فى إحدى سفرياتى إلى باريس قابلت على الطائرة شاباً مصرياً بسيطاً.. هادئاً.. بشوشاً.. يعمل مهندساً بمصر للطيران.. تخصصه الأساس فى هندسة الطائرات.. ولكن تخصصه العام حب مصر والبحث لحلول جديدة مبتكرة لمشاكلها الكبرى.
قال لى وقتها إنه سجل براءة اختراع لحل مشكلة الألغام.. وإن هذا الحل لا يكلف إلا ملاليم مقارنة بالمليارات التى يمكن أن تصرف فى حالة إزالة الألغام بالوسائل التقليدية الموجودة فى جميع أنحاء العالم المتقدم!
مرت الأيام.. وإذا بهذا الشاب يفاجئنى برسالة على الإيميل.. فيها من العلم والخيال والابتكار وحب مصر ما يجعلنى أدعو كل شريف إلى قراءتها ومحاولة الاستفادة بها.
الاقتراح الأول يتلخص فى كيفية توفير مياه النيل التى تضيع فى البحر الأبيض المتوسط بلا طائل.. والتى تقدر فى بعض السنوات بخمسة مليارات متر مكعب!!
يقترح المهندس إسماعيل حماد عبدالعال إنشاء (باب دوار) فى نهايات كل من فرعى دمياط ورشيد.. بحيث تمنع هذه الأبواب إهدار ماء النيل فى البحر.. وتسمح بمرور المراكب بأنواعها من البحر للنيل والعكس.. مع استخدام البعد الجمالى والفنى لهذه الأبواب فى اجتذاب السياحة الداخلية والخارجية كما يحدث للبوابات الشبيهة فى هولندا وبنما وفينسيا.. وإن كانت لهذه البوابات أغراض أخرى غير منع إهدار المياه العذبة فى المياه المالحة.
الاقتراح الثانى يتلخص فى زراعة منخفض القطارة بعيداً عن النظرية الشائعة فى مصر والتى تطالب بإدخال مياه البحر إلى المنخفض وبالتالى توليد الطاقة الكهربائية من اندفاع المياه من المستوى الأعلى إلى المستوى الأدنى للمنخفض.
نظرية المهندس إسماعيل حماد عبدالعال تشير إلى أن هناك عدة مخاطر من إدخال مياه البحر إلى هذا المنخفض (الذى يعادل مساحة دولة الكويت).. حيث إن هذه المياه المالحة من الممكن أن تتسرب إلى خزان المياه الجوفية (العذبة) الذى تشكل فى هذه المنطقة منذ آلاف السنين.
إن استثمار هذا المنخفض بزراعته من شأنه استثمار مياهه الجوفية وأمطاره.. بالإضافة إلى مدِّه بالمياه التى سيتم توفيرها من مياه النيل بعد منع إهدارها فى البحر.
ومن شأنه أيضاً إنشاء مجتمعات عمرانية حقيقية تستوعب المزيد والمزيد من الزيادة السكانية ومضاعفة مساحة مصر الزراعية.. وذلك بدلاً من إهدار هذه المساحات بتحويلها إلى خزان للمياه المالحة.. يملح ما حوله من أراضٍ.. الأمر الذى قد يضر على المدى الطويل بأراضى الدلتا الزراعية المتاخمة له فيملّحها بدلاً من مضاعفة مساحتها.
وبعد..
فإن هذه الأفكار التى يسردها بعلمية وبساطة المهندس إسماعيل حماد تستحق منا وقفة تأمل لدراستها مع المتخصصين فى المجالات الهندسية والزراعية والبيئية.. وهو ما سنحاول إن شاء الله الدفع باتجاهه لتقديم عمل متكامل يخدم مصر والمصريين.