البائع فى الغد لتتعدل الأحوال، لكنه يدرك مع كل يوم جديد أن العشم فى هذا الأمر يرقى إلى مستوى الوهم. ومع اللف وراء الرزق «لفت» رأس المواطن، ولم يعد يستطيع أن يفكر بعيداً عن أسعار الأكل والشرب، وفواتير الخدمات المعيشية، والدواء، والكساء، والتعليم. من هذا المنطلق أتوقع أن يقول لمن يسأله عن الموضوع: «طوارئ إيه اللى انت جاى تقول عليها؟!»، وله عذره.
التفسير الثالث أن الشعب بعد ثورتين قام بهما أصبح يثق بأنه سيد قراره، وأن فرض الطوارئ أو إلغاءها لا يؤثر على حركته، حين يشاء، ربما يكون البسطاء العازفون عن تناول «موضوع الطوارئ» قد تذكروا أن الطوارئ التى فرضها «مبارك» 30 سنة لم تمنعهم من التعبير عن غضبهم حين أرادوا. لهذه الأسباب لم يكترث المواطن العادى بفرض «الطوارئ» كما اكترثت النخب، فهو يكره الإرهاب ويرفضه وجرح قلبه مشاهد الدماء التى تكاثرت من حوله خلال الأشهر الأخيرة، ولم يعد يحتمل المزيد، لذلك لم يجد مندوحة فى أن يتخذ الرئيس قراراً بفرض الطوارئ.. لعل وعسى يكون فيها الشفا!.