«ترامب» أمريكا
- الأزمة الاقتصادية
- الاقتصاد الأمريكى
- التنظيمات المتطرفة
- الحملة الانتخابية
- العالم الثالث
- المشروعات الصغيرة والمتوسطة
- النخب السياسية
- آثار
- أحوال
- الأزمة الاقتصادية
- الاقتصاد الأمريكى
- التنظيمات المتطرفة
- الحملة الانتخابية
- العالم الثالث
- المشروعات الصغيرة والمتوسطة
- النخب السياسية
- آثار
- أحوال
عجيب موقف النخب السياسية ووسائل الإعلام الأمريكية من «ترامب»، فهى لا تتوقف عن التعبير عن حالة الضجر وعدم الرضاء عن اختياره رئيساً للولايات المتحدة، وجوهر العجب فى الأمر أن «ترامب» جاء بانتخابات تمت فى دولة تقدم نفسها للعالم على أنها عتيدة فى تجربتها الديمقراطية. وهذه النخب وكذا وسائل الإعلام والمؤسسات الحقوقية الأمريكية لا تتوقف عن الغمز واللمز فى أوضاع الديمقراطية خارج الولايات المتحدة. أفهم أن تتحدث هذه الأطراف عن تزوير حدث فى الانتخابات إذا كان لديها دليل على ذلك، لكن الواقع يشهد بأن الانتخابات تمت طبقاً للمعايير التى تعودنا عليها فى التجربة الأمريكية. أولى بهذه النخب أن تحاول فهم دوافع المواطن الأمريكى لانتخاب «ترامب»، رغم ما تردد على لسانه -خلال الحملة الانتخابية- من تصريحات وأفكار شديدة الإثارة، أما أن تؤدى معه بنفس الصورة التى تؤدى بها وسائل الإعلام والنخب السياسية مع من يغضبون عليه فى دول العالم الثالث، فذلك أمر يثير الشفقة.
ثمة إحساسان أساسيان يسيطران من وجهة نظرى على المواطن الأمريكى، أولهما الإحساس بالرفاهية الاقتصادية، وثانيهما الإحساس بالهيبة الدولية للدولة الأمريكية. والسنوات الماضية أكلت كثيراً من هذين الإحساسين. فمنذ عام 2008 والمواطن الأمريكى يعانى من تداعيات الأزمة الاقتصادية التى ضربت الدولة هناك، وقد جاءت كنتيجة لسلسلة الحروب التى خاضتها أمريكا فى أفغانستان والعراق. التأثيرات الناتجة عن الأزمة الاقتصادية هزت مفهوم «الرفاهة» الذى ظل معلماً أساسياً من معالم حياة الكثير من الأمريكيين، أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة لم تتمكن من وضع حد لإرهاب التنظيمات المتطرفة، وكان للحروب الغاشمة التى شنتها فى أفغانستان والعراق دور لن ينسى فى تدمير الدولتين، وتحويلهما إلى دولتين فاشلتين، بل وانتعشتا كمصدرين لتوريد الإرهاب والإرهابيين أكثر مما كانتا عليه أحوالهما قبل الغزو الأمريكى.
فى تقديرى أن هذه الأمور جميعها كانت فى مخيلة المواطن الأمريكى وهو يختار «ترامب» ويعزف عن «كلينتون» كرمز من رموز الفكر القديم والعقيم الذى ضرب هيبة الدولة من ناحية، وأرهقها اقتصادياً من ناحية أخرى. أفكار «ترامب» التى تصفها النخبة الأمريكية بالسذاجة، جاءت واقعية للغاية بالنسبة للناخب الأمريكى، فكلامه عن أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تحارب إلا لحساب نفسها، وأن أية دولة تطلب منها الحماية لا بد أن تدفع الثمن اعتبره المواطن قمة الواقعية، وقد رآه كذلك وهو يسترجع فى مخيلته الآثار السلبية للحروب التى خاضها الرؤساء الأمريكيون السابقون على الاقتصاد، فرحب به، والأمر نفسه ينطبق على التعهد الذى قطعه «ترامب» على نفسه بتخفيض الضرائب من 35% إلى 15% على الشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. كل هذه الأمور دفعت المواطن دفعاً إلى ترجيح كفته على «كلينتون» التى وعدت المواطن بأن تبقى الأوضاع على ما هى عليه، فرأى فيها مبعوثة للنظام القديم من أجل مواصلة عملية النحر -غير المفهوم- فى الهيبة والاقتصاد الأمريكى. «ترامب» خاطب المواطن الأمريكى بلغة يفهمها، هذا الرجل الذى تتهمه النخب بالبلادة عرف أن المواطن -فى كل الدنيا- لم يقرأ فى كتاب «السياسة» غير فصل «الاقتصاد»!.