التشريعات: «الثغرات» القانونية أبواب خلفية لارتكاب الجرائم دون رادع

التشريعات: «الثغرات» القانونية أبواب خلفية لارتكاب الجرائم دون رادع
- أجهزة الرقابة
- أحكام القانون
- ارتكاب الجرائم
- استرداد الأموال
- استيراد السلع
- الأبواب الخلفية
- الأجهزة الرقابية
- الأقصى للأجور
- الأموال العامة
- أجهزة الرقابة
- أحكام القانون
- ارتكاب الجرائم
- استرداد الأموال
- استيراد السلع
- الأبواب الخلفية
- الأجهزة الرقابية
- الأقصى للأجور
- الأموال العامة
لم تخف الحكومة وجود قصور تشريعى، أو ما يمكن أن نسميه أسباباً قانونية ترتبت عليها زيادة الفساد، وذكرت ذلك صراحة فى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التى تم إطلاقها عام 2014. وكان أول الأسباب القانونية التى وردت بالاستراتيجية ضعف الحماية للشهود والخبراء والمجنى عليهم والمبلغين، وثانيها طول الإجراءات القانونية والقضائية، حيث يستغرق التحقيق والمحاكمة فى جرائم الفساد فترة زمنية طويلة نسبياً، ما يضعف من قوة الردع القانونية تجاه المفسدين ويزيد من فرص هروب المتهمين إلى الخارج قبل محاكمتهم أو ضياع الأدلة أو تدميرها أو التأثير على الشهود أو عدم الاستفادة منهم لأسباب متعلقة بالسفر أو الوفاة، وهو ما يساعد فى ترسيخ شعور عام بعدم جدية الإجراءات القانونية أو القضائية لمكافحة الفساد وما يترتب على ذلك من تأخر استعادة الحقوق المسلوبة واسترداد الأموال محل الجريمة.
{long_qoute_1}
من بين الأسباب القانونية أيضاً التى ذكرتها الاستراتيجية، التراخى فى تنفيذ العقوبات الصادرة فى جرائم الفساد وضعف العقوبات المقررة على بعض تلك الجرائم مثل جرائم تهريب السلع المدعمة بما يؤدى إلى زيادة معدل وقوعها نظراً إلى الاستهانة بعقوباتها.
يعد أيضاً تعدد القوانين واللوائح المنظمة لعمل الجهات الحكومية وتداخلها أحد أسباب الفساد، حيث يؤدى هذا التعدد إلى حدوث ثغرات عند التطبيق نتيجة التداخل فيما بينها، ومنها:
1- تشتت العاملين بشأن الموقف الحالى للإجراءات واجبة التطبيق فى العمل الحكومى وتفضيل اللائحة التى تحقق له غرضه سواء بحسن نية أو بسوء نية وهو ما يعزز من ممارسات الفساد.
2- زيادة الممارسات البيروقراطية نظراً لقيام العاملين بتطبيق أكثر من لائحة تحكم ذات الإجراءات، ما يفتح مجالاً أكبر لممارسات الفساد.
3- صعوبة فهم المواطن العادى للقوانين واللوائح والإجراءات المترتبة عليها، ما يجعله عرضة لتوجيه الموظف المختص، وهو ما يفتح الباب لممارسات الفساد كدفع رشاوى وغيرها.
4- إصدار العديد من اللوائح الخاصة ببعض شركات قطاع الأعمال العام والتى تعد أموالها أموالاً عامة تتضمن انعقاد اختصاص الإدارة القانونية بالتحقيق بالمخالفات المالية على خلاف الشريعة العامة الواردة بالقوانين المعمول بها وحال صدور تلك اللوائح بقرارات وزارية وهى مستوى تشريعى أدنى من القانون والتوسع فى إنشاء مجالس تأديب بها، التى تخضع بطبيعتها لرئاسة الجهة، ما يؤدى إلى التستر على بعض المخالفات المالية، فضلاً عن عدم حماية العاملين من تعسف جهة الإدارة.
{long_qoute_2}
ليست هذه هى الأسباب القانونية الوحيدة التى ساعدت على الفساد، ولكن هناك أسباباً أخرى كشف عنها المستشار رفيق سلام، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، فى مقدمتها عدم خضوع ما يقرب من مليون موظف حكومى لجهاز الكسب غير المشروع، وفقاً للمادة الأولى من قانون الكسب، معتبراً أن هذه الفئة من العاملين بالمستوى الثالث، أى على الدرجات الرابعة والخامسة والسادسة بالجهاز الإدارى، الأكثر فساداً؛ لأنهم فى الغالب يكونون وسطاء بين «الراشى والمرتشى».
ورصد «سلام» عدة نماذج للفساد المقنن، فى مقدمتها صدور الكثير من الفتاوى والقرارات التى تجيز عدم الخضوع لأحكام القانون 63 لسنة 2004 بشأن الحد الأقصى للأجور، الذى كان من أولويات رئيس الجمهورية لتحقيق العدالة الاجتماعية، إلا أنه تم الالتفاف على هذا القانون بكثير من الفتاوى القضائية والقرارات الإدارية لاستثناء فئات كثيرة من الخضوع للقانون.
وأضاف «سلام» أن من بين مظاهر الفساد المقنن أيضاً احتكار استيراد السلع الاستراتيجية، التى تعتبر أمناً قومياً على شركات وأشخاص رغم أنه يجب قصرها على الدولة ممثلة فى الهيئة العامة للسلع التموينية.
وتابع نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية أن العقود التى أُبرمت لبيع شركات القطاع العام فى العهود السابقة تعد أيضاً من مظاهر الفساد، حيث حدد بنك الاستثمار القومى قيمة هذه الشركات وعددها 347 شركة بـ 700 مليار جنيه بينما تم بيعها بـ 28.8 مليار جنيه.
من مظاهر الفساد المقنن أيضاً السماح للقضاة بالانتداب للجهات الإدارية، واعتبر «سلام» هذا الأمر أحد الأبواب الخلفية للفساد الذى نال من هيبة وشرف القضاة. وتابع أن وجود 32 جهازاً رقابياً لا نعرف ولا نسمع إلا عن 3 فقط هى «الرقابة الإدارية، الجهاز المركزى للمحاسبات، مباحث الأموال العامة»، يعد أيضاً أحد أشكال الفساد المقننة، متسائلاً: أين باقى الأجهزة الرقابية؟! مطالباً بضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية لتكشف عن الجرائم، والدليل على ذلك قضية فساد القمح، فلا يمكن لأى شخص أن يكتشفها من أجهزة التحقيق أو المحاكمة، إلا من خلال أجهزة الرقابة، ولذا كانت البداية بكشف القضية من قبَل مباحث التموين فى القليوبية، فلا بد من تفعيل دور الأجهزة الرقابية لحماية المال العام ومحاربة جرائم الكسب غير المشروع.
وأشار إلى أن تعدد أجهزة الرقابة ضرورى ومهم وفعال، ولكن لا بد من تفعيل أدوار هذه الأجهزة، ولا بد أن يكون هناك تناغم وتنسيق بينها وتقسيم للأدوار لكشف الفساد، فعلى سبيل المثال لا بد أن توضع خطة داخل كل جهاز رقابى لتنفيذها كل فى نطاق عمله.
واعتبر نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية الصناديق الخاصة أحد أشكال الفساد المقنن، قائلاً إن السماح بإنشاء صناديق خاصة بالوزارات والمحافظات لجمع الأموال بوجه حق أو بدون وجه حق فى بعض الأحيان دون أدنى رقابة من الدولة عليها يعد أحد أبواب الفساد، خاصة أن كثيراً من هذه الأموال يتم جمعها من المواطنين رغماً عنهم على سبيل التبرع، وتمثل هذه جريمة الغدر، وهى إحدى جرائم المال العام بتحصيل ما ليس مستحقاً قانوناً.
وتابع أن قيام الكثير من الوزارات والمصالح الحكومية بفرض رسوم على المواطن البسيط دون سند تشريعى وبقرارات إدارية أو وزارية لا سند لها من القانون يعد فساداً مقنناً.
وقال المستشار أحمد عبدالرحمن، النائب الأول لرئيس محكمة النقض السابق، إنه يجب إعادة النظر فى المادة 107 من قانون العقوبات، التى تعفى الراشى من العقوبة فى حال أدت أقواله لكشف الجريمة. مضيفاً: «البعض استغل هذه المادة لتكرار جريمة الرشوة تحت دعوى إنهاء مصالحه تحت ضغوط الموظف المرتشى، وهو ما حدث فى قضية رشوة وزارة الزراعة المحبوس على ذمتها الوزير السابق صلاح هلال، بتبرئة محمد فودة، الراشى، من القضية».
وأضاف «عبدالرحمن» أن فرنسا عدّلت قانون العقوبات لديها بأن اعتبرت الراشى متهماً مثل المرتشى باعتبار أن جريمته تعد جنحة يعاقب عليها، بينما نحن فى مصر، الذين أخذنا القانون من فرنسا، رفض مجلس النواب تعديل المادة 107 بمعاقبة الراشى.
كما طالب النائب الأول لرئيس محكمة النقض السابق، بتوسيع قاعدة الخاضعين لقانون الكسب غير المشروع لتشمل أصحاب الكادرات الخاصة، بمن فيهم القضاة، لمواجهة الفساد وتحقيق المساواة بين كل الجهات، خاصة أن هناك فتوى من مجلس الدولة بعدم خضوع القضاة لقانون الكسب غير المشروع لكونهم ليسوا موظفين عموميين.