مصر والكويت.. علاقات راسخة ومستقبل واعد.. والرئيس السيسى وأمير الكويت يجددان الالتزام بتعزيز التعاون الثنائى وتفعيل التضامن العربى

كتب: الوطن

مصر والكويت.. علاقات راسخة ومستقبل واعد.. والرئيس السيسى وأمير الكويت يجددان الالتزام بتعزيز التعاون الثنائى وتفعيل التضامن العربى

مصر والكويت.. علاقات راسخة ومستقبل واعد.. والرئيس السيسى وأمير الكويت يجددان الالتزام بتعزيز التعاون الثنائى وتفعيل التضامن العربى

تحتفل دولة الكويت الشقيقة هذه الأيام بعدد من أعيادها وأيامها الوطنية التى تتمثل فى العيد الوطنى السادس والخمسين، وعيد التحرير السادس والعشرين، إضافة إلى الذكرى الحادية عشرة لتولى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم فى البلاد.. وتعيش الكويت ذكريات الاستقلال والتحرر، مستشرفة آفاق المستقبل الذى يستند على تاريخ ممتد وعطاء مشهود لأمتها، قوامه التضامن والسلام والمحبة، يحق لها أن تفخر به.

وتعد العلاقات المصرية الكويتية جزءًا لا يتجزأ من تاريخهما ومسيرتهما المشتركة، حيث تتسم بسمات وخصائص تؤكد عمق الترابط الرسمى والشعبى بين البلدين متمثلة فى زيارات الوفود المتبادلة سواء على الصعيد الرسمى أو الشعبى، وهى تستثمر بذلك الدفعة التى تمنحها إياها الخصوصية التى تميزت بها هذه العلاقات والتى جعلتها تتنامى على نحو سريع وتزداد رسوخاً، بالإضافة إلى تطابق وجهات النظر حيال القضايا الحيوية التى تهم الأمتين العربية والإسلامية والتى تقوم على ثبات المواقف ووضوح الرؤى. وكما أكد الرئيس السيسى، فالعلاقات الأخوية بين البلدين تشهد نمواً مطرداً على مدار التاريخ، وعلى كافة الأصعدة، ويأتى ذلك انعكاساً للدفعة القوية التى اكتسبتها هذه العلاقات إبان العدوان الذى تعرضت له الكويت على يد نظام صدام حسين السابق فى العراق بعد أن أكدت مصر رفضها للعدوان ودفاعها ووقوفها إلى جانب الحق الكويتى، مثلما وقفت دولة الكويت مع مصر إبان العدوان عليها عام 1967 ونصر أكتوبر عام 1973.

{long_qoute_1}

تفاعل مستمر

كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للكويت فى أوائل يناير من عام 2015 تاريخية بكل المقاييس وفاتحة خير لمرحلة جديدة ومتطورة فى علاقات البلدين الشقيقين، حيث كانت الأولى التى يقوم بها عقب انتخابه بما يشبه الإجماع رئيساً لمصر بعد مرحلة فارقة فى تاريخها المعاصر، حيث دشنت لعهد جديد من التعاون الأخوى الوثيق وتبعتها تطورات شديدة الأهمية انعكست بشكل إيجابى على جهود التنمية والاستقرار فى مصر.

وتلا هذه الزيارة زيارتان لأمير الكويت إلى مصر، كانت الأولى فى مارس من العام نفسه للمشاركة فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ والذى شهد تقديم حزمة مساعدات واستثمارات جديدة لمصر بلغت 4 مليارات دولار أضيفت إلى حزمة المساعدات التى أعقبت ثورة 30 يونيو وكانت بقيمة 4 مليارات دولار ليصل مجموع التدفقات المالية المقررة من الكويت إلى مصر ما يقدر بـ8 مليارات دولار بالإضافة إلى عدد من الاتفاقيات الأخرى التى تم توقيعها مع الصندوق الكويتى للتنمية بما يتجاوز 200 مليون دولار.

وفى أغسطس من العام نفسه قام الشيخ صباح الأحمد بزيارة جديدة لمصر شارك خلالها فى الاحتفالات الكبيرة التى صاحبت افتتاح مشروع ازدواج قناة السويس ومنذ ذلك التاريخ شهدت العلاقات الثنائية عدداً من الزيارات، كان أهمها زيارة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد على رأس وفد كبير لرئاسة الجانب الكويتى فى اجتماعات الدورة الحادية عشرة للجنة المصرية الكويتية المشتركة العام الماضى والتى أسفرت عن توقيع 5 اتفاقيات جديدة، ليرتفع بذلك إجمالى الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين البلدين إلى 90 اتفاقية تعاون تغطى سائر المجالات. وأكد الشيخ صباح الخالد عقب لقائه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى على هامش الاجتماعات أن العلاقات الكويتية المصرية تمثل نموذجاً لما يجب أن تكون عليه العلاقات الثنائية بين الدول، كما شهدت فعاليات مؤتمر القمة العربية الأفريقية التى عقدت فى مدينة مالابو بجمهورية غينيا الاستوائية فى نوفمبر الماضى لقاءً ثنائياً بين الزعيمين أكدا خلاله على الطبيعة الخاصة لعلاقات البلدين وتوافقا على استمرار التنسيق والتشاور إزاء القضايا الدولية والإقليمية.

وعلى الصعيد نفسه يؤكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد دائماً على دعم ومساندة دولة الكويت لمصر ووقوفها بجانبها لدفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، سواء من خلال صندوق التنمية التابع للحكومة الكويتية أو من القطاع الخاص المتطلع لزيادة استثماراته فى مصر، كما يؤكد تقديره لنجاح الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إعادة الأمن والاستقرار إلى مصر، مشيداً بتنفيذ جميع خطوات خارطة الطريق، ومؤكداً ثقته فى قدرة الرئيس على قيادة مصر نحو استعادة دورها الريادى على المستويين الإقليمى والدولى لما تمثِّله من أهمية كبيرة للأمة العربية وفى الدفاع عن قضاياها.

ومن ناحيته، يؤكد الرئيس عبدالفتاح السيسى دائماً قوة ومتانة العلاقات الكويتية المصرية، مشيراً إلى أن مصر لن تتوانى فى الدفاع عن أشقائها فى الخليج فى حال تعرضهم لتهديد مباشر، كما يشيد الرئيس بحكمة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ومحبته؛ ويحرص على مشاركة الكويت احتفالاتها بالأعياد الوطنية التى تشهدها هذه الأيام.

شراكة استراتيجية

ومن كل ذلك تتجلى أهمية علاقات البلدين وحرصهما المشترك على استمرار التنسيق والتواصل على أعلى المستويات بما يمكن معه توصيف العلاقات بين البلدين بأنها علاقة بين شريكين استراتيجيين، الأمر الذى يعنى مشاركة متعددة الأبعاد، منها السياسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية، ومنها المشاركات الرسمية وغير الرسمية على المستوى الشعبى.

وتاريخياً بدأت علاقات البلدين على المستوى الشعبى قبل أن تبدأ على المستوى الرسمى مع منتصف القرن التاسع عشر، حينما انخرط طلاب العلم الكويتيون الذين أتوا للدراسة فى أروقة الأزهر وكليات الجامعة الأهلية فى الحياة المصرية، وعادوا لنشر العلم فى الكويت، ومنهم محمد الفارسى، ومساعد العازمى وغيرهم، كما ذهب من مصر للكويت عام 1913 الشيخ محمد رشيد رضا، وحينما ذهب للكويت استُقبل استقبالاً عظيماً، وألقى مجموعة محاضرات، وعاد لكى ينشر سلسلة مقالات فى مجلته «المنار» عبر فيها عن انطباعاته الإيجابية عما شاهده فى الكويت، وكيف تفاعل مع الكويتيين فى هذا الوقت.

وفى عام 1924 كان نادى الأدب الكويتى يستضيف كتاب الصحف المصرية، ويطالع أعضاؤه الصحف والحياة السياسية ويناقش الواقع الثقافى فى مصر، ويتفاعلون مع المشهد السياسى المصرى بشتى الصور.

{long_qoute_2}

علاقات عريقة

العلاقات السياسية الأولية بين الدولتين بدأت بالتواكب مع الحراك السياسى والشعبى فى مصر عام 1919 حينما زار ولى العهد فى ذلك الوقت الشيخ أحمد الجابر القاهرة، والتقى بالسلطان حسين كامل ملك مصر وقتها بعد الحرب العالمية الأولى، وأجرى الطرفان مباحثات ثنائية تتعلق بمجالات وآفاق التعاون، كما زار القاهرة القائم بأعمال وزير الأوقاف ووزير المعارف الشيخ عبدالله الجابر الصباح فى العام 1953 واستقبله فى المطار كل من اللواء محمد نجيب والبكباشى جمال عبدالناصر.

وفى عام 1959 افتُتح بيت الكويت بالقاهرة بحضور الرئيس جمال عبدالناصر وقبلها فى العام 1942 كانت قد بدأت العلاقات الثقافية رسمياً فى شكل البعثة التعليمية الكويتية لمصر باتفاق بين وزير المعارف الدكتور طه حسين، ومدير إدارة المعارف الكويتية آنذاك.

ضد العدوان الثلاثى

وحينما تعرضت مصر للعدوان الثلاثى عام 1956 عارض الكويتيون بشدة هذا العدوان، واهتمت القيادات الكويتية وقتها بدفع تبرعات كثيرة، منها ما دفعه الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت الحالى ويقدر بنحو 100 ألف روبية من إجمالى 700 ألف روبية دُفعت لمصر وقتها.

وحينما أعلنت الوحدة السورية - المصرية فى عام 1958 أكدت الكويت دعمها لتلك الوحدة بالكامل.

وعند إعلان استكمال استقلال الكويت فى عام 1961 أرسل الرئيس جمال عبدالناصر برقية إلى الشيخ عبدالله السالم أمير الكويت وقتها، قال فيها «فى هذا اليوم الأغر الذى انبثق فيه فجر جديد فى تاريخ الوطن العربى باستقلال الكويت وسيادتها، ليسرنى أن أبادر بالإعلان عن ابتهاج شعب الجمهورية العربية المتحدة، وعظيم اغتباطهم بهذا الحدث التاريخى المجيد الذى اعتزت به نفوس العرب جميعاً، وليس أحب لقلوبنا من أن ننتهز هذه المناسبة السعيدة لنبعث إلى سموكم وإلى شعب الكويت الشقيق بأجمل تهانينا القلبية وأمانينا الصادقة، داعين الله تعالى أن يكتب لكم التوفيق والسداد وأن يمدكم بعونه، حتى يصل الكويت فى عهده الجديد بفضل قيادتكم إلى تحقيق ما يصبو إليه من عزة ومجد ورفاهية».

هذه البرقية - بحسب خبراء العلوم السياسية - حددت مسار العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين طوال الحقبة التى تلتها، ورسخت الأساس الفكرى والأيديولوجى الذى حدد هذه العلاقات ودعمها. وعارضت مصر وقتها تهديدات الرئيس العراقى عبدالكريم قاسم لضم الكويت للعراق، وأصدر الرئيس جمال عبدالناصر بياناً جاء فيه «إن الوحدة لا تتم إلا بالإرادة الشعبية فى كل من البلدين وبناء على طلبهما معاً»، وقال عبدالناصر كلمته الشهيرة «مصر ترفض منطق الضم». وعلى الرغم من أن مصر كانت غير متحمسة لاستدعاء الكويت لقوات بريطانية وقتها، إلا أنها أيدت هذا الطلب فى الجامعة العربية، بل وشاركت فى القوات العربية التى تجمعت وقتها للدفاع عن الكويت، وردت الكويت سريعاً هذا الأمر بدافع من انتمائها القومى فى حرب 1967 ونصر عام 1973.

شركاء فى النصر

ويذكر التاريخ أن الشيخ صباح الأحمد، أمير الكويت الحالى، قد قابل الرئيس جمال عبدالناصر خلال العدوان الإسرائيلى على مصر عام 1967 وأكد له أن الكويت تدعم مصر بالكامل فى هذه الأزمة.

وقتها كانت أشكال الدعم الكويتى قوية جداً، منها إرسال لواء اليرموك الكويتى للمشاركة مع القوات المصرية، وكان لواء اليرموك يمثل وقتها ثلث الجيش الكويتى، بمعنى أن الكويت أرسلت ثلث جيشها النظامى إلى مصر لدعمها فى حربها ضد الكيان الإسرائيلى، كما أرسلت ثلثى تسليح الجيش الكويتى إلى مصر، منها مدفعية ودبابات ومدرعات ولو أرادت أى قوى خارجية غزو الكويت فى ذلك الوقت كان يمكنها أن تفعل ذلك، ولكنها تحملت المخاطرة من أجل التزامها القومى تجاه مصر وانتمائها العربى.

وبحسب المراجع التاريخية فإن هذا اللواء وصل إلى مصر للتمركز فى منطقة رفح والعريش، وحينما وصل إلى منطقة رفح صباح الخامس من يونيو كانت المعركة قد بدأت، فاضطر وقتها للعودة إلى منطقة دهشور، وأعلنت الكويت وقف تصدير النفط إلى الدول المؤيدة لإسرائيل بالكامل، واستمر لواء اليرموك فى مصر لدعم القوات المصرية حتى حانت لحظة النصر فى أكتوبر 1973.

حقاً إنه تاريخ حافل يستحق أن تطالعه الأجيال ليدرك الجميع كم هى قوية تلك العلاقات، وكم هى عميقة الجذور بحيث لن تتراجع أو تهتز مهما كانت العقبات والتحديات.


مواضيع متعلقة