عندنا فى مصر وجهان للشرطة.. وجه طيب ووجه شرير..
شرطة لها شهداء للواجب.. شباب مثل الورد.. لم يتهيبوا الموت.. واجهوه بقوة وإيمان وصلابة.. كانوا عند حسن ظن الوطن بهم.. واجهوا الإجرام والمجرمين فى أحلك الظروف.. واجهوا البلطجية.. والأمن فى أسوأ أحواله.. والبلطجة فى أوج قوتها.. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
وعندنا شرطة.. لا تعرف الرحمة.. تتواطأ مع الجلاد ضد الضحية.. تقوم بحماية الحاكم الظالم أو الحاكم اللص أو حتى الحاكم الكلب المسعور.. عند هذه الشرطة استعداد للدفاع عن الحاكم أيا كان شكله أو نوعه ما دام يؤمن لها السلطة التى تمكنها من نهب الشعب.. ويتنازل لها عن جزء من (كيكة القهر..)..
عندنا شرطة تسهل لنا حياتنا.. وتحتمل عناء استخراج بطاقات هويتنا.. من شهادات ميلاد.. لأرقام قومية.. لجوازات سفر.. لرخص سيارات ورخص قيادة.. تقوم بعمل دءوب مستمر.. صبور.. للإشراف على حركة مرورنا فى الشوارع.. وسفرنا وعودتنا إلى ومن الخارج..
شرطة (خدومة) مسالمة.. نذهب إليها لتسجيل مظالمنا فى صورة محاضر بوليسية تحفظ لنا حقوقنا فى التقاضى ضد كل من يعتدى على هذه الحقوق..
نهرع إليها إذا قام حريق فى مصنع أو منزل.. فتأتى مسرعة.. ويصارع رجالها الأبطال تلك الحرائق.. ويواجهون من أجلنا خطر الموت حرقا ولا يتركونا إلا بعد أن ينطفئ الحريق تماما حتى لو استشهد بعضهم وهو يدافع عنا ضد الحريق.
ننام فى بيوتنا ونحن آمنون لوجودها ساهرة فى الشوارع، آمنون على أرواحنا وممتلكاتنا ومصالحنا وأعمالنا ومحلاتنا.. وبنوكنا ومستشفياتنا ونوادينا.. ومزارعنا وآثارنا ومتاحفنا..
عندنا شرطة لمكافحة جرائم الأموال.. وأخرى لمكافحة جرائم النفس وثالثة لمكافحة المخدرات.. ورابعة ضد التزوير.. وخامسة لتنفيذ الأحكام القضائية.
وعندنا شرطة أخرى.. لم تمنع عنا فوضى المرور.. ولا الحرائق ولا المخدرات.. وتركتنا مع مئات الآلاف من الأحكام القضائية دون تنفيذ!!!
شرطة ساهمت عبر عصور فى تزوير الانتخابات وتلفيق الاتهامات.. وفرض الإتاوات.. وإذلال البسطاء.. وخدمة الباشوات..
عندنا شرطة تحفظ أمن الدولة ضد المؤامرات الداخلية.. وضد المتطرفين من الجهاديين والتكفيريين.. تجمع المعلومات عن الحركات المتطرفة والمنظمات غير الرسمية التى قد يهدد وجودها سلامة الأمة.. ونسيج المجتمع ووحدته الوطنية..
وعندنا شرطة أخرى ترهب المعارضين.. وتنحى أصحاب الكفاءة عن المناصب العامة بتقارير وهمية لصالح أهل الثقة حتى ولو كانوا من أحقر المجرمين وأبعد الناس عن الكفاءة اللازمة لشغل المناصب..
شرطة تصنع التنظيمات المتأسلمة لتتحكم بها فى عقول البسطاء.. وتناطح بها التنظيمات المتأسلمة التى نشأت بعيدا عن أحضانها، وإذا لزم الأمر قد تثير هذه الشرطة الفتنة الطائفية فى توقيت تحتاج فيه السلطة إلى لفت الأنظار لتمرير مشروع يشكل جريمة فادحة ضد أمن الوطن..
هل رأيتم معى هذه الشيزوفرينيا.. أو هذا الفصام الذى تحيا فيه الشرطة؟!