تخزين السلع عادة مصرية بدأها «سيدنا يوسف».. وارتفاع الأسعار يحولها إلى «ظاهرة»

كتب: أحمد غنيم

تخزين السلع عادة مصرية بدأها «سيدنا يوسف».. وارتفاع الأسعار يحولها إلى «ظاهرة»

تخزين السلع عادة مصرية بدأها «سيدنا يوسف».. وارتفاع الأسعار يحولها إلى «ظاهرة»

منذ نصيحة سيدنا يوسف -عليه السلام- لملك مصر بحفظ المحاصيل للسنوات العجاف، أصبح التخزين ثقافة مصرية يمارسها الجميع كلما لاحت فى الأفق «أزمة سلع» ارتفع سعرها أو اختفت من السوق، ومؤخراً عادت ثقافة «تخزين السلع» لتسيطر على شخصية المصرى، فى ظل ارتفاع الأسعار واختفاء العديد من السلع من الأسواق، وكأنها سلاحه الأخير لمواجهة الأزمة ولو لعدة شهور، خصوصاً أن وقائع تخزين السلع فى المنازل لها تاريخ مع المسئولين الحكوميين.

بداية المواجهة كانت من الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى 27 نوفمبر الماضى، عندما وجه الحكومة فى اجتماعه معها إلى الاستمرار فى تكثيف الرقابة على منافذ بيع وتوزيع السلع الأساسية فى جميع المحافظات، وتعزيز الوجود الأمنى فى محيطها للحد من محاولات الاستحواذ على البضائع وتخزينها بهدف رفع أسعارها، وقبل أيام أشار وزير التموين محمد على مصيلحى، على هامش زيارته إلى محافظة المنوفية لافتتاح عدد من المنشآت، إلى أن المواطن هو من يصنع «الأزمة» بتكالبه على السلع و«التخزين»، حسب الوزير، فيما حذر اللواء علاء الدين شوقى، مدير أمن البحيرة، التجار من تخزين السلع، خصوصاً فى فترات الاحتفالات والأعياد.

من جانبه، قال محمود عسقلانى، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، لـ«الوطن»، إن الشكاوى المباشرة هى الوسيلة الأكثر فاعلية فى التعرف على نبض الشارع بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة، وأنه يخشى أن يحدث انفجار من قبل الشعب، لأن تراكمات الغضب عند المواطن تضخمت بصورة كبيرة لا تحتمل، ولا يعقل أن نترك الحكومة تستمر فى قراراتها الصعبة، ثم نلقى بالمسئولية على المواطن ونحاسبه على فكرة تخزين السلع.

أضاف «عسقلانى» أن الجهود الشعبية يكون لها صدى أكبر من جهود الحكومة، وتحقق نتيجة أسرع، وجمعية «مواطنون ضد الغلاء» تستعد حالياً لافتتاح أول مجمع استهلاكى يخدم المواطنين فى منطقة الخانكة بمحافظة القليوبية، على أن تكون أسعار المجمع مخفضة إلى حد كبير، متابعاً: «التجربة الجديدة تعتمد على أن تكون أسعارنا أقل من أسعار الحكومة، فالمواطنون عانوا كثيراً خلال الفترة الماضية، خصوصاً من أزمة السكر، حتى وصل ثمن الكيلو إلى 21 جنيهاً فى بعض المناطق، فضلاً عن نقص فى أرصدة الزيت والأرز فى الأسواق، لذا أظن أن المبادرات والجهود الشعبية مناسبة فى الوقت الذى لا تفعل فيه الحكومة أى شىء»، وعن المواطنين الذين يخزنون السلع فى منازلهم، خوفاً من نقصها أو تحسباً لأى أزمات مستقبلية، أكد العسقلانى أن هناك فارقاً بين المواطن الذى يعانى «هواجس» من نقص السلع، أو حتى الأدوية، وبين من يحتكر السلع، فالمواطن هنا مضطر للتخزين، لأنه يخشى أن يستيقظ يوماً ولا يجد السكر والأرز، وهو معذور فيما يفعله، أما من يستحق العقاب فهو التاجر الذى يتعمد التخزين واستغلال أوقات الأزمات لطرح السلع بضعف أسعارها، وهنا يأتى دور وزارة التموين، متمثلة فى قطاع الرقابة ومفتشى التموين، بالإضافة إلى جهاز حماية المستهلك المفترض أن لديه خطاً ساخناً ليتلقى الشكاوى المتعلقة بنقص السلع.

من جانبه، قال أحمد سمير، المدير التنفيذى لجهاز حماية المستهلك، إن هناك شكاوى وصلت للجهاز فى الفترة الأخيرة، تتحدث عن شراء المواطنين للسلع من تجار الجملة، ثم إعادة بيعها بـ«القطعة» وبأسعار تصل إلى الضعف، مضيفاً: «هذه هى الفئة التى يطاردها الجهاز، سواء عن طريق المفتشين برصد وقائع حية وضبطها، أو تتبع البلاغات، وعموماً لا سيطرة لأى جهاز تنفيذى على اتجاه المواطن العادى لتخزين السلع، فأى مواطن لديه قدرة شرائية كبيرة لن يستطيع أحد أن يقول له توقف»، وأوضح «سمير» أن تهافت المواطنين على شراء السلع يأتى من منطلق القلق والخوف من نقص السلع أو زيادة سعرها، إلا أن الحقيقة تؤكد أن «التكالب» على الشراء هو ما يؤدى فعلياً وبالأرقام إلى نقص السلع فى الأسواق، وهو ما لوحظ فى تقارير صادرة عن وزارة التموين، التى دائماً ما تتحدث مثلاً عن أنها تضخ الكميات المطلوبة من السلع على البطاقات التموينية، بينما التقارير الصحفية والإعلامية تتحدث عن نقص سلع التموين، فى حين أنه لا يوجد نقص بالمعنى الحرفى، ولكن تكالب المواطن للحصول على التموين، يوحى للجميع بأن هناك أزمة.

وأكدت الدكتورة سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك، أن نظام الاحتكار الذى نعيشه هو ما يُشعر المواطن بالضغوط المتزايدة عليه، كما أن الوضع الاقتصادى الحالى يجعل المواطن يشعر باليأس، لذلك فإنه يجد نفسه مضطراً للتخزين، فهذا هو السبيل الوحيد أمامه لتأمين احتياجاته.


مواضيع متعلقة