آمال فهمى: غنيت لـ«الملك».. ودعمت «يوليو».. وانتخبت «السيسى»

كتب: إمام أحمد

آمال فهمى: غنيت لـ«الملك».. ودعمت «يوليو».. وانتخبت «السيسى»

آمال فهمى: غنيت لـ«الملك».. ودعمت «يوليو».. وانتخبت «السيسى»

فى الغرفة 317، داخل المجمع الطبى العسكرى بالمعادى، تقضى صاحبة أشهر صوت إذاعى فترة نقاهة بعد رحلة طويلة تقترب من قرن كامل مرت خلالها بتجارب عديدة ومراحل زمنية مختلفة، لكنها الآن تستريح داخل حجرة صغيرة تطل نافذتها على النيل وأمامها تلفاز لا تكترث بمتابعته وإلى جوارها هاتف لا تستخدمه إلا فى استقبال الاتصالات وحقيبة تحتفظ فيها ببعض أوراقها الخاصة وعلبة شيكولاتة تقدم منها إلى زائريها. «الوطن» قضت قرابة الساعتين فى صحبة الإذاعية الكبيرة آمال فهمى، التى بلغت 92 عاماً، صاحبة أشهر صوت إذاعى عبر برنامجها الأشهر «على الناصية» الذى ظلت تقدمه أسبوعياً لنحو 60 عاماً.

{long_qoute_1}

السيدة التى عاشت عمرها داخل ماسبيرو وأمام الميكروفون الإذاعى منذ تعيينها فى 1950، وحتى قرارها بوقف البرنامج فى 2014، أصبحت لا تستمع ولا تشاهد كل ما يقدم سواء فى الإذاعة أو التليفزيون، لأنه بحسب قولها «كل الموجودين حالياً على الساحة الإعلامية فاشلون باستثناء اسم أو اثنين، ومعظمهم لا يصلحون، بل إن بعض الإعلاميين الحاليين يفكرون فى أنفسهم ومصلحتهم على طريقة إحنا ومن بعدنا الطوفان». ترى أنه من أجل إصلاح المنظومة الإعلامية لا بد من وضع شروط للعمل يتم الالتزام بها، أهمها الثقافة والصدق والحياد المهنى واحترام المشاهد أو المستمع أو القارئ من خلال النص المقدم ونوعية القضايا المطروحة، وتضيف: «للأسف هذه الصفات لا تتوافر إلا بنسبة 50% حالياً، وهى نسبة غير مُرضية»، ورغم عدم رضاها بصورة كبيرة عن أداء «ماسبيرو» فإنها تؤكد أن جهاز الإذاعة والتليفزيون يتعرض خلال هذه الفترة لنقد متعمد بهدف إضعافه لصالح القنوات الخاصة غير الملتزمة بالمهنية، والتى يعمل فيها كل من «هب ودب» وتلجأ إلى الإثارة والاستفزاز والمبالغة. وحول انتقال بعض الخبرات من «ماسبيرو» للعمل فى الفضائيات، قالت «آمال»: «المادة هى السبب، والقنوات الخاصة اشترتهم، وأنا تلقيت عروضاً كثيرة من القنوات الخاصة ورفضت، هم تمنوا أن أرتمى فى أحضانهم، لكن لا يمكن»، تقضى وقتها بين النظر إلى النيل، ومشاهدة بعض الأعمال الفنية خاصة للفنان الكبير عادل إمام، الذى وصفته بأنه «بيموتها من الضحك».

{long_qoute_2}

مشوار طويل خاضته «آمال فهمى» منذ أن دخلت الإذاعة لأول مرة وعمرها 5 سنوات، حتى تحقق حلمها بعد التخرج فى كلية الآداب قسم اللغة العربية بالوقوف المستمر أمام الميكروفون بعد نجاحها فى اجتياز الاختبارات وحصولها على المركز الأول، قدمت العديد من اللقاءات والأعمال خلال مشوارها الإذاعى، لكنها لا تنسى لقاءها بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى وصفته بـ«اللقاء الصامت»، تقول: «وقفت أمامه صامتة». {left_qoute_1}

مراحل سياسية مختلفة عاشتها، من الملك فاروق حتى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وفى قراءة سريعة لهذا التاريخ الطويل تقول: «كنت ضمن الأطفال الذين يغنون للملك: «فاروق فاروق منية الألباب». وكنت أول فتاة يتم إدراج اسمها فى قوائم الانتخابات بالفترة الملكية، تقدمت إلى مأمور قسم عابدين وطلبت منه إدراجى ضمن المنتخبين، فقال لى: ليس لك هذا الحق. فقلت له: أطالب الحكومة به. فخرج من مكتبه واتصل تليفونياً بالأستاذ مصطفى أمين. وبعد وقت قصير وجدت صحفيين يدخلون علىّ فى مكتب المأمور ليشاهدوا هذه المرأة التى تطلب قيد اسمها فى قوائم الانتخاب. وانتُخبت سكرتيرة للحزب النسائى الوطنى، وكنت أقوم بنشاط نسائى وأدعم حزب الوفد وأتحمس له كثيراً. وكنت أشارك فى النشاط الجامعى وحصلت على الميدالية الذهبية فى التمثيل، وكنت ألقى قصائد الشعر، وأحد الحضور قال عقب قصيدة ألقيتها: «أما آمال، فقد ألقت فأبكت»، لكن رغم نشاطها الواسع خلال تلك الفترة وغنائها للملك فاروق وهى فتاة صغيرة، كانت آمال فهمى فى مقدمة صفوف الشباب الداعمين لثورة 23 يوليو بعد تحوُّل فى موقفها السياسى: «تحمست للثورة كثيراً، كنت واحدة من الشباب الذين أصبحوا غاضبين مما يسمعونه عن الملك فاروق وحاشيته، خاصة فى السنوات الأخيرة، وكنا فى ضمائرنا نتمنى لو أن هناك ثورة. لكننا كنا شباباً لا نملك هذا الأمر، حتى فوجئنا بأن الثورة قامت فانضممنا إليها وشجعناها وسجلنا مبادئها وناصرنا الضباط الأحرار ونحن فى جهاز الإعلام الأوحد خلال هذه الفترة. وأصبح جمال بالنسبة لنا هو رمز الوطنية».

مرحلة قريبة عاشتها هى مرحلة الرئيس الأسبق حسنى مبارك التى استمرت نحو 30 عاماً، اعتبرتها «مرحلة كان يمكن أن تصبح مصر خلالها أفضل مما كانت»، وتصف «مبارك» فى 3 كلمات فقط، فتقول: «بطل ظلم نفسه»، وتضيف: «هو بطل من أبطال العبور، لكنه ظلم نفسه لأنه وافق على أن نورَّث لابنه، كان يجب أن يحافظ على مكانته، وإلا كان الملك بقى فى منصبه لو كان المصريون للوراثة. هذا هو خطأ مبارك. وحتى الآن الناس تُجمع على أن حسنى مبارك بطل من أبطال حرب 73 لكنهم غاضبون من محاولة أن يجعل ابنه خلفاً له، وأقول لمبارك: نحن ما زلنا نراك بطلاً من أبطال أكتوبر، لكنك ظلمت نفسك».

خلال حديثها لـ«الوطن» كشفت «آمال فهمى» أن الرئيس الأسبق أجرى اتصالاً تليفونياً بها فور قدومها للمجمع الطبى العسكرى، موضحة أنها شعرت بسعادة كبيرة عقب ذلك الاتصال: «اتصل بى هنا فور حضورى منذ شهرين، وقال لى: سلامتك يا مدام آمال. وأنا ببعت لك السلام. فقلت له: أنا سعيدة أن بعض المواطنين جاءوا يحيونك على باب المستشفى، وأذاعوا لك أغنية إحنا اخترناك. ثم أخبرته بسعادتى بالمكالمة، وقلت له: متشكرة جداً على اتصالك، وأتمنى لك صحة جيدة. فحيانى وانتهت المكالمة».

الإذاعية الكبيرة أكدت أنها كانت فى انتظار «ثورة 25 يناير»، لكنها أصبحت حزينة على مصر بعدها، لأن مصر لا تستحق هذه الفوضى التى حدثت، حتى مجىء الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى -بحسبها- حافظ على مصر من استمرار الفوضى ومن مخططات للإضرار بها، فتقول: «رحبت جداً بالرئيس السيسى، واحترمته لأنى وجدت أن هدفه ليس الملك ولا القمة وإنما حب مصر فقط لا غير، آمنت به وانتخبته وكانت ساقى اليسرى مكسورة فذهبت على عكازين إلى لجنة الانتخابات وأعطيت صوتى له»، توضح أن واحدة من أكثر الزيارات التى أسعدتها خلال إقامتها بالمستشفى هى زيارة حرم الرئيس السيدة انتصار السيسى: «أحضرت لى صندوق ورد، وجاءت هنا وقالت لى سلامتك. وانتِ تستاهلى كل خير. وأنتِ قيمة وإن شاء الله آجى المرة الجاية تكونى فى أتم صحة»، وقلت لها: «أنا بعت لحضرتك سلامى، وأرجوكِ تبلغى تحياتى للرئيس السيسى. قالت لى حاضر».


مواضيع متعلقة