أصحاب البطاقات التالفة والمفقودة «كعب داير» على أقسام الشرطة ومكاتب التموين.. و«المخلصاتية» ينتشرون بين الطوابير للحصول على «المعلوم»

كتب: أحمد عصر

أصحاب البطاقات التالفة والمفقودة «كعب داير» على أقسام الشرطة ومكاتب التموين.. و«المخلصاتية» ينتشرون بين الطوابير للحصول على «المعلوم»

أصحاب البطاقات التالفة والمفقودة «كعب داير» على أقسام الشرطة ومكاتب التموين.. و«المخلصاتية» ينتشرون بين الطوابير للحصول على «المعلوم»

معاناة يعيشها المتردّدون على مكاتب التموين المختلفة من أصحاب البطاقات الذكية «التالفة» أو تلك التى حدث بها خطأ ما بعد استخراجها ويريد صاحبها أن يقوم بتعديل هذا الخطأ، فتجد من توقفت بطاقته عن العمل فجأة ليضطر بعدها إلى الذهاب لمكتب التموين التابع له لإعادة تشغيلها مرة أخرى، فإذا كان من أصحاب «البخت السيئ» ربما قضى شهوراً، إن لم تكن أعواماً، يقطع المسافات إلى مكتب التموين التابع له جيئة وذهاباً لا يجد سوى رد وحيد «فوت علينا بكرة»، وآخر عاش أعواماً طويلة يتردّد فيها على مكتب التموين يريد استخراج بطاقة تموينه الذكية، بدلاً من الورقية، لتخرج له فى نهاية الأمر وبها جملة من الأخطاء تستوجب إعادة الكرة من جديد.

{long_qoute_1}

فى أحد شوارع الدقى، جلس الرجل السبعينى «توكال السيد» أمام منضدته الخشبية، وقد وضع عليها أدوات عمله كخطاط، ليتردّد عليه طلاب المدارس يستعينون به فى رسم لوحاتهم، يحكى معاناة يعيشها هو وزوجته مع بطاقة التموين منذ 6 أعوام مضت، حيث بدأت رحلته عندما أراد أن يستبدل بطاقة تموينه الورقية بأخرى ذكية، فيتردّد على مكتب التموين طوال هذه الأعوام الستة: «كل شهر يقولوا لى تعالى الشهر اللى بعده»، حتى يستلم بطاقته بحالة من الفرح لم تدم طويلاً إلى أن اكتشف ما بها من أخطاء، يقول: «لما رُحنا نصرف التموين بالبطاقة أول مرة، لقينا البطاقة فيها 9 أفراد، رغم أن مفيش غيرى أنا وزوجتى بس، وماعندناش أولاد أصلاً، والبقال اللى باصرف من عنده قال لى مش لازم تروح تغيرها، وأنا هاخد الفرق، لكن أنا استحرمت ومارضيتش آكل حاجة حرام أو أخلى غيرى ياكل حرام بسببى».

قرّر «توكال» رغم ما عاناه فى رحلة استخراج البطاقة أن يخوض رحلة أخرى من أجل تصحيح ما بها من خطأ، فذهبت بها زوجته إلى مكتب التموين لتخبرهم بأن هناك 7 أفراد زيادة على بطاقتها، فقال لها حسب «توكال»: «انت لو فيه زيك فى البلد كتير كان زمانا أحسن بلد فى العالم»، كما قال لها إن بطاقتها الجديدة ستكون جاهزة خلال شهر، لم يمر أكثر من الشهر ليتسلم «توكال» بطاقته الجديدة كما وعدهم موظف مكتب التموين، إلا أن الصدمة هذه المرة كانت أكبر بكثير من صدمة زيادة عدد الأفراد المدرجين فى البطاقة، فبدلاً من خطأ واحد فى البطاقة كان هناك خطآن يحكى عنهما الرجل السبعينى بضحكته الساخرة: «خير تعمل شر تلقى، بدل ما كان فى البطاقة غلطة واحدة بقى فيها غلطتين، أول حاجة إنه غير اسمى، وبدل ما أنا اسمى توكال السيد السيد حسين، خلوها نوال السيد حسين السيد حسين، يعنى حولونى واحدة ست، وكمان غيروا الاسم بالكامل، والحاجة التانية إنه بدل ما يشيل الـ7 أفراد الزيادة اللى فى البطاقة شال 8 ومعاهم زوجتى، وبقيت أنا لوحدى اللى فى البطاقة، وبقينا نعانى الأمرين بسبب الموضوع ده، لا عارفين نغير الاسم ولا عارفين نرجع زوجتى تانى على البطاقة». {left_qoute_1}

وفى مكتب تموين السلام، كانت معاناة عبدالسلام موسى، صاحب الخمسين عاماً، مختلفة بعض الشىء، حيث بدأت رحلته مع بطاقة التموين منذ 6 أشهر فقط، انتصر فى نهايتها ببطاقة تموين «سليمة»، لكن الرحلة لم تخلُ من «المرمطة» التى لن ينساها «عبدالسلام» على حد قوله: «من حوالى 6 شهور رُحت أصرف بالبطاقة بتاعتى عيش لقيت صاحب الفرن بيقول لى البطاقة مش شغالة، ومش هينفع يصرف لى عيش رغم إنى كنت صارف فى الشهر ده تموينى عادى، وتانى شهر بقى وقفت خالص تموين وعيش».

لم يصادف «عبدالسلام» هذا الموقف من قبل، وهو ما دفعه إلى سؤال بعض أقاربه وجيرانه الذين أكدوا له أن البطاقة ربما يكون حدث لها عطل ما، وأنه يجب عليه الذهاب إلى مكتب التموين من أجل تنشيطها مرة أخرى، يقول: «لما رُحت المكتب لقيتهم بيقولوا لى إن البطاقة وقفت خالص ولازم أعمل بدل تالف، وفعلاً جهّزت كل الورق اللى كان مطلوب منى وقدّمته فى المكتب، وفضلت بعدها 4 شهور رايح جاى على مكتب التموين، وكل أسبوع يقولوا لى لسه البطاقة ماجاتش، تعالى الأسبوع اللى بعده، وآخر ما زهقت دخلت لمدير المكتب واتخانقت معاه، فقال لى إن الموضوع كده فيه غلطة، لأن البطاقة ماجاتش المكتب خالص، وإدانى ورقة مختومة منه، حولنى بيها للإدارة فى الوزارة، ولما رُحت هناك قالوا لى إن بطاقتى كانت سقطت من الكمبيوتر أنا وكل اللى قدّموا معايا فى نفس اليوم». وأمام مكتب تموين بولاق وقفت دلال جمعة، امرأة أربعينية، تنعى حظها السيئ الذى جعلها تفقد بطاقتها منذ 3 أشهر مضت ولم تستطع حتى الآن استخراجها مرة أخرى، تقول: «من شهر 9 اللى فات وانا دايخة على بطاقة التموين بتاعتى لحد مابقتش عارفة أعمل إيه، أول حاجة البطاقة وقفت وكانت محتاجة تتنشط، وبعد كده المكتب هنا قال لى إنها وقفت خالص ولازم أعمل بطاقة جديدة، وفعلاً عملتها وطلعت بعد شهر تقريباً».

شهر واحد فقط هو ما تمكنت فيه «دلال» من صرف تموينها، لتُفاجأ فى الشهر التالى بأنها تعطلت مرة أخرى «لما سألت قالوا لى أنها اتوقفت علشان البطاقة القديمة اتنشطت تانى، وأنا مش عارفة إزاى البطاقة القديمة تتنشط من غير ما يكون صاحبها عارف أو حتى إزاى تتنشط أصلاً وهى مسحوبة منى».

ذهبت «دلال» كغيرها إلى مكتب التموين تشكو مما حدث لبطاقتها، لينصحها مدير المكتب بأن تذهب إلى نيابة وزارة التموين وتقوم بتحرير محضر تثبت فيه ما حدث، ليؤكدوا لها أن الموظف الذى تسبّب فى هذا الخطأ ستتم محاسبته، لتضيف صاحبة الأربعين عاماً، بعد أن وقفت يوماً كاملاً أمام مكتب التموين دون جدوى: «بقالى شهرين على الحال ده، رايحة جاية من غير أى فايدة، وبقيت أشحت بطايق قرايبى وجيرانى علشان أعرف أجيب عيش. وفى مكتب تموين حلوان، اختفت طوابير أصحاب البطاقات التالفة والمفقودة، لكن ظهر مشهد آخر كان هو اللافت لكل من اتخذ طريقه إلى شبابيك المكتب، حيث تراصت أعداد من المناضد البلاستيكية فى جميع المداخل المؤدية إلى المكتب، وجلس أمامها «مخلصاتى» يقدم خدماته للمترددين على المكتب: «لو بطاقتك ضاعت هتروح القسم تعمل محضر، وهتجيب صور البطايق، وصور شهادات ميلاد الموجودين فى البطاقة، وتعالى وأنا أخلص لك كل حاجة»، كلمات كانت جواب «مصطفى التموين» كما أطلق على نفسه، الذى أكد أن عملية استخراج البطاقة مرة أخرى من خلاله لن تستغرق أكثر من 25 يوماً، إلا أنه لم يُفصح عن المقابل الذى سيأخذه نظير خدماته مردداً: «هات بس انت الورق وتعالى وماتقلقش».


مواضيع متعلقة