دستور الكويت.. منجم الحقوق والحريات الرائد فى الخليج

دستور الكويت.. منجم الحقوق والحريات الرائد فى الخليج
- أحمد الجابر
- أشكال التمييز
- أملاك الدولة
- أمير الكويت
- اتفاقية مناهضة التعذيب
- الأسرة الحاكمة
- الأمم المتحدة
- الإذاعة والتليفزيون
- الإعلان العالمى لحقوق الإنسان
- آباء
- أحمد الجابر
- أشكال التمييز
- أملاك الدولة
- أمير الكويت
- اتفاقية مناهضة التعذيب
- الأسرة الحاكمة
- الأمم المتحدة
- الإذاعة والتليفزيون
- الإعلان العالمى لحقوق الإنسان
- آباء
يطلق على دولة الكويت أنها واحة الديمقراطية فى الخليج، حيث إن لديها تجربة رائدة منذ عشرات السنوات، فضلاً عما تتمتع به من نظام نيابى مميز ودستور يعد من أفضل الدساتير فى المنطقة، ولذلك يفخر به الكويتيون لما يحمله من مبادئ تنص على العدل والمساواة والحرية والديمقراطية، وكذلك يفخر به المصريون لأنه وُضع من خلال كوادر دستورية مصرية لا تزال ذكراها حية حتى اليوم ولا تزال تشكل نموذجاً للعلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين.
ويجمع المؤرخون على أن الدستور الكويتى يعد الأول فى منطقة الخليج حيث تضمن مواد ومفاهيم متقدمة وفرت للأشقاء الكويتيين حياة مستقرة وحريات غير مسبوقة مكنتهم من تجاوز كثير من المخاطر والتحديات التى عصفت بعديد من الدول.
{long_qoute_1}
ووفقاً لآراء خبراء الدستور والقانون حول العالم، فإن الدستور الكويتى يعد من أفضل دساتير العالم فى مجال حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها، ومنذ أن صدر فى أوائل الستينات من القرن الماضى، عمل قادة الكويت المتعاقبون، وآخرهم الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، على تحقيق مبادئه التى تحمل قيم العدل والمساواة والحرية وتدعو إلى منح كل مواطن حق التعليم والصحة والرعاية وتضمن له صيانة نفسه وممتلكاته والتعبير عن رأيه بكل حرية دون تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين. ويشهد على نضج الدستور الكويتى ومدى ما يمنحه من حرية وديمقراطية كثير من دول العالم والمنظمات الدولية والحكومية والسياسية والحقوقية، ففى التقرير الدولى الأخير لحرية الأديان جاء أن الدستور الكويتى يوفر حرية مطلقة للمعتقدات وحرية الممارسات الدينية بما يتوافق مع التقاليد السارية فى المجتمع الكويتى.
وقال التقرير فيما يتعلق بالقسم الخاص بدولة الكويت «إنه لم يحدث تغيير فى حالة احترام الحريات الدينية من قبل الحكومة حيث تم احترام حرية المعتقد ولم تتدخل الحكومة فى العبادات».
آباء الدستور
ويمكن نسبة الدستور الكويتى إلى عدد من المؤسسين، هم آباؤه الحقيقيون، على رأسهم المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح أمير الكويت الراحل، وصاحب الدور الأكبر فى نهضة البلاد الأولى، الذى قرر أن يشرك الشعب معه فى إدارة الدولة بشكل منظم من خلال تحديد مسئوليات واختصاصات جميع المعنيين بهذا الشأن، ولذلك أصدر القانون 1 لسنة 1962 ودعا إلى انتخاب مجلس تأسيسى مهمته «وضع مشروع دستور للبلاد يبين نظام الحكم على أساس المبادئ الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت وأهدافها». وقد أجريت الانتخابات وتم تشكيل المجلس التأسيسى من عشرين عضواً منتخباً وأحد عشر وزيراً، يعدون أعضاء بالمجلس بحكم وظائفهم، وتم فى الجلسة السادسة للمجلس التأسيسى انتخاب أعضاء لجنة الدستور التى ضمت «يعقوب الحميضى، وعبداللطيف ثنيان الغانم، والشيخ سعد العبدالله الصباح، وحمود الزيد الخالد، وسعود العبدالرزاق».
وهكذا كان عهد الشيخ عبدالله السالم الذى امتد 15 سنة من السنوات البارزة فى تاريخ الكويت وأطلق عليه لقب (أبو الاستقلال) و(أبو الدستور) نظراً إلى جهوده المضنية وتضحياته وحكمته لنيل هذا الاستقلال.
ويحتفظ التاريخ بموقف الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم المشرف من الدستور عندما أكد أن مفهوم إشراك الشعب فى ممارسة السلطة لا يقبل المناقشة ووافق على اعتماد جميع بنود الدستور وعددها 183 بنداً، كما رُفع إليه من المجلس التأسيسى، ومن دون أن يُدخل عليه أى تعديل، طفيفاً كان أو جوهرياً، كما امتنع الوزراء فى المجلس التأسيسى من أبناء الأسرة الحاكمة عن التصويت على الدستور، حتى يكون نتاجاً لإرادة الشعب. وأصدر الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الدستور فى 11 نوفمبر 1962، حيث كتب فى مقدمته «نحن عبدالله السالم الصباح أمير دولة الكويت؛ رغبة فى استكمال أسباب الحكم الديمقراطى لوطننا العزيز، وإيماناً بدور هذا الوطن فى ركب القومية العربية وخدمة السلام العالمى والحضارة الإنسانية، وسعياً نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية، ويفىء على المواطنين مزيداً من الحرية السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية، ويرسى دعائم ما جُبلت عليه النفس العربية من اعتزاز بكرامة الفرد وحرص على صالح المجموع، وشورى فى الحكم مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره، وبعد الاطلاع على القانون رقم 1 لسنة 1962 الخاص بالنظام الأساسى للحكم فى فترة الانتقال، وبناءً على ما قرره المجلس التأسيسى، صدّقنا على هذا الدستور وصدّرناه».
ويؤكد المؤرخون أن دستور الكويت اتسم بروح التطور التى تعطى للشعب الكويتى الحلول الديمقراطية للانطلاق فى درب النهضة والتقدم والازدهار وهو الأمر الذى مكّن البلاد من انتهاج حياة ديمقراطية سليمة مستمدة من دستورها المتكامل الذى أُقِرّ من قبل مجلس تأسيسى منتخب من الشعب.
ومنذ صدور الدستور والكويت تشهد استقراراً داخلياً ونهضة شاملة وتوسعاً نحو مزيد من العلاقات المتينة مع دول العالم القائمة على الاحترام المتبادل كما بدأت فى تلك الحقبة بوضع القوانين والأنظمة مثل قانون الجنسية وقانون النقد الكويتى وقانون الجوازات وتنظيم الدوائر الحكومية وتم إنجاز نحو 43 قانوناً وتشريعاً مدنياً وجنائياً، كما صدر مرسوم أميرى بتنظيم القضاء وجعله شاملاً لجميع الاختصاصات القضائية فى النزاعات التى تقع فى البلاد بعد أن كانت بعض القضايا تُنظر أمام هيئات غير كويتية.
ونالت الكويت عضوية العديد من المؤسسات الدولية منها المنظمة الاستشارية البحرية والاتحاد الدولى للمواصلات السلكية واللاسلكية وبعد ذلك نالت عضوية الاتحاد البريدى العالمى ومنظمتى الصحة العالمية والأغذية والزراعة (فاو).
وانضمت الكويت أيضاً إلى منظمتى الأمم المتحدة للتعليم والبحث العلمى والثقافة (يونيسكو) والدول المصدرة للبترول (أوبك)، ولم تكن الكويت فى ذلك الوقت بعيدة عن التفاعل والمشاركة فى العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية العربية.
وكانت البلاد زاخرة بالعديد من الإدارات المنظمة جيداً والمهيأة على مستوى البنية الهيكلية لمزيد من التوسع والتطوير كإدارات الأشغال العامة والصحة العامة والمطبوعات والنشر وأملاك الدولة المالية، إضافة إلى المعارف والبلدية والبريد والبرق والهاتف والكهرباء والماء والغاز والشئون الاجتماعية والأوقاف العامة والإذاعة والتليفزيون.
بصمة مصرية
ومما يؤكد عمق الصلة بين البلدين الشقيقين وعراقتها وتشعبها لتشمل المجالات كافة، أنه كانت لمصر بصمتها على الدستور الكويتى حيث شارك فى وضعه الخبير القانونى للحكومة محسن عبدالحافظ والفقيه الدستورى عثمان خليل عثمان، وكلاهما مصريان تمت الاستعانة بهما من «الجمهورية العربية المتحدة» (آنذاك)، هذا بالإضافة إلى الدور الرائد الذى قام به الفقيه الدستورى المعروف عبدالرزاق السنهورى.
دستور متنوع
ويحتوى الدستور الكويتى على 183 مادة مقسمة على خمسة أبواب، الأول يُعنى بالدولة ونظام الحكم، والثانى يتعلق بالمقومات الأساسية للمجتمع الكويتى، والثالث خاص بالحقوق والواجبات العامة، أما الباب الرابع فيشمل خمسة فصول هى: «الأحكام العامة، رئيس الدولة، السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، وأخيراً الفصل الخامس الذى يعنى بالسلطة القضائية»، أما الباب الخامس فيتعلق بالأحكام العامة الوقتية والإجراءات الواجب اتباعها لتعديل أى مادة فى الدستور.
وكانت الكويت قد شهدت منذ مطلع القرن العشرين محاولات جادة لإنشاء مجلس منتخب ووضع دستور دائم للبلاد، غير أن جميع تلك المحاولات لم تدُم طويلاً، وانتهت بمواجهات بين السلطة والشعب، ومنذ اختيار الكويتيين الشيخ صباح الأول لإدارة شئون البلاد التى نزحوا إليها منتصف القرن الثامن عشر، وحتى وصول الشيخ مبارك الكبير سدة الحكم عام 1896، كان هناك اتفاق على صيغة «حكم مشترك»، حيث كانت الدولة تدار مشاركة بين التجار والشيوخ والشعب، إلا أن حكم الشيخ مبارك وتوقيعه اتفاقية حماية مع بريطانيا عام 1899 قاد إلى أن تنحو الأمور منحى آخر منذ ذلك الوقت، ففى عام 1921 وخلال حكم الشيخ أحمد الجابر، طالبت مجموعة من الكويتيين بإيجاد مجلس شورى ينظم العلاقة بين الحاكم والشعب، ويشارك فى إدارة أمور الدولة، ووافق على ذلك الشيخ أحمد الجابر وكان ذلك المجلس الخطوة الأولى فى التطور المؤسسى الدستورى فى الكويت.
إشراك المواطنين
فى عام 1938 أحيا الشعب الكويتى مطالبته بإيجاد مجلس تشريعى منتخب له صلاحيات واسعة، ومن مهامه وضع دستور ينظم العلاقة بين الشعب والحكومة والحاكم والقضاء، على أن توكل إليه أيضاً مهام تنفيذية، وتم انتخاب المجلس فى يوليو 1938 على هذا الأساس، ولكن مع نهاية العام كان دور المجلس قد تعاظم على حساب الأطراف الأخرى، ثم ما لبث أن حُل مجلس 1938 وعندما تولى الشيخ عبدالله السالم مسند الإمارة عام 1950 بدأت الكويت مرحلة جديدة شهدت إشراك المواطنين فى إدارة شئون بلدهم، ومن أبرز معالمها تأسيس المجالس المتخصصة والدوائر الحكومية، والتى استمرت فى عملها حتى أعُلن عن إلغاء معاهدة الحماية البريطانية فى 19 يونيو 1961، وتبع ذلك إنشاء المجلس التأسيسى واستكمال مقومات الدولة وفقاً للشكل الحديث.
ومع تعرض الكويت للغزو العراقى عام 1990، وتحررها 1991، عاد العمل بالدستور وتمت الدعوة لانتخاب مجلس الأمة (البرلمان) فى أكتوبر 1992 ومنذ ذلك الوقت والدستور هو الآليّة التى تنظم العلاقة بين الحاكم والشعب، وعلى أساسه تتم إدارة أمور الدولة.
مبادئ مستقرة
وقد اقتبس الدستور الكويتى المبادئ النيّرة التى قام عليها من الدساتير العالمية التى سبقته كالدساتير الفرنسية والأمريكية والمصرية، كما اقتبس كثيراً من المبادئ من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى تم إقراره فى العاشر من ديسمبر عام 1948، لذلك فكثير من نصوصه تتحدث عن صميم مبادئ حقوق الإنسان ووجوب احترامها وبذلك يعد الدستور منجم ذهب لهذه الحقوق التى أوصى بصونها علاوة على تبنيه الكثير من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تحفظ للمرأة حقها فى المساواة الكاملة مع الرجل دون تمييز حيث يضم مواد نصت وأقرت حقوق المرأة فى المساواة الكاملة فى الكرامة الإنسانية والحقوق والواجبات، كما ساوت بين جميع المواطنين دون تمييز أو تفرقة.
ولإيمانها بذلك انضمت الكويت إلى الكثير من اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية التى تحفظ حقوق الإنسان مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى واتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وإذا كان صمود الدستور الكويتى أمام التعديل رغم مرور عدة عقود شهدت عديداً من التطورات يعد أمراً لافتاً للنظر فإن دوره فى حماية الاستقرار السياسى والسلام الاجتماعى ليس محل خلاف، ولعل نجاح الدستور فى هذه المهمة راجع أيضاً إلى قناعة النظام السياسى فى الكويت بأهمية احترامه كقاعدة يتم اللجوء إليها فى حال الخلاف والاختلاف وهى قناعة ترسخت بعد المرور بعدد من التجارب التى تؤكد سلامتها.
وما زال الدستور يؤدى دوره بنجاح رغم جميع التحديات، خاصة فيما يتعلق بالمشاركة السياسية حيث يرسم بدقة ملامح العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، ووفقاً لهذه القواعد جرت فى نوفمبر من العام الماضى انتخابات جديدة لمجلس الأمة الذى يعد إحدى أهم الثمار السياسية للدستور الكويتى العريق.
- أحمد الجابر
- أشكال التمييز
- أملاك الدولة
- أمير الكويت
- اتفاقية مناهضة التعذيب
- الأسرة الحاكمة
- الأمم المتحدة
- الإذاعة والتليفزيون
- الإعلان العالمى لحقوق الإنسان
- آباء
- أحمد الجابر
- أشكال التمييز
- أملاك الدولة
- أمير الكويت
- اتفاقية مناهضة التعذيب
- الأسرة الحاكمة
- الأمم المتحدة
- الإذاعة والتليفزيون
- الإعلان العالمى لحقوق الإنسان
- آباء