الموزع الأساسى لقلوب «الفالنتين»: الحب فى مصر يبدأ من «ناهيا»

كتب: عبدالله عويس

الموزع الأساسى لقلوب «الفالنتين»: الحب فى مصر يبدأ من «ناهيا»

الموزع الأساسى لقلوب «الفالنتين»: الحب فى مصر يبدأ من «ناهيا»

درجتان للأسفل، و3 خطوات فى فناء مظلم، تقود إلى باب خشبى قديم، لا يتحمل ركلة قدم ليتحطم على أثرها، يقبع خلفه عدد من ماكينات الخياطة، وأمتار من قماش القطيفة الأحمر النارى، وأجولة من حشوات الفايبر، ورجل احتفل لتوه بإتمام الـ49 من عمره، يحث نفسه على إتمام العمل بدقة وبسرعة «يا رب يسّر لنا الصعب.. عندنا طلبية 3000 قلب».

ورشة لا تزيد مساحتها على 50 متراً، فى حارة ضيقة متفرعة من شارع شعبى ببولاق الدكرور، لا شىء يدل على أن الورشة محراب صنع هدايا الفالنتين، ومنها تخرج مئات القلوب الحمراء لتوزع على المحافظات، المفارقة بدت فى اسم الشارع الذى لا يحمل علامة مميزة عن الحب «عوف حرب»، وأخرى بدت داخل الورشة، فصاحبها لم يهدِ أحداً طيلة حياته قلباً واحداً ولا حتى زوجته. داخل الورشة، يقوم محمد فؤاد بكل الأدوار، هو الأسطى والصبى، يجلس خلف ماكينة القص، ويرص قماشه، ويبدأ فى رسم القلب وقصه، بعدها ينتقل إلى ماكينة الخياطة ليبدأ تقفيل الشكل، ثم يبدأ مهمة الحشو والتطريز، آلية عمل تستلزم منه تركيزاً شديداً، يدفعه لإغلاق باب الورشة على نفسه معظم الوقت، اللهم إلا لحظات يزوره فيها عامل المقهى لزوم «كوباية شاى»، عدا ذلك يركز الرجل فى مهمته: «بعمل لوحدى 300 قلب فى اليوم، وبابدأ من بعد الظهر ولحد الفجر».

10 سنوات هى عمره فى المهنة، التى اختارها لنفسه، بعد انتشار القلوب الحمراء وعادة الاحتفال بالفالنتين بين الشباب، لم تكن هذه بدايته، حين قدم من سوهاج 1987 واستأجر ورشته الصغيرة ليبدأ فيها صناعة «توك الشعر»، ليشهد عام 2005 انطلاقته فى عالم القلوب، سنوات قليلة وأصبح من أشهر المصانع المحلية لإنتاج القلوب، لدرجة أنه يوزع بضاعته فى المحافظات والمكتبات الكبرى، لم يكن الأمر معضلة: «هو القلب المستورد إيه غير شوية فايبر وقماش أحمر»، لكنه وإلى جوارها كان يلجأ إلى تفصيل «البوكسرات»، قبل أن يتحول البوكسر إلى منتج له إعلانات تليفزيونية وماركات تتصارع عليه.

«أنا وبلا فخر المورد الأساسى لكل سريحة مصر»، قالها «فؤاد» فى معرض حديثه عن نفسه، يؤمن الرجل أن تحرير سعر الصرف وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه فرصة ذهبية للصناعة المصرية: «دلوقتى الصينى صعب يدخل البلد، ومابقاش رخيص، نشتغل إحنا بقى ونحل محلهم».. الخامات الأساسية التى يعمل بها «محمد» لصنع 320 قلباً من الحجم الصغير لا تتجاوز قماشاً من القطيفة يصل «التوب» الواحد منه إلى 500 جنيه، بالإضافة إلى حشو أبيض «فايبر» يكفى الـ20 كيلو منه لتلك الكمية، ويبلغ ثمن الكيلو الواحد 30 جنيهاً، وشمع لكتابة الأسماء يبلغ ثمن الكيلو 53 جنيهاً لكنه يكفى 250 قلباً، و«توب» من الشيفون لصنع الشرائط الحمراء المزركشة حول القلب، و«برونز» بـ60 جنيهاً للكيلو ويكفى 700 اسم، وهى أسعار يعتبرها الرجل مضاعفة عن السابق، ودفعته لزيادة ثمن بيع القلب الصغير من 125 قرشاً للواحد إلى 350 للجملة، والكبير من 10 جنيهات إلى 20 جنيهاً، مشيراً إلى أن صافى ربحه قديماً كان أكثر من 20 ألف جنيه، لكنه الآن يتمنى أن يصل إلى نصف هذا العدد: «المشكلة أن الهدايا دلوقتى بقت كماليات، والناس مش ملاحقة على الأساسيات».

بائع القلوب لم يسبق له أن أهدى أحداً قلباً، ولا حتى زوجته أو أبناءه الأربعة، لا يرى فى الأمر عجباً، فالصعايدة بطبائعهم لا يعترفون بمثل هذه الأشياء.


مواضيع متعلقة