الدقهلية: اختفاء دور العرض.. و«مسرح المنصورة» لا يزال مغلقاً منذ تفجير مبنى المديرية فى 2013

كتب: صالح رمضان

الدقهلية: اختفاء دور العرض.. و«مسرح المنصورة» لا يزال مغلقاً منذ تفجير مبنى المديرية فى 2013

الدقهلية: اختفاء دور العرض.. و«مسرح المنصورة» لا يزال مغلقاً منذ تفجير مبنى المديرية فى 2013

اختفت دور السينما من محافظة الدقهلية تماماً، ولم يتبق منها أى دار واحدة، بعد أن تم هدم بعضها، وتحول البعض الآخر إلى قاعات أفراح، فيما اختفى دور الدولة تماماً فى السيطرة على ما يتم عرضه من أفلام، بعد أن ظهرت قاعات خاصة تعرض مواد ترفيهية عربية وأجنبية، فى الأعياد والمناسبات فقط.

وكانت الدقهلية تتميز بانتشار دور العرض فى كافة مدنها، ففى المنصورة وحدها كان هناك 3 دور هى «عدن - أوبرا - التحرير»، والسنبلاوين بها «سينما أم كلثوم - الأميرة»، ودكرنس بها سينما «أبوالحسن»، بالإضافة إلى سينمات فى مدن المنزلة، وميت غمر، وشربين، وبلقاس، وجمصة، بالإضافة إلى المسارح الكبرى، التى أقيمت عليها عروض تاريخية فى فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضى مثل «مسرح المنصورة القومى» الذى كان مسرحاً للأنشطة الثقافية حتى عام 2005 حيث أغلق وتوقفت جميع أنشطته التى كانت تمارس عليه وأصبح فى حالة يرثى لها حتى ضرب الإرهاب مبنى مديرية أمن الدقهلية فى 24 ديسمبر من عام 2013، ما أدى لتصدع المسرح المجاور لمبنى المديرية، وتساقط أجزاء منه فى الهجوم الإرهابى ولا تزال عمليات ترميمه جارية حتى الآن.

{long_qoute_1}

وقال عبداللطيف سالم، أحد سكان مدينة السنبلاوين، إن سينما أم كلثوم كانت إحدى دور العرض الكبرى، التى تعرض أفلام فريد شوقى، وأضاف: «كنا شغوفين بما يعرض بها، وكذا سينما أميرة، التى كانت تعرض العرض الأول، مثل أفلام عادل إمام، كل هذا تم إغلاقه فى الوقت الحالى، وتحولت سينما أم كلثوم إلى قاعة تابعة لمجلس المدينة كان يجتمع بها المجلس المحلى وحالياً قاعة اجتماعات».

وقال عمر عبدالحليم، أحد سكان دكرنس، سينما أبوالحسن كانت تعرض أفلاماً جديدة ويأتى سكان الأرياف لمشاهدة عروضها، وكانت تكتظ بالمشاهدين، خاصة يوم الأربعاء، وهو يوم السوق الأسبوعى لدكرنس. وأشار إلى أن انتشار الخارجين عن القانون والباعة الجائلين ولعب القمار فى محيط السينما دفع أصحابها إلى إغلاقها لفترة كبيرة، ومؤخراً تحولت إلى قاعة أفراح. وأكد أنه رغم المشاكل التى كانت تسببها الدار فإنها كانت تجذب عائلات محترمة، وتستضيف عروضاً خاصة، وأسهمت فى تشكيل وعى جيلنا.

ويتذكر محمد عبدالجواد، أحد سكان المدينة، عندما كان طالباً يتنقل بين السينمات لمشاهدة عروض الأفلام بها، وكان سعر التذكرة لا يتعدى 10 قروش، وقال: «كنت أنتهى من سينما وأدخل أخرى، وكانت أوقاتاً ممتعة لنا كشباب»، وأشار إلى أن هذه الروح نمت فينا حب الفن والفنانين، ورغم انتشار التليفزيون فى الفترة الأخيرة فإن جو السينما وعروضها الأولى لها طقوس خاصة، وإحساس مختلف لا يعرفه سوى جيلنا.

«سينما المنزلة تربينا فيها ليس فقط على عروضها السينمائية فقط ولكن المسرحية التى كانت تقام بها»، قالها على العلاوى، من أبناء المدينة، وأشار إلى أن كل الاجتماعات والمناسبات الكبرى كانت تعقد بالسينما، حتى وقت قريب، وكان يتم عرض الأفلام فيها ويتم اختيارها بعناية كبيرة لذلك كنا نترك أبناءنا يذهبون لمشاهدة الأفلام والمسرحيات بها ونحن مطمئنون. وروى عادل عفر، مدير مسرح المنصورة القومى، تاريخ بناء المسرح، وقال إن عمره أكثر من 100 عام، ومبنى على الطراز الإيطالى، وتبين أوراق ملكية المبنى الموجودة فى حى غرب المنصورة وسجلات دار المحفوظات بالقلعة أن المبنى كان من ملحقات قصر أمينة هانم، زوجة الخديو توفيق، وبنى عام 1870 ثم قام المهندس الإيطالى أ. ماريللى عام 1902م بتصميمه وإعادة بنائه ليحتوى على ديوان مجلس بلدية مدينة المنصورة وحجرات وصالة لإقامة أعضاء المجلس البلدى، بالإضافة إلى مسرح (تياترو) يتسع لـ650 مقعداً، وبه كازينو المجلس البلدى وصالة للبلياردو وكان يتوسط القوس الكبير للمسرح تاج ملكى مذهب وتتدلى منه ساعة كبيرة، وفى الأربعينات تم تخصيص صالة المسرح لوابورات المطافئ، حتى عام 1964 عندما تم إعادة افتتاح مسرح المنصورة القومى فى عيد الدقهلية القومى 7 مايو 1964 وكانت ستائر المسرح فى الافتتاح من القطيفة ذات اللون الأحمر المشغولة بخيوط الذهب. وذكر أن المسرح شهد إقامة أهم العروض المسرحية منذ الثلاثينات؛ حيث وقف عليه كل من جورج أبيض ويوسف بك وهبى، الذى قدم على خشبته عرضاً مسرحياً لموسم كامل، كذلك أقامت عليه السيدة أم كلثوم عدداً من الحفلات الغنائية فى الثلاثينات وأوائل الأربعينات، وقدم عليه الفنان محمد صبحى مسرحية على بك مظهر، ويوسف شعبان مسرحية مطار الحب، ورغم أهمية المسرح فإنه تم استقطاع أجزاء كثيرة منه على مر تاريخه بداية من تحويل صالته لجراج للمطافئ ثم تحويل الكازينو الخاص به الذى كان يخدم الجمهور فى استراحات العروض إلى مقر لبنك الدقهلية ثم فرع للمصرف المتحد «حالياً»، وتحويل غرف الممثلين خلف خشبة المسرح لمعرض للأسر المنتجة، وتأجير الاستراحات الخاصة بالممثلين للأفراد واستغلالها فى أنشطة تجارية. وقال السيد حامد، من أهالى المنصورة، إن انتشار المسرح والسينما فى الدقهلية شكل وعى أجيال من المحبين للفن، الذين تعلقوا بنجوم السينما مثل فاتن حمامة وعادل إمام ويونس شلبى، وكانوا يتمنون أن يكونوا مثلهم. وأشار إلى أن طلاب الجامعة يقضون حالياً أوقات فراغهم فى الشوارع أو على المقاهى، واختفت الندوات الثقافية والمسرح والسينما تماماً من حياة شبابنا وتفرغوا لمشاهدة الفضائيات فقط.

وقال محمود خفاجى، نقيب الفنانين التشكيليين بالدقهلية، إن دور العرض تعانى من انهيار مبانيها، وعدم تجديدها حتى فقدت مصداقيتها وتواصلها مع المواطنين، خاصة مع ارتفاع أسعار التذاكر فيها، خاصة أن الفضائيات لم تترك شيئاً إلا وتعرضه من بث يومى للأفلام والمسلسلات، بالإضافة إلى تحميل الأفلام حتى الجديد منها، ما جعل هناك حالة من عدم اهتمام المواطن نفسه بالذهاب إلى السينما.

وأشار إلى أن المسئولين عن الثقافة والتنفيذيين لهم دور كبير فيما حدث من إهمال وعدم تجديد دور العرض، وحالياً سينما السيارات منتشرة فى العالم كله لكنها غير موجودة فى مصر، ولدينا مسرح فى قصر ثقافة المنصورة لا يقدم سوى عرض واحد فى العام بالكامل، وتم تسريح الفرق الموجودة به.

وقال عاطف عميرة، مدير عام ثقافة الدقهلية، إن دور السينما هى القوة الناعمة التى تغير المجتمع بشكل إيجابى، والمنصورة وحدها كان بها 4 دور عرض جميعها اختفى وكانت من أفضل السينمات وتركتها الحكومة فريسة للهدم ولم يتم بناء بديل لها وحصل أصحابها على تراخيص بناء أبراج سكنية بالتحايل على القانون الذى يجرم ذلك. وأضاف أن الدقهلية من المحافظات الكبرى التى بها حراك ثقافى كبير، وتعتبر من ثالث محافظات مصر الثقافية، وكانت السينمات متنفسنا ونحن صغار وكنا نخرج من دار عرض لندخل أخرى. وأشار إلى أنه يجرى حالياً حصر للمواقع الثقافية فى الدقهلية، التى تصلح أن تقام بها عروض سينمائية ولدينا 41 موقعاً ثقافياً جارٍ اختيار بعض منها لتنظيم عروض سينمائية بها.


مواضيع متعلقة