أسعار الأراضى دمرت «السينما» فى الأقاليم.. والمهرجانات تفشل بسبب عدم وجود أماكن للعرض

كتب: نورهان نصرالله

أسعار الأراضى دمرت «السينما» فى الأقاليم.. والمهرجانات تفشل بسبب عدم وجود أماكن للعرض

أسعار الأراضى دمرت «السينما» فى الأقاليم.. والمهرجانات تفشل بسبب عدم وجود أماكن للعرض

معاناة تمر بها السينما المصرية، بالرغم من عودة الحياة تدريجياً إليها بعد سنوات من الخمول، ففى الوقت الذى بدأ فيه الإنتاج السينمائى يعود إلى أرقامه المعتادة، بدأت الصناعة تعانى من تقلص دور العرض بشكل ملحوظ على مدار سنوات، خاصة فيما يتعلق بالمحافظات والأقاليم، بينما يتركز النشاط على المناطق المركزية الكبرى، وعانت المحافظات من تجاهل كبير، خاصة فيما يتعلق بوجود دور العرض ليصبح حضور فيلم رفاهية تتطلب السفر إلى أقرب منطقة مركزية قد تبعد مئات الكيلومترات.

ولم يقتصر تأثير قلة دور العرض على الجمهور فقط، بل أدى إلى نقل فعاليات مهرجان الأقصر للسينما الأوروبية بعد أربع دورات بسبب خلو المحافظة من دور العرض السينمائى، وعلى الجانب الآخر تحولت بعض القاعات فى المحافظات الأخرى إلى مجمعات سكنية أو قاعات أفراح أمام مرأى ومسمع من الدولة ووزارة الثقافة.

{long_qoute_1}

قال الموزع أنطوان زند إن دور العرض السينمائى فى المحافظات والأقاليم تعانى من قلة الاهتمام، حيث لا يصل مستواها إلى واحد على مائة من مستوى دور العرض فى القاهرة الكبرى أو الإسكندرية، بالرغم من أنه فى عقود سابقة كان لها وجود فى مجموعة كبيرة من القرى ولكن أصحابها فضلوا تحويلها إلى جراجات أو هدمها لتحل محلها مشروعات تجارية.

تابع «زند» لـ«الوطن»: «من المشاكل التى تواجهنا فى بناء دور عرض بالمحافظات قلة عدد نسخ الأفلام الأجنبية التى تكفى بالكاد المجمعات السينمائية الموجودة حالياً، وحرمان معظم دور العرض الصغيرة، ما يهددها بالتوقف، أو عرض الأفلام الأجنبية فى المحافظات بعد عرضها بشهر فى القاهرة، ما سيجعل تلك الأفلام أشبه بـ«العيش البايت»، إضافة إلى أن معظم السينمات هناك ما زالت تعتمد على نسخ 35 ملل، فى الوقت الذى أصبحت السينما الديجتال هى المسيطرة، وفى الوقت الذى قد يجازف فيه أحد المستثمرين بأمواله فى شراء أجهزة حديثة بالغة التكاليف لا بد أن يتأكد أنه سيتمكن من تحقيق ربح من تلك الخطوة، لذلك نحتاج من الدولة والمحافظين توفير تسهيلات لبناء مجمعات سينمائية فى مختلف المحافظات سواء من خلال تقديم دعم أو تخفيضات على أسعار الأرض، بالإضافة إلى إعفائهم من نصف الضرائب المقررة لمدة خمس سنوات، وبالتالى تشجع الدولة المستثمرين على الوجود فى المحافظات، ما سينعش صناعة السينما والاقتصاد ويخدم الجماهير بصورة أفضل».

وأشار أحمد بدوى، مدير عام شركة «دولار فيلم» للإنتاج الفنى، إلى أن فساد المحليات يحول دون التحرك فى المحافظات بحرية، وتم إجهاض محاولات تمت من جانب المستثمرين أكثر من مرة بسبب الإجراءات شديدة التعقيد فيما يتعلق بإنشاء دور العرض فى مجموعة كبيرة من المحافظات المحرومة من الخدمات السينمائية. وتابع «بدوى» لـ«الوطن»: «هناك محافظات كثيرة لا يوجد بها دار عرض واحدة منها أسيوط، سوهاج، بنى سويف، المنوفية، الأقصر وأسوان، فضلاً عن المحافظات التى تعانى من وجود دور عرض أخرى متهالكة، والأمر خارج إطار غرفة صناعة السينما وشعبة دور العرض فنحن فى حاجة إلى تدخل الدولة لتسهل تلك الإجراءات، ما يساهم فى خلق حالة من النشاط السينمائى». من جانبه، قال سيد فتحى، مدير غرفة صناعة السينما، إن الدولة لا بد أن تكون شريكاً أساسياً فيما يتعلق بإنشاء دور عرض سينمائى فى المحافظات، لذلك يجب أن تبدأ بتوفير أراضٍ مدعمة ومناسبة لتلك المشاريع، متابعاً: «ويجب أن يعمل أصحاب المجمعات التجارية بالمحافظات على توفير أماكن لقاعات العرض بداخلها بأجور مناسبة غير مبالغ فيها». وأضاف «فتحى» لـ«الوطن»: «لا تقتصر كل المعوقات على الدعم، فهناك بعض المشاكل المتعلقة بطبيعة السكان الذين تختلف خصائصهم عن خصائص الجمهور فى القاهرة أو المحافظات الكبرى، ما يترتب عليها ضعف إيراداتها، خاصة مع زيادة أسعار الكهرباء وأجور العاملين، وهناك سينمات أخرى تحقق إيرادات بشكل موسمى مثل سينمات مرسى مطروح، أو المحافظات الريفية التى تقل فيها معدلات التردد على دور العرض السينمائى».

وتابع: «استهلكنا سنوات طويلة فى مخاطبة الدولة لحل مشاكل أصحاب دور العرض فيما يتعلق بالضرائب المرتفعة، ما يؤثر على الإيرادات، خاصة بعد ارتفاع أسعار المياه والكهرباء، وطلبنا من الدولة أن تتم معاملة دور العرض معاملة المصانع وليس معاملة الملاهى الليلية، وبالتالى أصحاب دور العرض فى المحافظات لن يستطيعوا تحقيق مكاسب بعد كل تلك التكاليف، فهناك سينمات تابعة للشركة العربية فى أسيوط تركوها بسبب العائدات التى لا تغطى تكاليف عروض الأفلام بعد تحملهم خسارة كبيرة».

من جانبه، قال محسن البغدادى، مدير شركة «النصر» للتوزيع، إن القوة الشرائية فى المحافظات أقل من القاهرة الكبرى، إضافة إلى الإقبال الضعيف فى بعض الأقاليم، متابعاً: «محافظات الصعيد لا توجد فيها سينما تعمل بشكل جيد سوى المنيا، وبالتالى الاستثمار فى سينما المحافظات ليس جاذباً بالنسبة للمستثمرين بسبب ضعف الإقبال، وغيره من العوامل». وأشار «البغدادى» إلى أن إنشاء دور العرض فى المحافظات يجب أن يكون مسئولية الدولة، مضيفاً: «يجب أن تدعم الدولة السينما من خلال بناء قاعات عرض للتنفيس عن الجمهور، من خلال وزارة الثقافة التى تمتلك أماكن موجودة بالفعل فى قصور الثقافة وكانت تؤدى هذا الدور فى فترات سابقة، وإذا لم تستطع الدولة فعل ذلك تستطيع أن تطرحها لبعض شركات التوزيع لتديرها مقابل نسبة أو قيمة إيجارية».


مواضيع متعلقة