الجماعات التكفيرية تتمركز فى القاهرة الكبرى باستراتيجية «دولة داخل دولة»

الجماعات التكفيرية تتمركز فى القاهرة الكبرى باستراتيجية «دولة داخل دولة»
- أجناد مصر
- أحمد الدروى
- أذان العصر
- أعمال عنف
- أنصار بيت المقدس
- إسحاق الحوينى
- اعتصام رابعة
- الألف مسكن
- الأمن المركزى
- أبطال
- أجناد مصر
- أحمد الدروى
- أذان العصر
- أعمال عنف
- أنصار بيت المقدس
- إسحاق الحوينى
- اعتصام رابعة
- الألف مسكن
- الأمن المركزى
- أبطال
يرتبط ظهور الإرهاب بظروف سياسية واجتماعية واقتصادية، وأحياناً جغرافية، إلى جانب تنشئة دينية بعينها، تلقى كلها بظلالها على الشخصيات فتصير أكثر تطرفاً وعنفاً.
فى القاهرة الكبرى، جرى وصم مناطق بعينها بأنها مفرخة للتنظيمات المسلحة والعناصر الإرهابية. من ضمن هذه المناطق شرق القاهرة وضواحى الجيزة وحلوان.
منطقة شرق القاهرة تعد من أكثر المناطق عنفاً فى القاهرة الكبرى إذا قورنت مع مناطق أخرى، وتضم أحياء «مدينة نصر والزيتون والمطرية وعين شمس والألف مسكن».
وترجع أسباب العنف فى هذه المنطقة لجذور تاريخية، ففى بداية التسعينات كانت منطقة مدينة نصر لا تزال تتشكل وكان سكانها من المقتدرين والعائدين أو العاملين فى دول الخليج، وفى ذلك التوقيت بدأت عودة قيادات الإخوان من الخارج، وكان من بينهم خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للجماعة، كما ذكر هيثم أبوخليل، فى كتابه «إخوان إصلاحيون»، وكانت الفرصة مناسبة للإخوان للتوسع فى هذه المنطقة الوليدة و«تسليفها»، أى صبغها بالنوازع السلفية، وساعدهم على التوسع أن عقلية من عادوا من دول الخليج، خصوصاً السعودية، كانت مشحونة بالفكر السلفى، وبمرور السنوات تمدد الإخوان وتوسعوا، ومع بداية تضخم الرأسمالية الإخوانية نزح بعضهم إلى مناطق التجمع الخامس والمدن الجديدة.
{long_qoute_1}
أما مناطق «الزيتون والألف مسكن وعين شمس والمطرية»، فقد كانت حتى بداية التسعينات نموذجاً للطبقة المتوسطة، التى تضخمت وضاق عليها المكان، وأصبحت ظروفها الاجتماعية مواتية لعمليات الاستقطاب، وكانت تعد حضناً للمغتربين، ونما الإخوان فى هذه المنطقة باستراتيجية بناء دولة داخل الدولة، بتوفير الخدمات، كما هو الحال فى الريف، على عكس ما كان يحدث فى منطقة مدينة نصر، التى توسعوا فيها بتقديم أنفسهم فى مظهر الساعى لمحاربة الصهيونية العالمية بأبعاد دينية.
وكانت «الزيتون»، فى فترة الثمانينات، محضناً للجماعة الإسلامية، حيث انغرست فيها بذرة السلفية القاهرية.
وذات صباح فى عام 2009، استيقظ الشعب المصرى، على خبر القبض على تنظيم إرهابى، عُرف آنذاك بـ«تنظيم الزيتون»، وجاء فى التحقيقات أن هذا التنظيم خرج من رحم مسجد العزيز بالله، المعروف منذ الثمانينات بأنه أحد أهم معاقل التطرف فى مصر، حيث أسسه الدكتور محمد جميل غازى فى عام 1968، وهو أحد أهم قيادات السلفية فى حينها، وكان يهدف لنشر الفكر السلفى فى مصر، فى مجموعة من المساجد فى مصر، تولت نشر أفكار الدكتور عمر عبدالرحمن، الأمير السابق لتنظيم الجهاد.
وسيطر السلفيون على هذا المسجد منذ سبعينات القرن الماضى، بقيادة عمر عبدالرحمن، وبرروا سيطرتهم على المسجد بأنه حائط صد ضد المد المسيحى فى منطقة الزيتون، ففى نهاية الستينات شيدت كنيسة العذراء التى لا تبعد كثيراً عن مكان المسجد.
وقبل ثورة 25 يناير، كان المسجد يستقطب فى صلوات الجمعة مئات من السلفيين من كل أنحاء القاهرة، يتوافدون إليه ليؤدوا أطول صلاة جمعة تبدأ من الحادية عشرة صباحاً وحتى قبل أذان العصر بدقائق، يتوقف فيها المرور بشارع العزيز بالله والمحاور المجاورة له، بل قد يستدعى الأمر وجود سيارات الأمن المركزى تحسباً لأى طارئ، خصوصاً مع نوعية الخطب التكفيرية التى اعتاد المصلون فى هذا المسجد سماعها.
وساهم المسجد فى تخريج مجموعة كبيرة من دعاة السلفية ومنظريها ممن كانوا يعرفون بمشايخ الكاسيت قبل أن يتحولوا إلى الفضائيات، مثل محمد حسان وأبوإسحاق الحوينى.
وعقب ثورة يناير، كان المسجد بمثابة منارة السلفيين، للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، واستغل المتطرفون الثورة، واستقطبوا مئات الشباب لدعم حملة حازم صلاح أبوإسماعيل، ولطالما خرجوا فى مظاهرات حاشدة من المسجد فى اتجاه قصر الاتحادية أو القبة، رافعين شعارات «الشريعة والشرعية».
وخلال اعتصام رابعة، كان مسجد العزيز بالله محطة وصول المقبلين من المحافظات، وصولاً لمنطقة رابعة العدوية فى مدينة نصر، وكان قبلة الفارين من الاعتصام فى 14 أغسطس، خلال فض قوات الأمن الاعتصام.
وعقب عزل الدكتور محمد مرسى، كانت مسيرات مسجد العزيز بالله الأكثر عدداً والأشد عنفاً بين مسيرات الإخوان، حيث كانت تخرج كل جمعة، وتستمر من صلاة الجمعة حتى المغرب، وكان الإخوان يحشدون إليها من مختلف المحافظات، ولطالما شهدت أعمال عنف تجاه بعض الأقباط، فضلاً عن كتابة عبارات مسيئة على جدران الكنائس ضد قوات الجيش والشرطة.
{long_qoute_2}
ومن هذه المنطقة، تشّكلت الخلية التى استهدفت الكنيسة البطرسية، قبل عدة أسابيع. وخطورة هذه المنطقة تكمن فى العائدين ممن فروا من قوات الأمن، وسافروا للتدريب فى الخارج.
أما عن منطقة حلوان، جنوب القاهرة، فطبيعتها الجغرافية وتاريخها مع العنف دفعاها لتكون واحدة من المناطق الأكثر عنفاً فى القاهرة الكبرى. وكان أغلب عناصر حركة «حازمون» الموالية لحازم أبوإسماعيل، الداعية السلفى، من حلوان، وعقب فض اعتصام رابعة ظهرت مجموعة عُرفت باسم «كتائب حلوان»، من هذه المنطقة، فى فيديو، يتوعدون قوات الأمن بتنفيذ عمليات إرهابية، ثأراً لعناصر التنظيم.
ومن حلوان، خرج أحمد الدروى الذى قُتل فى سوريا. ويمثل أحمد الدروى أحد النماذج المصرية التى التحقت بتنظيم «داعش»، وقُتل فى عملية انتحارية عام 2015، وكان يقود كتيبة من المصريين باسم «أسُود الخلافة» فى ريف «اللاذقية»، بسوريا.
وسافر «الدروى» إلى سوريا بداية 2013، وأبلغ أسرته أنه مسافر لتركيا فى رحلة علاجية، وأخفى عنهم أمر سوريا، وكان مرشحاً فى الانتخابات البرلمانية عام 2012، عن دائرة «حلوان والمعادى»، إلا أنه لم ينجح، فيما أكد مقربون منه أنه كان ضد قرار حل البرلمان، رغم خسارته.
وعاش سيد قطب، المنظر الأبرز لجماعة الإخوان والتنظيمات التكفيرية، فى حلوان لفترة من حياته، غير أن هناك معتقداً أن الإخوان نشأوا فى حلوان عام 1940، من خلال معسكر للكشافة، كانوا يقيمونه هناك.
أما عن ضواحى الجيزة، المتمثلة فى العمرانية وناهيا وكرداسة وبعض شوارع فيصل والهرم، فكانت نموذجاً لاحتضان العناصر التكفيرية، منذ عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى، وهى أكتر منطقة ألقت فيها قوات الأمن القبض على خلايا تكفيرية، كان أبرزها خلية «أجناد مصر»، التى انتهت بتصفية قائدها.
وبالعودة لتاريخ هذه المناطق مع العنف، فإن عدداً كبيراً من قيادات الجماعة الإسلامية عاشوا فى هذه المناطق، وكانوا أبطالاً لمشاهد دامية، خلال التسعينات.
وبعد 30 يونيو، ولدت فى هذه المنطقة إحدى خلايا ما يعرف بـ«خلايا الوادى»، التى تشكلت من بعض العناصر التكفيرية الموالية لتنظيم أنصار بيت المقدس فى سيناء، ونجحت قوات الأمن فى القبض عليها، إلا أن فلول هذه الخلايا تحالفت مع فلول بعض المجموعات من الإخوان، وتجمعوا فى خلية واحدة، وأعلنوا ولائهم لتنظيم داعش فيما يعرف باسم «داعش مصر».