"ديكورات البرامج".. صراع خفي من أجل الفوز بالمشاهد

كتب: خلود خالد

"ديكورات البرامج".. صراع خفي من أجل الفوز بالمشاهد

"ديكورات البرامج".. صراع خفي من أجل الفوز بالمشاهد

تتعدد مكونات البرامج والمسلسلات، فمنها التصوير والإخراج والمعدات وغيرها من التفاصيل، وواحد من أهم تلك المحتويات هو الديكور، سبب وجود فكرة الديكور هو إعطاء شكل جمالي للمكان.

ولكن للديكور معاني أعمق من تفكيرنا السطحي للشكل الجذاب، فهو يعكس طبيعة الأشخاص أو الأزمان، أو حتى بعض الأفكار المجردة، الذي يعكسها بأشكال مادية جميلة، ومنها ما يصعب إدراكه ولا يفهمه إلا المتخصصون في هذا المجال، ومنه ما يتم فهمه بشكل سلس وبسيط، وذلك يتوقف على الكثير من الأشياء وأهمها قدرة مهندس الديكور نفسه.

أما عن فكرة الديكور في البرامج والمسلسلات، أساس تلك الأعمال الفنية هي توصيل الرسالة للجمهور، واستخدام الديكور كان لدعم تلك الرسالة، فهو مجرد إضافة أو أداة من دعائم الفكرة، لكننا لاحظنا في الآونة الأخيرة إبراز وضخامة هذا الديكور وإثارة الجدل حول تلك الظاهرة، بأشكال أثارت إعجاب وعيون الجماهير، وأخرى استفزتهم قائلين: "ما توفروا فلوس الديكورات دي للبلد أحسن".

أعرب حمدي عبدالرحمن، مهندس الديكور المختص بالأعمال الفنية، والذي شارك في العديد من الأعمال وعلى رأسها مسلسل "ذات"، عن رأيه في استخدام الديكورات مؤخرا، قائلا إن القنوات الجديدة أصبحت تستخدم "بهرجة الديكورات" للتسويق للقناة، اعتمادا على جذب أعين المشاهدين، لكن ذلك لم يكن وسيلة لنجاح البرامج، فسر الاستمرارية والنجاح هو المحتوى المقدم، فهناك ديكورات بسيطة تستطيع لفت الأنظار إن كانت تحتوي على فكرة، أما جمال الديكور الآن يتوقف بمجرد خطف نظر المشاهد في الأول فقط، مضيفا أن المسلسلات تواجه نفس المشكلة ولكن بطريقة أقل استفزازا للمشاهدين، وذلك يؤدي لنفور المشاهد لغياب المحتوى الثري، وهو ما يحدث في هذه الأيام.

وعلقت المهندسة إيمان العلبي، المختصة بديكورات الإعلانات والبرامج والأعمال الدرامية، أن الجمهور أصبح أكثر ذكاءً، ويستطيع التفرقة بين الديكورات بأشكالها المختلفة وتميزها وأيضا انتقادها، لذلك أصبح الاجتهاد في مجال الديكور يحتاج عمل أكثر وإبراز أكبر للعمل الفني المعروض على الشاشة، كما يحتاج العمل في الديكورات الضخمة لعدد كبير من العمال، موضحة: "الديكورات فاتحة بيوت ناس كتير"، كما أن الديكورات الضخمة ليست منفِّرة للجمهور بل إنها عامل مهم وملفت، ومن أهم عوامل نجاح البرامج، أما عن الأعمال الدرامية فكل التفاصيل اختلفت عن الماضي وبالتالي التجديد في الديكور مطلوب دائما.

ومن جانبها، أوضحت مهندسة الديكور مريم محمد معارضتها للأشكال المبالغ فيها من الديكورات التي تُعرض حاليا، موضحة أن الديكور في الأساس يعتمد على الخامات البسيطة والتي تعكس فكرة وفلسفة البرنامج أو الهدف منه، وقالت: "الأهم هو الروح اللي بتوصل للجمهور"، كما أن الضخامة في الديكور تعكس الإحساس بالرهبة والشعور بالمسافات من قبل الجمهور.

وقال الكاتب الصحفي محمود مسلم، رئيس قناة (DMC) العامة، أن الديكورات هي أحد عناصر الجذب للمشاهد، وبالتالي الاهتمام بها ليس حالة من الترف، ولم يتوقف النجاح على التركيز على المحتوى وحده، خاصة في ظل التنافس الكبير بين القنوات حاليا، فكل قناة تجود في كل عناصر الصناعة للفوز بالمشاهد في كل النواحي، من تحسين المحتوى أو تصميم ديكورات أكثر جاذبية أو تصوير وإخراج، أما عن تدخل المذيعين في الديكورات فذلك يحدث على حسب نجوميتهم، فلم يتوقف دور المذيع عند التقديم وحسب، فهي صناعة بالتأكيد ولها مفرداتها، وبالتالي لم يكن المذيع منعزلا عن تلك المفردات والذي يدخل ضمنها الديكور.

وأوضح الإعلامي خالد حبيب أن مجال الديكور هو أمر يرجع لمتخصصيه، ولم يكن للإعلامي أي دور في التعبير عن رأيه في هذا المجال، كل ما يخص المذيع أن الديكور يعكس فكرة البرنامج فقط، مؤكدا على ضرورة اهتمام المذيع بالمحتوى وحسب.

كما أشار حسام الدين حسين، المذيع بقناة "ontv"، إلى أنه قد يكون هناك تخيل لبعض المذيعين أو رؤية لبرامجهم لكن آراءهم لم تكن الفيصل، فالأمر في النهاية يرجع للمخرج ورئيس المحطة والمسؤولين عن إخراج الصورة، فقد يتوقف رأي المذيع على الاستشارة.

أما عن آراء الجمهور والمتابعين فهي تباينت، فمنهم المؤيد لتلك الديكورات الضخمة، مؤكدين ضرورة وجودها، وإنها عامل جذب قوي لهم لمتابعة البرامج والأعمال الدرامية، مؤمنين بفكرة أن العين ترى قبل العقل وبالتالي الحفاظ على شكل الديكورات وعناصرها وألوانها المميزة هي دافعهم لاستمرارية المتابعة.

وعلى الصعيد الآخر، عارض عدد كبير من المتابعين لتلك الظاهرة، مشيرين إلى العديد من البرامج القديمة، التي كانت تركز على المحتوى المفيد ولا تهتم بجودة بديكورات أو تنوعها، ومنهم من يرى أن ضعف المحتوى مع الإنفاق الزائد على الديكورات والجماليات يستفز المشاهد وينفره من متابعة البرامج والمسلسلات، كما أنه يشعره بالغربة والفجوة، خاصة من أبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة.


مواضيع متعلقة