الحب فى زمن الـ facebook

كتب: هبة حسنين

الحب فى زمن الـ facebook

الحب فى زمن الـ facebook

محظوظون جداً من عاشوا الحب فى عصره الفائت، فعقارب الساعة لا ترجع إلى الخلف، وقصص الحب التى عاشها السابقون رحلت معهم ولم يبق منها سوى مشاهد وثقتها السينما فى علب الأفلام القديمة. فى محراب الـ«فيس بوك» توارى الحب الحقيقى وحل بدلاً منه حبٌّ افتراضى يواكب التكنولوجيا الحديثة.. حب لا يعمل بدقات القلب بل بإشعارات تُصدر تنبيهات جاهزة ومعلبة لا تُكلفك كثيراً فقط تحسس شاشة تليفونك المحمول وبضغطة واحدة على رسمة تعبيرية «إيموشن»، يمكنك أن تقول ما تشعر به وما لا تشعر به. الحب فى الزمن الافتراضى أصبح سهلاً ومجانياً، يأتى سريعاً ويذهب سريعاً دون أن يترك أثراً، ولا يصنع ذكرى ولا يُسبّب وجعاً، ومثلما يبدأ بإشارة «love» ينتهى بـ«block».. وكان الله بالسر عليماً، ومن يخلق قصة حب ثم تتناثر كالرماد فى سحاب العالم الافتراضى قادر على أن يخلق غيرها وغيرها، ويحلق كل يوم هائماً فى سماء العشق الصناعى.. فمثل هذا الحب لا يدوم طويلاً. فى دولة الفيس بوك الشقيقة، هناك مريدون و«حبيبة» يعزفون على آلة الحب الحديثة، يصدرون أنغاماً شاذة لا تحلو إلا لهم ولا تروق إلا لمن سار على دربهم، هؤلاء لهم طريقتهم فى الحياة، لهم ثقافتهم ومعتقداتهم، لهم لغة لا يفقهها الكثيرون، صنعوها هم بأنفسهم ولأنفسهم حتى لا يفهمهم سوى من يؤمن بهم، لغة هجين من لغات مختلفة تمزج بين العربية والإنجليزية وأحياناً تأخذ من العبارات الأدبية الروائية لتخلق مصطلحات جديدة مثل «بنت قلبى» و«ابن دين الحب». فى هذا الملف الذى يتزامن مع الاحتفال بـ«الفالنتين» تناقش «الوطن»، تفاصيل هذا العالم المختلف وما فعله فى المجتمع المصرى الذى أصبح أفراده يقبعون خلف أجهزة إلكترونية يواصلون من خلالها الضغط على ما تبقى من حب ضائع ووصال مفقود.


مواضيع متعلقة