«البيزنس» يذيب جليد العلاقات المصرية الألمانية

كتب: صالح إبراهيم

«البيزنس» يذيب جليد العلاقات المصرية الألمانية

«البيزنس» يذيب جليد العلاقات المصرية الألمانية

عندما تتوافق المصالح تتلاشى الخلافات، وعندما يدخل «البيزنس» والاقتصاد على الخط، يذوب الجليد وتتقلص مساحات الخصومة وتحل محلها مساحات التقارب القائم على المنافع المتبادلة.

{long_qoute_1}

لفترة طويلة ظل الموقف الألمانى من الدولة المصرية عقب «ثورة 30 يونيو» متحفّظاً، إن لم يكن رافضاً للحدث من الأساس، غير أن هذا الموقف تبدّل تماماً خلال فترة لم تتجاوز العامين، بدأت مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى برلين فى مايو 2015، وتوقيع صفقة «سيمنس» مع مصر، لتوريد محطات كهرباء بقيمة بلغت 8 مليارات يورو، وهى الصفقة «المنفردة» الأضخم على الإطلاق فى تاريخ الشركة الألمانية.. اللافت أن «صفقة سيمنس» كانت التمهيد الحقيقى لإذابة الجليد بين القاهرة وبرلين، وكانت أيضاً بداية لتعاون اقتصادى على نطاق أوسع مع الجانب الألمانى فتح الباب لإزالة حائط الجليد الذى مثّل حاجزاً حقيقياً أمام الملف السياسى بين البلدين.

«الوطن» رصدت من برلين عدة مشاهد على هامش المشاركة فى أكبر معرض للحاصلات الزراعية «فروت لوجيستكا» مثّلت فى مجملها دلائل قوية على تغيّر وجهة نظر الجانب الألمانى بشأن ما حدث فى مصر، وتحسّن العلاقات المصرية - الألمانية، وبلوغها أفضل محطاتها عبر بوابة «البيزنس». أولى تلك الدلائل ما أعلنه السفير المصرى فى برلين بدر عبدالعاطى، خلال استقبال وفد رجال الأعمال المصريين المشاركين فى المعرض عن زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مارس المقبل، وهى الزيارة الأولى من نوعها منذ «ثورة 30 يونيو»، ومن المخطط أن تتبع تلك الزيارة، أخرى لوزير الزراعة الألمانى كريستيان شميدت، فى 12 أبريل المقبل، وهى الزيارة التى تُعد الأولى من نوعها فى العلاقات المصرية - الألمانية.

ثانية الدلائل التى تؤكد بدء مرحلة جديدة فى العلاقات بين القاهرة وبرلين، كشف عنها الوزير المفوض التجارى محمد خلاف، رئيس المكتب التجارى المصرى فى برلين، الذى أكد دراسة إقامة نحو 6 مشروعات كبرى حالياً بين الجانبين المصرى والألمانى. وكشف «خلاف» لـ«الوطن»، الترتيب لعدد من الاجتماعات بالقاهرة خلال الفترة المقبلة، للاتفاق على الخطوات التنفيذية، لبدء تنفيذ تلك المشروعات، موضحاً أن هناك مشروعاً للبتروكيماويات يتم التباحث بشأنه بين شركات مصرية وكورية وألمانية برأسمال يصل إلى 6 مليارات دولار، بنسب مساهمة متساوية بين الأطراف الثلاثة، مشيراً فى الوقت ذاته إلى أن المشروع مقرر إقامته فى محور قناة السويس.

ولم يتوقف الأمر عند مشروع البتروكيماويات، إذ من المنتظر أن يكون هناك مشروع آخر للتعاون بين الجانبين المصرى والألمانى فى إطار مشروع المليون ونصف المليون فدان، فوفقاً لرئيس المكتب التجارى فى برلين، من المقرر أن تتم الاستعانة بالخبرة الألمانية فى مجال دراسة التربة والبذور والتقاوى وآليات تقليل الفاقد من المحاصيل الزراعية. وتبحث الشركات الألمانية حالياً مع الجانب المصرى مشروع المزارع السمكية التى سيتم إقامتها فى محور قناة السويس، حيث يجرى حالياً، حسب «خلاف»، بحث إمكانية استيراد الطلمبات التى ستقوم برفع المياه من قناة السويس وتزويد المزارع السمكية بها، مما يرفع جودة الأسماك التى سيتم تربيتها فى هذه المزارع بما يشبه البيئة نفسها التى توجد بها. الجديد فى الأمر، أن التعاون الاقتصادى سيمتد أيضاً إلى مجال الثروة الحيوانية، حيث يتم التفاوض حالياً مع الجانب الألمانى لاستيراد الأبقار ضمن مشروع وزارة الزراعة الخاص بـ«المليون رأس ماشية». وذكر «خلاف» أن هناك خطة للاستفادة من الخبرة الألمانية فى تربية المواشى، بما يُحدث طفرة فى إنتاج اللحوم، موضحاً أنه سيتم التفاوض لأول مرة بحث استيراد الأبقار من ألمانيا. لافتاً فى الوقت ذاته إلى أن دولة مثل تركيا سبقت مصر فى خطوة استيراد الأبقار الألمانية التى تُدر كمية ألبان تزيد على الـ40 كيلوجراماً يومياً، وقامت بالتخلص من سلالتها القديمة المشابهة لسلالة الأبقار المصرية، التى لا تُدر أكثر من 4 كيلوجرامات ألبان فى اليوم.

وحسب بيانات المكتب التجارى فى برلين، فإن حجم التجارة بين البلدين بلغ خلال 2016 نحو 5 مليارات يورو، وهو أكبر رقم للتبادل التجارى فى تاريخ العلاقات بين البلدين، وبلغ حجم الصادرات المصرية نحو 1.7 مليار يورو مقابل 3.3 مليارات يورو واردات، وهى الأرقام القابلة للزيادة خلال الفترة المقبلة مع تزايد التعاون الاقتصادى بين البلدين.


مواضيع متعلقة