«الوطن» ترصد التعدى على الآثار فى منطقة «أون» الفرعونية.. «المطرية» حالياً

«الوطن» ترصد التعدى على الآثار فى منطقة «أون» الفرعونية.. «المطرية» حالياً
«خيال مآتة».. أول ما يستقبل زائر المنطقة الخربة «أون» الفرعونية التى تلقب حالياً بـ«المطرية».. العبث يكتنف الأرض المملوءة بالقمامة، ميراث الأجداد وذخيرتها، عادت لتغرق أسفل أكوام التراب، يرتع فيها الكلاب والأغنام، ليتحول المدخل الرئيسى لبوابة معبد فرعونى لساحة انتظار سيارات، وتصير الحفائر التى شرعت فيها هيئة الآثار -مكبدة الدولة ملايين الجنيهات- ضرباً من خيال بعد ردمها من قِبل متعدين على المكان، حتى «المسلة الفرعونية» التى كانت تضفى على الأرض نوعاً من القدسية، تلاشت قدسيتها بعد ظهور جبال الرتش حولها، تمهيداً للبناء إلى جوارها، فى الوقت الذى تخالط صورة لحضارة مضت صوراً لـ«مراجيح» الصبية، وسط غفلة وتجاهل وغض طرف من الدولة.
وبجلباب ريفى لبنى اللون جلس القرفصاء ممسكاً بمقص كبير، يفترش الأرض أسفله أحد الخراف، مستكينا لجز فروته فيتحول لونه من البنى إلى الأبيض تحت وهج الشمس الحارقة، يعبث عدد غير قليل من الماشية فى القمامة التى تفترش المكان «بقالنا هنا 30 سنة، الكل بيجيب غنمه تأكل وتمشى» يشرح الرجل الأربعينى كيف أحقيته وأغنامه فى المكان، الذى اعتادوا المرور عليه يومياً مع أذان الظهر والرحيل مع غروب الشمس.
يعلم الرجل أن المنطقة أثرية، ويرد بضمير مستريح «الأرض دى فيها آثار ياما.. ده معروف من جدود الجدود والناس بتحفر تحت بيوتها جوة»، مطالباً كل من ينتقد وجوده فى المكان «روحوا شوفوا الناس اللى بتبنى بيوت على أرض الحكومة.. جايين تتكلموا على الغلابة اللى بيسترزقوا».[FirstQuote]
عادة ملكية، دأب عليها «سنوسرت الأول» فور استيقاظه من النوم يستدعى رئيس العمال ويأمره بالشروع فى البناء، لتحقيق ما رآه فى منامه، حينما جاءه والده يطالبه بضرورة بناء الصرح.. 30 عاماً تفرغ فيها «سونسرت الأول» لإكمال فتوحاته وأهمل فيها أباه «رع»، وآن الأوان لرد الجميل، سفينة تُبحر إلى الجنوب، تقل المئات من العمال لتنفيذ أوامر ملكهم، «محاجر» أسوان كانت هدفهم، على شواطئها حط الرحال، شهور طويلة قضوها ليقطعوا جزءاً من جبل الجرانيت الوردى، عثروا على ضالتهم بعد شقاء، قطعة واحدة تزن أكثر من 200 طن ويبلغ طولها 30 متراً، شرعوا فى نقش النقوش التى تخلد الملك، انتهوا من العمل، جاء رئيس العمال وألقى نظرة على البناء الضخم، برضا أشار إليهم أن أحسنتم العمل، بدأت عملية النقل إلى السفينة الضخمة، فالكتلة الآن يزيد وزنها على 121 طناً وطولها 20 متراً، بحرص خشية التحطم، نقلها العمال إلى البارجة التى قطعت ما يقرب من 1000 كيلومتر نهراً لتصل حيث أراد الملك، «أون» مدينة رب الشمس.. المطرية حالياً.
عمود رباعى الأضلاع يقل مقطعه بالتدريج منتهياً بشكل هرمى بديع، تلك هى «المسلة» التى تقف فى شموخ متحدية الإهمال وطول الزمان، أُطلق عليها هذا اللفظ حكم كونها تشبه الإبرة الكبيرة، قديما كانت تُغطى قمتها «الألكتروم» وهو خليط من الذهب والفضة ليعكس ضوء شمس الإله «رع» على رعيته من البشر، تعلوها نقوش لتمجيد الإله وابنه «سونسرت الأول»، فى الوقت الذى تشير فيه قاعدتها إلى هوية رافعيها «سنة 1952 من خلال بعثة ألمانية أوقفتها، ويُقال إنها نقلتها من مكانها 20 متراً لهشاشة التربة»، حسب محمد أحمد، مفتش الآثار بمنطقة المطرية وعين شمس، الذى يؤكد أن القاعدة المُرتكز عليها البناء مصنوعة من الرخام الحديث ومكتوب عليها بأربع لغات «الألمانية، الإنجليزية، الفرنسية والعربية» معلومات عن البناء «مسلة سونسرت الأول - الأسرة الـ12، 1940 قبل الميلاد».
ويقول محمد أحمد المفتش بالآثار إن المسلة هى الأثر الباقى والظاهر من المدينة القديمة، إضافة إلى بعض المقابر واللوحات الجدارية، لكن البناء العشوائى والتعدى على ممتلكات الآثار دمرها، والهيئة أجرت حفريات فى «الأرض السوداء» وعثرت على السور الخارجى لمعبد «رمسيس الثانى» الجنائزى، وبعد الثورة والانفلات الأمنى، بدأ الأهالى فى التعدى وردم الحفريات «المواطن مش عارف أهمية الحفريات، دى كارثة بكل المقاييس ومحدش عايز يتحرك»، وبسبب التعديات حررت هيئة الآثار عدداً من المحاضر «بس إحنا مش جهة تنفيذ، والأمن بيقولنا الحالة الأمنية لا تسمح».[SecondImage]
ويضيف: بعد الثورة، كون عدد من «البلطجية» مجموعات لعقد اتفاقات مع الهيئة لـ«تعمير الأرض» حسب ادعائهم، ويتابع: «جالنا شوية ناس قالوا عايزين نسترزق ونعمل جراجات، رفضنا، زعقوا فينا وقالولنا غصب عنكم هنعملها واللى هيمنعنا هنضربه بالنار»، ويؤكد أن «الدولة عارفة كل حاجة»، مشيراً إلى أنه وزملاءه يبكون يومياً بسبب نهب آثار مصر، قائلاً: «كل حتة بيدمروها كأنهم بيقتلوا عيل من عيالى، مش فاهمين أنهم بيدمروا تاريخ جدودهم»، مؤكداً تعرضه للتهديد بالقتل من قبل أحد المعتدين.
«عايز أسترزق وآكل عيش».. مبرر ساقه أحمد حسن زنبوعة صاحب أحد «الجراجات» المبنية فوق أرض الآثار، التى وصل عددها إلى 80 جراجاً، يحوم الشاب حول المنطقة فى محاولة منه لنيل قطعة من «أرض الدولة».. قبل الثورة، حاول «زنبوعة» السيطرة على إحدى هذه القطع لكن قوة هيئة الآثار منعته، بعد «يناير» 2011، بدأ حلمه القديم يراوده، ومنذ 3 أشهر فقط حقق الحلم قائلاً: «ردمت شوية من الحفاير عشان آخد حتة وأظبطها».
ويؤكد مفتش الآثار الشاب أن موضوع الردم عناد مع الآثار التى رفضت طلبه باستقطاع جزء من الأرض لجراجه، ما دعاه إلى «هدم المعبد فوق رءوسهم» -حسب قوله- كسر السور الخارجى وردم مكان الحفائر التى تمثل الطريق الرئيسى إلى المعبد الجنائزى «هما مش شغالين وسايبين الحفرة بقالهم سنين، قلت خلاص أستفيد أنا منها»، حرر رجال هيئة الآثار محاضر له، حسب قوله، وجاءت المباحث للقبض عليه، ما زاد من عِناده؛ فقرر توسيع المكان عن طريق ردم المزيد من «الحُفر» ومبرره: لا أحد يستفيد من قطعة الأرض الكبيرة.. مقرراً البدء فى مشروعه الكبير للجراج بمشاركة «صاحبى اللى لسة خارج من السجن»، ولتأمين موقفه القانونى ذهب «زنبوعة» إلى الحى، فبادره أحد مسئوليه قائلاً: «اعمل اللى انت عايزه، بس مش هنقدر نديك ورق».. لا يرى زنبوعة تهمة حقيقية موجهة له سوى الاستيلاء على الأرض، لذا قرر: «أنا ممكن أسلمها.. بس مش لاقى حد يستلم منى الأرض ويتنازل عن القضية».[SecondQuote]
فى الشمال الشرقى من مدينة القاهرة، تقف «المسلة» شامخة فى أرض مدينة «أون» -المطرية- إحدى أهم مدن العالم القديم بلا استثناء، حسب محمد مفتش الآثار بالمنطقة، عصور ما قبل التاريخ، الدول القديمة والوسطى والحديثة والعصور المتأخرة والآثار الرومانية واليونانية، هى الآثار التى عُثر عليها فى منطقة المطرية وعين شمس، حسب المفتش، حيث أثبتت الدراسات أنها «أهم منطقة أثرية فى مصر على الإطلاق»، فآثارها لا تقتصر على «مسلة سونسرت الأول» بل تتعدى ذلك إلى مسلة الملك «تيتى» من الأسرة السادسة ومسلتا تحتمس الثالث من الأسرة الـ18 والـ19 التى نقلت إلى لندن وروما، قائلاً بحسرة: «بس هناك مهتمين بيهم جداً، محطوطين فى ميادين كبيرة ومحدش بيقدر يقرب منهم»، ويستطرد الشاب الثلاثينى فى سرد الآثار الموجودة بالمنطقة «بقايا حصن الرعامسة، وبوابة كبير الرواة فى عهد رمسيس التاسع وبقايا تماثيل صغيرة تمثل أبوالهول، علاوة على أسوار المعابد الجنائزية، ومقبرة (بانحسى) التى تحتوى على أدعية للمتوفى، وهذه تعتبر قطعة فريدة فى حد ذاتها»، لذا يعتبر الأثرى أن مقومات المنطقة تستطيع أن تجعل منها «مزاراً عالمياً بحجم الأقصر وتتعداها فى الأهمية».
على تلك الأريكة البسيطة المغطاة بحصير بلدى جلس الحاج سيد إسماعيل، أمام لافتة زرقاء تعلوها كلمات «شارع المسلة.. وسط البلد سابقاً»، قابضاً بيديه على أوراق يعود تاريخها إلى نحو قرن من الزمان، تؤرخ لقصة المسلة وتأسيسها، فالرجل ذو العينين الخضراوين هو الابن الأكبر لصاحب المنزل المقابل للأثر الفرعونى، الذى يشير إلى أنه فى يوم 30 مارس 1916 جرى تسجيل عقد بيع أرض بمساحة 4 قراريط و6 أسهم من قبل رجل يهودى يدعى «جوستاف مديان»، مسجلة فى المحكمة المختلطة تحت رقم «3994»، ممهورة بختمى والده وعمه، الرجل الذى ولج إلى عامه الـ70 قبل شهور يروى أنه عام 1960 قررت الدولة أن تسحب من عائلته قطعة أرض صغيرة للحفاظ على حرم المسلة، ولم يكن لدى «والد سيد» ممانعة فى ذلك «خصوصاً أن الدولة قالتلنا هنعوضكوا بس مشفناش حاجة لحد النهاردة»، الحاج «سيد» الذى كان يعمل موظفاً بهيئة الطرق والكبارى يؤكد احترامه لحقوق الدولة وآثارها، غير أن ما يزعجه هو التعدى الجائر -حسب وصفه- من قبل هيئة الآثار على حدود ملكيته «كل فترة يزودوا الحرم من غير إذن.. لحد ما عملوا سور كبير عشان المكان يبقى مزار»، فيما يرتسم على وجهه الغضب بمجرد التفاته للقمامة المحيطة بالمسلة، معرباً عن الحزن الذى اعتصره لما آلت إليه الأرض، مستعيداً ذكريات مضت «المسلة مكنش حواليها سور وكنا بنحميها بروحنا.. السياح كانوا ماليين المكان.. بس للأسف الحتة بقت مليانة تعديات وناس بتبنى.. والكلاب والغنم هم السكان الدايمين هنا».
قبل نحو 20 عاما كان المكان أشبه بـ«استاد كبير»، فى النهار يلجأ إليه الصبية الهاربون من مدارسهم ليجدوا غايتهم فى مكان شاسع لا يردعهم فيه أحد، «أحمد محمود» واحد منهم يصفه «مركز شباب من غير فلوس، كل المطرية بتلعب فيه، بس محدش كان يقدر يهوب ناحيته بالليل»، الشاب الذى تخرج من الجامعة قبل 6 سنوات، الذى يقطن بالقرب من المكان، يؤكد أن الأساطير حول ماهية الأرض كثيرة فتارة يزعمون تحويلها إلى مساكن للشباب، وأقاويل تشير إلى شراء أحد الأندية الكبرى لها، وأخرى عن تفريغها للتنقيب عن الآثار، قبل أن يجهم وجه «أحمد» وهو ينظر نحو المكان الذى أضحى مرتعاً للقمامة وجراجاً لسيارات النقل، بينما لا تزال هناك قطعة أرض صغيرة يركض فيها نحو 10 من الصبية خلف كرة، تخلص بعضهم من ملابسه العلوية بسبب حرارة الشمس، تاركين حقائبهم المدرسية على الأرض، لا يزالون شاهدين على تاريخ مضى لطفولة «أحمد».
«الأرض السوداء» هو الاسم الشائع بين أهل المنطقة للونها الكاحل، فيما تعود التسمية للأصل الفرعونى؛ حيث إن قدماء المصريين كانوا يطلقون على الأرض المنزرعة «كمى» أى سوداء، فيما يسمون الأرض الصحراوية «تاو وشر» أى صفراء، بينما يحبذ بعض العجائز من قاطنى المكان -المسلة- تسميتها بـ«المزرعة» بسبب امتلاك مصلحة السجون لها ردحاً من الزمان؛ كان المحكوم عليهم يقضون مدتهم فيها كمزارعين.
على بعد أمتار من لعب الصبية، وعلى مرمى حجر من الثكنة العسكرية التى يقف أعلاها جندى فوق سلم المراقبة، يسير البناء على قدم وساق، عمال يحملون الطوب الأبيض وآخرون يصبون الأسمنت فوقه، «ملعب كبير» هو ما ينتوى الحاج «أحمد شجر» بناءه على الأرض التابعة لوزارة الآثار مبرراً شروعه فى البناء قائلاً: «بدل ما العيال تشرب كولة ولا يشموا هيروين.. يجروا ويلعبوا»، مؤكداً أنه يحاول بشتى الطرق الحصول على المكان بشكل قانونى «أنا مش هتعدى على أرض الدولة دى بتاعة ورثة»، مدللاً بأن الأرض كانت ملكاً لـ«خليل باشا أغا»، مضيفاً أنه فى عام 1992 بدأ الوقف الخاص بالأرض ينتهى ليعود الورثة مطالبين الأوقاف بالأرض، بلغة واثقة يعتبر «شجر» أنه يسدى جميلاً لأهل المنطقة بمشروعه، فيما تشير يداه إلى مجموعة من المراجيح تمثل «ملاهٍ شعبية» ستجعل المكان المهجور -حسب وصفه- أكثر حياة «كان فيه حوادث قتل وسرقة بتحصل هنا يوماتى ده غير اغتصاب بنات.. محدش مهتم بالمكان خالص.. والحكومة نايمة»، 3 جهات تتنازع على ملكية الأرض حسب «صاحب الملعب» هى «الأوقاف والآثار والرى»، قبل أن يدخل على الخط صراع الأهالى الذين وضعوا أيديهم عليها بتأجيرها كساحات انتظار للسيارات.
«إحنا مش جهة تنفيذ» قالها طه حامد عبدالسلام مستشار رئيس حى المطرية، تعقيباً على التعديات على الأرض التى تزيد مساحتها على 54 فداناً -226884 متراً مربعاً- «مملوكة للأوقاف وفيه نزاع مع الآثار عليها بسبب التنقيب اللى حصل قريب وكشفوا فيه عن توابيت» حسب قوله.[ThirdImage]
وحسب قانون المحافظات، كل ما هو فضاء وخالٍ فى دائرة الأحياء يخضع لسلطة الحى حتى يسلم إلى أصحابه الأصليين، ومن حق الحى، حسب طه، أن يستغل الأماكن الخالية كساحات للانتظار أو فى مشروعات خفيفة حفاظاً على الملكية العامة والخاصة، الأمر الذى لم يحدث مع تلك القطعة، «مش عارفين نعمل مع الأهالى المعتدين عليها حاجة».. وحرر حى المطرية عدداً من المحاضر للأشخاص الضالعين فى سرقة الأرض؛ الأمر الذى لم يتبعه أى تحرك من الجهات التنفيذية ويقول «عبدالسلام: «كل ما نسأل الداخلية ترد وتقول مفيش قوات»، مضيفاً: «أكثر من 6000 محضر جرى تسليمها للوزارة تقبع حبيسة الأدراج، دراسات عديدة أجراها الحى لتحويل المنطقة لـ«سوق دولى للأغنام» ومنشآت تفيد العامة لكن «البلطجية مش ممكننا من الأرض».. ويؤكد «المستشار» أن «الحى عاجز أمام الانفلات الأمنى» وأن بلاغات المواطنين لا تنقطع «بس إحنا مش فى إيدينا حاجة».[ThirdQuote]
«مفيش محاضر إزالة جت لنا» تعقيب العميد محمد نجم مأمور قسم المطرية حول التعديات على الأرض، مشيراً إلى أن كل ما جرى توجيهه للشرطة مجرد محاضر لا ترتقى للإشارة إلى كارثة «المسئول عن إبلاغنا الجهة المالكة للأرض.. لا الأوقاف ولا الآثار قالوا على تعديات»، قبل أن يوضح أن الحالة الأمنية لم تعد لكامل نشاطها بفعل انهماك الشرطة فى متابعة الأحداث والمظاهرات، مستطرداً: «لكن إحنا الأيام الجاية واضعين خطة لضبط الحالة فى المنطقة ومنها طبعاً الأرض دى».
«منطقة المطرية» أشهر المناطق الشعبية بعاصمة المعز، التى يقدر تعداد سكانها بنحو 4.5 مليون نسمة، كانت مقراً لعبادة الإله «رع»، وسُميت فى العصر الفرعونى بـ«أون» والتى تعنى «مدينة الشمس» ثم تحول اسمها إلى مدينة «هيلوبوليس» فى العصر الرومانى اليونانى، لعبت المدينة دوراً شديد الأهمية فى حضارة مصر، حيث يُنسب إليها أقدم مذهب دينى لتفسير نشأة الكون والوجود.. حسب الأثرى محمد أحمد، الذى يؤكد أن المدينة المهمشة فى الوقت الحالى كانت «أول عاصمة لمصر فى عهد الفرعون مينا موحد القطرين»، التقويم الشمسى المكون من 12 شهراً الذى يستخدم الآن خرج من رحم «أون» وكانت أول المُدن التى بُنيت بها جامعة، و«سيدنا يوسف جه واتعلم هنا، كان فيها مكتبة اسمها (بر عنخ) أو بيت الحياة ودى أقدم مكتبة فى التاريخ».
الدكتور محمد عبدالمقصود، نائب رئيس قطاع الآثار المصرية وضع الحل فى يد الجيش المصرى، وقال: الحكومة والشرطة لن تستطيعان وقف الاعتداء على تراث مصر، «دول مافيا مسلحين على أعلى مستوى والشرطة لوحدها مش هتقدر تتعامل معاهم»، مضيفاً بعصبية «اللى بيحصل ده كارثة بكل المقاييس وبيهدد مكانة مصر الدولية»، وحسب عبدالمقصود فإن منظمة اليونيسكو قد تتدخل لحفظ التراث الإنسانى ما قد ينجم عنه «حماية دولية للآثار»، موضحاً: «مش معنى إن الآثار فى أرضنا بتتعرض للتعدى يبقى العالم هيسكت، ده تراث للبشرية»، التهديد الاقتصادى إحدى النتائج التى قد تترتب على إهمال المواقع الأثرية، فمنظمة السياحة العالمية قد تضع مصر على رأس «قائمة سوداء» فى حالة استمرار الانتهاكات، دور وزارة الآثار ساهم بشدة فى تردى الأوضاع فى المواقع الأثرية، حسب عبدالمقصود، مؤكداً أن المسئولية تقع على عاتق رئيس الوزراء «مش هنفضل نكتب فى تقارير ونرفعها، الآثار فى خطر ولازم تحرك جاد لأجهزة الدولة» مشيراً إلى أن المناطق الأثرية تشهد جميعها بلا استثناء «مهازل وحفر خلسة بحثاً عن الآثار»، لذلك يعتبر «عبدالمقصود» أن العار سيلحق بالثورة إذا اقترن اسمها بالتعدى على التاريخ فـ«مصر لا تملك أى شىء سوى تاريخها».