باحثون: الإسلاميون قاطعوا الانتفاضة إرضاء لـ«السادات»

كتب: محمود عدوى

باحثون: الإسلاميون قاطعوا الانتفاضة إرضاء لـ«السادات»

باحثون: الإسلاميون قاطعوا الانتفاضة إرضاء لـ«السادات»

اتفق معظم الباحثين والمحللين السياسيين على أن تيار الإسلام السياسى لم يشارك على الإطلاق فى الحراك الثورى الذى واجهه الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، عام 1977، المعروف إعلامياً باسم «انتفاضة الخبز» أو «انتفاضة الفقراء»، بسبب وجود مصالح سياسية قوية ربطت وقتها بين تيارات الإسلام السياسى وبين نظام الرئيس السادات، الذى استخدمهم وقتها لتفزيع مؤيدى الزعيم جمال عبدالناصر، وتلجيم جموح النشطاء الثوريين واليساريين، وانطلاقاً من هذا الدور عمدوا إلى تشويه الانتفاضة إرضاء لـ«السادات».

{long_qoute_1}

ورأى الدكتور عمار على حسن، الكاتب والباحث السياسى، أن هناك سببين لعدم مشاركة الإسلاميين فى انتفاضة الخبز فى عام 77؛ أولهما: أن القضايا الاجتماعية الخاصة بالفقراء والمهمشين من الشعب، لم تكن فى محل اهتمام التيار الدينى، إلا من باب الصدقات ليس أكثر، وكانت أفكارهم لا تنظر لتلك القضايا على اعتبارها حقوقاً إنسانية، بل فى الأصل لا يعتبروها حقوقاً، وأضاف «حسن»، لـ«الوطن»، أن السبب الثانى، كان يرجع لقوة علاقة التيار الدينى فى ذلك الوقت وعمق تحالفه مع الرئيس السادات، ضد التيار اليسارى والناصرى، حيث كانت العلاقة بينهم وقت الانتفاضة «حميمية»، مشيراً إلى أنهم كانوا سلاح النظام فى المدارس والمصالح الحكومية والجامعات والنقابات، لمحاصرة اليسار الذى قاد انتفاضة الخبز فى الشوارع، ولم يهتم التيار الدينى مطلقاً بالقضايا الاجتماعية، بل شارك السلطة فى تشويه الانتفاضة، ووصفها بالمؤامرة، وغيرها من الأوصاف السلبية.

واتفق معه فى الرأى الدكتور هانى رسلان، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية، مشيراً إلى وجود حالة من التقارب بين الإسلاميين والنظام فى ذلك الوقت، تأسست على حالة الخصومة الشديدة بين نظام السادات من جانب وبين اليساريين والناصريين من جانب آخر، حيث تعامل الإسلاميون بـ«خبثهم» المتعارف عليه لكسب رضا النظام، ومن خلاله بدأوا بالتسلل والاستيلاء على ساحات الجامعات والتحرك بكل حرية فى الدولة بشكل عام، وأضاف «رسلان» أن اختفاءهم عن الساحة السياسية ووجودهم الضعيف بالساحة الشعبية فى عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، هو ما جعلهم يسعون للتقرب من النظام بأى شكل يسمح لهم بالتوغل عبر الوظائف العامة للدولة، فالمعروف عن الجماعات الإسلامية دائماً هو البحث عن المصالح الشخصية، وهو ما تظهره بشكل واضح تلك الانتفاضة الشعبية التى شارك فيها الجميع وغابت عنها فقط الجماعات الإسلامية حفاظاً على مصالحهم الشخصية.

وعلى نفس السياق، قالت كريمة الحفناوى، عضو سكرتارية الحزب الاشتراكى المصرى، وأحد أعضاء الحركة الطلابية، التى قادت مظاهرات 18 يناير 1977، إن غياب الإسلاميين عن تلك الانتفاضة كان من أجل العودة للحياة السياسية من جديد، ولو كان على حساب الشعب، فلم يبحثوا سوى عن مصالحهم الشخصية، وهو ما جعل نظام الرئيس السادات يستخدمهم لمحاربة جميع فئات الشعب سواء حركات يسارية أو عمالية أو طلابية، وغيرها، واعتبرت «الحفناوى» أن غيابهم عن الأحداث وقتها كان تعبيراً عن توجهاتهم التى لا ترى سوى مصلحتهم فقط، كما كان واضحاً حينها وجود صفقة عقدوها مع النظام من أجل العودة، مقابل محاربة اليساريين وكل من يطالب ويرفع شعارات تنادى بالوقوف بجانب الشعب والفقراء، مشيرة إلى أن عصام العريان، القيادى الإخوانى، وعبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، والقيادى الإخوانى السابق، كانا من أبرز المحاربين للحركة الطلابية حينها، واختتمت «الحفناوى» حديثها بالقول: «الجماعات الإسلامية طوال عمرهم يعيشون فى كنف أى سلطة لتحقيق مصالحهم الشخصية، لذلك من الطبيعى ألا يشاركوا فى أى انتفاضة لا تحقق أهدافهم».

من جانبه، قال الدكتور ناجح إبراهيم، أحد القادة التاريخيين للجماعة الإسلامية، إن عدم مشاركة الإسلاميين فى الانتفاضة، لم يكن هروباً من تحمل المسئولية، ولكن لأنهم لم يكونوا قد أفاقوا من صدمة ما تعرضوا له من قمع فى عهد «عبدالناصر»، وخروجهم حديثاً من السجون فى عهد الرئيس السادات، وفى الحقيقة وقتها لم يكن لهم وجود ملموس بالشارع يجعلهم يخرجون فى انتفاضة شعبية أو أى حراك مشابه، وأضاف «إبراهيم» أن الإسلاميين كانوا وقتها فى مرحلة لم الجراح، ولهذا لم يتسنَّ لهم المشاركة فى تلك الانتفاضة، مؤكداً أن الأمر لم يكن يشغل بالهم من الأساس، كما أن تصدر اليساريين والناصريين لأحداث يناير 77، لم يكن يسمح لهم بالوجود حتى لو أرادوا المشاركة.


مواضيع متعلقة