«النواب» ينتصر لخطوة «نصار»

عدد من أعضاء مجلس النواب أعلنوا يوم السبت الماضى عن قرب الانتهاء من مشروع قانون بمنع ارتداء النقاب فى المؤسسات الحكومية، مؤكدين أن هذا القانون ضرورى الآن لأسباب أمنية للتصدى للإرهاب والتطرف. لعلك تذكر الأزمة التى ترافقت مع القرار الذى اتخذه الدكتور جابر جاد نصار -منذ ما يقرب من عام- بحظر ارتداء النقاب على الممرضات وأعضاء هيئة التدريس بكلية الطب والقائمات على رعاية المرضى بالمستشفيات الجامعية بجامعة القاهرة، وكذا حظر النقاب على من يقمن بالتدريس للطلاب والطالبات بكليات الجامعة. لم يكن المنع وقتها هدفه مصادرة الحرية الشخصية لمن تريد «الانتقاب» قدر ما كان يستهدف احترام قواعد العمل بمؤسسة، وطبيعة الأدوار التى تؤديها عضوات هيئة التدريس اللائى يفترض فيهن ألا يعلمن الطلبة من وراء حجاب، وإلا فأولى بهن أن يجلسن فى بيوتهن معززات مكرمات، يرتدين النقاب متى شئن وأين شئن، ويبحثن عن أدوار وأعمال أخرى لا تفرض عليهن خلع «النقاب».

عندما اتخذ «نصار» قرار «حظر النقاب» ثارت ثائرة بعض نواب المجلس الموقر، خصوصاً من أعضاء الكتلة السلفية، وتركهم باقى الأعضاء يرغون ويزبدون، ويكررون اتهاماتهم المعتادة فى مثل هذه المواقف، دون اتخاذ أى موقف ضدهم، بل ولم يزل بعضهم -حتى بعد الحديث عن مشروع القانون الجديد- يتحدثون عن محاولات فتنة بين الشعب و«النواب» بسبب «النقاب». خطوة «مشروع قانون حظر النقاب»، تعد انتصاراً لـ«نصار»، بعد أن تحمل الرجل الكثير من السخافات التى ترددت على ألسنة النواب وأقطاب التيار السلفى، رغم تأكيد المفتى وغيره من فقهاء المسلمين أن النقاب ليس أصلاً من أصول زى المرأة المسلمة، وأنه يعكس حالة من التزيد والتشدد غير المحمود. ولو كان للنقاب وجاهة دينية، ما أجمع الفقهاء على ضرورة أن تخلعه المرأة أثناء أداء فريضة الحج، وكذا فى العمرة.

فى تقديرى أن «النقاب» يحمل لدى أعضاء التيار السلفى «رمزية سياسية» أكثر منها «دينية»، فإذا كان فقهاء الأمة وعلماؤها قد أجمعوا على أنه ليس فريضة على المرأة المسلمة، فلا معنى لتشبث السلفيين به سوى «الرمزية السياسية»، ومحاولة إرضاء جهات أخرى خارجية تحبذ هذا الفكر!. واجب على السلفيين أن يتفهموا هذا الأمر قبل أن «يتوهوا توهة الإخوان»، ويدهسهم قطار الشعب، كما سبق ودهس أسلافهم!. من حق كل إنسان أن يتدين بالطريقة التى يبتغيها، على أن يفهم أن حساب الجميع فى النهاية موكول إلى خالق الجميع، وأن الدين علاقة بين العبد وربه، وأن الدفع بما هو دينى فى ساحة السياسة، يفسد أمر الدين وأمر السياسة. من الحكمة أن يتعلم الإنسان من أخطاء غيره، أما الحكمة الأكبر، فتظهر عندما يستوعب الإنسان ظروف عصره، وفكر وتوجهات الأجيال الجديدة، تلك الأجيال التى نشأت وتربت فى أجواء ثقافية جديدة وحالة تكنولوجية فريدة وحالة علمية وتعليمية مختلفة، هذه التحولات جعلت الخطاب الدينى القائم على «الانتقاب» غير صالح للعصر، وبالتالى يصبح الحرص على تجديد هذا الخطاب حرصاً على الدين، حتى لا تتوه الأجيال الجديدة فى أفكار ضالة.. استفيقوا واعتذروا يرحمكم الله.