«عزبة الصفيح» بالمنصورة: منازل آيلة للسقوط و18 قتيلاً بسبب كابلات الضغط العالى

«عزبة الصفيح» بالمنصورة: منازل آيلة للسقوط و18 قتيلاً بسبب كابلات الضغط العالى
- أحمد حسن
- أكوام القمامة
- الزى الرسمى
- الشرب والصرف الصحى
- الضغط العالى
- العمل الميدانى
- الفشل الكبدى
- القضاء الإدارى
- آدم
- آيلة للسقوط
- أحمد حسن
- أكوام القمامة
- الزى الرسمى
- الشرب والصرف الصحى
- الضغط العالى
- العمل الميدانى
- الفشل الكبدى
- القضاء الإدارى
- آدم
- آيلة للسقوط
عزلتها الأبراج الشاهقة عن مدينة المنصورة، غرقت منازلها فى مياه الصرف الصحى وأصبحت عرضة للانهيار ما بين ليلة وضحاها، حاصرت منازلها الفقيرة كابلات الضغط العالى، فائقة القوة، فتحولت حياتهم إلى جحيم بعد مقتل 18 شخصاً بسببها، ورغم مصابهم لم ينظر المسئولون لأهالى العزبة إلا بعد انهيار منزل ومصرع 7 أشخاص من 3 أسر.
«عزبة الصفيح»، أو «مدينة النهضة»، استيقظ سكانها على حضور جميع المسئولين التنفيذيين فى ساعة مبكرة من صباح الجمعة الماضى، عقب انهيار منزل على رؤوس 3 أسر، مات منهم 7 أشخاص، وأصيب 3 آخرون، ورغم هول الفاجعة فإن غضب الأهالى من المسئولين أجبرهم على إخراج الكبت الكامن فى وجوههم، معبرين عن غضبهم من تجاهل استغاثاتهم وشكاواهم المتكررة، ما أدى إلى وجود ضحايا ومصابين، مؤكدين أن الحكومة لا تتحرك لتدارك الأزمات، وإنما تتحرك بعد وقوع الكوارث.
{long_qoute_1}
خلال متابعة المسئولين لمأساة المنزل المنهار، اكتشفوا أن منازل العزبة بالكامل آيلة للسقوط، استمعوا إلى الأهالى الذين اختلطت كلماتهم بدموع القهر بسبب الحياة وسط برك ومستنقعات الصرف الصحى، التى كانت سبباً فى انهيار المنزل، وقتل 7 من الأبرياء، مؤكدين أن أهالى العزبة يعتمدون على «الطرنشات» وأن سعيد الحظ من يجاور منزله «مروى زراعى» يصرف فيه مخلفات منزله، وعندما تمتلئ المروى بالمياه تعود مياه الصرف الصحى لتغرق المنازل المجاورة.
«رشح مياه الصرف الصحى يغمر البيوت من الخارج لأكثر من مترين، ولا يمكن أن يصدق أحد أنه يمكن أن يكون بداخل تلك المنازل سكان يعيشون حياة آدمية، فأكوام القمامة تحاصرهم من جميع الجوانب، حتى إن المسئولين بحى شرق المنصورة أعلنوا إزالة 800 طن قمامة ومخلفات مبان فى يوم واحد من العزبة، بعد انهيار أول منزل فى العزبة، ولن يكون الأخير إذا لم يتم تصفية مياه الصرف الصحى.. المسئولون يشعروننا كأننا نعيش فى الجنة بإطلاق اسم النهضة بدلاً من عزبة الصفيح ولكننا لم نرَ أى نهضة سوى فى الاسم»، تلك الكلمات التى لخصت مأساة العزبة جاءت على لسان شداد أبودنيا، أحد سكان المنطقة، مشيراً إلى أن بداية إعمار العزبة كان فى عام 1980، حيث بدأ الأهالى فى بناء العشش والمنازل، لتنشأ تلك المنطقة العشوائية التى لا يعرف سكانها أى حى يتبعون، مضيفاً: «سرقوا منا كل شىء، وتحركنا لنطالب بحقوقنا لدى المسئولين دون استجابة».
وأضاف أن محكمة القضاء الإدارى قضت بتبعية العزبة لحى شرق المنصورة فى عام 1991، بعد أن تعمدت المحليات تجاهل العزبة ورفضت الاعتراف بها إدارياً، وكان الحكم مصدر فرح وبهجة سكان العزبة، آملين أن ينظر المسئولون لتطوير العزبة التى ستكون جزءاً من مدينة المنصورة فى يوم من الأيام، وفى مطلع عام 2005 تم تغيير اسم العزبة إلى مدينة النهضة، وتخصيص 50 مليون جنيه لتطويرها، إلا أن المحافظ قرر تطوير مدينة المنصورة ورصف شوارعها وطريق المشاية بالمبلغ المخصص لتطوير العزبة وإنقاذها من العشوائية، الأمر الذى زاد من حقد سكان العزبة على سكان مدينة المنصورة».
وأشار إلى أن العزبة ظلت دون صرف صحى حتى تشبّعت أرضها بالكامل بمياه الصرف التى اختلطت بمياه الشرب، التى لم يتمتع بها الأهالى نظراً لضعف ضخها وانقطاعها بين الحين والآخر، ما تسبب فى انتشار الفشل الكبدى والكلوى والسرطان بين الشباب قبل كبار السن، موضحاً أن «الأهالى تقدموا فى بداية عام 2015 بطلب للمحافظ لتوصيل خدمة الصرف الصحى للعزبة، فأحال الأمر إلى المهندس عزت الصياد، رئيس مجلس إدارة مياه الشرب والصرف الصحى، والذى رد بأن العزبة تقع فى الجانب الآخر من مدينة المنصورة، ولابد من صدور قرار من الهيئة بالقاهرة، لاحتياج العزبة إلى محطة صرف صحى ورافع مياه، وتوقف الأمر عند هذا الرد».
وتابع قائلاً: «لا يريد أحد من المسئولين أن يرى الحقيقة، فالحكومات المتلاحقة تزرع الدواعش فى وسطنا دون أن تشعر.. أهالى العزب أصبحوا بين مسلول ومبتور ومريض، وأسرة مكونة من 5 أفراد تتلقى معاشاً اجتماعياً 350 جنيهاً فى الشهر فى حين أن إيجار الشقة يزيد عن 500 جنيه، وإذا تم تخصيص هذا المبلغ للأكل والشرب فلن يكفى أسبوعاً واحداً، هذه الحكومات تزرع الكراهية فى نفوس أهل العزبة التى يعيش كل سكانها تحت خط الفقر بلا استثناء، فلدينا ميراث اجتماعى معروف أن ابن القاضى يصبح قاضياً، وبعد الحادث وجدنا المسئولين يرفعون القمامة المتراكمة منذ سنوات ويزرعون الطريق بالأشجار، وفرق الكشافة ترتدى الزى الرسمى، ونحن لا نجد العيش الحاف».
فى الجهة المقابلة للمنزل المنهار، كان هناك مشهد آخر يعكس معاناة الأهالى.. حجرة نوم وسرير وكراسى تسبح فى مياه الصرف الصحى بالدور الأرضى بمنزل المواطن أحمد حسن مهران، حيث يعيش فيه برفقة زوجته وأبنائه الأربعة، منذ 14 عاماً، ومنذ فترة طفح الصرف الصحى فى المنزل وكلما قام بشفط المياه تعود مرة أخرى، برائحتها الكريهة.
«تعودنا على رائحة مياه الصرف، وتوقفنا عن كسحها، طوال النهار لا تصلنا قطرة مياه للشرب، فاعتدنا انتظارها فى آخر اليوم، وفى أيام تنزل المياه من الحنفية برائحتها الكريهة، وفى أيام أخرى تأتى مياه سليمة لا رائحة فيها، وفى جميع الأحوال نضطر لشربها، أناشد جميع المسئولين أن ينقذونا من مياه الصرف الصحى التى تسببت فى انهيار منزل الجيران، ولا أعرف ماذا ينتظرون، هل سيتحركون بعد أن نموت نحن وأبناؤنا؟»، تساؤل مشروع طرحه «مهران» على المسئولين منتظراً الإجابة على تساؤله.
وعلى بعد أمتار قليلة، جلس فاروق الغرباوى، صاحب المنزل المنهار، يحدق بعينيه المليئتين بدموع الفراق فى جنبات ما كان منزله فى يوم من الأيام، يتذكر والدته وابنيه الاثنين وزوجته، الذين ماتوا تحت الأنقاض، يتمتم بعبارات صحبها بكاء مرير، وما يلبث أن يتمالك نفسه مردداً: «قبل الحادث بأسبوع تشققت جدران الحمام ثم جدران الصالة، وتحدثت مع صاحب المنزل فكان رده: قم بترميمه بجبس وأسمنت وهيكون كويس، واستمر الأمر حتى وقعت الكارثة».
من جانبه أعلن حسام الدين إمام، محافظ الدقهلية، عن اعتماد مبلغ 75 مليون جنيه لإزالة كابلات الضغط العالى من المنطقة وتشكيل لجنة برئاسته تضم رئيس حى شرق وفريق العمل الميدانى وإدارة النظافة لتشجير وتجميل ورفع كفاءة شوارع العزبة وعرض تقرير شخصى بالانتهاء خلال ١٥ يوماً، كما قرر إحالة جميع المسئولين عن النظافة والإشغالات وتراخيص البناء بحى شرق للتحقيق وكلف رئيس شركة مياه الشرب بالتنسيق مع وكيل وزارة الصحة لسحب ١٠ عينات عشوائية من المياه من مناطق مختلفة وتحليلها ووضع دراسة لرفع كفاءة المياه بذات المنطقة.