الأقباط والإخوان.. دماء على الصليب

الأقباط والإخوان.. دماء على الصليب
- أنور السادات
- إخوان السويس
- اتحاد شباب ماسبيرو
- احتفالات عيد الميلاد
- الإخوان الإرهابى
- الإخوان المسلمين
- الاحتفال بعيد الميلاد
- أبريل
- أحمد شفيق
- أنور السادات
- إخوان السويس
- اتحاد شباب ماسبيرو
- احتفالات عيد الميلاد
- الإخوان الإرهابى
- الإخوان المسلمين
- الاحتفال بعيد الميلاد
- أبريل
- أحمد شفيق
لا تحمل الذاكرة القبطية والكنسية لتنظيم الإخوان الإرهابى إلا كل سيئ ومر، منذ بداية إنشائها وحتى اليوم، ما بين تحريض وتنكيل وتخريب واضطهاد وتمييز، وصولاً إلى القتل وإسالة الدماء والعنف والإرهاب.
يحفظ التاريخ القبطى أول اعتداء على الكنائس والأقباط من الإخوان مع بزوغ نجم التنظيم السرى بالجماعة فى هذا الوقت والذى وقع عام 1947 بحرق كنيسة فى مدينة الزقازيق، وخرجت فى صباح اليوم التالى صحف الإخوان، مثل جريدة البلاغ بموضوعات تحض على كراهية الأقباط والتشهير بهم والحديث عن اعتداء كاذب حدث من الأقباط على الدين الإسلامى، فى حين وصفت جريدة مصر التى كانت تصدر فى هذا الوقت فى عدد يوم 19 أبريل 1947 تصف الاعتداء الذى وقع على الكنيسة وعملية حرقه من قبل الغوغاء الذين كانوا يهتفون: «اليوم يوم الصهيونية وغداً يوم المسيحية.. اليوم يوم السبت وغداً يوم الأحد».
{long_qoute_1}
ثم شهدت البلاد واقعة أخرى كانت أكثر دموية من الإخوان، وهى المعروفة بمذبحة السويس، التى وقعت قبل الاحتفال بعيد الميلاد عام 1952 وتحديداً فى الرابع من يناير فى هذا الوقت، حينما حرض إخوان السويس على أقباط المدينة، ونشروا اتهامات بالعمالة للإنجليز، وإطلاق الأقباط النار على المسلمين، وبعد هذا التحريض قاموا بالهجوم على أقباط المدينة وسحلوا عدداً منهم بعد قتلهم، والتمثيل بالجثث وتعليق خطافات الجزارة فى أجساد الأقباط وذهبوا بهم إلى كنيسة السويس، وألقوا بالجثث، ثم حرقوا الكنيسة، وهى الحادثة التى تسببت فى توقف الكنائس عن احتفالات عيد الميلاد المجيد وذهب وقتها رئيس الوزراء المصرى الزعيم الوفدى مصطفى النحاس باشا لمقابلة البابا يوساب الثانى، البطريرك 115 فى تاريخ الكنيسة، ورفضت الكنيسة تعويض الحكومة لبناء الكنيسة المحترقة، وكتب وقتها البابا شنودة الثالث قبل رهبنته وتحت توقيع اسمه العلمانى «نظير جيد» عن الحادثة فى العددين الأول والثانى لمجلـة مدارس الأحد، التى شن فيها هجوماً على الدولة والحكومة فى ذلك الوقت والوزراء الأقباط فى الحكومة وطالب بمحاسبة المسئولين واعتبر الحادث أنه الهدية التى يقدمها هؤلاء للأقباط فى عيدهم والتى لا تحدث إلا فى بعض البلاد المتبربرة أو فى العصور الوثنية والرق والوحشية.
توالت السنوات ولم تتوقف الاعتداءات على الأقباط والكنائس التى كانت تحمل دائماً بصمات الإخوان أو من خرج من عباءتهم من تنظيمات وجماعات العنف التى انتحلت اسم «الإسلام» و«الإسلام» منهم براء. وعقب ثورة 25 يناير 2011، حاول الإخوان الإيهام بتغيير فكرهم والانسلاخ من جلدهم وعملوا على تغيير الصورة النمطية التى كانت مأخوذه عنهم من الإرث الكبير فى الاعتداءات على الأقباط والكنائس، وذلك فى سبيل الوصول إلى الكرسى وحكم البلاد، فأطلقوا التصريحات الرنانة وزار رئيسهم الإخوانى المعزول محمد مرسى قبل الوصول للحكم الكاتدرائية المرقسية وحضروا قداسات العيد، وفى ظل الانفلات الأمنى صرح قادتهم بأنهم سيحمون الكنائس أثناء الاحتفالات، وحاول مرشح الإخوان فى ذلك الوقت إلقاء تهمة الاعتداء على الأقباط على النظام السابق والظهور بمظهر الحمل الوديع، وألقوا بطعمهم للأقباط بالإعلان عن تعيين مساعد قبطى لرئيس الجمهورية إذا وصلوا للحكم، ولكن الأقباط والكنائس لم تصدقهم، بل كانت تخشى منهم، فأيد غالبيتهم المرشح المنافس للإخوان فى هذا الوقت الفريق أحمد شفيق، ليقوم الإخوان بتهديدهم وإرعابهم ومنعوا العديد من الأقباط من الوصول للجان الانتخابات فى الصعيد، وهى القضايا المثبتة قضائياً.
وبعد وصولهم للحكم، عانى الأقباط أشد معاناة من الإخوان خلال عام حكمهم اليتيم لمصر، ومارسوا هواية التحريض عليهم، وحرموا تقديم التهنئة لهم بالعيد، وامتنع رئيسهم وقياداتهم عن الذهاب للكاتدرائية، وخرجت الفتاوى السلفية التى تحرم حتى على سائقى الميكروباصات توصيل القساوسة والأقباط للكنائس. وحينما هب الشعب ثائراً على الإخوان ونظامهم لم تجد قيادات التنظيم الإرهابى إلا إلصاق حالة الغضب بالأقباط وأنهم هم من يحشدون الجماهير فى الشوارع ويحاصرون قصر الاتحادية حيث كان يجلس «مرسيهم»، ووقعت الاعتداءات الطائفية على الأقباط أمام مقر مكتب الإرشاد فى المقطم وأمام قصر الاتحادية، وقبلها بشهور قليلة وقع أول اعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث المقر البابوى أثناء جنازة بعض ضحايا الحادث الطائفى الذى وقع بمنطقة الخصوص فى القليوبية.
وبعد زوال حكمهم، أظهر الإخوان وأنصارهم أشد ما لديهم من كراهية وبغضاء للأقباط والكنائس، فدمروا العشرات من الكنائس خلال يوم واحد هو يوم 14 أغسطس 2013 عقب فض اعتصاميهم فى رابعة العدوية ونهضة مصر، كما تم الاعتداء على الأقباط خلال خروج حفل زفاف بكنيسة العذراء فى منطقة الوراق بالقاهرة، ليسقط الكثير من الضحايا بينهم أطفال، وتواصل مسلسل الاعتداء بقتل الكهنة فى محافظة شمال سيناء، وذبح 21 قبطياً فى ليبيا على يد ما يسمى تنظيم داعش الإرهابى، وإثارة النعرات الطائفية والاعتداءات على منازل الأقباط، وممتلكاتهم فى الصعيد وخاصة محافظة المنيا، وصولاً إلى الاعتداء الإرهابى على الكنيسة البطرسية فى العباسية الذى راح ضحيته عشرات القتلى والمصابين، والذى ظهر الوقوف خلفة الجماعة.
اعتمد الإخوان فى تبرير جريمتهم بالفقه المحرف والمتطرف الذى وضعه قادتهم وفقهاؤهم منذ سيد قطب وحتى عبدالرحمن البر ويوسف القرضاوى.
وحول ذلك، يقول مينا مجدى، منسق اتحاد شباب ماسبيرو، لـ«الوطن»، إنه لا يمكن قراءة مشهد كنيسة البطرسية دون قراءة السياق التاريخى، فمنذ السبعينات أطلق الرئيس الراحل أنور السادات يد الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة وكان الغرض من ذلك هو ضرب التيار اليسارى والشيوعى، ففتح لهم المنابر والجامعات والصحف وبدأت المنابر تبث خطاباً تحريضياً تكفيرياً ضد الآخر، وبدأت تنشط التيارات الإسلامية المتطرفة، حيث ظهرت جماعة التكفير والهجرة والجماعة الإسلامية.. إلخ، والتى تبنت خطاب جاهلية المجتمع والحاكمية، وقد دفع السادات حياته ثمناً على يد تلك الجماعات.
وأضاف «مجدى» أنه فى عهد مبارك أطلق أيدى الجماعات المتطرفة فى النقابات والجامعات مع محاولة تحجيم دورهم من آن لآخر فى حالة خروجهم عن الدور المرسوم وذلك باعتقال بعض قيادات الإخوان والتيارات الإسلامية، ومع تولى الرئيس المعزول محمد مرسى الحكم وفر البيئة الحاضنة لتلك التيارات لتمارس دورها التكفيرى التحريضى ضد الآخر، وانتشر خطاب الكراهية ضد المسيحيين فى شاشات التلفاز والذى ترجم بالاعتداء على الكاتدرائية المرقسية من قبل السلفيين.
وأشار منسق شباب ماسبيرو إلى أننا نحتاج إلى قراءة دور الكنيسة فى المشهد، ففى عهد السادات، حاول البابا شنودة مجابهة هذا التيار وكانت النتيجة هى الصدام مع النظام الحاكم، وفى عهد مبارك كانت العلاقة يحكمها التوافق مع وجود توترات من آن لآخر كانت تتمثل فى احتجاج البابا شنودة واعتكافه بعد الحوادث الكبرى، وفى أيام مرسى كانت العلاقة بين الكنيسة والدولة سطحية تحولت إلى تأييد كامل فى عهد الرئيس السيسى.
ويوضح «مجدى» أنه كان لنزول الأقباط ومشاركتهم الكثيفة فى 30 يونيو 2013، دور فى زيادة الاحتقان الموجود أصلاً بين التيارات الإسلامية المتطرفة والأقباط، وأنه لا يوجد حل لمنع مثل هذه الحوادث إلا المجابهة الفكرية جنباً إلى جنب مع المواجهة الأمنية، حيث إن المواجهة الأمنية وحدها لن تكون قادرة على وقف مثل تلك الحوادث. أما أمير عياد، أحد شباب ماسبيرو، الذى كان أحد ضحايا الإخوان حينما اعتدوا عليه أمام مكتب الإرشاد حتى كادوا يقتلونه، أكد لـ«الوطن»، أن الإخوان فصيل أساء فهم الدين وحرف المنهج وطوعه ليخدم أهدافه، حيث إن علاقتهم بالمسيحيين علاقة منفرة، لأنهم يعتقدون أن المسيحيين كفرة، وأهل ذمة يجب أن يدفعوا الجزية باعتبارهم مواطنين من الدرجة السفلى، وعلى سبيل المثال، فإن المسلم إذا قتل مسيحياً لا يقام عليه القصاص، ولا يمكن للمسلمة أن تتزوج مسيحياً، ولا يمكن للمسيحى أن يرث أباه المسلم، بينما يجوز لمن أسلم من المسيحيين أن يرث أباه النصرانى.