«سيِّدُنا» يواجِه «مولانا» والمشيخةُ غائبة
- أروقة الأزهر
- أهل العلم
- إبراهيم عيسى
- الأزهر الشريف
- الأفكار المنحرفة
- التيارات السلفية
- الدعوة السلفية
- الفيل الأزرق
- ام باسم
- أبناء
- أروقة الأزهر
- أهل العلم
- إبراهيم عيسى
- الأزهر الشريف
- الأفكار المنحرفة
- التيارات السلفية
- الدعوة السلفية
- الفيل الأزرق
- ام باسم
- أبناء
ما زالت الأعمال الجيدة فى مواجهة الأفكار المنحرفة تخرج من أبناء الأزهر الشريف كعمل فردى يعوّض شيئاً من جمود وغياب المشيخة، ومن الأعمال التى تستحق التقدير رواية «سيدنا» الصادرة عن دار الرافعى للباحث الأزهرى الشيخ «مصطفى رضا الأزهرى»، وقد انتقل الباحث بهذا العمل من الشجب والصراخ الذى اعتاد عليه البعض إلى مواجهة الفكر بالفكر والرواية بالرواية.
واجه الباحث بعض مآخذ رواية «مولانا» برواية مثلها، وليس باللعن والسب كما يفعل بعض المتحمسين، وواجه التيارات المنحرفة المختلفة بطريقة علمية جذابة فى شكل رواية امتلأت بعشرات التأصيلات والفوائد العلمية، وإن كان الأفضل العزو فى بعض الفوائد، لكن لعل هذا يكون مقبولاً فى طبيعة هذه الأعمال، ولا ينتقص من العمل شيئاً.
تنطلق الرواية من منطقة الأزهر التاريخية، فتجمع سبعةً من طلاب الجامعة يسكنون فى مكان واحد، لكنهم مختلفون فى الأفكار والانتماءات، فـ«ربيع» صوفى زاهد من المنيا، و«حذيفة» سلفى متشدد جاء من مدارس الدعوة السلفية بالإسكندرية، و«حازم» علمانى، و«هيثم» ليبرالى، و«مصعب» إخوانى، و«عبدالسلام» داعشى جاء من المنصورة، و«يونس» أزهرى جاء من قلب الصعيد.
تدور حوارات بين الجميع، كل واحد يدافع عن توجهاته وأفكاره ومعالم منهجه، فـ«ربيع» الصوفى يؤكد على ضرورة التصوف وتزكية النفس، و«حُذيفة» السلفى غارق فى تبديع الأمة بسبب التوسل والأضرحة، والسلام على المرأة، وتقصير الثياب، وتطويل اللحية، و«حازم» و«هيثم» متلبسان بالحرية الغربية دون قيد، و«مصعب» متحمس لا يرى ما إلا يمليه عليه التنظيم ومكتب الإرشاد، و«عبدالسلام» داعشى يملك القوة، ويتعامل بمنطق الصدام مع الجميع، وأولهم الدولة، ثم «يونس» الأزهرى الذى تخرج فى أروقة الأزهر وعلى أيدى كبار العلماء، فتمرس بدقائق الصنعة العلمية، وظهرت عليه أمارات الوراثة الحقيقية لمنهج الأزهر علماً وخلقاً، مبشراً برؤى تصنع حضارة، وتبنى عمراناً.
وبمنهج راقٍ منضبط ينظر يونس (سيدنا) إلى كل هؤلاء فلا يسكت، بل يتحرك من تلقاء نفسه مستشعراً الخطر، فيقوم بدوره مفنداً وراصداً لهذه الأفكار، مواجهاً الفكرة بالفكرة، وليس بساحات المحاكم.
يقف «سيدنا» الأزهرى بعقل وعمق وفهم مستعرضاً المقولات والمفاهيم الملتبسة، ويقوم بواجب البيان صيانة للقرآن من أن تلتصق به هذه المفاهيم المعوجة، فيؤيد «ربيع» على تصوفه منهجاً وسلوكاً، لكنه ينبذ خرافات بعض المنتسبين للتصوف، ثم يفند لـ«حذيفة» خطايا التيارات السلفية، وتعطيلها لحركة الأمة، ومقاصد الشرع، ومكنة الاجتهاد، وتركيزها على الرسوم والقشور، ثم يستعرض بطريقة عقلية متزنة مقولات «حازم» العلمانى و«هيثم» الليبرالى، مفنداً تنكرهما لكل الماضى، ووصمهما الأمة بالتخلف والرجعية، ويعالج سيطرة بريق الاستلاب على تفكيرهما، ثم يفند مقولات التمكين والتجهيل والحاكمية والصدامية التى امتلأ بها حماس «مصعب» الإخوانى، لكن تظل المشكلة فى «عبدالسلام» الذى لا يسمع إلا نفسه، ويريد أن يتحكم فى الجميع، لأنه يملك السلاح، ومن يعترض فجزاؤه الطرد من التنظيم، ويستعين «عبدالسلام» بمصعب الإخوانى و«حذيفة» السلفى فى إدارته للخلافة، وقد وصفت الروايةُ «عبدالسلام» بـ45 وصفاً، منها: أنه كاذب، ومخادع، ومعجب بنفسه، ومغرور، ولا يحترم أهل العلم إلا المطيع له، وأمره يختلط على الناس ما بين مؤيد ورافض، وليس له فى العلم، وصغير السن، ولا يرجع عن رأيه، ويده ملوثة بالآثام باسم الدفاع عن الخلافة.
وميزة «سيدنا» أنه كان جزءاً من الحل وليس المشكلة، فالكل يحلل ويحرم، فإذا تحدث «سيدنا» الأزهرى سكتوا، خوفاً على مناهجهم المضطربة أمام منهجه المنضبط، لذلك حُق للباحث أن يختم روايته بقوله: «سنموت جميعاً ويبقى سيدنا». (الأزهر).. أتمنى الاعتناء بهذا العمل، وتحويله لفيلم سينمائى كما حدث مع روايات: «هيبتا» لمحمد صادق، و«الفيل الأزرق» لأحمد مراد، و«تراب الماس» له، و«مولانا» لإبراهيم عيسى.