«الناصريون» فى ذكرى ميلاد «عبدالناصر»: ضريح يجمعهم.. وأحزاب تفرقهم

كتب: محمد حامد

«الناصريون» فى ذكرى ميلاد «عبدالناصر»: ضريح يجمعهم.. وأحزاب تفرقهم

«الناصريون» فى ذكرى ميلاد «عبدالناصر»: ضريح يجمعهم.. وأحزاب تفرقهم

توافد عدد كبير من المواطنين والسياسيين ورؤساء الأحزاب والشخصيات العامة، أمس، على ضريح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر لإحياء ذكرى ميلاده التى تعتبر مناسبة يتجمع فيها الناصريون من كافة مشاربهم، رغم تفرقهم فى الحياة السياسية فى عدة أحزاب وتيارات تعلن جميعها انتسابها لجمال عبدالناصر وتعبيرها عن الناصرية. {left_qoute_1}

جمع ضريح الزعيم الراحل، فى ذكرى ميلاده الـ 99، أعضاء وممثلين عن أحزاب «الناصرى»، و«الكرامة»، و«الوفاق القومى»، و«المؤتمر الشعبى الناصرى» (تحت التأسيس)، فى الوقت الذى فشلت فيه السياسة، حتى الآن، فى تحقيق دعوات الوحدة التى تصاعدت فى السنوات الأخيرة، وبشكل خاص خلال سنوات الصراع السياسى مع الإخوان وقوى الإسلام السياسى، ومع ذلك لم تفضِ إلى شىء.

ويقول عبدالحكيم عبدالناصر، نجل الزعيم الراحل: إن حلم «عبدالناصر» لن يتحقق أبداً إلا بتوحيد الناصريين، وفى ذكرى ميلاد جمال عبدالناصر أدعو لتحقيق كل ما حلم به الزعيم والتوحد على قلب رجل واحد والوقوف خلف القيادة السياسية للعبور بالدولة المصرية من كبوتها.

وأضاف لـ«الوطن»: «هناك خلافات تعرقل أى خطوة يتم التوافق عليها بين القيادات الناصرية، وأصبح الأمل الحقيقى فى حزب ناصرى موحد فى الأجيال الشابة»، مؤكداً أن «هناك عوامل عديدة تسببت فى الانشقاق الذى حدث للصف الناصرى الذى من مبادئه الوحدة، وكان أبرزها تأسيس حمدين صباحى لحزب الكرامة»، مشيراً إلى أنه أصبح غير مقتنع بالأحزاب الناصرية، ولكنه مقتنع بالتيار الناصرى الشعبى الذى يظهر فى كل أزمة ويرى أن «جمال عبدالناصر أكبر من أن يكون داخل غرف مغلقة، لأن جمال عبدالناصر حالة شعبية».

وقال سيد عبدالغنى، رئيس الحزب الناصرى، «فى ذكرى ميلاد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ما زال حلمه حياً فى قلوب كل المصريين والعرب وما زالت الأمة العربية تحتاج إلى تحقيق هذا الحلم بالتوحد والاستقلال الوطنى فى مواجهة مشروع سايكس بيكو 2».

وأضاف لـ«الوطن»: «بهذه المناسبة فإننا نحتاج إلى العدالة الاجتماعية الغائبة عن مجتمعنا، واقتصاد قوى يعتمد على الأيدى المصرية، وتشغيل مصانعنا المتوقفة التى أسسها عبدالناصر، وما زلنا نحتاج، شعباً وقيادة، إلى إحياء الجمل العظيمة التى صاغها ناصر فى الخطة الخمسية الأولى وحققت أكبر معدل تنمية صناعية وزراعية فى العالم، فمصر الآن تحتاج خطة تنمية حقيقية تستوعب كل الأيدى العاملة المصرية وتقضى على البطالة من أجل تحقيق حلم عبدالناصر.

وطالب «عبدالغنى» كل الشعب المصرى بالتوحد على قلب رجل واحد للعبور بالبلاد من الأزمة الحالية، ودعا كل الحركات والأحزاب الناصرية أن يتوحدوا ويجتمعوا على موقف واحد فيما يتعلق بقضايا الوطن، مثلما يجمعهم ضريح الزعيم الراحل الذى يؤمنون بأفكاره، مشدداً على ضرورة أن تتخلى القيادات عن السعى نحو مصالحها الشخصية، مضيفاً: «ليس من المعقول أن نؤمن بفكرة ومبدأ واحد، وتأتى مواقف سياسية لتفرقنا»، مؤكداً أنه يأمل فى جيل الشباب المنتمى للناصرية فى الوحدة.

وقال الدكتور محمد البسيونى، الأمين العام لحزب الكرامة: «نحن نحيى ذكرى ميلاد الزعيم الرحل ناصر هذا العام بالدفاع عن القضايا التى تبناها والمبادئ التى ظل يناضل من أجلها طوال حياته، وسنذهب غداً لمجلس الدولة لمساندة قضية تيران وصنافير والحفاظ على أرض الوطن».

وغاب حمدين صباحى، أحد مؤسسى وزعماء حزب الكرامة والتيار الشعبى، عن زيارة ضريح عبدالناصر، أمس، واكتفى بكتابة تعليق فقط على صفحته الشخصية على «فيس بوك» قائلاً: «مصر لم تعرف طوال تاريخها كله حاكماً انحاز بوعيه ووجدانه للفقراء والبسطاء وكرس جهده وسلطته وقراره لإنصافهم إلا الزعيم الراحل جمال عبدالناصر»، مضيفاً: «كل عام وأنت تضىء تاريخنا وتنير مستقبلنا يا ناصر الفقراء».

وقال محمد سامى، رئيس حزب الكرامة، إن الأحزاب الناصرية غير مستقرة وهناك صعوبة فى التوحد بسبب النزاع والانقسامات بين القيادات المختلفة، مشيراً إلى أن هناك شخصيات ناصرية تساعد على تكريس هذا الانقسام من خلال تصدير أنها فوق مستوى الأحزاب.

وأضاف: أطماع الزعامة ليست سبباً فى استمرار تشتت الناصريين، فالمواطن لم يعد يتذكر من عبدالناصر زعامته، وإنما يتدبر المزايا التى قدمها مثل التعليم المجانى، وملكية الأراضى الزراعية، ولكن المشكلة الحقيقية فى اختلاف توجهات القيادات بالتيار الناصرى.

وتابع: نظام مبارك كان سبباً فى وجود انشقاق فى صفوف الناصريين سواء النخبة منهم أو الأحزاب، وقد عكف على تفتيت الناصريين، وظل الانقسام موجوداً إلى الآن وكرسته أكثر انتخابات الرئاسة الأخيرة، التى انقسم فيها التيار الناصرى بشكل واضح، فمنهم فريق أيد حمدين صباحى، وفريق آخر أيد عبدالفتاح السيسى، بالإضافة لوجود صراع المصالح، مشيراً إلى أنه من المستحيل توحيد الصف إلا بعد ضم الشخصيات المستقلة المنتمية للفكر الناصرى التى لا تنتمى إلى أحزاب، معتبراً أن الأحزاب الناصرية فشلت فى استكمال مسيرة عبدالناصر بسبب عدم قدرتها على تنظيم صفوفها وتوحيد جهودها السياسية، فضلاً عن نقص الموارد المالية.

وقال الدكتور محمد أبوالعلا، القيادى بالحزب الناصرى: إن وجود الخلافات والانقسامات بين العديد من القيادات الناصرية التى تبحث فقط عن الزعامة الفارغة، تسبب فى ضعف الناصريين وجعلهم غير مؤثرين فى الشارع المصرى وأفقدهم شعبيتهم، مشيراً إلى أن دمج الأحزاب الناصرية أصبح من المستحيل بسبب اختلاف التوجهات.

وأضاف: «فكرة توحيد الصف الناصرى لم تعد موجودة فى الأساس بسبب الاهتمام بالمصالح الشخصية، وتهميش الشباب، فأغلب الشخصيات الناصرية الموجودة على الساحة حالياً من جيل السبعينات، وتعتقد أنها وريث جمال عبدالناصر وترى فى نفسها دائما الزعامة».

وتابع: «كل محاولات توحيد التيار الناصرى وهمية لأن عبدالحكيم عبدالناصر تبنى هذه الفكرة من قبل وتعرض لهجوم من عواجيز الأحزاب الناصرية الذين هيمنوا على الساحة، وبالتالى باءت دعوته فى النهاية بالفشل مثل سابقتها».

وقال حسام مؤنس، القيادى بـ«التيار الشعبى»، إن مبادرة توحيد حزبى الكرامة والتيار الشعبى تمثل توجهاً نحو إنشاء كيان واحد، مع قابلية لانضمام أطراف أخرى من التيار الناصرى، حيث أصبح لا سبيل لعودة الحياة السياسية المصرية إلا من خلال توحيد الأحزاب ذات الأرضية المشتركة والفكر الواحد.

وأضاف: «الخلاف بين الناصريين ليس خلافاً فكرياً، وإنما حول مجموعة من المواقف السياسية والاجتماعية، لذلك لم تكن دعوات لَمّ شمل الناصريين مثمرة»، مشيراً إلى أن «الانقسام والتشرذم والتفكك لا يتوقف على الناصريين فقط، ولو نظرنا على الخريطة لكافة الأحزاب الليبرالية أو اليسارية لوجدناها متفرقة ومقسمة من داخلها ولا يوجد اتفاق بينها لأن الحياة الحزبية المصرية لم تنضج بعد، لا قبل الثورة ولا بعدها».

ويرى الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن السبب الرئيسى فى فشل التيار الناصرى القومى فى التوحد تحت راية واحدة أو حتى فى المواقف وتقريب وجهات النظر هو التشرذم وعدم تبنى خط سياسى واحد، مشيراً إلى أن كل القيادات تبحث عن المصلحة الذاتية وتعمل طبق أجندتها الخاصة، وهم لم يتوحدوا أبداً لأن كلاً منهم مريض بالزعامة، على حد قوله.

وأضاف فهمى: «الناصريون مقسمون إلى عدة أحزاب مختلفة فى الرؤى السياسية ومتناحرة فيما بينها، وهذا أدى إلى تلاشى دورهم فى الحياة السياسية المصرية وتأثيرهم فى الشارع المصرى، والتيار الناصرى يمر بأزمة حقيقية تتمثل فى عدم وضوح الرؤية لديه، فضلاً عن الانقسامات والاختلافات بين أبناء التيار من أصحاب الرؤى المختلفة، وهو ما ظهر بشكل واضح فى الانتخابات الرئاسية السابقة، وانقسام الأحزاب الناصرية ما بين داعم لحمدين صباحى، والمشير عبدالفتاح السيسى، بسبب عدم توحيد الرؤية وتشتت الموقف الانتخابى الداعم لجهة سياسية معينة، وهو موقف تكرر فى الانتخابات البرلمانية الماضية، مما يعنى تشتت أصوات الناخبين المؤيدين لهم، وبالتالى خسارة الأحزاب والقوى الناصرية، وفقدانها لتحقيق فرص الفوز لعجزها عن الالتفاف حول حزب واحد.

 

ممثلون من الأحزاب خلال زيارتهم لضريح جمال عبدالناصر


مواضيع متعلقة