محمود مسلم يكتب: الانطباع والواقع مؤتمر جديد

محمود مسلم يكتب: الانطباع والواقع مؤتمر جديد
- أسرة مصرية
- أضرار جسيمة
- الدولة المصرية
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الفيس بوك
- المؤسسات الدينية
- المرحلة الحالية
- المشروعات القومية
- الواقع المصرى
- شعارات دينية
- أسرة مصرية
- أضرار جسيمة
- الدولة المصرية
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- الفيس بوك
- المؤسسات الدينية
- المرحلة الحالية
- المشروعات القومية
- الواقع المصرى
- شعارات دينية
صك الرئيس عبدالفتاح السيسى مصطلحاً جديداً يمكن أن يضاف إلى معايير استقرار الدول عندما تحدث أمس فى مؤتمر الشباب حول الفارق بين الانطباع والواقع.. وأعتقد أن «السيسى» أدرك مبكراً أن قضية «الوعى» تمثل ركناً أساسياً فى المرحلة الحالية، وإن كانت حكومته لم تعمل بشكل ممنهج على هذه القضية الخطيرة حتى الآن.
فى ظنى أنه عندما تتسع الفجوة بين الانطباع والواقع، حتى لو كان الأخير صعباً، ستظهر مشكلات وهمية تؤدى إلى أضرار جسيمة؛ بداية من عدم الانتماء، إلى بناء أوهام حول قضايا وأشخاص غير حقيقية، وقد كشفت ثورة 30 يونيو القناع عن وجوه وكيانات وقضايا ظل المصريون سنوات عديدة يتوسمون فيها الوطنية والعلم والشرف، والتحدى الذى يواجه الدولة المصرية حالياً هو إنعاش الوعى لعدم تكرار حالة الغياب الوطنى مرة أخرى.
يتحدث الرئيس دائماً عن الوعى كـ«أم التحديات»، وقد ذكر خلال كلمته بالمؤتمر أن قلة الوعى والاختلاف يمثلان استهدافاً من الخارج لإيقاف تقدم الدولة، وهذا صحيح، خاصة أن دولة 30 يونيو قامت على عودة الوعى ضد الإخوان فى الداخل وأمريكا وقطر وتركيا فى الخارج، ووحدة المصريين ضد من أرادوا خطف دولتهم، لكن هذان الملفان يحتاجان إلى جهد أكبر بكثير مما يتم الآن لاستمرار عملية الاصطفاف التى مما لا شك أنها تعرضت لانتكاسات خلال الأشهر الماضية، وعملية الوعى التى تحتاج إلى تكاتف الإعلام والثقافة والتعليم والمؤسسات الدينية.
ثقة الناس فى الدولة ومؤسساتها تعتمد على قياس الفارق بين الانطباع والواقع.. فإذا فقد المواطن الثقة فإن المصير سيكون صعباً، فالواقع مهما كان صعباً سيكون الوعى به أفضل بكثير من العيش فى أوهام أو انطباعات يتم تصديرها من صفحات «الفيس بوك» الممولة من الخارج، أو لغياب المعلومات والوعى، وهو تقصير واضح بالحكومة.
والمؤكد أن بناء وطن قوى يعتمد بالأساس على مواطن واعٍ ومدرك، خاصة أن عملية التغييب التى استهدفت هذا الشعب على مدى سنوات طويلة ودغدغة مشاعره بشعارات دينية ومواقف قومية واستدعاء نماذج غربية أو إقليمية لمقارنة الواقع المصرى بها، بالإضافة إلى ضرب مؤسساته ورموزه وقدوته، أدت إلى عملية غضب ممنهجة ومستمرة مهما كانت الإنجازات أو التحديات.
ومشروع «الوعى» هو التشخيص الحاضر والتنفيذ الغائب رغم أنه الخطر الأول الذى يهدد المصريين ومؤسسات الدولة والمشروعات القومية واستقرار البلد. وغياب الوعى يمثل الأداة الأولى لكل المغرضين فى الداخل والخارج لاستهداف الدولة.. فالجهد الذى يُبذَل لمواجهة الشائعات وعمليات الترصد أقل بكثير من الجهد المبذول فى صناعة الوهم، مما يجعل الانطباع دائماً مختلفاً عن الواقع، فنجد الحكومة فى محل نقمة دائمة أكبر بكثير مما تستحق، فيما تتوه الإنجازات فى مناخ الإحباط المستمر، وتترسخ انطباعات أو أفكار، لدى الشباب خاصة، غير صحيحة سيدفع الوطن ثمنها، بدليل أن أفكاراً كثيرة خلال السنوات الماضية تمت مراجعتها وتغييرها، فلا أعتقد أن مصرياً واحداً استطاع على مدى السنوات الست الأخيرة الاحتفاظ بأفكاره وانطباعاته دون تغيير، حيث تعرض المصريون لأكبر عملية تغييب خلال هذه الفترة.
عملية الوعى ليست ترفيهاً ولا أمراً هامشياً، بل هى أساس للاستقرار والتقدم، خاصة فى ظل عملية الانفتاح بين قطاع الشباب الذين تتجاوز طموحاتهم عنان السماء، وفقاً لما يشاهدونه فى الخارج أو يقرأونه على الإنترنت، وأصبح تحول حلم السفر إلى واقع فى كل أسرة مصرية، وبالتالى فإن بناء عقل الإنسان مهمة صعبة فى ظل عمليات تشويش أحياناً متعمدة وفى أحيان أخرى تتم عن جهل. وبما أن الوعى يتم بناؤه بالتراكم فليس أمامنا حل إلا استراتيجية علمية واضحة لبناء عملية وعى للمصريين يعرفون من خلالها الواقع الحقيقى بإنجازاته وتحدياته ومشكلاته دون تعتيم أو تشويش، ويدرك المواطن من خلالها ثوابته الوطنية ويزيد من انتمائه وثقته فى المؤسسات بدلاً من حالة الشك التى أصبحت تسيطر على كل شىء. وأقترح أن يعقد المؤتمر الشبابى المقبل لبحث هذه الاستراتيجية من أجل تقليل الفجوة بين الانطباع والواقع، ليس بطريقة تجميله بالطبع، ولكن بطرح كل الحقائق بتفاصيلها حتى يدرك الناس «مصر من أين وإلى أين؟؟»، فمن مصلحة المصريين أن يقف الجميع على أرض صلبة بكافة الحقائق بكل مراراتها وفجعاتها بدلاً من العيش فى أحلام أو أوهام، وإدارة حوار واقعى للخروج من عنق الزجاجة.
خلق جيل واعٍ هو التحدى الأكبر أمام الدولة المصرية لأنه هو الذى سيحميها ويعمق استقرارها ويثبتها، ويطور مؤسساتها وينتشلها من حالة شبه الدولة، وهذا سيؤدى إلى تقليل الفجوة بين الانطباع والواقع.. فالوعى يؤدى إلى الاختيار الأفضل دائماً مما يزيد من درجة الثقة فى المستقبل ليكون أفضل من الواقع.. والحقائق أقوى من الانطباع!!