افتراءات «الخارجية» الأمريكية: انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر مستمرة
![«تيلرسون» وزير الخارجية الأمريكى](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/15041292071488648278.jpg)
«تيلرسون» وزير الخارجية الأمريكى
نشرت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس، تقريرها السنوى لحالة حقوق الإنسان فى دول العالم، وهو التقرير الذى تصدره سنوياً فى الربع الأول من كل عام. وجاء تقرير هذا العام، وهو الأول لإدارة «ترامب»، فى ظل غياب وزير الخارجية ريكس تيلرسون عن حضور مؤتمر إعلان التقرير، للمرة الأولى منذ عدة سنوات. وواجه وزير الخارجية الأمريكى سيلاً من الانتقادات بسبب عدم مشاركته فى هذا الحدث بالغ الأهمية، ليخالف بذلك تقليداً دأب عليه جميع أسلافه منذ ربع قرن على الأقل. واقتصرت مساهمة الوزير فى التقرير على كلمة له فى المقدمة أكد فيها أن «نشر حقوق الإنسان والحوكمة الديمقراطية يمثل عنصراً جوهرياً فى السياسة الخارجية الأمريكية.. إن قيمنا تعادل مصالحنا عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان.. واشنطن ملتزمة بالحرية والديمقراطية».
«واشنطن» تعترف بنزاهة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتزعم أن «الاختفاء القسرى والحبس الاحتياطى والتمييز ضد المرأة والمعاقين» لا تزال مستمرة
وحمل الجزء المتعلق بحالة حقوق الإنسان فى مصر فى تقرير الخارجية الأمريكية لعام 2016 فى 59 صفحة العديد من الافتراءات، حيث أكدت من خلالها وزارة الخارجية الأمريكية أنه وفقاً للدستور المصرى، فإن «مصر هى جمهورية يحكمها رئيس منتخب ومجلس تشريعى واحد»، مؤكدة أن «المراقبين الدوليين توصلوا إلى نتيجة أن الانتخابات الرئاسية التى جرت فى عام 2014، والانتخابات البرلمانية التى جرت فى نهاية عام 2015، جرت فى ظل إشراف مهنى دقيق يتسق مع القوانين المصرية»، إلا أن المراقبين الدوليين أعربوا عن بعض القلق فيما يتعلق بمسألة القيود الحكومية على المشاركة السياسية وحرية التجمع وحرية التعبير، بالإضافة إلى بعض القلق بشأن الأثر السلبى لمثل تلك القيود على المناخ السياسى المحيط بالانتخابات.
وأكدت «الخارجية» الأمريكية، فى تقريرها، أن «السلطات المدنية حافظت بفعالية على سيطرتها على قوات الأمن، ولكن المشاكل الأساسية الأكثر أهمية المتعلقة بحقوق الإنسان فى مصر، هى الاستخدام المفرط للقوة وقصور الإجراءات القانونية وإجراءات التقاضى وقمع الحريات المدنية»، مضيفة: «الاستخدام المفرط للقوة يتضمن عمليات تعذيب واعتقال وحجز وقائى واستخدام المحاكم العسكرية لمقاضاة المدنيين، بالإضافة إلى توجيه الاتهامات لمئات فى قضايا بعينها ولم تقدم السلطات أى أدلة دامغة على تورط الشخصيات الفردية المتهمة فى تلك القضايا، بالإضافة إلى إجراء عمليات اعتقال دون الحصول على إذن قضائى».
«بيومى»: تفهمنا للانتقادات يمنع التأثير السلبى لـ«التقرير» على علاقات البلدين.. و«عبدالمتعال»: لا يعكس توجهات الإدارة الأمريكية الحالية
وقالت «الخارجية» الأمريكية، فى التقرير السنوى، إن «المشكلات الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان فى مصر، تتضمن عمليات الاختفاء القسرى وظروف الاحتجاز الصعبة والحبس الاحتياطى، بالإضافة إلى طول الإجراءات الجنائية وإجراءات التقاضى، خصوصاً فى ظل أن بعض القضايا تنتهى إلى عدم وجود أدلة تؤكد تورط المتهمين فى بعض القضايا، إضافة إلى وجود تقارير عن معتقلين سياسيين وقيود على حريات التعبير والتحرش بمنظمات المجتمع المدنى وتقييد الحرية الدينية والفساد الحكومى، وفرض قيود على المنظمات المدنية والعنف والتحرش والتمييز المجتمعى ضد المرأة والفتيات، بما فى ذلك عمليات ختان الإناث وانتهاك الأطفال، إضافة إلى التمييز ضد ذوى الاحتياجات الخاصة والاتجار بالبشر والتمييز المجتمعى ضد الأقليات الدينية، وعمليات الاعتقال التى تستند إلى الميول الجنسية، والتمييز ضد الأشخاص حاملى فيروس الإيدز، وانتهاك حقوق العمال، بما فى ذلك عمالة الأطفال».
ومن جهته، قال السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هناك بعض الأمور والتجاوزات التى تنتقص أوضاع حقوق الإنسان ومن الصعب التغلب عليها، فعلى سبيل المثال انتقاد التقرير لمسألة التمييز ضد المرأة يرتبط ببعض جوانب الشريعة الإسلامية التى لن نتخلى عنها ومنصوص عليها فى القرآن، لأنها تؤثر على الميراث وغيرها، موضحاً أنه بخلاف ذلك حدث تقدم كبير فى مساواة الرجل بالمرأة فى كثير من المجالات، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة نفسها لديها تمييز ضد المرأة يظهر فى حجم ونوعية المناصب التى تتولاها المرأة مقارنة بالرجل، وأكد ضرورة التعامل مع مثل هذه التقارير «الدورية» بهدوء حتى لا تؤثر سلبياً على العلاقات بين البلدين.
وتابع «بيومى» لـ«الوطن»: «ما يهمنا أن صورة مصر تظل طيبة ونجادلهم بالتى هى أحسن، وستظل بعض الممارسات السلبية فى ظل التحديات التى تواجهها المنطقة كلها والتهديدات الإرهابية، والتقرير الأمريكى لا أود أن نأخذه بشكل عنيف لكى لا يؤثر على المسار الإيجابى المتوقع للعلاقات بين القاهرة وواشنطن، فهناك منهج آخر يدل على التفهم لما يتضمنه التقرير، واستيعاب وتقدير ما يتضمنه من القلق وطمأنة الجانب الأمريكى، وتوضيح الرؤية المصرية فى هذا الصدد، أو عدم دقة بعض الأحداث التى تناولها ويدلل بها على وجود تجاوز هنا وهناك».
ومن جانبه، أكد السفير كمال عبدالمتعال عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية أن التقرير الأمريكى ربما يميل فى السنوات الأخيرة إلى إحداث نوع من التوازن فى الاستعراض الدورى لأوضاع حقوق الإنسان حول العالم، مؤكداً أن هناك التزاماً من جانب وزارة الخارجية الأمريكية بتقديمه سنوياً، ولكنه قد لا يعكس بشكل دقيق وجهة نظر الإدارة الأمريكية الجديدة إزاء مصر وتوجهاتها فى مختلف القضايا، ودعا «عبدالمتعال» إلى ضرورة التفرقة بين التجاوزات التى تحدث نتيجة الممارسة البشرية وبين التجاوزات والانتهاكات التى تحدث نتيجة وجود قوانين وسياسات تشرعنها، مضيفاً: «مصر تحدثت كثيراً عن موضوع الاختفاء القسرى الذى يتم فى أحيان كثيرة نتيجة جرائم وليست مؤسسات الدولة المسئولة عنه، كما أن الاتهامات بالتمييز غير مفهومة فى ضوء أن القوانين والسياسات المصرية تقر هذه الحقوق وكان آخرها اعتبار 2017 عام المرأة الذى شهد تعيين أول محافظة مصرية، كما أن قوانين العمل تلزم المؤسسات بتعيين نسبة من ذوى الاحتياجات الخاصة».