فتح الله جولن: «أردوغان» يدير البلاد بعقلية «عصابات المافيا» وانتباه «القاهرة» المبكر قضى على آماله فى السيطرة على المنطقة

فتح الله جولن: «أردوغان» يدير البلاد بعقلية «عصابات المافيا» وانتباه «القاهرة» المبكر قضى على آماله فى السيطرة على المنطقة
- أرض الواقع
- أسيرة حرب
- أموال الدولة
- اتهامات ا
- الأمن القومى
- الاتحاد الأوروبى
- التراث الإسلامى
- التعاون الإسلامى
- التعديلات الدستورية
- الحزب الحاكم
- أرض الواقع
- أسيرة حرب
- أموال الدولة
- اتهامات ا
- الأمن القومى
- الاتحاد الأوروبى
- التراث الإسلامى
- التعاون الإسلامى
- التعديلات الدستورية
- الحزب الحاكم
- كان مخططاً لمصر أن تغرق فى الفوضى على غرار سائر بلاد المنطقة.. والحكومة التركية تتجه بالبلاد نحو الهاوية
- على يقين بأن هذا «الهذيان» لن يدوم طويلاً وسيعود الشعبان المصرى والتركى من جديد أخوين
يواصل زعيم حركة «الخدمة» التركية، فتح الله جولن، حديثه، لـ«الوطن»، ويتحدث فى الحلقة الثانية عن قطيعة العلاقات بين مصر وتركيا، حيث أكد أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وفريقه أسهموا بشكل كبير فى تأزم الأوضاع داخل مصر إلى حد لا يُحتمل، وفقاً له، وهنا يتحدث «جولن» عن موقفه من دعوات مصريين له بالقدوم إلى مصر مع مطالب الحكومة التركية المتكررة إلى الولايات المتحدة بتسليمه، ويعبر عن شكره لتلك الدعوات، لكنه يؤكد بقاءه فى الولايات المتحدة. يتحدث «جولن» كذلك عن دور مصر فى «منظمة التعاون الإسلامى» فى مواجهة محاولات الحكومة التركية لإعلان «الخدمة» منظمة إرهابية، معتبراً أن مصر أفشلت جهوده للسيطرة على المنطقة، وإلى نص الحوار.
{long_qoute_1}
■ هل هناك احتمال لقدومكم إلى مصر؟ وما موقفكم القانونى فى الولايات المتحدة؟
- تلقيت لفتات مخلصة للقدوم إلى مصر، وهذا يدل على نبل وشهامة من قاموا بتوجيه تلك اللفتات، والحقيقة أن هذا ليس غريباً على خُلق المصريين، وبهذه المناسبة لا يفوتنى أن أتوجه بالشكر والتقدير للحكومة المصرية، فقد أفشلت مساعى القيادة التركية الحالية الحثيثة لوصم حركة «الخدمة» بالإرهاب عبر منظمة «التعاون الإسلامى»، حيث حاولت القيادة الحالية استغلال انتقال الدورة الرئاسية إليها للقيام بهذا العمل، لكن تصدِّى الحكومة المصرية لها حال دون ذلك، وهذا موقف يليق بمصر مكاناً ومكانة، وسيظل الموقف الذى وقفته مصر إلى جانب «الخدمة» فى هذه المحنة جميلاً لن أنساه ما حييت. أما عن القدوم إلى مصر فإننى لا أقبل أن أوفر مناخاً هادئاً لنفسى على حساب إزعاج إخوانى من المصريين أو مضايقتهم، أنا أقيم هنا منزوياً فى الولايات المتحدة منذ 17 عاماً لا أخرج من المكان الذى أسكن فيه إلا لحاجة ضرورية، ولدىّ مجموعة طلاب من المقيمين هنا فى أمريكا، نتدارس معاً كتب التراث الإسلامى المختلفة من تفسير وحديث وفقه وعلوم أخرى، ولم يصدر بشأن إقامتى هنا أى مانع قانونى، ولذلك فأنا مستمر فى إقامتى هنا، ولا أفكر فى المغادرة إلى أى مكان آخر أو العودة إلى تركيا.
■ هل تعتقد أن الولايات المتحدة ستقوم بتسليمكم إلى تركيا؟
- لقد ألحّ المسئولون الأتراك مراراً فى هذا الطلب، وعند زيارة جون بايدن، نائب الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، إلى تركيا فى فترة سابقة حاولوا إحراجه بهذا الطلب، فأجابهم إجابة مفحمة قائلاً: «ليس لأحد مهما بلغ من المكانة أن يُخرج أحداً من أمريكا سوى عن طريق القانون والمحكمة الفيدرالية، حتى إن الرئيس نفسه لا يستطيع أن يتخذ مثل هذا القرار».
■ ما رأيكم فى القطيعة بين «أنقرة» و«القاهرة»؟ ومَن المخطئ فى ذلك؟
- إذا أردنا تقييم الأمور كلياً يمكننا القول إن «أردوغان» وفريقه أسهموا بنصيب كبير فى تأزم الأمور فى مصر إلى حد لا يُحتمل، فقد عملوا على تضخيم الأحداث فى المنطقة وكان لديهم أمل فى السيطرة على المنطقة من خلال مَن يظنونهم مقربين منهم، لكنّ تنبُّه مصر المبكر لهذه المغامرة قضى على هذه الآمال، وسارعت مصر إلى اتخاذ تدابيرها الوقائية، وعندما أدرك «أردوغان» أن مشروعه فى المنطقة باء بالفشل بدأ يطلق لسانه فى القيادات المصرية، وكلما حانت فرصة للتقارب وحل المشكلات العالقة بين الطرفين يخرج «أردوغان» بفاصل جديد من السب والشتائم لكى تبقى المشكلة حية وليستثمرها داخلياً أقصى استثمار.{left_qoute_1}
■ ما رأيكم فى ما وقع فى مصر من أحداث ثورة 30 يونيو؟
- كان مخطّطاً لمصر أن تغرق فى الفوضى على غرار سائر بلاد المنطقة، ولكن شاءت إرادة الله أن ينقذها من هذا المخطط، فبتعاون الشعب المصرى الواعى مع مؤسساته العريقة استطاعت البلاد أن تنجو من هذا المصير، وأن تستعيد عافيتها وتتغلب على مشاكلها، وبالصبر والإخلاص ستسترد البلاد مكانتها كاملة.
■ ماذا تقولون فى احتضان «أردوغان» لـ«الإخوان»؟
- فى حقيقة الأمر يمكنك أن تسمى هذا احتضاناً، ولكنى لا أراه كذلك، لقد نظروا إلى «أردوغان» كأنه طوق نجاة، وأوهم «أردوغان» الشعب التركى أنه سخر لهم كل الإمكانات، وقامت وسائل إعلامهم بتضخيم بعض المساعدات التى قدموها لهم، وكسبوا بذلك تعاطفاً شعبياً هائلاً وصوروه كأنه نصير الضعفاء والمظلومين. ولكن إذا تمعنتم فى الأمر فستجدون أن أردوغان لا يقف إلا بجانب نفسه، وستجدون أيضاً أن الإمكانات التى سخّرها لهم ما هى إلا وسيلة لاستخدامهم بشكل أو بآخر. وها هو قد باع غزة والقضية الفلسطينية فى أول بادرة صلح بينه وبين إسرائيل، وألقى بكل وعوده لحركة «حماس» بغزة فى عرض البحر، بعدما كان يناصب إسرائيل العداء ظاهراً فى كل محفل ويرفع صوته بالصياح فى هجائهم خلال الأزمة معها، وإذا كان هناك طائفة لا تزال تعتقد أنه الملاذ الأخير لقضاياها، فقريبا سيتخلى عنهم فى أقرب فرصة تحين له، فهو ماض فى طريقه إلى الهاوية بأقصى سرعة، وهو يدرك ذلك جيداً، وهو على استعداد أيضاً للتضحية بكل شىء فى سبيل إنقاذ نفسه، وإذا أردنا أن نسرد فى نفَس واحد مائتى مثال على تناقضاته وتقلباته فى اليوم الواحد بين عشية وضحاها، مما يدل على طبيعته «الميكيافيلية» لأمكننا ذلك بكل سهولة.
■ إذن كيف ترى مستقبل العلاقة بين مصر وتركيا؟
- أنا على يقين، برغم كل ما حدث حتى الآن، بأن هذا الهذيان العارض سيتوقف عند حدود معينة، ولن يدوم هذا الوضع السلبى طويلاً، وسيستطيع الشعبان المصرى والتركى العريقان لملمة جراحهما وتجاوز هذه الأزمة والعودة من جديد أخوين واعيين بدورهما التاريخى والجغرافى.
■ هل تشعرون بقلق إزاء مستقبل مدارس «الخدمة» التابعة لكم بمصر؟
- أولاً: أحب أن أوضح أننى لا أملك شيئاً فى أى مكان، ولا يمكن أن أدّعى أن هناك مدارس تابعة لى فى مصر أو فى أى مكان آخر، كل ما هنالك أن هناك مجموعة من الأشخاص اقتنعوا بما يقترحه العبد الفقير من مقترحات ويعملون على تطبيقها بجهودهم الذاتية فى أى مكان مناسب، وثانياً: إن أى مؤسسة سواء مدرسة أو جامعة أنشأها محبون لى فى أى مكان فى العالم هى قيمة مضافة إلى البلد الذى توجد فيه، تعمل على خدمته وتقديم النفع له، وثالثاً: ثبت بعد التجربة والمعايشة الطويلة لهذه المؤسسات فى كل البلاد التى تخدم فيها أنه لا علاقة لها بالشأن الداخلى من قريب أو بعيد، بل تنأى بنفسها تماماً عن أى أمر داخلى يتعلق بهذه البلاد، وكل تركيزها على إعداد الأجيال للمستقبل، لأننا نؤمن بأن مشاكل المستقبل لا يمكن حلها إلا من خلال أفراد تلقوا تعليماً جيداً، وقد خبرتنا المؤسسات الأمنية جيداً، خاصة المعنية منها بمراقبة المؤسسات الأجنبية، وتأكدوا من أننا نسير على هذا الخط ولا نفارقه أبداً، والأمر نفسه فيما يتعلق بمصرنا الحبيبة، وبالتالى فليس لدىّ أى قلق على أى مؤسسة فى العالم ما دامت تلتزم بالشفافية، وتعمل وفق هذا الخط الذى وضحته.
{long_qoute_2}
■ لكن مؤخراً تم إغلاق مدارس لـ«الخدمة» فى بعض البلاد.
- صحيح، وهذا يبيّن لك الذهنية التى ينطوى عليها الحزب الحاكم فى تركيا، ويبيّن فى الوقت نفسه براءة «الخدمة» من كل الاتهامات التى يكيلونها لأبنائها، فهم قد صادروا كل المؤسسات التربوية والإعلامية والاقتصادية بلا سند من القانون أو الدستور، ومؤخراً عرضوها للبيع وكأنها ممتلكاتهم فى مخالفة صريحة لحقوق الأفراد والمؤسسات فى التملك، وأودعوا السجون والمعتقلات الآلاف من الأبرياء على خلفية الانقلاب المسرحى المزعوم، بينما القادة العسكريون الكبار ورجال الاستخبارات لا يزالون فى مناصبهم، وفصلوا مئات الآلاف من أعمالهم بإجراءات قوانين الطوارئ، وعاقبوا كل من يقدم المساعدة لهؤلاء من قريب أو بعيد حتى اضطروا معلمين ومعلمات وأساتذة جامعيين إلى بيع الجوارب فى الشوارع، وجرّ عربات لبيع الأرز فى الطرقات، وحرّضوا الأهالى على التبليغ عن أى شخص له علاقة بـ«الخدمة» من قريب أو بعيد، وأحكموا قبضتهم الحديدية على البلاد فى مشهد استدعى للذاكرة أعمال «ستالين» و«هتلر» و«موسولينى» وغيرهم من طغاة العالم، وضيّعوا كل كفاح الشعب فى سبيل نيل حرياته على مدار الأعوام الثلاثين الأخيرة.
■ أعتقد أن الأمر امتد إلى خارج تركيا كذلك.
- هم الآن لا يكتفون بذلك، بل يتوجهون إلى بعض البلاد يضغطون عليها ببعض الملفات تارة أو يقدمون بعض الرشاوى من خلال التوصل إلى حلقات فاسدة ذات نفوذ فى بعض البلاد، للقيام بأعمال قذرة لإغلاق المؤسسات، تارة أخرى، أو يَعدون البعض الآخر بتأسيس بديل لـ«الخدمة» تابع للدولة يقدم الخدمات نفسها للشعب مقابل تسليم مؤسساتنا لهم، والأدهى من ذلك أنهم حقّروا من قيمة سفاراتنا وقنصلياتنا فى الخارج، حيث حوّلوا قناصلنا المحترمين وسفراءنا المبجلين إلى مراقبين أمنيين يتجسسون على مواطنيهم فى الخارج، وبدلاً من أن يبحثوا عن مدّ جسور التعاون بين تركيا والعالم باتوا يفتشون عن وسائل تمكّنهم من إغلاق هذه المؤسسات والقضاء عليها، ففقدوا بذلك احترامهم وتعرضوا للانتقاد كما حدث فى بعض البلاد ومنها مصر.
■ وبالنسبة للمؤسسات البديلة التى أسسوها؟
- منها ما يسمى «وقف المعارف» الذى يحمل أفكاراً داعشية، فقد أخفقت إخفاقاً شديداً فى تقديم أى خدمات تُذكر، بل لم يستطيعوا أن يجدوا معلمين من الأتراك يمكنهم أن يذهبوا إلى هذه المناطق النائية، ومن ثم كانوا يعِدونهم بآلاف الدولارات لكى يوافقوا على الانتقال من تركيا إلى أفريقيا أو إلى دول أخرى، كما ظهرت حقيقتهم لهذه المجتمعات، فأعادت بعض الدول المؤسسات إلى أبناء «الخدمة» مرة أخرى، ورفضت محاكم بعض الدول قرارات الحكومة التى أمرت بهذا التحويل أو المصادرة وخاب سعيهم مرة تلو الأخرى ولم يستجب لهم إلا من انخدع بأكاذيبهم أو بإغراءاتهم. ومؤخراً، بفضل الله وحمده، تم افتتاح مدارس فى مناطق أخرى وكأنها رسالة من الله لهم، فهم ينفقون أموال الشعب فى الفساد والتخريب وليس فى البناء والتعمير، ولذلك سيبوءون بالحسرة والخذلان.{left_qoute_2}
■ كيف تقيّمون الممارسات التى طالت «الخدمة» بعد الانقلاب الفاشل والتى طالت حتى النساء؟
- مرت تركيا بفترات عصيبة طوال تاريخها الحديث، فعلى رأس كل 10 سنوات كان يقع انقلاب فى تركيا، وكانت محصلة هذه الانقلابات تراجعاً فى مستوى الحريات بوجه عام واعتقالات عشوائية بالجملة، وكانت تركز على المتدينين خاصة، لكننا لم نرَ أسوأ مما يحدث حالياً، فرغم كل تلك المظالم التى شهدناها فى السابق كانت هناك حدود معينة يتوقفون عندها، فالنساء والأطفال والشيوخ كانت لهم حرمتهم، والقوانين كانت وما زالت تنص على أن الجرائم شخصية، وهذا مبدأ إسلامى أصيل نطق به القرآن فى قوله تعالى «ولا تزر وازرة وزر أخرى»، لكن السيناريو الذى نعيشه حالياً، والذى لا ندرى مَن كاتبه ولمصلحة مَن يطبقونه على أرض الواقع، جعلهم، بذرائع واهية وبموجب قوانين الطوارئ التى يفرضونها، يرتكبون كل شىء يخالف الدين والقانون والأخلاق والأعراف والإنسانية، فهناك آلاف من المعتقلين فى السجون بلا تهمة أو بيّنة أو دليل، تهمهم الميل إلى شخص أو محبة فلان.
■ وهل يكون الحب جريمة؟ هذا أمر غريب.
- لا يوجد فى عُرف الدولة جريمة يعاقَب عليها المرء بناء على مودّة يكنّها فى قلبه لأحد الأشخاص أو بسبب ميله إلى بعض الأفكار، بل ينظر إلى أفعال الناس، دع هذا كله، بل هناك مَن هو فى السجن اليوم لأنه سلّم على أحد من «الخدمة» أو تبرّع يوماً ما لنشاط من أنشطة «الخدمة» كالأضاحى والمنح التى كانت تنظمها جمعية «كيمسه يوكمو» المرخص لها من قبَل الدولة، لقد وصل أردوغان إلى سُدة الحكم واكتسب تعاطفاً شعبياً كبيراً عبر استغلاله المشاعر الدينية. وكلنا يذكر قضية الحجاب التى استغلها أتم استغلال، واليوم يبيح لنفسه انتهاك كل الحرمات، فعدد النساء المحجبات اللواتى يقبعن فى سجونه اليوم يفوق كل حد، ومنظر النساء المتدينات المكبلات بالأصفاد سجّلته كل العدسات فى سابقة لم تحدث فى التاريخ التركى، ولا جريمة لهن سوى اختيارهن أن يعشن ملتزمات بدينهن، والشيوخ يقبضون عليهم وبعضهم لا يقوى على المشى وآخرون فى فراش الموت، وكذلك تم الفصل بين الأمهات المعتقلات وأطفالهن الرضّع، وهذا ما لا يجيزه الإسلام حتى ولو كانت المرأة أسيرة حرب. ورغم التكتيم الإعلامى وتشديد الرقابة على وسائل النشر الإعلامية والاجتماعية برزت هذه المشاهد إلى العلن، وما خفى أكثر بكثير من هذا، وهناك كلام عن حالات تعذيب وحشية تمارَس فى السجون، وعلى العموم سيأتى يوم تظهر فيه كل هذه الممارسات الإجرامية إلى العلن، ووقتها سيطّلع العالم على الوجه الحقيقى القبيح لهذه الطغمة الحاكمة التى تتستر بستار الدين ونصرة المظلومين والمستضعفين.
{long_qoute_3}
■ وما دوافع وخلفية هذه الممارسات ضد «الخدمة»؟
- كان «أردوغان» يتوقع منا أن نروّج له فى العالم الإسلامى على أنه قائد المسلمين وخليفتهم، وكان يأمل أن نجبر مؤسساتنا التعليمية والخدمية المنتشرة فى أكثر من 160 دولة لصالح هذه الطموحات، ولكننا أصررنا على استقلاليتنا ورفضنا رفضاً قاطعاً أن نكون أداة فى مشروعه هذا، فأثار ذلك حفيظته، وهو معروف عنه -كما صرّح بذلك أقرب مستشاريه- بأنه رجل حقود، إذا خالف أحد أوامره أو لم يوافقه فى تطلعاته اتخذه عدواً وبدأ يفكر فى التنكيل به والقضاء عليه، ولذلك لم يواجهه أحد من أعضاء حزبه ممن أقصاهم لأنهم يعلمون عنه طبيعته تلك. لقد بلغ بهم الحقد مبلغاً جعلهم يدبرون مع بعض الأمريكيين خطة للوصول إلى هنا فى مقر إقامتى والعمل على خطفى، مما يبين لك العقلية التى تحكم تركيا الآن، وأنها تدير الأمور كما تدار عصابات المافيا، تخيّل مسئولين حكوميين ومنهم دبلوماسيون وأصهار لـ«أردوغان» يديرون البلد هكذا، طبعاً كل هذا لا يمكن أن يتم بدون تعليمات مباشرة من أعلى.
■ أعطنا أمثلة أخرى تعكس الطريقة التى يفكر بها الحزب الحاكم.
- ظهر آخرُ يدعو الحكومة إلى أن تقصف مقرّى فى «بنسلفانيا» بالطائرات على غرار قصفهم حزب «العمال» الكردستانى فى جبال قنديل بشمال العراق، ولذلك ليس عجيباً أن تجدهم يدعمون كل الفرق المتطرفة بكل وسائل الدعم من مال وسلاح وتسهيلات للمرور عبر أراضيها، بداية من «داعش» إلى سائر المنظمات الإرهابية الأخرى.
■ كما هو معروف، أنتم فى السابق دعمتم «العدالة والتنمية»، ما تفسيركم لهذا؟
- قدمنا لحزب «العدالة والتنمية» فى بداية أمره دعمنا، شأنُنا فى ذلك شأن كل الفئات الأخرى الداعمة للمسار الديمقراطى التوافقى، عندما كان يظهر أنه مدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، ويُبدى جدية حقيقية فى ملف الانضمام لـ«الاتحاد الأوروبى»، ويحاول تصفير المشاكل مع جيرانه ومحيطه الإقليمى. ولكنه عندما أحس بالتمكن وشعر بالقوة بدأ لا يقبل أى انتقاد ويرفض أن يتحدث أحد عن أخطائه أو أخطاء حكومته، وبدلاً من أن يقوم بإصلاح الأخطاء أو الكشف عن الفساد وتقديم المتهمين إلى المحاكمة اتخذ طريق الهجوم وقمع كل صوت معارض، ثم تبين لاحقاً أنه كان موقّعاً على خطة ضمن قرارات مجلس الأمن القومى فى سنة 2004 للقضاء على الحركات المدنية المعتدلة ذات المرجعية الدينية، وعلى رأسها حركة «الخدمة» هو وبعض من وزرائه، ولما ووجهوا بهذا لم ينكروا وقالوا إنهم كانوا مجبَرين على التوقيع.
■ وكيف نُفذ ذلك المخطط الذى ذكرته؟
- بدأ فى تنفيذ مخططه هذا على مراحل، فبدأ بتصفية كثير من البيروقراطيين فى قطاعات الدولة المختلفة بذريعة انتسابهم لـ«الخدمة»، ثم روّج لعمليات القبض على الوزراء الفاسدين فى حكومته فى ديسمبر 2013 على أنها انقلاب مدنى على حكومته المُنتخبة، وزاد من جرعات التنكيل ضد مواطنين وموظفين وشرطيين وقضاة بحجة انتسابهم لما سماه «الكيان الموازى»، ثم كانت أحداث هذه المسرحية الانقلابية التى سماها منحة إلهية من الله، والتى فرض على أثرها قوانين الطوارئ، وبلغ التنكيل بـ«الخدمة» وبكل معارض كل مبلغ. والآن لا تستطيع أى حركة أو مجموعة مدنية فى البلاد أن تفتح فمها أو تنبس ببنت شفة، وإلا لاقت مصيراً محتوماً من السجن والطرد من الوظائف والنفى أو التشريد من البلاد أو الحرمان من بعض المكتسبات التى منحها لهم من أموال الدولة، ولكن سيأتى يوم تتكشف فيه كل هذه الحقائق دفعة واحدة، وسيشهد العالم مدى ما ارتكبه هذا المجنون من انتهاكات وخروقات، كما كان الحال مع كثير من الطغاة الذين حكموا العالم فى فترة سابقة.{left_qoute_3}
■ ما قراءتك لمسألة التعديلات الدستورية؟ وفى رأيك كيف تؤثر على مكانة تركيا الدولية؟
- لقد نبّهنا منذ فترة طويلة أن هذه الحكومة، وعلى رأسها «أردوغان»، تتجه بالبلاد نحو الهاوية، وبعدما كان الأمل معقوداً عليهم فى تخليص تركيا من معاناتها الطويلة بسبب الاضطرابات التى عاشتها جرّاء الانقلابات المتعددة، إذا بهم يتجهون بالبلاد نحو انقلاب من نوع آخر، وهو الانقلاب باسم الصناديق على إرادة الشعب الحرة. لقد سعينا عام 2011 إلى حشد الدعم للتعديلات الدستورية التى أجريت فى ذلك العام، بسبب نتائجها التى كانت ستؤدى إلى تقوية دور المؤسسات المدنية والمحافظة على استقلاليتها وتوسيع نطاق الحريات، والفصل بين سلطات البلاد المختلفة، لكن خاب ظننا وأصبحنا بإزاء رجل يريد جمع كل السلطات والصلاحيات فى يده بهذه المواد التعسفية التى تقوّض أمن وسلامة المجتمع، وتهدد وحدته وتعزز من القبضة الأمنية المسيطرة وتؤسس لكيان استبدادى مقيت. وأعتقد أن تركيا الآن بات يُنظر إليها على أنها أصبحت تمثل تهديداً للأمن العالمى، شأنها شأن الدول التى سارت فى هذا الاتجاه، ولكن كلى أمل أن يستفيق العقلاء ويحاولوا وقاية تركيا من الدخول فى هذا المستنقع، فتركيا كما وضحنا تاريخياً وجغرافياً لها مكانة مؤثرة فى النسيج العالمى، وأى اهتزاز لهذه المكانة لن يقتصر تأثيره عليها وحدها.
فتح الله جولن