منع بيع "النقاب" في المغرب بين الحريات الشخصية والدوافع الأمنية

منع بيع "النقاب" في المغرب بين الحريات الشخصية والدوافع الأمنية
بعد أسبوع على إصداره، لايزال قرار وازرة الداخلية المغربية القاضي بمنع إنتاج وتسويق "النقاب" و"البرقع" الافغاني، يخلف المزيد من الجدل وردات الفعل المتباينة بين من يندد بالقرار ويراه مساسا بالحريات الشخصية، وبين من يدافع عنه في ظل مخاوف من هجمات إرهابية.
وفي هذا السياق، اعتبر الحقوقي والقانوني، عبد المالك زعزاع، إن قرار الداخلية المغربية وردت به عدة ثغرات تجعل منه قرارا معيبا شكلا، ومتسما بالشطط في استعمال السلطة.
وأوضح زعزاع أن الأمر يتعلق بمنع لباس بأوصاف معينة خاص بشريحة كبيرة من نساء المجتمع، مما يستدعي معه، أن يصدر بشأنه قانون ونص تشريعي يصدر عن البرلمان المغربي بغرفتيه، وأن يتداول خلال مناقشة عمومية في وسائل الإعلام، فضلا عن أخذ رأي علماء الشريعة في الموضوع، خاصة المجلس العلمي الأعلى.
وسجل زعزاع، أن قرار الداخلية المغربية: "جاء غير معلل وخارج عن القانون، لكون الأخير يلزم الإدارة المغربية بتعليل قراراتها".
إلى ذلك، اعتبر زعزاع أن القرار مس حرية الصناعة والتجارة، ومس باقتصاد شريحة مهمة من التجار، إذ جاء مفاجئا وحدد مهلة 48 ساعة للتجار من أجل التخلص من البرقع، الشيء الذي سيربك معاملاتهم المالية.
وختم زعزاع تصريح بالقول: "لذلك فهو قرار معرض للطعن فيه بالشطط في استعمال السلطة، وسيكون مآله الإلغاء إذا قام أي متضرر بالطعن فيه أمام الجهات المختصة".
من جهته، اعتبر الناشط الإسلامي، أحمد الريسوني، قرار الداخلية المغربية بمنع انتاج وتسويق النقاب والبرقع، بـ"الأخرق"، واعتبر أن "دعايته سلبية ضد المغرب في العالم، خاصة وأنها تحارب منقبات مغربيات عددهن قليل لا يتجاوز واحدة في الألف من نساء المغرب".
وشدد ذات الرئيس الأسبق لحركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية المغربي، على أن "نظرة الناس إلى السلطة حين تكون سلبية، فإن أي قرار تتخذه لا يكون مقبولا"، ليخلص إلى أن وزارة الداخلية ليست جزءا من الحكومة، "بل هي جزء من حكومة أخرى.. نتحدث هنا عن الدولة العميقة".
بالموازاة، ثمنت حركة "تنوير"، التي تضم عددا من النشطاء المغاربة، أغلبهم طلبة وأساتذة جامعيون وسياسيون، قرار الداخلية بمنع إنتاج وتسويق البرقع، وساندت القرار باعتباره "قرارا أمنيا واقعي عاجل في ظرفية حساسة، صدر عن جهة أمنية مختصة سببه حرائق الإرهاب، وتطالب بإصدار قانون من البرلمان يمنع اخفاء الوجه بالبرقع او غيره في الفضاءات العمومية".
وذكرت حركة "تنوير" في بلاغ لها، أن تأييدها لقرار الداخلية جاء لأسباب عدة، أولها أن:"استعمال هذا اللباس في أعمال اجرامية وارهابية تهدد حياة الأفراد بالنظر لإمكانية صاحب اللباس اخفاء شخصيته مما يطرح إشكالا أمنيا حقيقيا".
وثانيا، لكون اللباس يستعمل في جرائم "الاختطاف، القتل العمد، والإرهاب".
وأضاف ذات البلاغ أن اللباس يشير إلى "التطرف الديني وثقافة الانغلاق، بإخفائه هوية صاحبه، لا يدخل ضمن دائرة حرية اللباس التي تدافع عنها الحركة باعتبارها حرية فردية".
يذكر أن السلطات الامنية في عدد من المدن المغربية، قد استدعت تجار الملابس وأبلوغهم بقرار منع بيع النقاب، وتم إبلاغهم أن أسبابا أمنية وراء هذا القرار، خاصة أن بعض المتطرفين قد يرتدونه من أجل تنفيذ عمليات إرهابية.
وأمهلت السلطات، التجار يومين لإيقاف بيع النقاب، مع التزامهم بعدم بيع البرقع، حفاظا على "مصلحة الوطن".