بروفايل| مفتى القدس الفقيه الحر

كتب: عبدالعزيز الشرفى

بروفايل| مفتى القدس الفقيه الحر

بروفايل| مفتى القدس الفقيه الحر

لحيته البيضاء ووجهه الضئيل المتزن، يوحيان برجاحة عقله وهدوئه، جاء خلفاً لعلَّامة ظل فى منصبه أكثر من 12 عاماً، عُرف فيها بمواقفه الصارمة وغير الموالية لحكومته، ما دام الأمر متعلقاً بالاحتلال. إحجامه عن الظهور بشكل مكثف فى وسائل الإعلام كان سبباً فى أنه حظى باهتمام بالغ فور إعلان نبأ اعتقاله، فى سابقة لم تحدث طوال سنوات عمر هذا المنصب. ورغم هدوئه المعروف به، اتُّهم بإثارة أعمال الشغب أمام المسجد الأقصى وفى باحاته، اعتقلته الشرطة الإسرائيلية للتحقيق معه. هو الشيخ محمد أحمد حسين، مفتى القدس والديار الفلسطينية، الذى اعتقلته الشرطة الإسرائيلية، أمس الأول، بعد اعتداءات من متطرفين إسرائيليين على المسجد الأقصى، فى محاولة منها للإشارة إلى المؤيدين للمسجد الأقصى والمدافعين عنه، بأنها قادرة على إخماد أى صوت يطالب بالدفاع عن المقدسات. خرجت بيانات الإدانة من كل حدب وصوب، ووقفت مؤسسة الرئاسة المصرية صمَّاء، فى الوقت الذى استدعت فيه وزارة الخارجية السفير الإسرائيلى للاحتجاج على اعتقاله والتدخل الإسرائيلى فى سوريا. لم يكد يمر على اعتقال الشيخ ساعة على الأكثر، حتى خرج بيان الأزهر الشريف يدين مساعى الشرطة الإسرائيلية لتكميم الأفواه، والتأكيد على أن هذا العمل من شأنه تأجيج نار العداوة والصراع فى المنطقة. الأمين العام للتجمع الوطنى المسيحى فى القدس خرج ليدين اعتقال المفتى، مؤكداً أن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى للحقوق الدينية للفلسطينيين بالقدس تتصاعد بوتيرة غير مسبوقة. 6 ساعات فقط هى مدة اعتقال مفتى القدس، لم توجه إليه أى اتهامات وأُفرج عنه بعدها، ورغم قصر المدى، فإن أطرافاً عديدة أدانت الواقعة، بدءاً من شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية وحتى المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو». لم يوجد مدافع عن المقدسات إلا وأصدر بياناً أدان فيه عملية الاعتقال، إلى حد أن الرئيس الإسرائيلى نفسه سعى إلى طمأنة الأردن بحماية إسرائيل للحريات الدينية فى القدس، فقال: «أريد أن أقول بصوت عالٍ وبوضوح، إننا نحترم جميع الأماكن المقدسة لجميع الأديان، وسوف نفعل كل ما يمكننا لحمايتها». لم تتوقف انتقادات مفتى القدس عند توجيه الاتهامات للاحتلال الإسرائيلى بتهويد القدس، ومحاولة إحلال اليهود بدلاً من المسلمين والمسيحيين، وطالت انتقاداته الفصائل الفلسطينية باختلافها، حيث أكد مراراً أن الخلاف بين «فتح» و«حماس» لا يمكن أن ينتهى بالانتصار للشعب الفلسطينى، وإنما سيتسبب فى حالة انكسار أمام الاحتلال. عُرف سلفه عكرمة صبرى، الذى تولى المنصب منذ عام 1994 حتى عام 2006، بمواقفه المناهضة لإسرائيل وعدائه العلنى لها، ودعوته إلى التوقف عن محاولات تهويد القدس والتصدى لأى محاولات لانتهاك حرمة المسجد الأقصى، ومع ذلك لم تقدر الشرطة الإسرائيلية يوماً على اعتقاله ولو لساعة واحدة، فظل طوال 12 عاماً تولى فيها المنصب مُحصناً من الاعتداءات الإسرائيلية ضده.