الطريق سالكة لتحقيق المصالحة الليبية!
- أقصى الشرق
- أمن ليبيا
- أمن مصر
- أمن واستقرار ليبيا
- إعادة هيكلة
- إنتاج النفط
- ا البرلمان
- الأراضى الليبية
- الأطراف الليبية
- الأمم المتحد
- أقصى الشرق
- أمن ليبيا
- أمن مصر
- أمن واستقرار ليبيا
- إعادة هيكلة
- إنتاج النفط
- ا البرلمان
- الأراضى الليبية
- الأطراف الليبية
- الأمم المتحد
لا تكمن المشكلة الليبية فى أزمة الثقة بين مناطقها الجهوية التى جعلت الشرق والجنوب يستشعران منذ فترة طويلة تهميش مصالحهما قياساً على مصالح المنطقة الغربية، خاصة مصراتة والزيتان وطرابلس، التى يعانى جميعها من التشرذم وسيطرة الجماعات المسلحة على بعض المدن الرئيسية، لكن مشكلة ليبيا تكمن أيضاً فى كثرة القوى الدولية والإقليمية (أمريكا، إنجلترا فرنسا، إيطاليا) التى يلعب كل منها لحساب مصالحه معتمداً على بعض القوى المحلية دون أن تتمكن أى من هذه الأطراف من أن تكون لها وحدها اليد الطولى فى الموقف!
وفضلاً عن ذلك، لم تنجح بعد محاولات استعادة وحدة الدولة الليبية وتحقيق التكامل والتنسيق المشترك بين مؤسساتها المختلفة، فالبرلمان المنتخب الذى اتخذ من طبرق مقراً له، ويجمع رئيسه السيد عقيلة صالح بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لا يزال يرفض الاعتراف بسلطة وشرعية الحكومة الانتقالية والمجلس الرئاسى الذى يرأسه فايز السراج، والحكومة الانتقالية التى تمارس مهامها من طرابلس لا تستطيع حتى الآن أن تبسط نفوذها على المنطقة الشرقية، حيث البرلمان المنتخب والجيش الوطنى الموحد، الذى نجح الفريق حفتر فى تجميع وحداته وتوحيدها، بحيث أصبح قوة وطنية موحدة فى الشرق بينما لا تزال وحداته فى المنطقة الغربية مبعثرة تفتقد وجود قيادة موحدة، والقبائل الليبية، شرقاً وغرباً وجنوباً، رغم رفضها القاطع لجماعات الإرهاب والميليشيات المسلحة ورغم إيمانها العميق بوسطية الإسلام ورفضها الأصيل لكل صور التطرف تتوزع على المناطق الجهوية لا تملك موقفاً موحداً رغم الكثير من عوامل الفهم المتبادل والمصالح المشتركة التى تجعل هذه القبائل أكثر انحيازاً لدولة موحدة تملك جيشاً وطنياً واحداً يستطيع الحفاظ على وحدة الدولة والأراضى الليبية.
وإحقاقاً للحق ربما تكون مصر لأسباب عديدة معظمها يتعلق بأمنها الوطنى إضافة إلى وجود أكثر من 800 ألف مصرى لا يزالون يعيشون فى ليبيا رغم المخاطر الأمنية، فضلاً عن علاقات التصاهر والجوار، هى الدولة الوحيدة التى يهمها وحدة الدولة والشعب الليبى، تسعى جهدها لتحقيق المصالحة الوطنية بين الشرق والجنوب والغرب، وتنتصر لوجود جيش وطنى واحد يحمى مصالح دولة مدنية وتخضع قيادته للسلطة المنتخبة، كما أن مصر تضع نصب عينيها أمن واستقرار ليبيا، لأن أمن مصر يرتبط على نحو وثيق بأمن ليبيا التى أصبحت خلال العقدين الأخيرين هدفاً أساسياً لقوى الإرهاب، خاصة القاعدة وداعش، التى تعانى من هزائم مستمرة فى العراق وسوريا وترى فى ليبيا قاعدة بديلة، وكانت تخطط لأن تكون مدينة سرت الليبية هى عاصمة الدولة الإسلامية بدلاً من مدينة الرقة السورية، أخذاً فى الاعتبار أن داعش نجح فى تهريب ما يربو على ستة آلاف مسلح إلى داخل ليبيا أغلبهم من التوانسة الذين كانوا يشكلون جزءاً مهماً من قوة داعش فى سوريا والعراق، فى ظل هذا التمزق نجحت قوى الإرهاب فى السيطرة على ثلاثة مراكز أساسية، سرت فى الجنوب التى كانت أمل داعش فى أن تكون العاصمة الجديدة للدولة الإسلامية، ودرنة فى أقصى الشرق على مسافة 60 كيلومتراً من الحدود المصرية التى كانت موطئ قدم لجماعة الإخوان المسلمين والقاعدة، وصبراتة فى أقصى الغرب على الحدود التونسية التى انطلقت منها معظم عمليات الإرهاب التى ضربت تونس العاصمة.
لكن هذه الخريطة تغيرت أخيراً على نحو جذرى بعد أن تمكنت قوات الجيش الليبى الوطنى بقيادة حفتر من تنظيف المنطقة الشرقية من جماعات الإرهاب ونجحت فى حصار درنة وتخفيف منابعها الإرهابية، وبعد أن نجحت ميليشيات مدينة مصراتة تؤازرها عمليات القصف الجوى الأمريكى فى طرد قوات داعش من سرت لتنتشر فى بؤر مبعثرة وخلايا نائمة فى عدد من مناطق ليبيا، وترافق مع هذا الإنجاز المهم بروز قوى سياسية واقتصادية فى مصراتة وطرابلس تنتصر لضرورة المصالحة مع المنطقة الشرقية، نجحت فى تقويض بعض مراكز التطرف فى الغرب التى كانت تهرب المقاتلين والسلاح إلى بنغازى، لكن التطور الأبرز تمثل فى نجاح قوات الجيش الوطنى بقيادة حفتر فى تأمين منطقة الهلال البترولى (الحقول والموانئ) وتسليمها إلى المؤسسة العامة للبترول ليرتفع إنتاج النفط المصدر من ليبيا من حدود 100 ألف إلى 650 ألف برميل يذهب عائدها للمصرف المركزى الليبى، كما نجحت قوات حفتر فى تحقيق أمن هذه المناطق الاستراتيجية التى كانت تمثل أهم الأهداف التى تخطط داعش لضربها على نحو مستمر والاستيلاء عليها.
وأظن أن هذه التطورات المهمة التى تمثلت فى تقليص قوى الإرهاب وتنظيف المنطقة الشرقية من كل خلاياه، وتحرير مدينة سرت، وحصار درنة، وتأمين منطقة هلال البترول ونضوج ظروف جديدة فى المنطقة الغربية تهيئ المسرح الليبى شرقاً وغرباً وجنوباً لمصالحة وطنية واسعة، شجعت القاهرة على أن تمضى قدماً فى مشروعها المهم لتحقيق استقرار ووحدة وسلامة ليبيا، ولهذه الأسباب دعت القاهرة قبل أسبوعين 42 شخصية ليبية عامة يمثلون خلاصة ليبيا ومجمع أطيافها السياسية والقبلية والعرقية لمؤتمر انعقد فى القاهرة ليومين تحت رعاية رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق محمود حجازى، وسامح شكرى وزير الخارجية، لمناقشة العقبات التى حالت دون التطبيق الصحيح لاتفاق الصخيرات الذى شارك فى أعماله ممثلون من مختلف قوى المجتمع الليبى، تمكنوا فى مدينة الصخيرات المغربية وتحت رعاية الأمم المتحدة من رسم خارطة طريق لمصالحة وطنية واسعة لم يتم تطبيقها لبعض الثغرات التى استوجبت العلاج.
انتهى المجتمعون فى مؤتمر القاهرة إلى إقرار وثيقة جديدة تكمل اتفاق الصخيرات، تؤكد على أن ليبيا دولة واحدة لا تقبل التقسيم، مدنية تلتزم المسار الديمقراطى وتقبل بتداول السلطة، لها جيشها الوطنى الموحد الذى يخضع للسلطة الوطنية المنتخبة وينأى بنفسه عن التجاذبات السياسية، كما انتهت الوثيقة إلى ضرورة تعزيز وإعلاء جهود المصالحة الوطنية وصولاً إلى حل توافقى بعيداً عن التدخلات الخارجية، يضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة وفى مقدمتها البرلمان المنتخب والجيش الوطنى الموحد، مع إعادة هيكلة المجلس الرئاسى وتوسيع مجلس الدولة ليضم الأعضاء المنتخبين، وضرورة الحفاظ على ترابط مؤسسات الدولة الليبية وحسن تعاونها، كما تم الاتفاق أيضاً على دعوة البرلمان الذى يمكن أن يجتمع فى غضون الأيام القليلة المقبلة لمناقشة تطبيق بنود وثيقة القاهرة، وتحقيق توافق كل الأطراف الليبية حول برنامج واضح وآليات محددة تنفذ كل التوصيات التى خرجت بها الوثيقة، وأهمها تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وتوحيد الجيش الليبى تحت قيادة موحدة فى ظل دولة مدنية، وسيطرة الدولة الليبية على كافة مصادر ثروتها البترولية، والتزام كافة القوى بوحدة ليبيا أرضاً وشعباً، ونبذ التطرف والإرهاب والحفاظ على تماسك ليبيا دولة موحدة غير قابلة للتقسيم.