الإسكندرية: مساجد تحت احتلال «السلفية» لتربية جيل جديد من المتشددين يمارسون القتل على «الهوية»

كتب: حازم الوكيل

الإسكندرية: مساجد تحت احتلال «السلفية» لتربية جيل جديد من المتشددين يمارسون القتل على «الهوية»

الإسكندرية: مساجد تحت احتلال «السلفية» لتربية جيل جديد من المتشددين يمارسون القتل على «الهوية»

تحولت الإسكندرية من مدينة تعددية تنصهر فيها الأعراق والأديان إلى منبع للتشدد والتطرف، أضحت المدينة الساحلية الراقية تتصدر عناوين الصحف بـ«مانشيتات» القتل على الهوية والحوادث الإرهابية، كان آخرها ذبح مواطن قبطى على طريقة «داعش»، قتله رجل أمى، لا يجيد القراءة ولا الكتابة، كل ما يملكه من الدين لحية، وكلمات حفظها من أئمة الدعوة السلفية فى مساجدهم المتغلغلة بالمحافظة.

لم يندمل جرح والد الطفل الذى قتله السلفى التكفيرى محمد رمضان فى واقعة إلقاء الأطفال من فوق سطح إحدى العقارات بسيدى جابر، لترصد الكاميرات وتوثق من جديد عنف ودموية المتطرفين فى واقعة ذبح القبطى البرىء، وكالعادة يعلن السلفيون براءتهم من الجُرم علناً، فى الوقت الذى ينعون فيه القاتل بمجالس العلم فى بيوت الله.. نجحوا فى نشر أفكارهم بطرق شتى، ففى أواخر الستينات كانت بوادر النشأة، حين استغل التيار المتطرف اختراق بعض المنظمات الأجنبية للمدينة فى الحصول على دعم من روافد الوهابية، ليسخر خطابه ضد أنشطة المنظمات التبشيرية الأجنبية بهدف تغذية النعرات الطائفية، وصياغة مبررات العمل السياسى الإسلامى فى مناطق ذات كثافة قبطية مرتفعة، كما استغل التيار ذاته الخطأ الثانى للدولة عندما غضت الطرف عن انتشار الفكر المتشدد لمواجهة الشيوعيين فى ساحات جامعة الإسكندرية، لتبدأ مرحلة التحول الدراماتيكى لتلك المدينة العريقة بتأسيس جيل كامل قابل للتحول للحالة «الداعشية» فى أى لحظة.

{long_qoute_1}

ظلت المساجد المسيطَر عليها من قبَل الدعوة السلفية بالإسكندرية، منبراً لإنتاج الأفكار المتطرفة التى عادة ما يتم بلورتها وتخميرها فى عقول الشباب، لتنتقل من الكلمات المتراصة بطريقة إنشائية بلاغية بديعة إلى واقع يفرض العنف والتطرف والإرهاب على الشارع المصرى، وينتج نماذج متكررة من محمود رمضان، بطل واقعة إلقاء الأطفال من الأسطح، الذى أصبح بمثابة «نجم شباك الإرهاب» فى المدينة، والذى تم تنفيذ حكم الإعدام فيه عام 2015.

بالرغم من حالة اليقظة التى أعقبت الثورة، سواء على المستوى الشعبى أو الأمنى، فرضت الدعوة السلفية سيطرتها على مساجد غرب الإسكندرية وبؤر محددة من مناطق وسط وشرق المدينة، لنشر الفكر المتشدد فى محاولة للسيطرة على الشباب، خاصة القاطنين بالمناطق الريفية وذوى الطبيعة البدوية، ما يسهل لهم التحكم فى مناطق ونجوع وقرى، وتظل العامرية وبرج العرب، معقل الدعوة السلفية، إحدى القلاع المحصنة التى يلجأ إليها أبناء الدعوة السلفية بالإسكندرية، بعيداً عن وسط المدينة، مستغلين الطبيعة القبلية للأهالى والمساحات الشاسعة جغرافياً وضعف التعليم والخدمات للسيطرة على عقول سكان المنطقة.

وتبرز مناطق كنج مريوط، والبيطاش والهانوفيل بالعجمى، والكيلو 21، على المشارف الغربية للإسكندرية، وقرى الجزائر وخالد بن الوليد، كأهم مناطق تمركز الدعوة السلفية غرب المدينة، فى مقابل مساجد بعينها بأحياء شرق ووسط كمنصات لإطلاق الفكر المتشدد، أهمها الخلفاء الراشدين الذى يخطب فيه ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، كما يعتبر مسجد التوحيد فى قرية فلسطين بمنطقة العوايد شرق الإسكندرية، أحد أهم المنصات السلفية، إذ يشهد تنظيم جلسات لعبدالمنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية، تحت عنوان مجالس العلم، لنشر الأفكار السلفية، ومسجد عباد الرحمن فى منطقة أبى سليمان كأحد أهم المساجد التى تبث الفكر السلفى عبر الشيخ أحمد فريد، عضو المجلس الرئاسى للدعوة السلفية.

وعلى الرغم من تشدق قيادات الدعوة السلفية بشكل دائم بالسلمية وإدانة العنف، فإنه لا يخفى على أحد الحضور المعنوى القوى بين كوادرها ومساجدها لمحمود رمضان، الذى تم إعدامه شنقاً فى مارس 2015 تنفيذاً لحكم قضائى صدر ضده فى واقعة إلقاء الأطفال من أعلى عقار بمحافظة الإسكندرية إبان أحداث ثورة 30 يونيو بميدان سيدى جابر، والذى لخص الأهالى نشأته الفكرية بين مسجدى التوحيد بالعوايد والعقيدة فى أبى سليمان، التابعين للدعوة السلفية، حتى إنه أصبح الحاضر الغائب دائماً فى مساجد الدعوة السلفية، بعد جريمته ليتحول إلى «نجم شباك» الإرهابيين، خاصة أنه أحد كوادر الدعوة منذ طفولته، قبل أن ينتقل إلى صفوف تنظيم الإخوان عقب 25 يناير.

«محمود رمضان» اعترف فى التحقيقات بتلقيه تدريبات على أعمال قتالية مع شباب جماعة الإخوان قبل تظاهرات 30 يونيو بعدة أيام، وتم تصوير تلك التدريبات، وهو ما اعترف به تنظيم الإخوان، بعد إلقاء القبض عليه، حيث بثت شبكة «رصد» الإخبارية التابعة للتنظيم، مقاطع فيديو له مع مجموعة من الشباب أثناء التدريبات القتالية، التى وصفوها بأنها تدريبات للدفاع عن النفس وسط ترديد هتافات «الرسول قدوتنا والجهاد سبيلنا».، كما اعترف محمود رمضان، فى تحقيقات نيابة شرق الكلية التى أجريت فى 9 يوليو 2013، بأنه لا يعتبر نفسه منتمياً إلى جماعة الإخوان وأنه من المعارضين للرئيس المعزول محمود مرسى، مضيفاً أنه تقارب مع الإخوان فى الفترة الأخيرة من حكمهم فقط، وأن نشأته تطورت من السلفية إلى السلفية الجهادية، وأنه نزل إلى المظاهرات لأنه اعتاد المشاركة فى جميع التظاهرات التى تدافع عن التيار الإسلامى، أياً كان اتجاهها، واعترف تفصيلياً فى التحقيقات بواقعة إلقاء الأطفال من فوق سطح عقار سيدى جابر.


مواضيع متعلقة