نزار قباني.. "كلُ هذا الشعر.. كل هذا الحب"

نزار قباني.. "كلُ هذا الشعر.. كل هذا الحب"
لم يرتبط شاعر واحد في العصر الحديث بالعاطفة والمرأة كما فعل نزار قباني، الذي تمحورت أغلب كتاباته حول المرأة، وكانت قصائده تتمدد واحدة تلو الأخرى في وصف النساء حتى وصلت إلى تفاصيل عميقة تتعلق بمفاتن الجسد وبوصف تفصيلي لما يدور بينه وبين امرأةٍ ما، كما تعامل مع المحبوبة على أنها النفس المتردد في الصدور، ومحور الحياة الذي تسير الدنيا من أجله أو تتوقف.
وبطبيعة الحال، ومنذ شعراء الجاهلية، فإن الشعر أو أي نص أدبي يمكن أن يتضمن تفاصيل كهذه، لكن نزار كان يصطدم أحيانا بالمجتمع وبرجال دين، بسبب كثافة تناوله لجسد المرأة، وفي جميع الأحوال كان الحب والمشاعر المتبادلة بين الرجل والمرأة بكل صورها، موضوعا أسس عليه نزار مشروعه الشعري في فترات طويلة من حياته، ربما خفت حدة الأمر نسبيا مع اهتمام نزار بالسياسة في فترة ما بعد حرب 1967، لكنه ظل رمزا وشاعرا للحب.
وخلافا لما يسمى بالغزل الحسي الذي أكثر نزار من كتابته، كان لديه رؤية أخرى للمرأة لا علاقة لها بالمشاعر والجنس وإنما بكونها جزءًا من المجتمع، فقد كان يرى أن العرب ينظرون إليها على أنها أداة للمتعة فحسب، وأراد مقاومة هذه النظرة فدفع بها إلى المقدمة بدلا من أن تكون مجرد تابع، وأولاها اهتماما كبيرا ربما لم تحظ به المرأة من قبل عند أديب أو شاعر في العصر الحديث، كما أنه لم يكن هناك اهتمام بالمرأة بهذه المباشرة حتى لدى الأديبات النسويات أنفسهن، إلا فيما ندر.
ويعبر عن ذلك قائلا:
ثُوري
أحبّكِ أن تثُوري..
ثُوري على شرق السبايا والتكايا.. والبخُورِ
ثُوري على التاريخ، وانتصري على الوهم الكبير
لا ترهبي أحدا . فإن الشمس مقبرةُ النسورِ
ثُوري على شرقٍ يراكِ وليمةً فوقَ السريرِ
ويقول نزار في حوار مع مفيد فوزي، إن العلم والاقتصاد والمال والزواج والاختيار جميعم في يد الرجال، ولا فرق في انتهاج هذا الفكر بين الرجل الأمي والمثقف، مضيفا: "الرجل لن يعطيها شيئا إطلاقا فيجب أن تثور".
وشهدت حياة نزار قباني قصة حب انتهت نهاية مأساوية، فزوجته الثانية بلقيس ماتت في هجوم انتحاري على السفارة العراقية ببيروت في ديسمبر 1981، فرثاها بقصيدة دامعة، كما كتب أبياتا على شاهد قبرها:
بلقيس
يا عطراً بذاكرتي
يا زوجتي.. وحبيبتي.. وقصيدتي
نامي بحفظ الله أيتها الجميلة
فالشعر بعدك مستحيلٌ
والأنوثةٌ مستحيلة
قصيدة "إني عشقتك"
ويقول:
لأن كلام القواميس مات
لأن كلام المكاتيب مات
لأن كلام الروايات مات
أريد اكتشاف طريقة عشقٍ
أحبك فيها .. بلا كلمات
***
حبك يا عميقة العينين
تطرف
تصوف
عبادة
حبك مثل الموت والولادة
صعبٌ بأن يعاد مرتين
***
جميع ما قالوه عني صحيح
جميع ما قالوه عن سمعتي
في العشق والنساء قول صحيح
لكنهم لم يعرفوا أنني
أنزف في حبك مثل المسيح